الاثنين، 28 ديسمبر 2009

التحريف المبين بشهادة الأقربين الجزء الثاني




التحريف المبين بشهادة الأقربين
الجزء الثاني ـ شهادات الخلفاء الراشدين


بعدما استعرضنا شهادات أقرب المقربين من النبي ، أمهات المؤمنين،في مسألة التصرف في القرآن زيادة و نقصا، و تحريفا و تدليسا؛ سنعوج الليلة على أهم المقربين المستفيدين من الحركة المحمدية ،ورثة حكمه و خلفاء عهده و مؤسسي دولته ، ول نبدأ بالفاروق الذي لو كان نبي بعد محمد لكان عمر الذي أجرى الله العدل على يده و القرآن على لسانه
فلقد أخرج السيوطي عن عمر بن الخطاب أنه قال:
كنا نقرأ : لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم. ثم قال لزيد: أ كذلك يا زيد؟ قال نعم. راجع الإتقان 2/25.
و أخرج المتقي الهندي عن بجاله قال:
مر عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف{ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم، وهو أب لهم}..
منتخب كنز العمال بهامش مسند احمد2/43 وكنز العمال 2/569 رقم الحديث 4746.
كما أخرج الطبراني عن عمر مرفوعاً :
" القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابراً محتسبًا كان له بكل حرف زوجة من الحور "،
مجمع الزوائد 7/163 الدر المنثور 6/422 الإتقان 2/7
و أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة ابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خرشة بن الحر قال :
رأى معي عمر بن الخطاب لوحا مكتوبا فيه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ}(الجمعة/9). فقال:
من أملى عليك هذا ؟ قلت :
أبي بن كعب . قال :
إن أبيا أقرؤنا للمنسوخ قرأها ( فامضوا إلى ذكر الل).
و أخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال :
قيل لعمر أن أبيا يقرأ {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}(الجمعة/9). قال عمر :
أبي أعلمنا بالمنسوخ ، وكان يقرؤها ( فامضوا إلى ذكر الله) ".
الدر المنثور 6/216 .
حدثنا معاذ بن شبة بن عبيدة قال :
حدثني أبي عن أبيه عن الحسن :
قرأ عمر (رض) : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والذين اتبعوهم بإحسان ) فقال أبي {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ }(التوبة/100) فقال عمر:والسابقون الأولون من المهاجرين والذين اتبعوهم بإحسان) وقال عمر :
أشهد أن الله أنزلـها هكذا ، فقال أبي:
أشهد أن الله أنزلها هكذا ، ولم يؤامر فيه الخطاب ولا ابنه ".
تاريخ المدينة 2/709 والدر المنثور 2/269 تفسير ابن كثير 2/398و بعد عمر الفاروق نجد أن لعثمان أقواله في هذا الباب و نستعرض منها ما يلي
قال عثمان:
كان رسول الله تنزل عليه السور ذوات العدد, فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا, وكانت الأنفال من أوائل ما نزل في المدينة, وكانت براءة من آخر القرآن نزولا, وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها, فقبض رسول الله ولم يبين لنا أنها منها, فمن اجل ذلك قرنت بينهما, ولم اكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" ووضعتهما في السبع الطول"
(هذا دليل على أن ترتيب الأنفال و براءة كان باجتهاد عثمان بن عفان حيث نسب ذلك إلى نفسه.)
الإتقان 1/62 -83 وتاريخ المصاحف 122.
ومن أدلة ذلك أيضا حديثه مع ابن عباس:
روى عن ابن عباس انه قال لعثمان:
ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني ، وإلى براءة وهي من المئين ، فقرنتم بينهما ، ولم تكتبوا بينهما "بسم الله الرحمن الرحيم" ووضعتموها في السبع الطول؟
كما أن لعلي نصيب وافر من الشهادات في هذا الباب نكتفي منها بما يلي:
عن عكرمة قال :
لما كان بعد بيعة أبي بكر قعد علي بن أبي طالب في بيته ، فقيل لأبي بكر :
قد كره بيعتك فأرسل إليه فقال :
أكرهت بيعتي ؟ قال :
لا والله قال أبو بكر : وما أقعدك عني ؟ قال :
رأيت كتاب الله يزاد فيه فحدثت نفسي أن لا ألبس ردائي إلا للصلاة حتى أجمعه. الإتقان 1/77 . شرح ابن أبي الحديد 1: 27، أنساب الأشراف 1 : 587 ، الطبقات الكبرى 2 : 338 ، مناهل العرفان 1 : 247 ، كنز العمال 2 : 588 .
و أخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قيس بن عباد قال قرأت على علي -عليه السلام -{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ}(الواقعة/29). فقال علي :
ما بال الطلح ! أما تقرأ { طَلْعٌ } ؟ ثم قال :
{طَلْعٌ نَضِيدٌ} ق/1). فقيل له :
يا أمير المؤمنين أنـحكها من المصاحف ؟ فقال
: لا يهاج القرآن اليوم ".
الدر المنثور 6/157 تفسير الطبري 27/104
وقال ابن عبد البر في التمهيد :" وأما (وطلع منضود) فقرأ به علي بن أبي طالب وجعفر بن محمد وروي ذلك عن علي بن أبي طالب من وجوه صحاح متواترة ، منها ما رواه يحيى بن آدم قال أنبأنا يحيى بن أبي زائدة عن مجاهد عن الشعبي عن قيس بن عبد الله وهو عم الشعبي عن علي : أن رجلا قرأ عليه {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} فقال علي : إنما هو ( وطلع منضود ) ! قال : فقال الرجل : أفلا تغيرها ؟! فقال علي : لا ينبغي للقرآن أن يهاج ".التمهيد لابن عبد البر
أبو قثم

الجمعة، 25 ديسمبر 2009

التحريف المبين بشهادة الأقربين الجزء الأول



التحريف المبين بشهادة الأقربين

الجزء الأول

شهادات أقرب المقربين لنبي رب العالمين على تحريف التنزيل المبين الذي لو اجتمعت الانس و الجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون به و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا لأنه قرآن مجيد في لوح محفوظ أنزله الملك الأمين على قلب محمد الأمي المسكين و حفظه من كل تزوير و تدليس مصداقا لزعمه سبحانه و تعالى إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون
فأول الشهود على إفلاس هذه المزاعم الإلهية سيكون في هذه الأمسية أقرب المقربين للحبيب المصطفى صلوات الرب القدس عليه .
فإليكم جناب محكمة العقل أقاويل أمهات كتب السنة و مصادرها نقلا عن أمهات المسلمين رضوان رب ابن آمنة عليهن أجمعين

عن عائشة قالت: كانت سورة الاحزاب تقرأ في زمان النبيّ مائتي آية، فلمّا كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلاّ على ما هو الان. الدرّ المنثور 5 / 180.

قال الحافظ ابن ماجة في سننه : عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشرا، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها. ( سنن ابن ماجة ج 1 ص 625).

أخرج مسلم في صحيحه بالإسناد عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن ( عشر رضعات معلومات يحرّمن )) ثم نسخن بـ(خمس معلومات) فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن. صحيح مسلم ج 3 ص 1075 .

عن ابي يونس مولى عائشة قال:أمرتني عائشة ان اكتب لها مصحفاً فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى. فلما بلغتها آذنتها فأملت على : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين . فقالت اشهد آني سمعتها من رسول الله. راجع الدر المنثور في التفسير بالمأثور 1/302 - 303.

