الجمعة، 30 أبريل 2010

شمائل العرب ـ 2




من الثوراة إلى القرآن مرورا بالملوك و الرؤساء و المفكرين و المؤرخين القدماء منهم و المعاصرين ، العرب و غير العرب ؛ نجد أن النظرة إلى الإنسان العربي تكاد تكون نظرة واحدة موحدة،لا تختلف باختلاف الأشخاص و لا الأزمان .فرضتها خصائص ثابتة في هذا  الإنسان لا تتغير، إذا افتقد واحدة منها افتقد خصوصيته و هويته العربية.
و من بين هذه الخصائص التي ترتكز عليها الشخصية العربية الكبر و الفخر بالآباء و الأجداد و الأحساب و الأنساب.فقد عرفت قريش بالكبر و نعتت به  حتى قيل: "هذه عُبَيّة قريش . و العبية هي الكبر و الفخر و منها عبية الجاهلية فقد رُوي أن الرسول أمر معاوية بإنزال "وائل بن حجر" الحضرمي منزلاً بالحرة، فمشى معه ووائل راكب وكان النهار حاراً شديد الحرارة. فقال له معاوية: ألق اليّ نعلك، قال: لا، إني لم أكن لألبسها وقد لبستها. قال فاردفني، قال: لست من أرداف الملوك.: قال: إن الرمضاء قد أحرقت قدمي، قال: لا يبلغ أهل اليمن أن سوقة لبس نعل ملك. ولكن إن شئت قصرت عليك ناقتي فسرت في ظلها. فأتى معاوية النبي، فأنبأه. فقال: "إن فيه لَعُبَيَّة من عُبَيّة الجاهلية. (وفد حضرموت ـ طبقات ابن سعد 1/349)
 و قد حاول الإسلام محاربة هذه العبية فذمّها و نهى عنها و لكنه من جهة أخرى كرسها  بفتوحاته وغنائمه و تفضيله لعنصر قريش على سائر البشر.فقد ورد في الحديث: أن الله وضع عنكم عُبَيّة الجاهلية، وتعظّمها بآبائها، يعني الكِبَر". ( عبب ، تاج العروس 1/574)
كما يشكل الجهل المطبق ركيزة هامة في بناء شخصية الإنسان العربي و نخوته و فخره ، فالعربي تجده وثنيا ولكنه لا يفهم شيئاً من أمور الوثنية، و نصرانيا، لكنه نصرانيّ بالاسم، لا يعرف عن النصرانية في الغالب شيئاً، و مسلما ولكنه لا يعرف عن الإسلام إلا الاسم ، ثم يفتخر بذلك الجهل و كأنه مزية يُتّصَف بها. ونجد في كتب آهل الأخبار والأدب قصصاً كثيرا بمثل هذا الجهل الذيُ رمي به الأعراب في بعضه حق وفي بعضه موضوع على سبيل التنكيت و التسلية
كما أن الإنسان العربي حقود، لا يرى أن يغفر ذنب من أساء إليه. بل يظل في نفسه حاقداً عليه حتى يأخذ بثأره منه. "قيل لأعرابي: أيسرك أن تدخل الجنة ولا تسيء إلى من أساء إليك ؟ فقال: بل يسرني أن أدرك الثأر وأدخل النار."(نهاية الأرب 6/96)
و العربي إنسان عنصري يميز الناس حسب أعراقهم و ألوانهم و حسب  تحضرهم و بداوتهم .فهذا الرسول الأكرم كان يميز بين الأعراب و بين البادية، وهم الذين كانوا ينزلون أطراف القارة "القارية" وحولهم. فلما أهدت "أم سنبلة" الأسلمية لبناً إلى بيت رسول الله، أبت عائشة قبوله، لأن الرسول قد نهى أهله عن قبول هدية أعرابي. وبينما كانت أم سنبلة في بيته، دخل رسول الله، فقال: ما هذا ؟ قالت عائشة: يا رسول الله، هذه أم سنبلة أهدت لنا لبناً، وكنت نهيتنا أن نقبل من أحد من الأعراب شيئاً. فقال رسول الله: خذوها، فان أسلموا ليسوا بأعراب، هم أهل باديتنا.(ابن سعد 8/615)
 ويفيد هذا الخبر ، أن الرسول يميز بين العرب البادية المقيمين حول "القارية" أهل الحاضرة، الذين هم على اتصال دائم بالحضر، وبين الأعراب. وهم البادون البعيدون عن أهل الحواضر. فنهى عن قبول هدية منهم. وذلك بسبب جفائهم على ما يظهر ولأنهم لا يهدون شيئاً إلا طمعوا في ردَ ما هو أكثر منه. لغلظ معاشهم وضيق تفكيرهم. وآية ذلك ما ورد عنهم في القرآن .
"وممّن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مَرَدُوا على النفاق، لا تعلمهم، نحن نعلمهم، سنعذبهم مرتين، ثم يردّون إلى عذاب عظيم"( التوبة101)
"الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، و الله عليم حكيم. "ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرماً ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم" (التوبة98)
و من خصوصيات العرب المنّة ،، إذا فعلوا معروفاً بقوا يتحدثون عنه، ويمنون بصنعه على من قسموه له. وهم يريدون منه صنع أضعاف ما صنعوه له. و منها كذلك الخشونة، فهم خشنون إذا تكلّموا رفعوا أصواتهم. وقد وّبخهم القرآن وأنّبهم لفعلهم هذا. فجاء فيه: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ ولا تجهروا له بالقولِ كجهر بعضكم لبعض، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. إن الذين يغضون أصواتهم عند رسولِ اللهِ أولئك الذين امتحن اللهُ قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم."(الحجرات 2 و ما بعدها "يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت رسول الله تتجهموه بالكلام وتغلظون له في الخطاب."(لقمان 19).و يقول الطبري" و كان من خشونتهم و أعرابيتهم أن أحدهم إذا جاء الرسول فوجده في حجرته نادى: يا محمد يا محمد!. وذكر أن وفداً من "تميم" وفد على رسول الله، فوجده في حجرته، ونادى مناديه:. اخرج إلينا يا محمد! فإن مدحنا زين وذمّنا شين. أو: يا محمد ! إن مدحي زين وإن شتمي شين. فأنزل الله: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون. ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم. والله غفور رحيم." (تفسير الطبري 26/84)
و يعرف العربي بماديته المفرطة و جشعه الكبير وطمعه الفظيع. فهو يحارب معك، ثم ينقلب عليك ويصير مع خصمك، إذا وجد في الجانب الثاني أنه مستعد لإعطائه أكثر مما أعطيته.
