الجمعة، 19 يونيو 2009

الـــقرآن كتــــاب علــــوم

القرآن كتاب علوم … أهلا ، أهلا بالقرآن

يقول العوامّ عندنا في المغرب ، أنّ القرآن يحوي علوم الماضي و الحاضر و المستقبل. و أنا لم أجد فيه كمبيوترات و لا صواريخ و لا ربوطات ، و لا أي شيء مما يستطيع الإنسان أن يبدعه للمستقبل.

فهل هناك من مشروع علميّ بين دفّتيْ مصحف ابن آمنة لم أعرفه بعدُ ، و لم أتبيّنْه؟؟

العلوم التي أعرفها ، هي دراسات تحليلية للظواهر و الحوادث الطبيعية ، مجرّدةٌ عن الأهواء و العواطف،تعتمد عكس الفلسفة؛ التي هي نظرة شمولية للكون و الإنسان و الحياة؛تجزيء الظواهر قيد الدرس إلى عناصرها و أجزائها الأولية ، ثم دراسة و تحليل و تعريف كل جزء على حدة ، و من تمَّ البحثُ في العلاقات التي تربط بين أجزاء الظاهرة الواحدة ، أو التي تربط بين الظواهر و الحوادث الطبيعية فيما بينها عموما. فالعلوم التي أعرفها إذا دراسات تحليلية و صفية للعلاقات المجرّدة الرابطة بين الظواهر و الأحداث الطبيعية و المسبّبة لها أو النّاجمة عنها. و تعتمد تلك العلوم ما يسمى التأمل في الطبيعة و أشيائها، ثم الملاحظةَ و المقارنة والفرز و التصنيف ، فافتراض الفرضيات.و العالم كما أعرفه يبحث في صحّة فرضياته بالتتبع و المقارنة و القياس و التقصي ، أو بواسطة ما تفرضه عليه ظروف الظاهرة المدروسة من تجارب علمية أو بواسطة البرهنة الرياضية . فإن صدّقت هذه الخطوات العقلية فرضياته ،ارتقى بها إلى مستوى القانون و النظرية العلمية . و إن لم تصَدِّقِ التجارب و الدراسات فرضياته استبدلها بفرضيات غيرها أخضعها هي الأخرى لنفس الخطوات العقلية السابقة.كما أن من أهمّ خصائص تلك العلوم التي أعرفها التعبيرُ الكميُّ عن الظواهر و مكوناتها مما يسمح للدراسات العلمية بالانتقال من التحليل و الافتراض و الاستدلال إلى مرحلة البرهنة الرياضية الأكثر يقينا و أمنا ، فكلّ دراسة لا تعتمد البرهنة الرياضية ليست علما

فأين القرآن، من كلّ هذا ؟

هل من ميكانيكا في القرآن أو إليكترونيك أو كيمياء عضوية؟

هل في القرآن جَبر أو هندسة تحليلية ؟

هل فيه تاريخ ، هل فيه جغرافيا؟

إذا كان القرآن كما أراده صاحبه كتاب ابتهال و تعبّد ، فهل تجريد الظواهر الطبيعية و تحليلها و فهم القوانين المتحكمة فيها قصد السيطرة عليها يُعتبر ابتهالا و تعبّدا أم هو كفر و تجرّؤ على الله و تدخّل في إرادته ؟؟ تلك حدود الله فلا تعتدوها

إنّ مهامّ العلم و أهدافه لا تنحصر في اكتشاف القوانين العلمية العامّة و الشاملة للظواهر و الأحداث المتشابهة عن طريق ما ذكرناه من ملاحظة و رصد و فرز و تصنيف و تحليل و افتراض و تجريب ؛ بل تتعداها إلى التنبّؤ الصحيح بسير الأحداث و الظواهر الطبيعية و غير الطبيعية المنظّمة بالقوانين المكتشفة. مثل التنبّؤ بمواعيد الكسوف و الخسوف و أحوال الطقس المرتقبة، و بمستقبل تقلبات الرأي العامّ سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا، إلى غير ذلك من الأمور التي يمكن التنبّؤ بمستقبلها

على أن أهمّ ما يستهدفه العلم هو ضبط الظواهر الطبيعية و التحكّم في الأحداث و الوقائع و الأمور ، و السيطرة عليها ، و توجيهها الوجهة المرغوب فيها ، و بالتالي استغلال النتائج كلها لخدمة الإنسانية . وقد تمكن الإنسان بفضل العلم من التحكم في الأنهار الكبرى و ضبط جرياناتها و استغلال مياهها على عدة أصعدة. كما تمكن من التحكّم في الجاذبية الأرضية و ضبط مياه البحار و المحيطات ؛ و استغلال ذلك كلّه في خدمة البشرية ، كما استطاع من جهة أخرى التحكّم في الأمراض و الحدِّ من خطورتها ، و ضبطَ السلوكيات البشرية و توجيهها نحو الخير و المحبّة.و ها هو ذا يحاول التحكم في الفضاء الخارجي و استغلاله فيما فيه خير للطبيعة و البشرية.