وفي رواية أحرى :

عن صحيح مسلم والدّر المنثور للسيوطي وابن حجر في فتح الباري والزمخشري في الكشاف والجزء الثاني من تاريخ نيسابور عن أُمّ المؤمنين عائشة وأُمّ المؤمنين حفصة أنّ كلاّ ً منهما أمرتْ أن يُكتب لها مصحف ويكتب فيه: (والصلاة الوسطى وصلاة العصر). فصل جوامع السيرة ص 279؛ وأُسد الغابة 5 / 425.

/ 437 ـ 438؛ وسنن أبي داود، كتاب الصّلاة، باب وقت صلاة العصر 1 / 112؛ وسنن الترمذي، كتاب التفسير، تفسير سورة البقرة 11 / 105؛ وسنن النِّسائي، كتاب الصّلاة، باب المحافظة على صلاة العصر 1 / 82 ـ 83؛ وموطأ مالك، كتاب الصلاة، باب صلاة الوسطى 1 / 157 ـ 158؛ وتفسير الاية في الدرّ المنثور 1 / 302 و 303. وفي فتح الباري 9 / 265؛ ومسند أحمد 6 / 73 و 878 منه؛ وفصل الخطاب ص 174 ـ 175.



أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبى داود وابن المنذر بسند صحيح عن عروة قال : سألت عائشة عن لحن القرآن {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ}(المائدة/69) ، {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}(النساء/162) ، {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}(طه/63) ، فقالت : يا ابن أختي هذا عمل الكُـتّاب أخطئوا في الكِتاب ". الدر المنثور 2/246 تفسير الطبري 9/395 وايضا في 6/34 المصاحف لابن ابو داود ص 34 وزاد المسير لابن الجوزي 2/251 وتفسير الخازن 1/622 .وتفسير البغوي 1/498.



قال السيوطي في الإتقان : "إسناد صحيح على شرط الشيخين "الاتقان 1/182

وفي تاريخ المدينة للنميري : " حدثنا أحمد بن إبراهيم قال ، حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}(طه/63) ، وقوله {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ}(المائدة/69) ، {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}(النساء/162) وأشـبـاه ذلـك ، فقالت : أي بني إن الكتاب يخطئون ". تاريخ المدينة لابن شبة النميري 3/1013 .

يا سلام الكتاب يخطئون

أخرج عبد بن حميد عن هشام بن عروة قال : كان أبي يقرؤها ( وما هو على الغيب بظنين ) فقيل له في ذلك فقال : قالت عائشة : إن الكُـتّـاب يـخطئون في المصاحف". الدر المنثور 1/321 والمصاحف 33-34 الفراء في معاني القران 2/183 .

أخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن اشته وابن الأنباري معا في المصاحف والدارقطني في الإفراد والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبيد بن عمير أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله يقرأ هذه الآية ( والذين يؤتون ما أتوا ) أو {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا}(المؤمنون/6). فقالت : أيتهما أحب إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحداهما أحب إلي من الدنيا جميعا ، قالت : أيهما قلت ؟ ( الذين يأتون ما أتوا ) ! فقالت : أشهد أن رسول الله كذلك كان يقرؤها ، وكذلك أنزلت ، ولكن الـهجاء حُــرِّف !" المستدرك للحاكم 2/393 مجمع الزوائد للهيثمي 7/73 البخاري في التاريخ الكبير 9/28 تفسير ابن كثير 3/248 الدر المنثور 5/12 مرويات عائشة للدكتور سعود النفيسان ص 263 ..



عن سنن الدارقطني بسنده عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت : نزلت ( فعدة من أيام أخر متتابعات ) فسقطت متتابعات ! ". سنن الدارقطني2/192 حديث 60 .

عن ابن شهاب قال قالت عائشة : نزلت ( فعدة من أيام أخر متتابعات ) فسقطت متتابعات ! سقط لم يقل غير عروة " . المحلى لابن 6/261 تفسير القرطبي 2/281 نيل الاوطار 4/316.
و لحفصة هي الأخرى شهاداتها في هذا الباب ف :
عن أبي رافع مولى حفصة، قال: استكتبتني حفصة مصحفا، فقالت: إذا أتيت على هذه الاية فتعال حتّى أُمليها عليك كما قرأتها. فلمّا أتيت على هذه الاية: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ). قالت: أُكتب: (حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى، وصلاة العصر). فلقيت أُبيّ بن كعب فقلت: أبا المنذر، إنّ حفصة قالت كذا وكذا.

فقال: هو كما قالت. الدّر المنثور 1 / 302؛ وفي موطأ مالك، كتاب الصّلاة، 1 / 158 المصنف، كتاب الطّهارة، باب صلاة الوسطى الحديث رقم 2202؛ وتفسير الطبري 2 / 343؛ والمصاحف لابن أبي داود ص 85 ـ‍ 86. تذكرة الحفاظ ص 60؛ وتقريب التهذيب 2 / 306.



و كذلك نفس الشيء بالنسبة لأُمّ سلمة

فقد أخرج وكيع وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن عبداللّه بن رافع عن أُمّ سلمة، أنّها أمرته أن يكتب لها مصحفا. فلمّا بلغتُ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسطَى) قالت: اكتب: (حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا للّه قانتين). الدّر المنثور 1 / 303؛ والمصاحف لابن أبي داود ص 87. تذكرة الحفاظ ص 306 و ص 782 وكشف الظنون ص 461؛ وهدية العارفين 2 / 500. ولسان الميزان 5 / 27؛ وهدية العارفين 2 / 31.

وقال: وروي عن عائشة وابن عباس: والصّلاة الوسطى وصلاة العصر. تفسير القرطبي 3 / 209؛ وتفسير الكبير للرازي 6 / 150؛ وتفسير الكشاف 1/ 376؛ والمصاحف لابن أبي داود ص 83 ـ 84؛ والدرّ المنثور 1 / 302. . راجع: المصنف في الأحاديث والآثار 2/504.

أبو قثم

الاثنين، 21 ديسمبر 2009

ابن المعتز يبرئ ساحة صالح بن عبد القدوس

باب ـ أخبار صالح بن عبد القدوس



يقول ابن المعتز و هو يعيد محاكمة شهيد الكلمة و الرأي ابن عبد القدوس في طبقاته:

حدثني محمد بن يزيد قال: حدَّثني العوفيّ قال: أخذ صالح بن عبد القدوس في الزندقة، فأدخل على المهدي، فلما خاطبه أعجب به، لغزارة أدبه وعلمه وبراعته، وبما رأى من فصاحته وحسن بيانه وكثرة حكمته، فأمر بتخلية سبيله، فلما ولّى ردّه وقال: ألست القائل: وإن من أدبته في الصبا كالعود يسقي الماء في غرسه

حتى تراه مورقاً ناضراً****من بعد ما أبصرت من يبسه

والشيخ لا يترك أخلاقه****حتى يواري في ثرى رمسه

إذا ارعوى عاد إلى جهله **** كذي الضنا عاد إلى نكسه

قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: وأنت تترك أخلاقك? ونحن نحكم في نفسك بحكمك. فأمر به فقتل.