فقد حاربوا مع الرسول ثم صاروا عليه و انتهبوا عسكره، و جاؤوا إليه فعرضوا عليه الإسلام، فلما أرادوا العودة إلى بلادهم وهم مسلمون، وجدوا رعاءً للرسول، فانتهبوه وقتلوا حماته مع علمهم بأنه له، وأن انتهاب مال المسلم حرام، فكيف بهم وهم ينتهبون مال رسول الله. وقد ندد القرآن الكريم بطمعهم في الآية: ـ قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا، ولكن قولوا أسلمنا ـ. فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبيّ، صلى الله عليه وسلم، المدينة، طمعاً في الصدقات، لا رغبة في الإسلام، فسماهم الله تعالى الأعراب.. و مثلهم الذين ذكرهم الله في سورة التوبة، فقال: "الأعراب أشد كفراً ونفاقاً".(عرب ـ اللسان 1/586)
 وذكر عن "قتادة" قوله: "قالت الأعراب آمنّا، قل: لم تؤمنوا، ولعمري ما عمت هذه الآية الأعراب. إنّ من الأعراب مَنْ يؤمن بالله واليوم الآخر، ولكن إنما أنزلت في حي من أحياء الأعراب امتنوا بإسلامهم على نبيّ الله، صل الله عليه وسلم، فقالوا: أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان. فقال الله تعالى: لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا". "وقال أخرون: قيل لهم ذلك لأنهم منّوا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بإسلامهم. فقال الله لنبيّه، صلى الله عليه وسلم، قل لهم لم تؤمنوا ولكن استسلمتم خوف السباء والقتل."( تفسير الطبري26/90)
و يتصف العربي بالهوجائية فهو لا يعرف شيئا سوى القوة و لا يخضع لشيء إلا لسلطانها.كما يعرف  بالتفاخر بنفسه و التباهي بشجاعته، إلا أنه لا يصبر على طول القتال وجديته، ولا يتحمل الوقوف طويلا في ساحة المعركة، لاسيما إذا شعر أن القتال غبر متوازن، وان أسلحة خصمه أمضى و أقوى في القتال من أسلحته، فيولي عندئذ الأدبار، و لا يرى في هروبه هذا من المعركة شيئاً ولا عيباً.
 وفي تأريخ معارك الجاهلية ولاسيما في معاركهم مع الأعاجم ومع القوات النظامية العربية أمثلة عديدة من هذا القبيل. ففي الحروب التي وقعت بين المسلمين والفرس أو الروم، خذلت بعض القبائل المسلمين، وتركتهم لما رأت جد القتال وأن لا فائدة مادية ستحصل عليها منه. "وقد كان انضم إلى المسلمين حين ساروا إلى الروم ناس من لخم وجذام، فلما رأوا جد القتال فروا ونجوا إلى ما كان قربهم من القرى، و خذلوا المسلمين".(الطبري 3/5719)
لقد فروا لأنهم وجدوا أن القتال قد طال وأنه قِتال جدّ، و هم لا قبل لهم بالقتال الطويل الشديد الجدّ. فاختاروا الهروب دون إن يفكروا، في عقدهم الذي عقدوه مع إخوانهم في الجنس على القتال معهم والاستمرار فيه حتى النهاية، فإما نصر وإما هزيمة وموت وهلاك.
 ولكن طبيعة الأعراب لا تقيم وزناً ولا تعطي أهمية للعقود في مثل هذه المواقف. إن رأت هواها في القتال قد تغيّر وتحوّل، وأن الأمل في كسب مغنم قد تضاءل، انسحبت منه بعذر قد يكون تافهاً وبغير عذر أيضاً. وقد لا تنسحب، وإنما تبدل الجبهة، بأن تذهب إلى الجانب الآخر فتحارب معه، وتقاتل عندئذ من كانت تقاتل معه. لأنها وجدت أن الربح من هذا الجانب مضمون، وأن ما ستناله منه من فائدة أكثر. وذاك بعد مفاوضات سرية تجرى بالطبع. وهذا ما أزعج الروم والفرس، وجعلهم لا يطمئنون إلى قتال العرب معهم وفي صفوفهم.، فرموهم بالغدر. فكانوا إذا كلفوهم بالحرب معهم عهدوا إليهم القيام فيها بأعمال حربية ثانوية، أو الانفراد بحرب الأعراب الأعداء الذين هم من أنصار الجانب الآخر. فقد حدث مراراً أن هرب الأعراب من ساحة القتال حين سعرت نار الحرب، وارتفع لهيبها، فأحدث هروبهم هذا ارتباكاً في جانب من كان يقاتلون معه أدى إلى هزيمته هزيمة منكرة، لما أحدثه فرارهم هذا من فجوة في صفوف المقاتلين. وقد أشارت إلى هذه الحوادث مؤلفات الكتاب اليونان و اللاتين.( المصنف 4/295).
والعربي صارم عبوس، إذا ضحك ضحك بقدر. يكره الدعابة، ويرى فيها تبذلاّ لا يليق صدوره من إنسان كريم. بقي هذا شأنه حتى في الإسلام. فلما وصف "أبو عبد الله المصعب بن عمد الله بن المصعب الزبيري" "عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر-الصديق" قال عنه: "كان امرؤاً صالحاً، وقد كانت فيه دعابة". حتى أن من العلماء من عَدّ "الدعابة" من الشوائب التي تنقص المروءة، وتؤثر في صاحبها، وتطعن فيه، فلا تجعله أهلا لأن يؤخذ عنه الحديث. أي جعلوه شخصا غير موثوق به.(نسب قريش278)

ويعرف العربي بالفردانية و التطرف ، إلى درجة تجعله يقيس كل شيء بمقياس الفائدة التي يحصل عليها من ذلك الشيء.و عرف في الوقت نفسه بخوفه من الإمعان في القسوة، ومن الإمعان في القتل، لما يدركه من رد الفعل الذي سيحدث عند أعدائه ضده إذا تمكنوا منه، ومن نتائج الأخذ بالثأر. كما عرف عن العربي ميله إلى المبالغة. المبالغة في كلامه. والمبالغة في إعطائه إذا أعطى، والمبالغة في مدح نفسه، والتباهي بشجاعته و بكرمه و بشدة صبره إلى غير ذلك، مع وجود تناقض فيه بالنسبة إلى دعاويه هذه. والعربي يحب المديح كثيراً، وهو على حدّ قولهم. إذا أعطى، صور ذلك غاية الجود، وبالغ فيه، ويظل يذكره في كل وقت ويحب إن يطرى عليه. (المصنف 298)

ويفضل العربي فقر البادية وغلظ معاشها وشحها، ويحن إليها، ولا يصبر عن فراقها
. قال الجاحظ: "وترى الأعراب تحن إلى البلد الجدب، والمحل القفر، والحجر الصلد، وتستوخم الريف".(رسالة في الحنين إلى الأوطان ـ من رسائل الجاحظ2/388 تحقبقعبد السلام هارون)
 "واعتل أعرابي في أرض غربة، فقيل له: ما تشتهي? فقال: حسل فلاة، و حسو قلات". (نفس المصدر 390)
ويروى إن "ميسون بنت بحدل" الكلبية، زوجة معاوية، كانت تحن إلى وطنها، وقد سمعها زوجها وهي تنشد أبياتاً في شوق وحنين إلى البادية، فخيمتها التي تلعب الأرياح بها، خير عندها وأحب لها من العيش في قصر منيف، ورجل من بني عمها نحيف أحب إليها من "علج عليف"، أي حضري سمين من كثرة الأكل.(بلوغ الأرب 3/426 و ما بعدها)
.