فأين كلّ هذا في القرآن و أبن القرآن من كلّ هذا؟

هل القرآن الذي يمنع التساؤل في أشياء إن تبد لكم تسؤكم سيجود على الناس بنظريات تسمح لهم بالتحكّم في قوى الطبيعة و السيطرة عليها ؟ في حين يعتبرها الرب أسرارا إلهية و معجزات و آيات لا يتدبرها إلا أولو الألباب.؟

هل في القرآن طرق إحصائية تسمح بفرز و تصنيف آراء الناس و سلوكياتهم و تساعد على تحديد حاجياتهم و مطالبهم ؟

هل في القرآن نظريات بيولوجية تتيح التعرّف على أسرار الأمراض و كيفية مقاومتها و التغلّب على الشيخوخة و الرفع من معدّل الحياة ؟؟؟

يقول الرّازي :

تعجّبنا لقولكم القرآن كتاب علوم ، و هو كتاب مملوء من التناقض ، و هو حكاية أساطير الأولين من غير أن تكون فيه فائدة أو بيّنة على شيء

فمنذ متى كان هذا القرآن كتاب علوم؟

لنأخذ أولا ، ألبرت أينشتاين …أو شارل لافوا زييه !! و لمَ لا نيوتن أو غاليليو ؛فكل هؤلاء سبقوا عصورهم ، بحيث نجد كلا منهم قد أتى بما لم تستطعه الأوائل من ابتكارات و نظريات علمية لم يستطع معاصروهم من علماء و أناس عاديين ، لها استيعابا و لا فهما.فهل اتّهم الناس اينشتاين بالسحر ؟أو لافوا زييه بالشعوذة؟؟و هل اتهموا إسحاق نيوتن بالكهانة و الأساطير؟ أو غاليليو بالسحر و الكهانة؟؟ أم أن معارضي أينشتاين و الآخرين أتوهم بمثل ما جاءوا به من الدراسات ردّا عليهم و تفنيدا لآرائهم؟؟

بمعنى آخر

هل كُذِّبَ أولئك العلماء بواسطة العلوم أم إنهم كُذّبوا باتهامهم بالشعر و السحر و الكهانة؟؟؟؟

فكيف للقرآن يأتي بالفيزياء النووية و يردّ عليه معارضوه من أهل مكة إنْ هذا إلا سحر يوثر إن هذا إلا قول البشر ؟؟

ثمّ لماذا لم يجد القرآن سوى و ما هو بقول كاهن و لا بقول شاعر قليلا ما تؤمنون للرّدّ عليهم؟؟

و لماذا لم يعرّف القرآن نفسه ، أصلا ، بكتاب علوم عوض إن هو إلا وحي يوحى؟؟

و على ذكر الوحي ، فهل الذي أوحى إلى محمد و المسيح و موسى ما أوحى ، هو نفس من أوحى إلى كوبرنيك بكتاب ثورة الأفلاك الذي يكذّب نظرية الأرض المسطحة المنقوصة الأطراف و مركزيتها و جريان الشمس و الكون حولها؟؟

الواقع أن الشعوذة اللغوية التي يسمونها افتراء على العقول إعجازا علميا ، موضة جديدة حديثة العهد .فممّا لا مراء فيه أن ظاهرة الإعجاز في القرآن قديمة ، و لكنها لم تكن تتعدى التفوّق السجعي للقرآن ، و جماليته الفنية ، و حكمه البلهاء التي يدّعون بلاغتها . أمّا و أنّ العلوم النظرية العقلية تجتمع بين دفّتيه منذ أربعة عشر قرنا ، فتلك فرية جديدة ما لها من قرار.

الإعجاز أو الافتراء العلمي في القرآن موضة جديدة ابتكرتها اللجان العلمية التي لا تملك من العلم إلا الاسم، و الجامعات العربية الإسلامية التي تسهر على تحضير دكتورات التداوي بأبوال الجمال و اختراع البغال الطائرة و ابتكار أجهزة محادثة النمل و زرع خلايا في عيون الديكة و الحمير لتصوير الملائكة و الشياطين.هذه الجامعات و اللجان تخدم مع كل الأسف تصورات إيديولوجية ضيّقة معينة تهدف الضحك على الأمّيين و غسل أدمغتهم و زرع رُهيْبِنات صغيرة في جماجمهم ترعاهم و تسهر على برمجتهم

إنّ من بين أعظم حزقات القرآن أنه كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه. فحقائقه ـ إن كانت له حقائق ـ مطلقة.. دوغمائي النزعة ..لا يقبل المراجعة و لا الشك ، ( أفبهذا الحديث أنتم مدهنون و تجعلون رزقكم أنكم تكذّبون ؟؟). و لا يعلم تأويله إلا الله، أمّا الراسخون في العلم فهم من يؤمن به كما هو على علاته، و يقولون آمنا به كل من عند ربنا

بينما نجد، و عكس هذا التطرف الفكري ، العلمَ نتاجا عقليا نسبيا غير معصوم من الخطإ، يعتبر الخطأ طريقا إلى الحقيقة العلمية ، التي يعرّفها باشلار بأنها خطأ تمّ تصحيحه

فكل النّظريات العلمية تحتوي على نسبة من الخطإ يعمل العلم و العقل اللذان أنتجاها على تصحيحها ، و بمعالجتها يعالجان نفسيهما فيتطوران و يتقدّمان

فأين القرآن من هذا؟

و كيف له و هو الذي لا يأتيه الباطل أن يكون كتاب علوم نسبية ظنّية أخطاؤها أكثر من صحّتها؟؟

إن الذين يحشرون أنف القرآن في هذه المعتركات التي لا قبل له بها إنما هم يجنون على كتابهم و يجعلونه مسخرة عوض أن يدجّنوا به العلوم

هؤلاء هم من سبق لعائشة عبد الرحمان بنت الشاطئ الردّ عليهم باعتبارها القرآن كتابا روحيا حصرا و ليس كتاب تاريخ و جغرافيا