وحدثت من غير هذا الوجه بما هو عندي أثبت من الأول، وذلك ما رويناه أنه أنهى إلى الرشيد عنه هذه الأبيات، يعرض فيها بالنبي صلى الله عليه وآله:

غصب المسكين زوجته **** فجرت عيناه من درره

ما قضى المسكين من وطر **** لا ولا المعشار من وطره

عذت بالله اللطيف بنا **** أن يكون الجور من قدره

- عليه لعنة الله إن كان قالها- فقال له الرشيد: أنت القائل هذه الأبيات? قال: لا، والله يا أمير المؤمنين، ما أشركت بالله طرفة عين، ولا تسفك دمي على الشبهة، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله: "ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم" وأخذ يرقق قلبه، ويستنزله عما عزم عليه بفصاحته وبيانه، ويتلو القرآن، حتى رقّ له وأمر بتخلية سبيله، فلما أراد أن يخرج من بين يديه قال: أنشدني قصيدتك السينية فأنشده حتى إذا بلغ قوله: والشيخ لا يترك أخلاقه حتى يواري في ثرى رمسه

قال: يا شيخ، هذا الكلام يشبه هذا الكلام، وهذا الشعر من نمط ذلك الشعر- يعني الأبيات التي نسبت إليه- ونحن نتمثل وصيتك، ثم أمر فضربت عنقه وصلب على الجسر.

وحدثني أبو جعفر قال: حدَّثني زياد بن أحمد قال: اجتمع قوم من أهل الأدب في مجلس فيهم صالح بن عبد القدوس، يتناشدون الأشعار، إلى أن حانت الصلاة، فقام القوم إلى ذلك، وقام صالح فتوضأ وأحسن ثم صلى أتم صلاة وأحسنها، فقال بعضهم: أتصلي هذه الصلاة ومذهبك ما تذكر? فقال: إنما هو رسم البلد، وعادة الجسد.

والله أعلم بتحقيق ذلك.

أما الرجل فله في الزهد في الدنيا، والترغيب في الجنة، والحث على الطاعة لله عز وجل، والأمر بمحاسن الأخلاق، وذكر الموت والقبر، ما ليس لأحد وكان شعره كله أمثالاً وحكماً فمما يستحسن له قوله: تأوبني هم فبت أخاطبه وبت أراعي النجم ثم أراقبه

لما رابني من ريب دهر أضر **** ني فأنيابه يبرينني ومخالبه

وأسهرني طول التفكير، إنني **** عجيب لدهر ما تقضي عجائبه

أرى عاجزاً يدعى جليداً لغشمه **** ولو كلف التقوى لفلت مضاربه

وعفّا يسمى عاجزاً لعفافه و ***** لو لا التقى ما أعجزته مذاهبه

وأحمق مصنوعاً له في أمو **** ره يسوده إخوانه وأقاربه

على غير حزم في الأمور ولا تقى **** ولا نائل جزل تعد مواهبه

وليس بعجز المرء إخطاؤه الغنى **** ولا باحتيال أدرك المال كاسبه

ولكنه قبض الإله وبسطه **** فلا ذا يجاريه ولا ذا يغالبه

إذا كمل الرحمن للمرء عقله **** فقد كملت أخلاقه ومناقبه

فيا عجبا كيف يمكن أن يقول زنديق مثل هذا القول?! وكيف يكون قائله زنديقاً? ومما يستحسن له قوله:

ألا أحد يبكي لأهل محلةٍ **** مقيمين في الدنيا وقد فارقوا الدنيا

كأنهم لم يعرفوا غير دارهم **** ولم يعرفوا غير التضايق والبلوى

ومما يختار من شعره قوله:

فو حق من سمك السماء بقدرة **** والأرض صير للعباد مهادا

إن المصر على الذنوب لهالك ***** صدقت قولي أو أردت عنادا

وحدثني أحمد بن إبراهيم المعبر قال: رأيت صالح بن عبد القدوس في المنام ضاحكاً مستبشراً، فقلت له: ما فعل الله بك? وكيف نجوت مما كنت فيه? فقال: إني وردت على رب لا تخفى عليه خافية، فاستقبلني برحمته وقال: قد علمت براءتك مما كنت تعرف به وترمى باعتقاده.

وأشعاره كثيرة، إلا أنها موجودة عند جميع الناس مستفيضة فيهم، فاقتصرنا على ما ذكرنا منها

الصفحة 24 / 25 طبقات الشعراء ـ عبد اللع بن المعتز

لقد قتل صالح بن عبد القدوس و معه كثير من المسلمين المتقين الورعين على الشبهة و الظنة ، فبقدر ما يضحكنا من المسلمين قتلهم بعضهم لبعض بقدر ما يبكينا مصير رجال أبرياء لا ذنب لهم إلا أن قالوا كلمة حقّ ليس عليها جواب.. فياله من دينِ نزاهةٍ و عدل !!!. و يا له من تاريخ أسود قاتم مرصع بدماء الأبرياء بدءا بعمرو بن الحضرمي إلى آخر القائمة التي لا زالت و ستبقى مفتوحة ما دام يدبّ على وجه الأرض خبث اسمه الإسلام

الكافر بالله حقا و تحقيقا

أبو قثم

أخزاه الله

الأحد، 20 ديسمبر 2009

مشروع هام : مغربة القرآن

بعد مغربة كل قطاعات الحياة العامة من تعليم و اقتصاد و إعلام ، ها هم المغاربة يفتتحون مشروعا انتحاريا جديدا هو مشروع مغربة القرآن أي تدريجه ليصبح فهمه في متناول عامة الناس جهلتهم و علمائهم صبيانهم و عجزتهم
فإلى أي حد سينجح أشقاؤنا في المغرب في ورش التحدي هذا؟
و ما هي معالمه و تطلعاته ؟
هذا ما سيحاول الفيديو إجلاء خطوطه