و الحضري من العرب يسخر من البدوي ويضحك عليه لحنينه إلى باديته. ولما استظرف "الوليد بن عبد الملك" أعرابياً واستملحه، فأبقاه عنده وسأله عن سبب حنينه إلى وطنه أجابه جواباً خشناً، مثل جفاء الأعراب وصلفهم. فقال الوليد، وهو يضحك: أعرابي مجنون.(بلوغ الأرب 3/433) ولم يتأثر منه، لأنه أعرابي، والأعرابي في حكم المجانين. وقد سقط حكم القلم عنه
هذه إذا هي حياة العرب حياة تكاد تكون حياة واحدة لا تغير فيها ولا تبدل، فهي على وتيرة واحدة، على تعدد القبائل، وابتعاد مواضع بعضها عن بعض. ذلك لأن الظروف المخيمة عليهم، ظروف واحدة لا اختلاف فيها ولا تبدل. إلا ما كان منها بالنسبة إلى عرب الضواحي والحواضر و الحدود، فان ظروفهم تختلف عن هؤلاء، ومجال تفكيرهم أوسع من مجال تفكير أعراب نجد و ما والاها من أرض الجزيرة جنوبا.و ذاك بسبب نوع المعيشة المتغير، المتصل بالأرض، وقربهم من الحضر.
يقول جود علي :ولو درسنا حياة القبائل في الجاهلية وجمعنا دراستنا من المرويّ عنها في الكتب، وجدنا أن بين الماضي البعيد وبين الحاضر شبهاً في نمط الحياة، وان ما ذكرته عن قبائل الجاهلية يكاد ينطبق على حياة قبائل البادية في وقتنا هذا، ذلك لأن الظروف والمؤثرات بالنسبة إلى حياة الأعراب الممعنين في البادية لا تزال كما كانت عليه. ولكنها سوف لن تبقى على ما هي عليه و إلى أبد الآبدين بالطبع، لأن التقدم الحضاري والاكتشافات المادية، قد آخذت تغزو الأعراب وتضيق الخناق عليهم، لتغير من حالهم. فبعد أن كان البدو قوم غزو، أكرهتهم الحكومات القوية على الابتعاد عن الغزو ونبذه، حتى اضطروا إلى توديعه إن الأبد أو كادوا وصاروا مغزوَّين، تغزوهم الحضارة الحديثة والآليّات بما لا قبل لهم بمقاومته، لتفوق الغزو الجديد عليهم. وهم سيكونون ولا شك بمرور الوقت على شاكلة النصف الآخر من العرب. أي إخوانهم الحضر. يوائمون أنفسهم مع التطور الجديد. وسوف يبدل هذا من حياتهم ولا شك، ومن أهم ما سيفعله فيهم، تحويل حياتهم من حياة غير مرتبطة بالأرض، إلى حياة ترتبط بها ارتباطا وثيقاً، فتتحول البداوة عندئذ إلى حضارة، وسيشعر الأعرابي عندئذ انه مواطن له ارض ووطن وقوم هم إخوة له يشعرون بشعوره. وأن من يعزل نفسه عن العالم، فلن يعزل بذلك إلا نفسه، ولن يضر إلا بصالحه. وان الإنسان بغير عمل ولا إنتاج، إنسان تافه لا قيمة له. وأن العنتريات و العُبَيّة الجاهلية من جملة مؤخرات الحياة في كل الأزمنة والأوقات" المفصل 4/302)
أبو قثم.

الأحد، 25 أبريل 2010

شمائل العرب


لفظة العرب أول ما أطلقت ، أطلقها الآشوريون و البابليون و اليهود و أهل مصر الفرعونية على القبائل المترحلة التي تجوب و تقطن الصحاري الممتدة ما بين بادية السماوة و صحراء العربية السعيدة بالشام شمالا ، و صعيد مصر و سيناء غربا و خليج فارس و بلاد عمان و البحرين شرقا ،و اليمن جنوبا.و كانوا ـ هم وغيرهم من فرس و يونانيين و بيزنطيين ـ يسمون العرب المستقرين القاريين ممن لهم ممالك على حدود بلادهم ،بأسماء ممالكهم .فيقولون أهل الح;يرة و النبط و الغساسنة و حمير و مملكة سبأ و حضر موت إلخ..على أن تفيئ العرب إلى بائدة و عاربة و مستعربة و عدنانية و قحطانية تفيئ فج لا علمية له. إنما المراد منه تغليب قريش على سائر الأجناس و تغليب بني هاشم عن سائر البطون و القبائل.أما الواقع و التاريخ فيجعلان العرب فئتين . فئة اختلطت بالشعوب و تفتحت على الحضارات فهذبت من عنجهيتها البدوية و لينت سلوكها و طباعها، و غيرت من نمط حياتها .فكان لها حظها من الحضارة و البنيان و الآثار الشاهدة عليها من مدن و قصور و منشآت، و من كتابات و أقلام و لهجات.و فئة تمسكت بحبل البداوة و الشظف و الفقر و استمرأت حياة الكسب السهل السريع الرخيص من وراء الرعي و الاتجار و الفروسية و حماية القوافل و قطع الطرق و اللصوصية. و كانت تنتظم هذه الفئة الطويلة العريضة ضمن قبائل تنتشر على طول الجزيرة و عرضها ،وازعها المشترك وحدة الأنساب و لهجة القرآن و تبادل المصالح مع قريش أهل مكة.و هذا التقسيم يوافق تقسيم أهل الأخبار حينما يقسمون العرب إلى أهل وبر و مدر.فيقولون أن عرب الوبر هم من كانوا يأوون الخيام المصنوعة من شعر الماعز و هم البدو الرحل ،أما عرب المدر فهم من كانوا يتخذوا البيوت من الطين و الطوب الأحمر ،و المدر هو الطين الجاف.وأمثال هؤلاء عرب الحيرة و الغساسنة و حمير و بنو كهلان و كندة الذين أتى عليهم و على ديارهم و معيشتهم الأولى الزحف الإسلامي و البربرية البدوية العربية.هؤلاء العرب الذين طغوا في البلاد و استعلوا على العباد و اكتسحوا البلدان و خربوا الديار ، الذين يسميهم القرآن و أهل الأخبار بالأعراب البدو هم من سنتناول بالدرس في هذا المقال لنقف على خصائصهم التي تميزهم عن سائر الناس و لو أن هذا يعتبر مستحيلا، و لنقف على معالم شخصيتهم و تفكيرهم و نظرتهم للأمور و للكون و العالم و الإنسان.