إنّ كتابا يحفل بالمشاعر الشعورية و اللاشعورية كالحب و الكراهية و العداء و الإحساس بالذنب ، المتحرّرة من قوانين العقل و المنطق، كتابا يعتمد في استدلالاته المنطقَ السحريّ الأسطوريّ ، فيعزي أسباب الأحداث و علل الظواهر الطبيعية إلى الخوارق و المعجزات و الخرافات ، مُرْغما الواقع على إعطائه نتائج مخالفة لقوانينه، كتابا يتخذ الحدس منهاجا للتفكير ، و هو طريقة لا عقلانية في البحث عن الحقيقة،لا سبيل للتحقق من معطياته ، كتابا يعتمد المخيلة في بناء تصوّراته و إسقاطاته و أحكامه ، إن كتابا بكل هذه المواصفات لا يمكنه أن يكون إلا كتاب تعبّد صالحا للقراءة في الصلوات و التداول في المفانس و المناسبات التعبّديّة.و ليس كتاب علم و علوم.

فهلا رحمتم قرآنكم أيها المؤمنون!!

هذا القرآن الذي هذه هي خصائصه ، نجده عبر التاريخ ثابتا يطبع صيرورته الجمود بينما العلوم يطبعها التغير و التطوّر ،لأن من خصائصها كما سبق الذكر اعتماد العقل المنضبط بقوانين الواقع التي هي في نفس الوقت قوانينه أيضا ، كقانون عدم التناقض الذي هو الأساس الذي يقوم عليه كلّ فكر علمي و الذي عرّفه أرسطو بقوله :

يُمتنع أن يوجد الشيء و أن لا يوجد في نفس الوقت و في نفس المكان

فإلى أيّ حدّ يتحقّق هذا المبدأ العقلي العلميّ في كتاب العجائب القرآن العظيم ؟؟

هذا ما سنحاول تبيانه و الكشف عنه في حلقة أخرى من

القرآن كتاب علوم… أهلا ، أهلا بالقرآن

أبو قثم

الأحد، 7 يونيو 2009

مهزلة نسب الرسول الجزء الأخير

 

تلخيصا لكل ما سبق نقول أن سيدة النساء؛ بعد موت بعلها بأربع سنين؛ إمّا أنها استبضعت من رجل من كندة ، أو أنها أتاها؛ و هي بين اليقظانة و النائمة ؛آت فرمى فيها مثل شهاب النار و انصرف ، فحبلت بمحمّد. و هذا ما بدأ يجهر به أهل قريش و استغله المنافقون. فتعالى الهمز و اللمز و التغامز مما أدى بالعباس إلى رفع الأمر إلى النبي. لكن تدخله الذي سبق ذكره لم يغلق الأفواه المفتوحة و لم يقنع العقول المتشككة . فالتجأ (ص) لإنهاء هذه الأزمة و إغلاق هذا القفل إلى صرامته المعهودة مكفّرا الطعن في النساب و متوعدا بالويل و الثبور كل من تشكك في الأنساب

 

عن أبي هريرة عن النبي صلعم قال: ثلاث من الكفر بالله شق الجيب و النياحة والطعن في النسب.

 

الجامع الصغير للسيوطي حديث رقم3437 المستدرك للحاكم من حديث أبي هريرة.

 

الطعن في النساب كفر!!!

و الظاهر أن هذا العلاج استمرّ مفعوله إلى عهدي عمر و الأمويين ـ عهد التأسيس الحقيقي للإسلام ـ ثمّ عاودت الأزمة الكامنة الظهور من جديد . فما كان من ذراع محمد الأيمن ،الذي جعل الله الحقّ على لسانه، إلاّ أن فكر و قدّر، ثم فكّر و قدر؛ فابتكر ما لم يأته الجاهليون و لا البدائيون و لا قوم تبع و لا السريانيون و لا الفراعنة و لا أي قوم من خلق الله أجمعين

 

 ففي تفسيره للآية الثامنة من سورة الرعد

 (الله يعلم ما تحمل كلّ أنثى و ما تغيض الأرحام و ما تزداد.و كلّ شيء عنده بمقدار .عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال) ؛

يقول القرطبي:

 

وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ! إِنِّي غِبْت عَنْ اِمْرَأَتِي سَنَتَيْنِ فَجِئْت وَهِيَ حُبْلَى ; فَشَاوَرَ عُمَر النَّاس فِي رَجْمهَا , فَقَالَ مُعَاذ بْن جَبَل : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ! إِنْ كَانَ لَك عَلَيْهَا سَبِيل فَلَيْسَ لَك عَلَى مَا فِي بَطْنهَا سَبِيل ; فَاتْرُكْهَا حَتَّى تَضَع , فَتَرَكَهَا , فَوَضَعَتْ غُلَامًا قَدْ خَرَجَتْ ثَنِيَّتَاهُ ; فَعَرَفَ الرَّجُل الشَّبَه فَقَالَ : اِبْنِي وَرَبّ الْكَعْبَة ! ; فَقَالَ عُمَر : عَجَزَتْ النِّسَاء أَنْ يَلِدْنَ مِثْل مُعَاذ ; لَوْلَا مُعَاذ لَهَلَكَ عُمَر .

 

هكذا يبتكر السيد عمر نظرية الحمل بسنتين.