و عساكم تفهموا دارجتنا

الكافر بالله
أبو قثم أخزاه الله






الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009

من كان يريد الجنة فإن الجنة قد بيعت



محمد يبيع الجنة

وقال زيد بن أسلم :
لما نزل : " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " قال أبو الدحداح :
فداك أبي وأمي يا رسول الله إن الله يستقرضنا وهو غني عن القرض ؟ قال :
( نعم يريد أن يدخلكم الجنة به ) . قال :
فإني إن أقرضت ربي قرضا يضمن لي به ولصبيتي الدحداحة معي الجنة ؟ قال :
( نعم ) قال :
فناولني يدك ; فناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم يده :
( عادة المسلمين تناول الأيدي عند إبرام الصفقات و العقود ) فقال :
إن لي حديقتين إحداهما بالسافلة والأخرى بالعالية , والله لا أملك غيرهما , قد جعلتهما قرضا لله تعالى . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( اجعل إحداهما لله والأخرى دعها معيشة لك ولعيالك )
( با لإنسانيتك يا حبيب الله !! يا لحلمك و سعة صدرك يا سيدي يا صفي الله تأخذ نصف القرض و ترد عليه نصفه شفقة بأبنائه و حنوا عليهم !! ما أعظمك با حبيب الله )قال :
فأشهدك يا رسول الله أني قد جعلت خيرهما لله تعالى , وهو حائط فيه ستمائة نخلة . قال :
( إذا يجزيك الله به الجنة ) .
(و هكذا تمت صفقة التاريخ حيث باع محمد جنة ربه السماوية مقابل جنة أبي الدحداح الدنيوية!!! و لا أخفيكم أني لا أعرف على من نصب محمد هنا ، هل نصب على أبي الدحداح إذ باعه ما ليس موجودا ؟؟؟ أم نصب على ربه فباع الجنة الذي يعد بها ربه عباده الصالحين ، و تركه في حيص بيص لا يدري ما يقدم و لا ما يؤخر)
فانطلق أبو الدحداح حتى جاء أم الدحداح وهي مع صبيانها في الحديقة تدور تحت النخل فأنشأ يقول :
هداك ربي سبل الرشاد،إلى سبيل الخير والسداد. بيني من الحائط بالوداد ، (بيني = إبتعدي )فقد مضى قرضا إلى التناد. أقرضته الله على اعتمادي ، بالطوع لا منّ ولا ارتداد. إلا رجاء الضعف في المعاد،فارتحلي بالنفس والأولاد. والبرّ لا شك فخير زاد، قدمه المرء إلى المعاد . قالت أم الدحداح :
ربح بيعك بارك الله لك فيما اشتريت ,
( و هنا يظهر أن العملية كانت بيعا و شراء بدون مواربة و لا استخفاء.)
ثم أجابته أم الدحداح وقالت :
بشّرك الله بخير وفرّج، مثلك أدّى ما لديه ونصح. قد متع الله عيالي ، ومنح بالعجوة السوداء والزهو البلح .والعبد يسعى وله ما قد كدح طول الليالي وعليه ما اجترح.
ثم أقبلت أم الدحداح على صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الآخر
( و ما الذي أغصب أم الدحداح على أن تقوم بهذا الفعل المنكر مع صبيان يفترض أنهم كانوا يتصرفون في حقهم و مال أبيهم؟؟ و هل يعقل أن تكون أم الدحداح متصدقة بستمائة نخلة و تعز على صبيانها تمرتين أو ثلاثا كانت في أفواههم؟؟ ثم لماذا كان موقف نبي مكارم الأخلاق أجوفا ، فلا هو ردّ عليها ، و لا نهاها عما تفعله بالصبيان الذين تعاملهم و كأنهم مختلسون؟ لماذا لم يتدخل نبي الرحمة؟؟ أ ليس هذا موقف يدعو إلى الريبة في دعوى قرض أبي الدحداح؟؟ بمعنى آخر هل كانت هذه الصفقة فعلا قرضا استوهبه أبو الدحداح الرسول عن طيب خاطر أم كانت عملية سطو و نهب بواسطة القوة و النصب و الاحتيال؟؟؟؟؟)فالنبي أمام هذا الموقف لم تفتأ أن قال :
( كم من عذق رداح ودار فياح لأبي الدحداح)
تفسير القرطبي ـ الآية 17 من سور التغابن

و ترد مرة أخرى نفس صفقة أبي الدحداح في نزول * فأما من أعطى و اتقى ...* و لكن هذه المرة لن يشتري أبو الدحداح مقابل بستانه الذي يسمى الحسنى من محمد إلا نخلة واحدة في الجنة؟؟
فهل كان محمد موكولا من طرف الله بالنيابة عنه في عمليات بيع الممتلكات الإلهية؟؟ أم أنه كان يتصرف بدون وكالة شرعية؟؟

قال عطاء - وروى عن ابن عباس - ‏:‏ إن السورة نزلت في أبي الدحداح؛ في النخلة التي اشتراها بحائط له، فيما ذكر الثعلبي عن عطاء‏.‏ وقال القشيري عن ابن عباس‏:‏ بأربعين نخلة؛ ولم يسم الرجل‏.‏ قال عطاء‏:‏ كان لرجل من الأنصار نخلة، يسقط من بلحها في دار جار له، فيتناول صبيانه، فشكا ذلك إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ ‏[‏تبيعها بنخلة في الجنة‏]‏‏؟‏ فأبى؛( هذا عاقل) فخرج فلقيه أبو الدحداح الغبي فقال‏:‏ هل لك أن تبيعنيها بـ‏{‏حسنى‏}‏‏:‏ حائط له‏.‏ فقال‏:‏ هي لك‏.‏ فأتى أبو الدحداح إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقال‏:‏
يا رسول اللّه، اشترها مني بنخلة في الجنة‏.‏
قال‏:‏ ‏[‏نعم، والذي نفسي بيده‏]‏ فقال‏:‏
هي لك يا رسول اللّه؛

فدعا النبي صلى اللّه عليه وسلم جار الأنصاري، فقال‏:‏ ‏[‏خذها‏]‏ فنزلت ‏{‏والليل إذا يغشى‏}‏الليل‏:‏ 1‏‏ إلى آخر السورة في بستان أبي الدحداح وصاحب النخلة‏.‏ ‏{‏فأما من أعطى واتقى‏}‏ يعني أبا الدحداح‏.‏ ‏{‏وصدق بالحسنى‏}‏ أي بالثواب‏.‏ ‏{‏فسنيسره لليسرى‏}‏‏:‏ يعني الجنة‏.‏
الجامع لأحكام القرآن
سورة الليل



أبو قثم

الأحد، 22 نوفمبر 2009

خاصيات الله البدوي


خاصيات الله البدوي

و نحن نستقرئ خاصيات الله البدوي، خالق و ربّ كلّ شيء ، الذي ابتكره محمد كما قال المرحوم معروف الرصافي، يطالعنا تعريف شيق للشهيد مصطفى جحا ،جمع فيه كل صفات الله المحمدي المثلى و خصائصه العليا و أمتع، و رصفها رصفا زادها بهاء و نورا و أقرّها في العقول دهورا.

يقول شهيد الكلمة في محنة العقل في الإسلام ، باب إله محمد

الله إذن ، قضية ـ مشكلة، تركة تثير النزاعات ،تفرق بين الرجل و زوجته ، و الأب و ابنه ، و الأخ و أخيه...عاصفة تأبى أن ترى الناس في مأمن و طيب عيش و سلام... أزمة ضمير..هلوسة..جنون..شذوذ..ادعاء..غرابة..مجد..سؤدد.كيان..قهر..تجبر..موت..فناء..حساب..عقاب..ثواب..الله له الصفات جميعها.غير محدود.يرى و لا يرى.غني عن العالمين.مالك السماوات و الأرضين .هو النور و النار.الجنة و الجحيم.الحق و الباطل . الخير و الشر. رب الفقير و رب الغني.رب الضعيف و رب القوي.خلق الإنسان و الحيوان و الحجر و النبات ليسجدوا له

صدق مصطفى جحا ، فالرب المحمدي تركة نتنة ، تثير الأسى و تكدر الصفو،تفرق بين المرء و أمه و أبيه و بنيه و صاحبته التي تؤويه و من في الأرض جميعا . يقول الله المحمدي في الآية 24 من الأنفال:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

و قد ورد في تفسير هذه الآية عدة تفسيرات متقاربة منها أنه:

يحول بين الكافر والإيمان وبين المؤمن والكفر.

يحول بين الكافر والإيمان وطاعة الله.

يحول بين الكافر وبين طاعة الله وبين المؤمن ومعصية الله.

يحول بين المؤمن ومعصيته.

يحول بين المؤمن والمعاصي وبين الكافر والإيمان.

يحول بين المرء وعقله فلا يدري ما يعمل.

وقال أبو جعفر : أولى الأقوال بالصواب عندي في ذلك، أن يقال: إن ذلك خبر من الله عز وجل، أنه أملك لقلوب عباده منهم، وأنه يحول بينهم وبينها إذا شاء حتى لا يقدر ذو قلب أن يدرك به شيئًا من إيمان أو كفر أو أن يعي به شيئًا أو أن يفهم إلا بإذنه ومشيئته... انظر تفسير الطبري (6/211).