فالحديث عن العرب و عقليتهم، حديث قديم،حيث نجد الثوراة قد وصفتهم بأنهم : متنابذون يغزون بعضهم بعضاً، مقاتلون يقاتلون غيرهم كما يقاتلون بعضهم بعضاً "يده على الكل، ويد الكل عليه".(التكوين ، الإصحاح 16 الآية12) يغيرون على القوافل فيسلبونها ويأخذون أصحابها أسرى، يبيعونهم في أسواق النخاسة، أو يسترقونهم فيتخذونهم خدماً ورقيقاً يقومون بما يؤمرون به من أعمال، إلى غير ذلك من نعوت وصفات.
وقد وصفهم "ديودورس الصقلي" بأنهم يعشقون الحرية، فيلتحفون السماء. وقد اختاروا الإقامة في أرضين لا أنهار فيها ولا عيون ماء، فلا يستطيع العدوّ المغامر الذي يريد الإيقاع بهم أن يجد له فيها مأوى.و أنهم لا يزرعون حباً، ولا يغرسون شجراً، ولا يشربون خمراً، ولا يبنون بيوتاً. ومن يخالف العرف عندهم فإنه يقتل. وهو يشارك في وصفه هذا رأي "هيرودوتس" الذي أشاد بحب العرب للحرية وحفاظهم عليها ومقاومتهم لأية قوة تحاول استرقاقهم واستذلاهم. فالحرية عند العرب هي من أهم الصفات التي يتصف بها العرب في نظر الكتبة اليونان واللاتين.
المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام الجزء 1 ـ 262)
أما كسرى فيقول: أنه نظر فوجد أن لكل أمة من الأمم ميزة وصفة، فوجد للروم حظاً في اجتماع الألفة وعظم السلطان وكثرة المدائن ووثيق البنيان، وأن لهم ديناً يبين حلالهم وحرامهم ويرد سفيههم ويقيم جاهلهم، ورأى للهند، نحواً من ذلك في حكمتها وطبّها مع كثرة أنهار بلادها وثمارها، وعجيب صناعاتها ودقيق حسابها وكثرة عددها. ووجد للصين كثرة صناعات أيديها وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب وصناعة الحديد، وان لها ملكاً يجمعها، وأن للترك والخزر، على ما بهم من سوء الحال في المعاش وقلة الريف والثمار والحصون ملوك تضم قواصيهم وتدبّر أمرهم. ولم يرَ للعرب دينا ولا حزماً ولا قوة. همتهم ضعيفة بدليل سكنهم في بوادي قفراء، ورضاؤهم بالعيش البسيط، والقوت الشحيح، يقتلون أولادهم من الفاقة ويأكل بعضهم بعضاً من الحاجة. أفصل طعامهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها."
ثم يضيف "وإن قرَى أحدهم ضيفاً عدّها مكرمة. وإن أطعم أكلة عدها غنيمة تنطق بذلك أشعارهم، وتفتخر بذلك رجالهم".
" ثم إنهم مع قلتهم وفاقتهم وبؤس حالهم، يفتخرون بأنفسهم، ويتطاولون على غيرهم وينزلون أنفسهم فوق مراتب الناس."
"حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكاّ أجمعين"،"
" وأبوا الانقياد لرجل واحد منهم يسوسهم ويجمعهم. إذا عاهدوا فغير وافين. سلاحهم كلامهم، به يتفننون، وبكلامهم يتلاعبون. ليس لهم ميل إلى صنعة أو عمل ولا فنّ. لا صبر لهم، إذا حاربوا ووجدوا قوة أمامهم، حاولوا جهدهم التغلب عليها، أما إذا وجدوها قوة منظمة هربوا مشتتين متبعثرين شراذم. يخضعون للغريب ويهابونه ويأخذون برأيه فيهم، ما دام قوياً، ويقبلون بمن ينصبه عليهم، ولا يقبلون بحكم واحد منهم، إذا أراد أن يفرض سلطانه عليهم.(بلوغ الأرب ص147 و ما بعدها)
وقد ذُكر أن أحد ملوك الهند كتب كتاباً إلى "عمر ين عبد العزيز"، جاء فيه:
"لم تزل الأمم كلها من الأعاجم في كلّ شق من الأرض لها ملوك تجمعها ومدائن تضمها وأحكام تدين بها وفلسفة تنتجها وبدائع تفتقها في الأدوات والصناعات، مثل صنعة الديباج وهي أبدع صنعة، ولعب الشطرنج وهي أشرف لعبة، ورمّانة القباّن التي يوزن بها رطل واحد ومائة رطل، ومثل فلسفة الروم في ذات الخلق والقانون، والاصطرلاب الذي يعدل به النجوم ويدرك به الأبعاد ودوران الأفلاك وعلم الكسوف وغير ذلك من الآثار المتقنة، ولم يكن للعرب ملك يجمع سوادها ويضم قواصيها، ويقمع ظلمها وينهى سفيهها، ولا كان لها قط نتيجة في صناعة و لا أثر في فلسفة إلا ما كان من الشعر. و قد شاركتها فيه العجم، وذلك إن للروم أشعارا عجيبة قائمة الوزن و العروض، فما الذي تفتخر به العرب على العجم ؟فإنما هي كالذئاب العادية، و الوحوش النافرة، يأكل بعضها بعضا و يغير بعضها على بعض. فرجالها موثوقون في حَلَق الأسر. و نساؤها سبايا مردفات على حقائب الإبل، فإذا أدركهن الصريخ استنقذن بالعشي، و قد وطئن كما توطأ الطريق المهيع".
(السيد محمود شكري الألوسي بلوغ الأرب ج1 ص 156).
أما ابن خلدون فرأيه معروف في العرب، خلاصته أن:
" العربي متوحش نهّاب سلاّب إذا أخضع مملكة أسرع إليها الخراب، يصعب انقياده لرئيس، لا يجيد صناعة ولا يحسن علماً ولا عنده استعداد للإجادة فيهما، سليم الطباع، مستعد للخير شجاع".( أحمد أمين في تلخيصه لرأي ابن خلدون في كتابه فجر الإسلام 1/41) وتجد آراء ابن خلدون هذه مدوّنة في مقدمته الشهيرة لكتابه العام في التاًريخ.