هذه النظرية العمرية لم تحدث قبل عمر، و لم تذكرها أسفار الأولين و لا الآخرين. تصوّروا أن الأنكا في غياهب الحياة البدائية لا يقولون مثل هذه الفرية ، بل حتى الإسكيمو في مجاهل القطب لم تخطر على بالهم مثل هذه الخرافة.

إلا أن هذه النظرية قد لاقت بطبيعة الحال من دجالي الإسلام و الأشاعرة المخدِّرين الكثير من الاستحسان و القبول.فاحتضنوها أيّما احتضان و شملوها بالرعاية و مهّدوا لها كلّ التمهيد.فاخترعوا لها من الحجج و الأدلة و البراهين ما يجعلها خرافة تدبّ على الأرض وتقتات من جماحم البلهاء و تدود عن نفسها كلّ الدود

فتكون عائشة التي لم تحبل و لم تلد قط أوّل و أكبر المتبنين للنظرية العمرية.

حيث نجد في نفس المصدر السايق

َرَوَى اِبْن جُرَيْج عَنْ جَمِيلَة بِنْت سَعْد عنْ عَائِشَة قَالَتْ : يَكُون الْحَمْل أَكْثَر مِنْ سَنَتَيْنِ قَدْر مَا يَتَحَوَّل ظِلّ الْمِغْزَل ; ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيّ .

ثمّ يضيف:

. وَقَالَتْ جَمِيلَة بِنْت سَعْد - أُخْت عُبَيْد بْن سَعْد , وَعَنْ اللَّيْث بْن سَعْد - إِنَّ أَكْثَره ثَلَاث سِنِينَ . وَعَنْ الشَّافِعِيّ أَرْبَع سِنِينَ ; وَرُوِيَ عَنْ مَالِك فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ , وَالْمَشْهُور عَنْهُ خَمْس سِنِينَ ; وَرُوِيَ عَنْهُ لَا حَدّ لَهُ , وَلَوْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَة الْأَعْوَام ; وَهِيَ الرِّوَايَة الثَّالِثَة عَنْهُ

 

هكذا ، بين عمر و فترة الأمويين تطوّر الحمل إلى أن أصبح لا حدّ له؟

فعوض أن يصححوا خطأ النظرية العمرية زادوها عطبا على عطب؟

على أنّ لمالك هذا دور مهم في عملية ترسيخ النظرية العمرية ، إذ استطاع الانتقال بها من طور التنظير و الافتراض إلى مرحلة التجريب و التطبيق لتصبح قانونا علميا لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه

. رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ الْوَلِيد بْن مُسْلِم قَالَ : قُلْت لِمَالِك بْن أَنَس إِنِّي حُدِّثْت عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : لَا تَزِيد الْمَرْأَة فِي حَمْلهَا عَلَى سَنَتَيْنِ قَدْر ظِلّ الْمِغْزَل , فَقَالَ : سُبْحَان اللَّه ! مَنْ يَقُول هَذَا ؟ ! هَذِهِ جَارَتنَا اِمْرَأَة مُحَمَّد بْن عَجْلَان , تَحْمِل وَتَضَع فِي أَرْبَع سِنِينَ , اِمْرَأَة صِدْق , وَزَوْجهَا رَجُل صِدْق ; حَمَلَتْ ثَلَاثَة أَبْطُن فِي اِثْنَتَيْ عَشْرَة سَنَة , تَحْمِل كُلّ بَطْن أَرْبَع سِنِينَ . وَذَكَرَهُ عَنْ الْمُبَارَك بْن مُجَاهِد قَالَ : مَشْهُور عِنْدنَا كَانَتْ اِمْرَأَة مُحَمَّد بْن عَجْلَان تَحْمِل وَتَضَع فِي أَرْبَع سِنِينَ , وَكَانَتْ تُسَمَّى حَامِلَة الْفِيل .

تفسير القرطبي ، الآية الثامنة من سورة الرعد

 

و هكذا ؛ و ضدا على كلّ النواميس و القوانين الطبيعية ؛ أصبحت للنظرية العمرية تطبيقات على أرض الواقع

فهذا الضَّحَّاك يقول عن نفسه : وَضَعْتنِي أُمِّيّ وَقَدْ حَمَلَتْ بِي فِي بَطْنهَا سَنَتَيْنِ فَوَلَدَتْنِي وَقَدْ خَرَجَتْ سِنِّي, . .و يقول في شأنه  الْغَزْنَوِيّ أَنَّ الضَّحَّاك وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ , وَقَدْ طَلَعَتْ سِنّه فَسُمِّيَ ضَحَّاكًا .

 وأمّا مالك فَيُذْكَر عَنْه أَنَّهُ حُمِلَ بِهِ فِي بَطْن أُمّه سَنَتَيْنِ , وَقِيلَ : ثَلَاث سِنِينَ .

أما ابن عجلان صاحب مالك فيُقَال عنه :

 إِنَّ مُحَمَّد بْن عَجْلَان مَكَثَ فِي بَطْن أُمّه ثَلَاث سِنِينَ , فَمَاتَتْ بِهِ وَهُوَ يَضْطَرِب اِضْطِرَابًا شَدِيدًا , فَشُقَّ بَطْنهَا وَأُخْرِج وَقَدْ نَبَتَتْ أَسْنَانه.

 

ما رأيكم ؟ لقد فعلوا بهذا الإبن عجلان المسكين و بأهله و ذويه كل ما أرادوا؟ لقد جعلوا منه غولا يولد بأسنانه ومن أبنائه هيوشا تولد مفطومة واقفة فتأكل اللحم النيئ من لحظتها و تشرب اللبن.