أما عند ابن كثير فنجد

وفي رواية عن مجاهد في قوله {يحول بين المرء وقلبه} أي حتى يتركه لا يعقل, وقال السدي يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه. وقال قتادة هو كقوله {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} وقد وردت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يناسب هذه الاَية, وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك رضي الله عنه, قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». قال: فقلنا يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به, فهل تخاف علينا ؟ قال: «نعم, إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله تعالى يقلبها». وهكذا رواه الترمذي في كتاب القدر من جامعه عن هناد بن السري عن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير عن الأعمش, واسمه سليمان بن مهران عن أبي سفيان واسمه طلحة بن نافع عن أنس, ثم قال: حسن. وهكذا روي عن غير واحد عن الأعمش, ورواه بعضهم عنه عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي سفيان عن أنس أصح.

أما الصحيح الراجح لدينا، فهو أن الله المحمدي من خاصياته سبحانه و تعالى الحؤول بين المرء و قلبه أي التفريق بين المرء وأهله من جهة والتفريق من أخرى بين المرء و عقله و تفكيره و حريته ن و كرامته و عواطفه. فهو مصدر عداوة و بغض و عقوق و تمرد و سخط و هو مصدر الحقد و الغل و الحسد و الكره و المكر و الكيد

يقول سبحانه

( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) (البقرة:10)

فهو المرض بجميع مقاييسه و مدلولاته الذي يزداد إلى أمراض و علل بلهائه المؤمنين المتقين

و من تجليات خاصية الحؤول بين المرء و قلبه أنه سبحانه يلعب بقلوب البشر بين أصابعه كما ورد في الحديث أعلاه و أنه سبحانه يكتب فيها و يختم عليها .فيقول في المجادلة الآية 22

لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ الذين كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ة

و يقول في الأية 7 من البقرة

خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

و به نختم مقالنا اليوم و إلى خاصية أخرى من خاصيات الرب المحمدي البدوي المتخلف

أبو قثم

الأحد، 20 سبتمبر 2009

مؤلفات ابن الراوندي

مؤلفات ابن الراوندي

لابن الراوندي ما يربو على المائة و أربعة عشر مؤلفا ، ضاعت كلها , و بقي ذكر لأربعة عشر كتابا،فقط، و هي مفقودة اليوم و لكن بقيت منها جذاذات أقوال في ثنايا الكتب و سأذكر خلاصة كل كتاب منها أو ما قد بقي منه

1 ـ كتاب التاج:

موضوعه الفلسفة و قد أثبت فيه قدم العالم و قدم الصانع. نقضه عليه أبو الحسن الخياط ، قال:

ـ كتاب التاج ، أبطل فيه حدث الأجسام،و نفاه و زعم أنه ليس (للمحدث أو الصانع) في الأثر دلالة على ما يؤثر، و لا في الفعل دلالة على فاعل، و أنّ العالم بما فيه أرضه و شمسه و قمره و جميع نجومه قديم لم يزل لا صانع له و لا مدبر، و لا محدث له و لا خالق ، و إن من أثبت أن للعالم خالقا قديما ، ليس كمثله شيء ، فقد أحال و ناقض. (الانتصار 11ـ 12)

و قال عنه أبو العلاء المعري في رسالة الغفران:

ـ أما ابن الراوندي ، فلم يكن على المصلحة بمهدي ، و أما تاجه فلا يصلح أن يكون نعلا...و يجوز أن ينظم تاج عقارب ، فما كان من المحسن و لا المقارب ، و ما تاجه بتاج ملك و لكن دعي بالمهلك ، و لا اتخذ من الذهب و سوف يصور من اللهب، و لا نُظم من در بل وقع في عفاء بقر، و ما هو كتاب كسرى،،لكن طريق بسوء المسرى، و لا تاج الملك أنو شروان، و لكن أثقل من وجر الهوان ، و لا هو كمحززات النعمان بل شين يدخر في الأزمان (رسالة الغفران ،237)

و قال القاضي عبد الجبار الهمداني عن كتاب التاج

إنّ أحدا من العقلاء لم بذهب إلى نفي الصانع للعالم بالكلية ، و لكن قوما من الورّاقيين اجتمعوا و وضعوا بينهم مقالة لم يذهب إليها أحد و هي:

ـ إن العالم قديم لم يزل على هيئته هذه

ـ و لا إله للعالم و لا صانع له أصلا، و إنما هو هكذا و لا يزال من غير صانع و لا مؤثر

و أخذ ابن الراوندي هذه المقالة فصيّرها في كتابه المعروف بكتاب التاج، قال فيه:

فأما الفلاسفة القدماء و المتأخرون ، فلم ينفوا الصانع ، و إنما نفوا كونه فاعلا بالاختيار ، و تلك مسألة أخرى

قال: و القول بنفي الصانع قريب من القول بالسفسطة، بل هو بعينه.فما من شك في المحسوس أعذر ممن قال ، إن المتحركات تتحرك من غير محرك حركها ( شرح نهج البلاغة 239 ، ابن أبي الحديد تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم)

2 ـ كتاب التوحيد

قال أبو الحسن الخياط

و قد ألف هذا الماجن كتابا في التوحيد ، يتجمل به عند أهل الإسلام ، لما خاف على نفسه ، و وضع الرصد في طلبه ، و مما فصله في هذا الكتاب إلا من فصول المعتزلة ، و الكتاب فصلان:

الفصل الأول

قال فيه :إنما تبتدئ الأشياء و تستأنف من أوائلها لا من أواخرها، فلو لم يكن أول تبتدئ منه لا شيء قبله ، أو لاستحال وقوع شيء منها ، و في صحة وجودها ما يدل على أن لها أولا ابتدأت منه ، و إذا كان المبتدأ لها لا يجوز عليه التغيّر جاز أن يديمها أبدا و لا يقطعها

الفصل الثاني

قال فيه، في إيجاب الحركة ، إن الفاعل لم يسبق فعله و لم يكن قبله و هذا محال ، و ليس في إيجاب أن فعلا بعد فعل لا إلى آخرٍ إيجابُ إنِ الفاعلُ لم يتقدم فعلَه و لم يكن قبله (الانتصار ،19)

و علق الخياط قائلا

قد فصل إبراهيم النظام بينهما بفصل واضح بيّن و هو موجود في كتابه التوحيد ، أفلا ترى الكلام كله للمعتزلة دون سواها؟؟؟

و عنه أخذ أصحاب بشر المريسي من مرجئة بغداد و كان يقول: الإيمان هو التصديق بالقلب و اللسان كما قال الراوندي (كتاب التبصر في الدين ،61 ، أبو المظفر الإسفراييني ـ تحقيق محمد زاهد الكوثري)

3 ـ كتاب الإمامة

قال عنه خصمه اللدود أبو الحسن الخياط:

طعن فيه على المهاجرين و الأنصار، و زعم فيه أن النبي (ص) استخلف عليهم رجلا بعينه و اسمه و نسبه ، و أمرهم أن يقدموه و لا يتقدموا عليه ، و أن يطيعوه و لا يعصوه هو الإمام علي كرم الله وجهه فأجمعوا جميعا إلا نفرا يسيرا خمسة أو ستة على أن أزالوا ذلك الرجل الذي وضعه الرسول(ص) و أقاموا غيره استخفافا منهم بأمر الرسول و تعمّدا منهم لمعصيته( الانتصار ص 12)