و يرى المستشرق "أول 10;ري" أن: " العربي الذي يعد مثلاً أو نموذجاً، ماديّ، ينظر إلى الأشياء نظرة مادية وضيعة، ولا يقومها إلا بحسب ما تنتج من نفع. يتملك الطمع مشاعره، وليس لديه مجال للخيال ولا للعواطف. لا يميل كثيراً إلى دين، ولا يكترث بشيء إلا بقدر ما ينتجه من فائدة عملية. يملأه الشعور بكرامته الشخصية حتى ليثور على كل شكل من أشكال السلطة، وحتى ليتوقع منه سيد قبيلته و قائده في الحروب الحسد والبغض والخيانة من أول يوم اختير للسيادة عليه ولو كان صديقاً حميما له من قبل. من أحسن أليه كان موضع نقمته، لأن الإحسان يثير فيه شعوراً بالخضوع وضعف المنزلة وأن عليه واجباً لمن أحسن إليه.
و يقول لامانس: "إن العربي نموذج الديمقراطية"، ولكنها ديمقراطية مبالغ فيها إلى حد بعيد، وإن ثورته على كل سلطة تحاول أن تحدد من حريته ولو كانت في مصلحته هي السر الذي يفسر لنا سلسلة الجرائم والخيانات التي شغلت أكبر جزء في تأريخ العرب، وجهل هذا السر هو الذي قاد الأوروبيين في أيامنا هذه إلى كثير من الأخطاء، وحملهم كثيراً من الضحايا كان يمكنهم الاستغناء عنها، وصعوبة قيادة العرب وعدم خضوعهم للسلطة هي التي تحول بينهم وبين سيرهم في سبيل الحضارة الغربية، ويبلغ حب العربي لحريته مبلغاً كبيراً، حتى إذا حاولت ان تحدها أو تنقص من أطرافها هاج كأنه وحش في قفص، وثار ثورة جنونية لتحطيم أغلاله والعودة إلى حريته. ولكن العربي من ناحية أخرى مخلص، مطيع لتقاليد قبيلته، كريم يؤدي واجبات الضيافة والمحالفة في الحروب كما يؤدي واجبات الصداقة مخلصاً في أدائها بحسب ما رسمه العرف. ( المفصل 1/265).
وقد تعرض "أحمد أمين" في الجزء الأول من "فجر الاسلام" للعقلية العربية، وأورد رأي الشعوبيين في العرب، ثم رأي "ابن خلدون" فيهم، وتكلم على وصف المستشرق "أوليري" لتلك العقلية، ثم ناقش تلك الآراء، وأبان رأيه فيها وذلك في الفصل الثالث من هذا الجزء،.." ثم استمر يناقش تلك الآراء إلى أن قال: فلنقتصر الآن على وصف العربي الجاهلي، (فجر الإسلام1/43) فوصفه بهذا الوصف:
"العربي عصبي المزاج، سريع الغضب، يهيج للشيء التافه، ثم لا يقف في هياجه عند حد، وهو أشد هياجاً إذا جرحت كرامته، أو انتهكت حرمة قبيلته. وإذا اهتاج، أسرع إلى السيف، وأحكم إليه، حتى أفنتهم الحروب، وحتى صارت الحرب نظامهم المألوف وحياتهم اليومية المعتادة.
ثم يضيف
"خياله محدود وغ;ير متنوع، فقلما يرسم له خياله عيشة خيراً من عيشته، وحياة خيراً من حياته يسعى وراءها، لذلك لم يعرف "المثل الأعلى"، لأنه وليد الخيال، ولم يضع له في لغته لفظة واحدة دالة عليه، ولم يشر إليه فيما نعرف من قوله،وقلما يسبح خياله الشعري في عالم جديد يستقي منه معنى جديداً ولكنه في دائرته الضيقة استطاعَ أن يذهب كل مذهب."
"أما ناحيتهم الخلقية، فميل إلى حرية قلّ أن يحدّها حدّ، ولكن الذي فهموه من الحرية هي الحرية الشخصية لا الاجتماعية، فهم لا يدينون بالطاعة لرئيس ولا حاكم، تأريخهم في الجاهلية - حتى وفي الإسلام - سلسلة حروب داخلية" وعهد عمر بن الخطاب كان عصرهم الذهبي، لأنه شغلهم عن حروبهم الداخلية بحروب خارجية.
"والعربي يحب المساواة، ولكنها مساواة في حدود القبيلة، وهو مع حبه للمساواة كبير الاعتداد بقبيلته ثم بجنسه، يشعر في أعماق نفسه بأنه من دم ممتاز، لم يؤمن بعظمة الفرس والروم مع ما له ولهم من جدب وخصب وفقر وغنى وبداوة وحضارة، حتى إذا فتح بلادهم نظر إليهم نظرة السيد إلى المسود".(نفس المصدر /44)
ثم تحدث عن مظهر آخر من مظاهر العقلية العربية، لاحظه بعض المستشرقين و وافقهم هو عليه، و هوأن :
طبيعة العقل العربي لا تنظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة، وليس في استطاعتها ذلك. فالعربي لم ينظر إلى العالم نظرة عامة شاملة كما فعل اليوناني،بل كان يطوف فيما حوله؛ فإذا رأى منظرا خاصا أعجبه تحرك له، و جاس صدره بالبيت أو الأبيات من الشعر أو الحكمة أو المثل. "فأما نظرة شاملة وتحليل دقيق لأسسه وعوارضه فذلك ما لا يتفق والعقل العربي. وفوق هذا هو إذا نظر إلى الشيء الواحد لا يستغرقه بفكره، بل يقف فيه على مواطن خاصة تستثير عجبه، فهو إذا وقف أمام شجرة، لا ينظر إليها ككل، إنما يستوقف نظره شيء خاص فيها، كاستواء ساقها أو جمال أغصانها، و إذا كان أمام بستان، لا يحيطه بنظره، ولا يلتقطه ذهنه كما تلتقطه "الفوتوغرافيا"، إنما يكون كالنحلة، يطير من زهرة إلى زهرة، فيرتشف من كل رشفة". إلى أن قال:
"هذه الخاصة في العقل العربي هي السر الذي يكشف ما ترى في أدب العرب - حتى في العصور الإسلامية - من نقص وما ترى فيه من جمال".