ترى هل هذا ما حصل للنبي الذي حملت به آمنة أربع سنين!!؟

هل ولد هو الآخر يأسنانه مثلما ولد ابن عجلان و ابنه؟؟

و يضيف لنا القرطبي

وَقَالَ حَمَّاد بْن سَلَمَة : إِنَّمَا سُمِّيَ هَرِم بْن حَيَّان هَرِمًا لِأَنَّهُ بَقِيَ فِي بَطْن أُمّه أَرْبَع سِنِينَ .

ثمّ

. وَقَالَ عَبَّاد بْن الْعَوَامّ : وَلَدَتْ جَارَة لَنَا لِأَرْبَعِ سِنِينَ غُلَامًا شَعْره إِلَى مَنْكِبَيْهِ , فَمَرَّ بِهِ طَيْر فَقَالَ : كش

فهل ولد النبي هرما  هو الآخر؟ السيرة النبوية لا تقول ذلك

قال ابن إسحاق حدثني جهم بن أبي جهم مولى الحارث بن حاطب... سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال  حدثت عن حليمة بنت الحارث أنها قالت قدمت مكة في نسوة، وذكر الواقدي بإسناده أنهن كن عشرة نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسن بها الرضعاء من بني سعد؛... فقدمنا مكة فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلعم فتأباه إذا قيل إنه يتيم تركناه، قلنا ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه، إنما نرجو المعروف من أبي الولد ..فوالله(؟) ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعاً غيري، فلما لم نجد غيره ... قلت لزوجي الحارث ..والله إني لأكره أن أرجع ... ليس معي رضيع، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه فقال لا عليك أن تفعلي فعسى أن يجعل الله لنا فيه بركة..فقال صاحبي حين أصبحنا يا حليمة والله إني لأراك قد أخذت نسمة مبارك

الطبقات الكبرى لابن سعد باب ذكر من أرضع رسول الله وتسمية إخوته وأخواته من الرضاعة

فالنسوة اللواتي رفضن الرسول  إنما فعلن ذلك لأنه كان يتيما و ليس غولا ذا أسنان ، أو لأنه كان غلاما استرسل شعره و يقول كش

هكذا بقيت نظرية عمر، أو قانون عمر و مالك، تتطوّر و تتزايد حتى حدثت المعجزة التي تؤيد نظرية الحمل بأربع سنين

يروي الدّارقطني في نفس الصفحة من نفس المصدر قائلا:

بَيْنَمَا مَالِك بْن دِينَار يَوْمًا جَالِس إِذْ جَاءَهُ رَجُل فَقَالَ : يَا أَبَا يَحْيَى ! اُدْعُ لِامْرَأَةٍ حُبْلَى مُنْذُ أَرْبَع سِنِينَ قَدْ أَصْبَحَتْ فِي كَرْب شَدِيد ; فَغَضِبَ مَالِك وَأَطْبَقَ الْمُصْحَف ثُمَّ قَالَ : مَا يَرَى هَؤُلَاءِ الْقَوْم إِلَّا أَنَّا أَنْبِيَاء ! ثُمَّ قَرَأَ , ثُمَّ دَعَا , ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ هَذِهِ الْمَرْأَة إِنْ كَانَ فِي بَطْنهَا رِيح فَأَخْرِجْهُ عَنْهَا السَّاعَة , وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنهَا جَارِيَة فَأَبْدِلْهَا بِهَا غُلَامًا , فَإِنَّك تَمْحُو مَا تَشَاء وَتُثْبِت , وَعِنْدك أُمّ الْكِتَاب , وَرَفَعَ مَالِك يَده , وَرَفَعَ النَّاس أَيْدِيهمْ , وَجَاءَ الرَّسُول إِلَى الرَّجُل فَقَالَ : أَدْرِكْ اِمْرَأَتك , فَذَهَبَ الرَّجُل , فَمَا حَطَّ مَالِك يَده حَتَّى طَلَعَ الرَّجُل مِنْ بَاب الْمَسْجِد عَلَى رَقَبَته غُلَام جَعْد قَطَط , اِبْن أَرْبَع سِنِينَ , قَدْ اِسْتَوَتْ أَسْنَانه , مَا قُطِعَتْ سِرَاره ;

هكذا يستجيب الله أخيرا لدعاء مالك بن دينار فيتدخل ليؤيد و يثبت قانون الحمل بأربع سنين  ، و ذلك بعد أن كان يرفض رفضا باتا التدخل لحل هذه الأزمة

أليس الرّدّ على الطعن في نسب النبي أهم من خراء سودة بنت زمعة الذي نزلت في شأنه آية الحجاب؟

أليس الردّ على الطعن في نسب النبي أهمّ من زواج محمد بزوجة ابنه أو من براءة الحميراء من فضيحة صفوان بن المعطل ، الحادثتين اللتين نزلت في شأنهما العشرات من الآيات؟؟

إني لأرى السماء قد بخلت بالأهمّ بينما كانت تسارع في هوى محمّد كما قالت الحميراء رضي الله عنها.