و قد نقضه عليه أبو بكر البردعي محمد بن عبد الله ، و لكن أبا جعفر بن جرير الطبري ( المتوفى 310ه/925م) فلأنه قال ما قاله ابن الراوندي ، و جمع الأحاديث التي قيلت في غدير خم في مجلدين ضخمين :فإن عوام الحنابلة نسبوه إلى الرفض يل رموه بالإلحاد (البداية و النهاية ج11 ص146)

و لكن الشريف المرتضى ( المتوفى عام 416/1020م) قال عن خبر الغدير،فميزته ظاهرة. و مما يدل على صحة الخبر إطباق علماء الأمة على قبوله ، فالشيعة جعلته الحجة في النص على أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة (الشافي في الإمامة ج 2 ص 146). و مخالفوهم قالوا إن واضعيه هم ابن الراوندي و أبو عيسى الوراق و هشام بن الحكم.قال الداماد محمد بن باقر الحسيني الإستراباذي ( المتوفى 1041ه/1631م): و العامة يقولون إن دعوى النص الجلي في إمامة علي مما وضعه هشام بن الحكم و نصره ابن الراوندي و أبو عيسى الوراق و إخوانهم ، و بالجملة لا مطعن و لا غميزة في أبي عيسى أصلا، إنما المطعون في دينه و المغموز في إسلامه هو ابن الراوندي (الرائح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية، ص55 ،الداماد الإستربادي )

و جاء في كتاب رياض الفضلاء ،فال الميرزا عبد الله الأصفهاني:الشيخ أبو الحسن الراوندي الفاضل المشهور العالم الأقدم ، كان من فضلاء عصره و يقال إمامي،و قد نسب إليه العامة إبداع القول بالنص الجلي على إمامة علي عليه السلام و إنه اختلق الروايات على صحة دعواه ، لكن هذا الكلام من خرافات كلام العامة بل من خرافاتهم عامة(رياض العلماء و حيض الفضلاء ج1 ص 117)

4 ـ كتاب التعديل و التجويـر

قال أبو الحسن الخياط:

قال فيه: إن من أمرض عبيده و أسقمهم ليس بحكيم ، و كذلك من أمر بطاعته من يعلم أنه لا يطيعه، و أنَّ مَن خَلّدَ مَن كفرَ به و عصاه في النار طول الأبد ، سفيه غير حكيم ، و لا عالم بمقدار العقاب على الذنوب (الانتصار 12)

ـ كتاب نعت الحكمة

موضوعه سنة الله في تكليف خلقه ، أمره و نهيه ، نقضه أبو سهل بن علي بن نوبخت المتوفى عام311/923م

كتاب في فعل الطبائع

ذكره الخياط ، و موضوعه أن المطبوع على أفعاله جنس واحد كالنار التي لا يكون منها إلا التسخين و الثلج الذي لا يكون منه إلا التبريد ، و أما من تكون منه الأشياء المختلفة فهو المختار لأفعاله لا المطبوع عليها. و كان ثمامة بن الأشرس يقول : إن الله فعل العالم أطباعا

7 ـ كتاب الفريد

قيل خصه ابن الراوندي في الطعن على الرسول (ص) قال عنه المعري:

و أما الفريد، فأفرده من كل خليل، فإن فريد ذلك الجاحد ،ينفرد لحقارته كأنه الأجرب إذا طلي بالعنية فر من دنوه من يرغب عن الدنية

8 ـ خلق القرآن

قال أبو الحسن الراوندي :

مررت بشيخ جالس و بيده مصحف ، و هو يقرأ ( و لله ميزاب السماوات و الأرض. فقلت له: ماذا يعني ميزاب السماوات و الأرض؟ قال: هذا المطر الذي ترى.فقلت : ما يكون التصحيف إلا إذا كان مثلك يقرأ.إنما هو ميراث السماوات و الأرض. فقال الرجل: اللهم غفرانك ، أنا من أربعين سنة أقرؤها و هي في مصحفي هكذا ( الفهرست ،ابن النديم ، ص4)

9 ـ كتاب المرجان

خصّه في موضوع اختلاف أهل الإسلام. قال عنه أبو العلاء: فإذا قيل أنه صفار اللؤلؤ، فمعاذ الله أن يكون مرجانه صفار الحصى بل أخس من أن يذكر فيتقص...فإن قيل لذلك له قيمة ، فسارة كتابه عقيمة و قد سمعت من يخبر أن لابن الراوندي معاشر ، تذكر أن اللاهوت سكنه ، و أنه من علم مكمنه ، و يخترصون له فضائل ، يشهد الخالق و أهل العقول ، أن كذبها غير مصقول ، و هو في هذا أحد الكفرة لا يحسب من الكرام البررة (رسالة الغفران 240)

10 ـ كتاب القضيب

موضوعه أن العَالم محدث ، و أن الباري كان غير عالم حتى خلق لنفسه علما. نقضه عليه الخياط.

و قال عنه المعري:

فمن عمله أخسر صفقة من قضيب و خير له من إنشائه ، لو ركب قضيبا عند عشائه ، فقذفت به على قتاد ، و نزعت المفاصل كنزع الأوتاد

إن الطرماح يهجوني لأشتمه هيهات هيهات، عيلت دونه القضب

و قضيبُ وقفةٌ في الجاهلية بين كندة و الحارث بن كعب ، فكيف لهذا المارق أن يكون قد قتل في قضيبَ، و سقط إهابه الخضيب ( رسالة الغفران ،238)

11 ـ كتاب الدامغ

يطعن فيه على نظم القرآن.قيل ألفه لابن لاوي اليهودي ، عارض فيه القرآن ، و طعن فيه على نظمه

قال عنه أبو العلاء المعري

فما أخاله دمغ إلاّ مَن ألّفَه و بسوء الخلافة خلفه... إن هذا الكتاب الذي جاء به محمد(ص) كتاب بهر بالإعجاز و لقي عدوه بالإرجاز ما حذي على مثال و لا أشبه غريب الأمثال ، ما هو من القصيد الموزون و لا الرجز من سهل و حزون ، و لا شاكل خطابه العرب و لا سجع الكهنة ذوي الأرب ، و جاء كالشمس اللائحة للمـسرّة و البائحة ( رسالة الغفران 238)

12 ـ كتاب فضيحة المعتزلة

و هذا الكتاب عرضنا قراءته و هو عبارة عن مقالات في الكلام ، ألفه في نقض كتاب الجاحظ فضيلة المعتزلة.ردّ فيه عليهم. قال الحسين عبد الرحمن بن الأهدل الشافعي ( 855 ه/1451)

و أصحابنا ينسبونه إلى ما هو أصل في مذهبهم

و قد نقضه أبو الحسن الخيّاط في كتابه الانتصار كما بيناه سابقا

13 ـ كتاب البصيرة

ذكره أبو العباس الطبري . و قد صنف كتاب البصيرة ردأ على الإسلام لأربعمائة درهم أخذها من يهود سامراء. و قد اطلع عليه إمام الحرمين الجويني و قال:

نبغت شرذمة من اليهود تلقنوا من ابن الراوندي سؤالا علّمهم: إذا سألكم المسلمون عن النسخ ، قولوا : قال موسى لا نبي بعدي.و قالوا : النسخ جائز عند المسلمين ، و لكنهم قالوا بتأييد شريعتهم التي تصرم عمر الدنيا ، فإذا سئلوا الدليل على ذلك رجعوا إلى أخبار نبيهم إياه بتأييد شريعتهم (الإرشاد إلى قواطع الأدلة ص 343)