وقد خلص من بحثه، إلى أن هذا النوع من النظر الذي نجده عند العربي، هو طور طبيعي تمر به الأمم جميعاً في أثناء سيرها إلى الكمال. فهو؛ و هو يريد الدفاع عن العرب يحكم عليهم بعدم الكمال. فكيف لهم يهدون الناس و يخرجون 07;م من الظلمات إلى النور؟
وتقوم نظرية أحمد أمين في العقلية العربية على أساس أنها حاصل شيئين وخلاصة عاملين، أثرا مجتمعين في العرب وكوّنا فيهما هذه العقلية التي حددها ورسم معالمها في النعوت المذكورة. والعاملان في رأيه هما: البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية. وعنى بالبيئة الطبيعية ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء ونحو ذلك. وبالبيئة الاجتماعية ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وهما معاً مجتمعين غير منفصلين، أثّرا في تلك العقلية. ولهذا رفض أن تكون تلك العقلية حاصل البيئة الطبيعية وحدها، أو حاصل البيئة الاجتماعية وحدها. وخطّاً من أنكر أثر البيئة الطبيعية في تكوين العقلية ومن هنا انتقد "هيكل" "Heagel"، لأنه أنكر ما للبيئة الطبيعية من أثر في تكوين العقلي اليوناني. وحجة "هيكل" أنه لو كان للبيئة الطبيعية أثر في تكوين العقليات، لبان ذلك في عقلية الأتراك الذين احتلوا أرض اليونان وعاشوا في بلادهم. ولكنهم لم يكتسبوا مع ذلك عقلهم ولم تكن لهم قابلياتهم ولا ثقافتهم. و ردّ "أحمد أمين" عليه هو أن "ذلك يكون صحيحاً لو كانت البيئة الطبيعية هي المؤثر الوحيد، إذن لكان مثل العقل اليوناني يوجد حيث يوجد إقليمه، و ينعدم حيث ينعدم، أما والعقل اليوناني نتيجة عاملين، فوجود جزء العلة لا يستلزم وجود المعلول". (المفصل 1/270)
و عليه فأحمد أمين يأخذ بمقولة الإنسان ابن بيئته ترصيعا للكلام و تهوينا لوقعه على نفوس من يهمهم الأمر.إذ، في حين نجده يعرض أكثر الصور قثامة للعقلية العربية،فإننا نجده يحاول تبريرها بخضوع الإنسان العربي و غيره للظروف البيئية الطبيعية و الاجتماعية المحيطة به. فتناسى أن الإنسان هو من سخّر الطبيعة و البيئة في صالحه ،و ليس الإنسان هو من كونته الطبيعة و صقلته و فرغته حسب شهوتها و قوالبها. و تناسى أن الإنسان هو من صنع المجتمع و وضع له قوانينه و آلياته ،و هو الذي بالتالي يملك بيده و حده أمر تعطيل تلك الآليات و هدمها أو تغييرها أو الإبقاء عليها ، حسب ما تتطلبه ظروفه و رغباته و أهواؤه.
كما تناسى أحمد أمين كذلك أنه كما تخاف الطبيعة الفراغ فكذلك التاريخ لا يقبل الصدف .فإذا كانت العقلية العربية هذه هي حالهأ، فإن لذلك عللُه و أسبابُه و التي لا تنحصر بالضرورة في العوامل البيئية الطبيعية و الاجتماعية، دون الأخذ بعين الاعتبار العوامل النفسية التكوينية والعوامل التربوية و الثقافية، ناهيك عن العوامل الاقتصادية و الجيو سياسية العامة. و بالطبع بقدر ما تضيق في أي دراسة، خانة الأسباب و العلل المنطقية المؤدية إلى معلول ما، بقدر ما تكثر بؤر الشك و نقط الفراغ فيها،فلا يجد المؤرخ العربي في مثل هذه الحال š8;غير الصدفة ملجأ تنقذه من ورطته .هذا مع العلم أن العالم العربي يرفض مقدما مبدأ الصدفة و ينبذه.
و لحافظ وهبة في كتاب " جزيرة العرب في القرن العشرين" ملاحظات قيمة عن عقلية البدو العرب المعاصرين في الجزيرة العربية، جاء فيه
"أما البدو، فهم القبائل الرحل المتنقلون من جهة إلى أخرى طلباً للمرعى أو للماء، والطبيعة هي التي تجبر البدوي على المحافظة على هذه الحياة، وحياة البدوي حياة شاقة مضنية، ولكنه وهو متمتع بأكبر قسط من الحرية يفضلها على أيَ حياة مدنية أخرى. هذه الحياة الخشنة هي التي جعلت القبائل يتقاتلون في سبيل المرعى والماء، وهي التي جعلت سوء الظن يغلب على طباعهم، فالبدوي ينظر إلى غيره نظرة العدو الذي يحاول أخذ ما بيده أو حرمانه من المرعى."
"إن البدوي في الصحراء لا يهمه إلا المطر والمرعى، فأزمته الحقيقية انحباس المطر وقلة المرعى ولا يبالي بما يصيب العالم في الخارج ما دامت أرضه مخضرة، وبعيره سمينا وغنمه قد اكتنزت لحماً وقد طبقت شحماً."
"أما إذا نما السكان وضاقت بهم الأرض أو لم تجد أراضيهم بالمرعى، فليس هناك سبيل إلا الزحف والقتال، أو الهجرة إن كان هناك سبيل إليها، وكذلك القبيلة التي غلبت على أمرها وحرمت من مراعيها وأراضيها ليس أمامها سبيل آخر سوى الهجرة.
"لقد كان البدو قبل ثلاثين سنة في غارات وحروب مستمرة، كل قبيلة تنتهز الفرص للإغارة على جارتها لنهب مالها، وتعدد الإمارات وتشاحن الأمراء وتخاصمهم مما يشجع البدوي.
"وقد جرى العرف أن القبائل تعتبر الأرض التي اعتادت رعيها، و المياه التي اعتادت أن تردها ملكاً لها، لا تسمح لغيرها من القبائل الأخرى بالدنوّ منها إلا بإذنها ورضاها، وكثيرا ما تأنس إحدى القبائل من نفسها القوة فتهجم بلا سابق إنذار على قبيلة أخرى و تنتزع منها مراعيها و مياهها."
"إن قبائل العرب ليسوا كلهم سواء في الشر و التعدي على السابلة و القوافل، فبعضها قد اشتهر أمره بالكرم و السماحة و الترفع عن الدنايا، كما اشتهر بعضها بالتعدي و سفك الدماء بلا سبب سوى الطمع فيما في ايدي الناس."