إن جميع كتب الحديث الأكثر موضوعية وتحقيقا وتدقيقا تورد هذه الأحاديثَ لتشير إلى أن العرب في ذلك الوقت لم يكونوا يعرفون فترة الحمل بشكل دقيق ولم يكونوا يعرفون أهمية الالتزام بهذه الفترة وعدم قدرة المرأة على الاستمرار بالحمل أكثر من تسعة أشهر. و أنا أقول كلاّ.. إن نظرية الحمل بأربع سنين لم ترد  عند العرب قبل عصر وضع الحديث . و مثل هذه الفرية لا عهد للعرب بها إلا  مع عمر ومع مؤسسي الإسلام الأموي الأشعري من بعده. هؤلاء ابتكروا هذه الخزعبلة للتغطية على فضيحة نسب محمّد  و للتأكيد على أن محمّدا هو ابن عبد الله و أن آمنة حملت به أربع سنين.و بذلك سيضعون حسب رأيهم حدّا نهائيا لهذه الأزمة التي لا ينبغي أن تطول أكثر

 

يبقى آخر سؤال

هل عالجت هذه النظرية و لواحقها  الأزمة، و حلّت الإشكال، و وضعت الحدّ النهائي ؛ أم لا ؟

لو أنها فعلت شيئا من هذا ما كان لأبي قثم ، أو لغيره ، اليوم ليجد ما يحرّك به لسانه

 

شكرا للجميع على المتابعة

و إلى موعد آخر

 

أبو قثم

                                                                                                                                                                                                                               

الخميس، 4 يونيو 2009

مهزلة نسب الرسول 2


من كلّ ما تقدّم وجدنا أن قريشا قد طعنت في نسب محمّد لعبد الله بن عبد المطلب بن هشام و حجّتهم في ذلك أنه كان (ص) أصغر من عمّه حمزة بأربع سنين ، و هو الذي تزوّجت أمّه و أمّ حمزة في نفس الليلة . بل رأينا السير تذهب إلى التدقيق أكثر ، فتؤكّد أنّ أبا محمّد قد دخل بأمّه في نفس ليلة زواجهما ، و لم يمكث معها سوى أشهر فتوفي و تركها حاملا.(هنا يتبادر إلى الذهن سؤال لا بدّ منه . بما أنه عقليا و علميا و واقعيا الحمل لا يمكنه أن يدوم أكثر من تسعة أشهر ونيف ، فابن من يا ترى هذا الذي ولدته آمنة بعد أربع سنوات ؟؟ ثمّ ذاك الجنين الذي توفي عبد الله و هي به حامل ماذا حدث له ؟ و من هو؟ و لماذا طواه التاريخ و شمله

الإهمال؟)اسمعوا ماذا تقول سيدة النساء عن حملها بمحمّد بعد أربع سنوات من موت عبد الله



قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني علي بن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أبيه عن عمته قالت كنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به آمنة بنت وهب كانت تقول ما شعرت أني حملت به ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء الا أني قد أنكرت رفع حيضي وربما كانت ترفعني وتعود وأتاني آت وأنا بين النائم واليقظان فقال هل شعرت أنك حملت فكأني أقول ما أدري فقال انك قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها وذلك يوم الإثنين قالت فكان ذلك مما يقن عندي الحمل ثم أمهلني حتى إذا دنا ولادتي أتاني ذلك الآتي فقال قولي أعيذه بالواحد الصمد من شر كل حاسد قالت فكنت أقول ذلك فذكرت ذلك لنسائي فقلن لي تعلقي حديدا في عضديك وفي عنقك قالت ففعلت قالت فلم يكن ترك علي الا أياما فأجده قد قطع فكنت لا أتعلقه.)

كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد

لماذا تنكر سيدة النساء رفع حيضها ؟ أليس لأنها تعلم سبب و كيفية حملها و لم تجد الأعذار بعد لتمرّر فعلتها تلك و خصوصا و هي التي في ضيافة صهرها بعد موت زوجها؟ أليست فضيحتها بجلاجل كما يقول المصريون؟

ثمّ ما معنى أتاني آت و أنا بين النائم و اليقظان فقال هل شعرت أنك حملت ؟

أليس هذا يعني أن الآتي يعرف متى و كيف و أين حبلت سيدة النساء؟ و ليس ببعيد أن يكون هو ذاك الكندي المذكور..

تقول قريش إذا كان عبد المطلب قد دخل بهالة أم حمزة في نفس الليلة التي بنى فيها ابنه بآمنة فإن الوليدين سيكونان في نفس العمر ، هذا إن لم يكن ابن عبد الله أكبر من ابن عبد المطلب . لكن الذي حدث مع كل الأسف ـ تقول قريش ـ كان ضد جميع النواميس و القوانين الطبيعية فمحمّد لم يولد إلا بعد أربعة سنين من موت أبيه . هذا ما لم تستسغه العقول الجاهلية و لم تقبله مع كل الأسف بينما نجد بلهاء في عصر الأقمار و تكنولوجبا الإعلام يصدّقون بهذه الترّهات)

كما أن قريش تعرف حادث حمل سيدة النساء المذكور أعلاه و تعرف أكثر منه.