14 ـ كتاب الزمردة

و هو الآخر سيق أن أوردنا تحليلا له بين طيات هذه المدونة ، و موضوعه في إنكار ضرورة إرسال الرسل ، و إبطال رسالاتهم و زعم أنها مخاريق ، و أن الذين جاؤوا بها سحرة و أن القرآن من كلام غير حكيم فيه تناقض و أخطاء

أبــو قــــثم

الاثنين، 7 سبتمبر 2009

فلسفــة ابن الراوندي

فلسفـــة ابن الراوندي

كان ابن الراوندي فيلسوفا إنساني النزعة ، ذا أفق فكري أوسع من عصره الذي عاش فيه ،قصر فلسفته على الإنسان ، و لم يتقيد بمذهب من المذاهب. عايش نكبات زمانه و كان لها بالغ الأثر في تحديد مساره الفكري ،.كانت النكبات تلاحقه فلم تترك له مجالا للشعور بطعم الفرح أو السعادة ، مما دفعه إلى البحث عن عالم خال من أية منغصات للبشر

إلا أن البحث في فلسفة ابن الراوندي طالما يصطدم في كل الحالات بصعوبتين أساسيتين:

أولاهما :تدمير كتبه، و تناقض ما نسب إليه من الأقوال حول الله و الإنسان و الطبيعة التي حفلت بها تلك النصوص التي رواها أعداؤه عنه.

ثانيهما : أن ابن الراوندي لم يبلغ مرتبة النظام في تمثل الفلسفة اليونانية ،مما لم يجعله قادرا على تشكيل مذهب فلسفي خاص به، و أن كل محاولاته الفكرية الممتازة لم تخرجه عن إطار علماء كلام عصره المستنيرين.

علاقة الله بالإنسان و العالم

الله في نظر المعتزلة ، واحد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، و ليس بجسم و لا شبح ، و لا جثة و لا صورة و لا شخص و لا جوهر و لا عرض و لا بذي لون و لا طعم و لا رائحة و لا طول و لا عرض و لا عمق ، لا يتحرك و لا يستكين ، و ليس بذي أبعاض و لا أجزاء ، و لا تدركه الحواس ، و لا يقاس بالناس ، و إنه القديم وحده، ليس بذي غاية فيتناهى و لا يجوز عليه الفناء ، و تقدس عن اتخاذ الصاحب و الأبناء (مقالات الإسلاميين ج 2 صص116 لأبي الحسن الأشعري. تحقيق : محمد محي الدين). و أن الله سبحانه و تعالى لم يزل عالما حيا قادرا بنفسه لا بعلم مستحدث.

وكذا ابن الراوندي فإنه قال:

إنّ المعلومات ، معلومات قبل كونها. و إنه لا شيء إلا موجود. و إن المأمور به و المنهي عنه و كذلك كل ما تعلق بغيره يوصف به الشيء قبل كونه . و كل ما كان رجوعا إلى نفس الشيء القديم لم يسم و لم يوصف به قبل كونه (الانتصار ص 11/12)

و هذه إشارة واضحة الدلالة على أخذ ابن الراوندي و بعض المعتزلة بفلسفة أفلاطون ، التي مفادها: إن الله صانع العالم على ما في ذهنه من مثل ، و إن علم الله أزلي لأنه يعرف الأشياء قبل كونها. و لا صحة لما نسبه إليه أبو الحسن الخياط عندما يقول:

أن له كتاب التاج أبطل فيه حدوث الأجسام، و أن العالم لم يزل لا صانع له و لا مبرر و لا محدث و لا خالق ، و إن من ثبت للعالم خالقا قديما أحال و ناقض (مقالات الإسلاميين ج1 ص26)

و يجب إضافة مذهبه في قدم العالم إلى مذهب أبي عيسى الوراق في قدم الاثنين ( الله ، و الهيولى) (طبقات الشافعية الكبرى ج3 ص97)

أراد المعتزلة عندما نازعوه الرئاسة بعد وفاة النظّام و طردوه، أن يشوّهوا صورته لدى العامة فنحلوه قولا:

لا يتم التوحيد لموحد إلا أن يصف الباري بالقدرة على الجمع بين الحياة و الموت و الحركة و السكون ، و أن يجعل الجسم في مكانين في وقت واحد ، و أن يجعل الواحد الذي لا ينقسم (الجوهر الفرد) مائة ألف شيء من غير زيادة ، و أن يجعل مائة آلاف شيء شيئا واحدا من غير أن ينقص في ذلك شيئا و لا يبطله؛ بل و أنه قال أيضا: إنهم وصفوا الباري بالقدرة على أن يجعل الدنيا في بيضة و الدنيا على كبرها و البيضة على صغرها: و بالقدرة على أن يخلق مثله و أن يخلق نفسه و أن يجعل المحدثات قديمة و القديم محدثا.) (نفس المرجع السابق)

و نسب المعتزلة إلى ابن الراوندي كتابا هو (عبث الحكمة الإلهية) ، و اتهموه بالقول إن الإنسان أودع عقلا يميز به بين القبيح و الحسن،و يميز بين الخير و الشر،و إن الله لا يتدخل في أعمال العباد ، ثم نسبوا إليه شعرا يدل على عبث الحكمة أو العناية الإلهية ، قال:

سبحان من أنزل الأيام منزلها ****و صيّر الناس مرموقا و مرفوضا

كم عاقل في الورى أعيت مذاهبه ****و جاهل في الورى تلقاه مرزوقا

هذا الذي ترك الأيام حائرة ****و صيّر العالم النحرير زنديقا

فعلق السبكي على هذا القول:

قبحه الله ، ما أجرأه على الله (كتاب المحصل ص63 ، فخر الدين الرازي)

هذا التناقض في فكر ابن الراوندي إن حصل ،فمردّه إلى تناقضات عصره،و هو شاهد على ظلم العصر.فحوله كانت تجري معارك ثورة الزنج (255 ـ 270ه) . و هو ممن وضع كتابا في الإمامة ، فالإمام هو الذي يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا. و كان يميل إلى الإمام غلي بن محمد الزيدي ، قائد الزنج. و ربما كان هذا هو السبب في طلب الدولة له.

الإنسان و النفس

اتفق كافة مؤرخي الفلسفة الإسلامية أن (القول بالجزء الذي لا يتجزأ في القلب هو مذهب ابن الراوندي، و زعم النظّام أنه أجزاء) . و أن الأنا أو الإنسان هي النفس (الموسوعة الفلسفية الروسية ص 547 ترجمة سمير كرم). هذا القول بالأساس هو لأفلاطون ، فالجسم عندما ينحل بالموت تبقى النفس لأنها بسيطة و هي مؤلفة من أجزاء لا تقبل التجزئة و هي أبدية أزلية (مقالات الإسلاميين ج1 ص26).قال ابن الراوندي:

الإنسان هو في القلب و هو غير الروح، و الروح ساكنة في هذا البدن (الإمتاع و المؤانسة ج1 ص 229)

و معنى هذا ما قاله أبو سليمان السجستاني:

النفس وحدها ليست بإنسان و البدن وحده ليس بإنسان بل الإنسان بهما معا. (رسالة في النفس الإنسانية ، ابن العبري ، ص 33)

كان جالينوس يقول: إن الدماغ هو معدن الإدراك و القوة المتحركة و ليس القلب. و لكن علماء الكنيسة و فلاسفتها أبطلوا هذا القول و قالوا مع غريغوريوس اللاهوتي : إن الإنسان الخفي هو في القلب (مقالات الإسلاميين ج1 ص27)