فمثلا يعرف أهل قريش أن نساء مكة إبان ولادة النبي و قبلها و حتى في الإسلام كان يأتيهن الآتون و هن يصلين أو نائمات و لا يدرين متى يرمون فيهن كالشهب و ينصرفون,

لكم أن تتصوروا كيفما شئتم نساء منوّمات رافعات أرجلهن و يأتي كل من هبّ و دبّ فيرمي فيهن كيفما شاء . و يروح لحال سبيله

ثمّ يأتي من يتهم العلمانية بالفساد و الفجور 

    عن أبي موسى الأشعري قال‏:‏ أتي عمر بن الخطاب بامرأة من أهل اليمن، قالوا‏:‏ بغت، قالت‏:‏ إني كنت نائمة فلم أستيقظ إلا برجل يرمي فيّ مثل الشهاب، فقال عمر‏:‏ يمانية نؤوم شابة فخلى عنها ومتعها‏.‏

  • رواه الطبراني في الصغير.منتخب كنز العمال كتاب الحدود من قسم الأفعال فصل في أنواع الحدود ‏‏.‏ 13484-

فهذا الذي تحدث عنه أبو موسى لم يحدث في الجاهلية بل هو ذراع محمد الأيمن الذي أيده و أجاز الاعتذار به

عن النزال بن سبرة قال‏:‏ إنا لبمكة إذا نحن بامرأة اجتمع عليها الناس حتى كادوا أن يقتلوها، وهم يقولون زنت زنت، فأتي بها عمر بن الخطاب وهي حبلى، وجاء معها قومها فأثنوا عليها خيرا‏.‏ فقال عمر‏:‏ أخبريني عن أمرك، قالت‏:‏ يا أمير المؤمنين، كنت امرأة أصيب من هذا الليل، فصليت ذات ليلة، ثم نمت، فقمت ورجل بين رجلي فقذف فيّ مثل الشهاب، ثم ذهب، فقال عمر‏:‏ لو قتل هذه من بين الجبلين أو الأخشبين لعذبهم الله، فخلى سبيلها، وكتب إلى الآفاق أن لا تقتلوا أحدا إلا بإذني‏.‏ (*)

رواه البيهقي في السنن. منتخب كنز العمال كتاب الحدود من قسم الأفعال فصل في أنواع الحدود.13483-

الفاروق الذي قال عنه محمد الذي لا ينطق عن الهوي أن الله جعل الحق عند لسان عمر وقلبه يرى بأن المرأة الزانية والتي تبين حملها تستحق البراءة لأن الذي قذف فيها مثل الشهاب أو مثل طلق النار هو أمر شائع في جزيرة العرب وبين نسائها وهو ليس بزنى ...  

كما أن قريش كانت تعلم أن آمنة لم تحمل بمحمّد لوحده ، بل حملت بغيره مرارا و تكرارا و قد أوردنا أحاديث تسند ذلك.

كل هذه الأسباب متظافرة جعلت قريش ترفض نسب محمد إليها و تتبرأ منه ، إلا عبد المطلب .

فهل هذا يعني أن الرجل كان غبيا لا يفقه ما يروج حوله؟ أم أنه تبنى الصبي و هو يعلم أنه ابن زنى ؟

و حتى لا تكون إجاباتنا من قبيل الرجم بالغيب و جب التذكير بما سبق أن رأيناه على صفحات هذه المدونة تحت عنوان الحياة الاجتماعية الإسلامية . تلك الحياة المنفلتة و المتسيبة التي نشأ و ولد فيها محمّد ، و التي كان عبد المطلب أحد رجالاتها و أكابر الفاعلين فيها

لقد ولد محمد في مجتمع صحراوي تحكمه قواعد الترحال ،الأرض فيه مشاعة ،و الملكية مشاعة ، و الجنس مشاع .كما أن عادة وأد البنات قد وسمته بنوع من عدم التوازن ، حيث قلّت النساء و كثر الّذكور ،ما أدّى إلى ظهور أنماط من الأنكحة مختلفة و متنوعة

تقول عائشة :

إن النكاح في الجاهليّة كان على أربعة أنحاء . فنكاح منها: نكاح الناس اليوم،يخطب الرّجل إلى الرّجل وليّته أو ابنته فيصدُقها ثم ينكحها.

و نكاح آخر : كان الرّجل يقول لامرأته إذا طهرَت من طمثها ( إذا حسب هذا الحديث فالمرأة كانت تتطهّر من الطمث قبل الإسلام و أنّ الإسلام ليس هو من علّمها و فرض عليها الطّهارة!!) :أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه..و يعتزلها زوجها و لا يمسّها أبدا حتّى يتبيّن حملُها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه. فإذا تبيّن حملها أصابها زوجها إذا أحبّ.و إنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد.فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع

ونكاح آخر : يجتمع الرهط ما دون العشرة. فيدخلون على المرأة كلّهم يصيبها.فإذا حملت ووضعت . و مرّ عليها ليال بعد أن تضع حملها ، أرسلت إليهم . فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها؛ تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم، و فد ولدت، فهو ابنك يا فلان<<تسمّي من أحبّت باسمه ، فيلحق به ولدُها لا يستطيع أن يمتنع منه الرّجل. و نكاح رابع: يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمنع من جاءها، و هنّ البغايا، كنّ ينصبن على أبوابهنّ رايات، تكون علما لمن أرادهنّ دخل عليهنّ. فإذا حملت إحداهنّ و وضعت حملها جمعوا لها و دعوا لهم القافلة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاط به و دعيّ ابنه، لا يمتنع من ذلك، فلمّا بعث محمّد بالحقّ هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج9 ص 150

و في الواقع فإن محمّدا لم يهدم هذه الأنكحة فحسب بل أنكحة أخرى عديدة لم تذكرها عائشة؛ اعتمد في هدمها ؛كما في

مجمل تشريعاته الدنيوية لتنظيم الحياة الجنسية؛ عـلى تلك القوانين اليهودية التي سنَّها موسى في التوراة قبل آلاف السنين . فالأنكحة التي كانت منتشرة في العصر الجاهلي كثيرة:

نكاح الاستبضاع و نكاح المخاذنة و نكاح البدل و نكاح المضامدة ونكاح الرهط و نكاح السّر و نكاح الشفار و نكاح المساهاة و نكاح المحارم و نكاح الزنا و نكاح البغايا و اللواط و السحاق و إتيان البهائم

نعم هذا هو المجتمع العربي قبل الإسلام ؛ كما في الإسلام .

لم يكن أبدا مجتمع عفة و لا طهارة ؛ بل كان دائما مجتمعا متسيبا منحلا منفلتا.

و هذه الأنماط من الأنكحة هي التي أنجبت السلف الصالح و من تبعهم بإحسان من خلفاء و صحابة و مجاهدين و متخلفين . فنجد مثلا في دلائل النبوة للحافظ أبي نعيم الأصبهاني الفصل العاشر في تزويج أمه آمنة بنت وهب ؛ وكذلك في عيون الأثر في المغازي والسير لأبن سيد الناس باب تزويج عبد الله آمنة بنت وهب ؛ وفي كل كتب السيرة والسنة كسيرة أبن هشام والسيرة الحلبية والطبقات الكبرى وغيرها :

 

حدثنا عمر بن محمد .. .. عن أم سلمة وعامر بن سعد عن أبيه سعد قال أقبل عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله صلعم وكان في بناء له وعليه أثر الطين (الغبارفمر بامرأة من خثعم وقيل العدوية وقيل أخت ورقة فلما رأته ورأت ما بين عينيه دعته إلى نفسها وقالت له إن وقعت بي فلك مائة من الإبل فقال لها عبد الله حتى أغسل عني هذا الطين الذي علي وأرجع إليك؛  فدخل عبد الله بن عبد المطلب على آمنة بنت وهب فوقع بها فحملت برسول الله صلعم الطيب المبارك ثم رجع إلى الخثعمية أو العدوية فقال لها هل لك فيما قلت؟ قالت لا يا عبد الله قال ولم؟ قالت لأنك مررت بي وبين عينيك نور ثم رجعت إلى وقد انتزعته آمنة

 

و قال ألواقدي هي قتيلة بنت نوفل وعن أبن عباس قال أنها امرأة من بني أسد وهي أخت ورقة كانت تنظر وتعتاف (عرّافة) فمر بها عبد الله فدعته لتستبضع منه ولزمت طرف ثوبه فأبي وقال حتى آتيك وخرج مسرعا حتى دخل على آمنة فوقع عليها فحملت برسول الله صلعم ثم رجع إلى المرأة وهى تنتظره فقال هل لك في الذي عرضت عليّ؟ فقالت لا ...

 

نهاية الأرب للنويري باب ذكر خبر المرأة التي عرضت نفسها على عبد الله بن عبد المطلب وما أبدته من سبب ذلك.

 

فهذا عبد الله بن عبد المطلب تريد امرأة أن تستبضع منه و في رواية أخرى مفابل ما فداه به أبوه من الإبل

أما في السيرة الحلبية باب باب تزويج عبد الله أبي النبي صلعم آمنة أمه صلعم وحفر زمزم وما يتعلق بذلك فنجد

 

فنكاح البغايا قسمان وحينئذ يحتمل أن تكون أم عمرو بن العاص رضي الله عنه من القسم الثاني من نكاح البغايا فإنه يقال إنه وطئها أربعة وهم العاص وأبو لهب وأمية بن خلف وأبو سفيان بن حرب وادعى كلهم عمرا فألحقته بالعاص وقيل لها لم اخترت العاص قالت لأنه كان ينفق على بناتي ويحتمل أن يكون من القسم الأول ويدل على ما قيل إنه ألحق بالعاص لغلبة شبهه عليه وكان عمرو يعير بذلك عيره بذلك علي وعثمان والحسن وعمار بن يسار وغيرهم من الصحابة رضي تعالى عنهم.

قال الإمام الحسين لعمرو بن العاص في الاحتجاج:أما أنت يا عمرو بن العاص الشاني اللعين الأبتر؛ فإنما أنت كلب أول أمرك إن أمك بغية(قحبة) وإنك ولدت على فراش مشترك ؛ فتحاكمت فيك رجال قريش منهم أبو سفيان بن حرب والوليد بن المغيرة وعثمان بن الحرث والنضر بن الحرث بن كلدة والعاص بن وائل ؛ كلهم يزعم أنك ابنه فغلبهم عليك من قريش ألأمهم حسبا واخبثهم منصبا وأعظمهم بغية...

الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي باب إحتجاج الإمام الحسن في مجلس معاوية.

هذا هو المجتمع النبوي الذي لم يكن يهتم بنسب الأولاد بقدر ما كان يهتم بجنس المولود ، فإذا كان ذكرا فهو مرحب به و إن كان أنثى فهي عارو عيب وجب الخلاص منه . و عبد المطلب مثله مثل أبو سفيان بن حرب والوليد بن المغيرة وعثمان بن الحرث والنضر بن الحرث بن كلدة والعاص بن وائل فرح بصبي آمنة لأنه ذكر مستوف للشروط المطلوبة

هذه هي مهزلة نسب الرسول التي خلقت لمؤسسي الإسلام العمري و الأموي أزمة حقيقية لا زالت قائمة لحدّ الآن

و سنرى في الحلقة المقبلة المبررات التي يسوقها أئمة الإسلام و مدعوذو العصر الحالي لدرء الشبهات عن سيد البشر ابن آمنة بنت وهب


أبـــــــو قــــــثم