و ينسبون قول ابن الراوندي في النفس إلى المنانية ، و أن المنانية تقول:

النفس معنى موجود ذات حدود و أركان و طول و عرض و عمق و أنها غير مفارقة هذا العالم لغيرها مما يجري عليه حكم الطول و العرض و العمق، فكل واحد منها يجمعها صفة الحد و النهاية. (الفيلسوف اللاهوتي موسى بن كيفا ص 31 للمطران بولس بنهام). و معنى هذا أن النفس جوهر مادي أو جسم ذو أبعاد. هذا ما قاله الأشعري و بقية علماء الإسلام. أما علماء السريان و هم على اطلاع مباشر على فكر المنانية من خلال كتاباتهم السريانية فلهم رأي آخر، يقول المطران موسى بن كيفا المتوفى سنة 903 ه :

النفس عند المنانية بسيطة غير مجسمة، و إنها خالدة لا تموت إلا أنها تنقسم إلى أقسام كثيرة لا تحصى فيصيب كل جسم من الأجسام الحية و غير الحية قسم منها فتأخذ الأجسام الحية القسم الأكبر بينما تكتفي الأجسام غير الحية بشيء ضئيل. و هذا هو رأي ابن الراوندي و إن كان لا يقول بالتناسخ مثلهم.

لقد نسب المطهر بن طاهر المقدسي إلى ابن الراوندي قولا في النفس:

إن الإنسان مقدار ما في القلب من الروح و يحس الجسد بها و هي عرض قد بطل بالموت و الميت يعلم ضربين من العلم محتجا بالخبر المروي عن الرسول ، إن الميت على النعش يسمع نوح أهله (البدء و التاريخ ج2 ص120 ، طاهر بن المطهر المقدسي)

في هذا النص نلمح فلسفة هشام بن الحكم صديق ابن الراوندي و الذي كان مذهبه في النفس أنها عرض ، و العرض ما يعترض الشيء و يقوم به ، ومنه ما يختص بالأحياء و هو الحياة و الشهوة و النفرة و القدرة و الإرادة و الاعتقاد و النظر و الظن و الألم . (هشان بن الحكم ص 161). كان ابن الراوندي يعتبر النفس مبدأ الحركة فهو تابع لمذهب أفلاطون الذي يرى أن المتحرك إما أن يتحرك بنفسه ، و إما أن يتحرك بغيره و هذه تقف عن الحركة بعد حين ، أما الأولى فلا تقف لأن حركتها من ذاتها فهي لا تكون و لا تفسد. و كل ما يتحرك بنفسه فلا يتولد من شيء آخر فهو مبدأ. و من التناقض أن يفسد المبدأ.و إذا كانت النفس هي المبدأ؛ وهذه هي حقيقتها و ماهيتها؛ يمكن أن نعرفها بأنها ما تحرك نفسها. (أفلاطون ؛أعلام الغرب؛ ص 99 ، أحمد فؤاد الأهواني).من ذاك النص السابق يمكننا تفسير القول الذي نسبه عبد القاهر البغدادي لابن الراوندي ، قال : و منهم من قال إن الحركة كونان في مكانين أحدهما يوجد في المتحرك و هو في المكان الأول ، و الثاني يوجد فيه و هو المكان الثاني و هذا قول ابن الراوندي (الفرق بين الفرق ص 144 عبد القادر البغدادي ، تحقيق محمد بدران.

و هذا النص لا يفهم إلا بعرضه على فلسفة أفلاطون

قول ابن الراوندي في القتل

فاعل القتل في حال فعله ، و المقتول مقتول في حال وقوع القتل به عند من عرف أن القاتل استعمل السيف ، بضرب ما يقع بعده خروج الروح.و قال: ليس يكون الإنسان قاتلا على الحقيقة إلا لمن خرج روحه من ضربته و القضاء على الظاهر(مقالات الإسلاميين ج2 ص97/98) 1250 و قد زعم أصحاب التوالد أنه يحدث عن الضربة في بدنه شيء هو الألم و القتل. قال: و ذلك الحادث في قولهم مشتغل و ليس عندنا إلا عمل الضد و عمل الروح فإنهما يحدثان منهما طباعا (المصدر السابق ص102)

قوله في الخواطر

اختلفت المعتزلة في الخواطر .قال أبو الهذيل و سائر المعتزلة: الخاطر الداعي إلى الطاعة هو من الله ، و خاطر المعصية من الشيطان ـ و ثبتوا الخواطر أعراضا. و كان النظّام يقول : لا بدّ من خاطرين، أحدهما يأمر بالإقدام و الآخر يأمر بالكفّ ليصبح الاختيار و لا تلتزم الحجة التفكر إلا بخاطر.

و حكى عنه ابن الراوندي : أنه كان يقول إن خاطر المعصية من الله إلا أنه وضعه للتعديل لا ليقضي. و كان يقول : إن الخاطرين جسمان.

و لكن الأشعري قال : و أظنه غلط في الحكاية الأخيرة.لأن الأفعال التي من شأن النفس أن تفعلها و تجمعها و تميل إليها و تحبها فليس تحتاج إلى خاطر يدعو إليها

كما قال ابن الراوندي عن النظّام : أما الأفعال التي تكرهها النفس و تنفر منها ، فإن الله تعالى أمر بها فأحدث لها من الدواعي مقدار ما يوازي من كراهتها لها و نفارها منها.و إن دعا الشيطان إلى ما تميل إليه النفس و تحبه زادها من الدواعي و الترغيب ما يوازي داعي الشيطان، و يمنعه من الغلبة ، و إن أراد الله سبحانه أن يقع من النفس فعل ما تكرهه و تنفر طباعا منه، جعل الداعي و الترغيب و التنفير و الترهيب يفصل ما عندها من الكراهية لذلك منه.فتميل النفس إلى ما دعيت إليه و رغبت فيه طباعا. (المصدر السابق 239).و كان ابن الراوندي يقول بقول ابن النظّام في عملية اتخاذ القرار في الفعل الإرادي

قوله في خلق القرآن

حكى ابن الراوندي: أنه سمع بعض المعتزلة يقول : إن القرآن مخلوق ، و إنه كلام في الجوّ ، و إن القارئ يزيل مانعه بقراءته فيسمع عند ذلك ، و هذا قول إبراهيم النظّام.

أما رأي ابن الراوندي فهو أن القرآن معنى من المعاني ، و عين من الأعيان، خلقه الله عزّ و جلّ ليس بجسم و لا عرض قائم بالله. و هو غيره و محال أن يقوم بغير الله . فإذا تلاه التالي أو حفظه الحافظ أو خطه الكاتب ، فإنه يُخلق مثلَ تلاوة كل تال، و حفظ كل حافظ ، و خط كل كاتب ، قرآنٌ آخر مثل القرآن، قائما بالله دون التالي و الكاتب و الحافظ (نفس المصدر 68/69)

قوله في المحال

قال بعض علماء الكلام: كل كذب محال ، و كل محال كذب.. و لكن من الكذب ما ليس بمحال كقولهم ( الغائب حاضر).و الكذب المحال كقولهم(القديم محدث).أما ابن الراوندي فإنه يرى ، إن كل كلام لا معنى له فهو محال.و كل قول أزيل عن منهاجه و اتسق على غير سبيله و يقصر به عن موقعه و إفهام معناه ، فهو محال، و ذلك كقول القائل (أتيتك غدا) و ( سآتيك أمس)( نفس المصدر)

أبو قثم