ليس للبدوي قيمة حربية تذكر، و لذا كان اعتماد الأمراء على الحضر، فهم الذين يصمدون للقتال و يصبرون على بلائه و بلوائه. و كثيرا ما كان البدو شرا على الأمير المصاحبين له، فإن ذلك الأمير إذا ما بدت الهزيمة كانوا هم البادئين بالنهب و السلب و يحتجون بأنهم هم أولى من الأعداء المحاربين"(وهبة ص11 و ما بعدها)
"و البدوي إذا لم يجد سلطة تردعه أو تضرب على يده يرى من حقه نهب الغادي و الرائح، فالحق عنده القوة التي يخضع لها، و يخضع غيره بها. على أن لهؤلاء قواعد للبادية معتبرة عندهم كقوانين يجب احترامها، فالقوافل التي تمر بأرض قبيلة و ليس معها من يحميها من أفراد هذه القبيلة معرضة للنهب، ولذا فقد اعتادت القوافل قديما أن يصحبها عدد غير قليل من القبائل التي ستمر بأرضها و يسمون هذا رفيقا.
ويضيف"و البدوي يحتقر الحضري مهما أكرمه، كما أن الحضري يحتقر البدوي، فإذا و صف البدوي الحضري، فإنه في الغالب يقول حُضيري تصغيرا لشأنه.
و من عادة البدوي الاستفهام عن كل شيء، و انتقاد ما يراه مخالفا لذوقه أو لعادته بكل صراحة، فإذا مررت بالبدوي في الصحراء استوقفك و سألك من أين أنت قادم؟ و عمن وراءك من المشايخ و الحكام؟ و عن المياه التي مررت بها ؟ وعن أسعار الأغذية و القهوة؟ وعمن في البلد من القبائل؟ و عن العلاقات السياسية بين الحكام بعضهم و بعض.
و مع أن البدوي قد اعتاد النهب و السلب، فإنهم كثيرا ما يعفون عن أهل العلم خوفا من غضب الله عليهم، و بعض البدو لا يحلف كاذبا مهما كانت النتيجة. و البدوي ينكر إذا وجد مجالا للإنكار، و يفلت بمهارة من الإجابة عما يسأل، و لكن إذا وجه له اليمين و كان لا مفر له اعترف بجرمه إذا كان مذنبا، و لا يحلف كذبا"
"وليس أعدل من البدوي في تقسيم الغنيمة حتى قد يتلفون الشيء تحريا للعدل، و يقسمون السجادة بينهم كما يقسمون القميص لو السروال، كل هذا إرضاء لضمائرهم دفعا للضلم، إنهم يعرفون الخيام حق المعرفة لأنها بيوتهم التي يعيشون فيها، و مع ذلك فهم يقسمونها مراعاة للعدل، أما الإبل و الغنم فأنهم يقسمونها إذا أمكن القسمة أو يقومونها بثمن إذا لم يكن هناك سبيل للقسمة".
"و البدو لا يفهمون الحياة حق الفهم كما يفهمها الحضري، لا يفهمون البيوت و هندستها، ولا يفهمون فائدة الأبواب والنوافذ الخشبية، حتى أن البدو الذين كانوا في جيش الملك حسين في الثورة العربية كان عملهم بعد الاستيلاء على الطائف نزع خشب النوافذ والأبواب، لا لبيعها والانتفاع بثمنها بل لاستعمالها وقوداَ إما للقهوة أو الطبخ أو التدفئة. وبدو نجد قد فعلوا مثل ذلك تمامأ، فعندما أسكنت الحكومة بعض القبائل في ثكنة جَرْوَلْ، اكتشفت الحكومة أن النوافذ الخشبية والأبواب تنقص بالتدريج، وأنها استعملت للطبخ وتحضير القهوة، فأخرجهم جلالة الملك تواً من الثكنة، وأسكن الحضر فيها، والحضر بطبيعت;هم يصفمون ما لا يفهمه جهلة البدو عن النوافذ والأبواب.
"وللبدو مهارة فائقة في اقتفاء الأثر، وكثيراً ما كانت هذه المعرفة سببا في اكتشاف كثير من الجرائم ولا تكاد تخلو قبيلة من طائفة منهم.
"والقبائل العريقة المشهورة من حضر وبادية تحافظ على أنسابها تمام المحافظة وتحرص عليها كل الحرص، فلا تصاهر إلا من يساويها في النسسب، والقبائل المشكوك في نسبها لا يصاهرها أحد من القبائل المعروفة.
"أما حكام العرب، فيترفعون عن سائر الناس حضرهم وبدوهم،لا يزوجون بناتهم إلا لقرباهم. أما هم فيتزوجون من يشاءون. وطبقات الحكام يترفع بعضها على بعض: الأشراف يرون أنفسهم أرفع الخلق بنسبهم، وآل سعود يرون أنفسهم أرفع من الأشراف، وأرفع من سواهم من حكام العرب الآخرين".( وهبة ص13 و ما بعدها)

أما القرآن فقد وصف العرب بالغلظة والجفاء وبعدم الإدراك وبالنفاق وبالتظاهر في اللسان بما يخالف ما في الجنان:
قالت الأعراب: آمنا، قل، لم تؤمنوا، ولكن قولوا: أسلمنا، ولما يدخل الأيمانُ في قلوبكم، وإن تطيعوا الله ورسوله، لا يلتكم من أعمالكم شيئاً، إن الله غفور رحيم(الحجرات 14)
وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مَرَدُوا على النفاق، لا تعلمهم، نحن نعلمهم، سنعذبهم مرتين، ثم يردّون إلى عذاب عظيم( التوبة101).
فالأعرابي "البدوي"حسب القرآن إنسان لا يعتمد عليه، مسلم ومع ذلك يتربص بالمسلمين الدوائر، فإذا خذل المسلمون في معركة، أو شعر بضعف موقفهم خذلهم وانقلب عليهم، أو اشترط شروطاً ثقيلة عليهم، بحيث يجد فيها مخرجاً له ليخلص نفسه من الوضع الحرج الذي أصاب المسلمين.
فلا يكلف نفسه، ولا يخشى من مصير سيئ ينتظره إن غلب المسلمون.
الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، و الله عليم حكيم. ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرماً ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم(التوبة98) والأعرابي لم يُسِلمْ في الغالب عن عقيدة وعن فهم، إنما أسلم لأن رئيسه قد أسلم .فسيّد القبيلة إذا آمن وأسلم، أسلمت قبيلته معه. وقد دخلت قبائل برمتها في الِنصرانية لدخول سيّدها فيها. وقد وردت في سورة الحجرات هذه الآيات في وصف بعض الأعراب:
)قالت الأعراب آمنا، قل: لم تؤمنوا، ولكن قولوا: أسلمنا، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم. وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم في شيئاً. إن الله غفور رحيم. إنما المؤمنون، الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأم;والهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك هم الصادقون. قل أتعلّمون الله بدينكم ؛ والله يعلم ما في السموات وما في الأرض. والله بكل شيء عليم. يمنّون عليك أن أسلموا. قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم، بل الله يمن عليكم، أنْ هداكم للإيمان إن كنتم صادقين(الحجرات 14 و ما بعدها)
وقد استثنى القرآن بعض الأعراب مما وصمهم به من الكفر والنفاق والتربص وانتهاز الفرص فنزل الوحي فيهم:
(ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول، ألا إنها قربة لهم، سيدخلهم الله في رحمته، إن الله غفور رحيم(.التوبة99 ـ المصتف 1/280 و ما بعدها)
وذكر أن الرسول وصفه "سراقة" وهو من أعراب "بني مدلج" بقوله:
"وان كان أعرابيا بوّالاً على عقبيه".(الغاخر/64 ، بلوف الأرب 3/425)
وأنه نعت "عُيَيْنَة بن حصن" قائد "غطفان" يوم الأحزاب ب "الأحمق المطاع".
"وكان دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، بغير إذن، فلما قال له أين الإذن؟ قال ما استأذنت على مضربي قبلك. وقال: ما هذه الحميراء معك يا محمد؟ فقال: هي عائشة بنت أبي يكر. فقال: طلقها وأنزل لك عن أم البنين.و هناك أمور كثيرة تذكر في جفائه. أسلم ثم ارتد وآمن بطليحة حين تنبأ وأخذ أسيراً فأتي به أبا بكر، رضي الله عنه، أسيرا فمنّ عليه ولم يزل مظهراً للإسلام على جفوته وعنجهيته ولوثة أعرابيته حتى مات".
والبدوي الذي تمكن "ابن سعود" أو غيره من الحكام من ضبطه بعض الضبط ومن الحد من غاراته على الحضر أو على البدو ألآخرين، هو البدوي نفسه الذي عاش قبل الميلاد وفي عهد إسماعيل، والذي قالت في حقه التوراة: "يده على الكل و يد الكل عليه". و هو سيبقى كذلك ما دام بدويا ترتبط حياته بالصحراء، ينتهز الفرص كلما وجد وهنا في الحكومات وقوة في نفسه على أخذ ما يجده عند الآخرين، وهو إن هدأ و سكن، فلأنه يجد نفسه ضعيفا تجاه سلطة الحكومة، ليس في استطاعته مقاومتها لضعف سلاحه، فإذا شعر بقوته لم يخش عندئذ أحدا .المصنف1/283
.
يتبع
أبو نبي الصعاليك

الجمعة، 9 أبريل 2010

آية السرقة



حديث الجمعة : آية السرقة

الحمد للعقل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا العقل ، و خنفس البابلي على صعلوكنا الأمي الجهول، و شلوم شلوما..
أما بعد إخوتنا في الإلحاد
فإن الوقح سبحانه و تعالى يقول لصعلوكه عليه أفضل الصلوات و التسليم:
ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله و للرسول و لذي القربى و اليتامى و المساكين كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم .
 صدق الوقح العظيم
يقول السفهاء النصّابون، أيها الإخوة الملحدون، في تبرير هذه الآية النجسة:
و ما العيب في أن يجود الله على نبيه و حبيبه المصطفى! و قد جاد من قبله على موسى بالعصا، و المائدة و المن و السلوى. و منّ على عيسى بإشفاء البُرص و البُكم و إحياء الموتى . فلم لا يجود على حبيبه و صفيه المجتبى ؟ أليس هو أفضل رسله و خاتم أنبيائه، سبحانه و تعالى عما تصفون؟ و نقول بلى، إن ربكم كان بهذا جديرا. و إنكم في دفعكم هذا أصدق قيلا. إلا أن ربكم يقول: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى...فماذا جناه أهل القرى حتى يأخذ ربكم  منهم أموالهم و يفيء بها على رسوله المرتضى؟
لمّا أفاء الوقح سبحانه و تعالى على موسى و عيسى، كما تسطرون و تزعمون في سفركم الكريم ، كان ذلكم من خزائن قدراته و إمكاناته المقدسة التي لا يملكها إلا هو.وضعها سبحانه بين يديهما أمام الملأ ،لتكون لهما آيات تؤيد نبوتهما، و معجزات تؤكد صدق دعواهما، و براهين تدل على قدرة الله التي وسعت كل شيء .فما بال ربكم الآن يأخذ حقوق الغير و يعطيها لمحمد و آله و صحبه ؟؟؟ أ هذا هو الله الذي حرّم على نفسه الظلم و يأمركم أن تحكموا بالعدل؟
ما معنى أن يسلب الله ربكم أموال أهل القرى التي اكتسبوها من كدّهم و جدّهم و كدحهم ، ثم يفيء بها على محمد و متسكعيه و خلعائه و صعاليكه؟؟أهذا هو العدل أم هذه هي الوقاحة المطلقة؟يا رب العالمين
البابلهم خنفس على ضبعنا محمد و على آل ضبعنا محمد كما خنفست على صعلوكنا إبراهيم وعلى آل صعلوكنا إبراهيم إنك حميد مجيد
إخوتنا الملحدين في الله
دعونا نسلّم مع بلهائنا ،عفت عنهم الأقدار،أن وقحهم (عز و جل) غنيٌّ حميد،مالك الملك ، له ما في السماوات و الأرض و ما بينهما ، يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير.فلماذا يأخذ إذا أموال الأغنياء و الأثرياء و يجود بها على الأذلة السفلة الحقيرين.؟؟ لماذا لم ينفق عليهم سبحانه و تعالى من خزائن ملكوته التي لا تنفذ و لو نفذ ماء البحر؟؟ لماذا لم ينزل على  عبده و رسوله محمد جبالا من ذهب و فضة يشفي بها قلوب المتسكعين النصابين، و ينزع ما في صدورهم من غل كما يدعي في الأعراف؟. وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . 43 الأعراف.
 ثم ، إخوتنا أهل الإلحاد ، أين راحت أموال رب السفهاء سبحانه و تعالى التي سرقها لعاد و ثمود و أصحاب الأيكة و الرس و أصحاب الحجر و الروم  و الفرس؟؟
لماذا لا يجود الله الوقح بكل ما سرق من الأولين على نبيه عوض سلب بني قريضة و خيبر و بني قينقاع
ثم يضيف الذي في السماء وقح و في الأرض وقح
مآ أفاء الله على رسوله فلله...!
كبف؟؟ما هودخل الله هنا بعد أن أفاء؟
ما ذا يريد سبحانه و تعالى؟؟
أ ليس هو الذي أفاء و أعطى و جاد و وهب ؟؟ فأي نصيب هذا الذي يطالب به سبحانه و تعالى؟؟؟؟!
ثم يقول
فلله و للرسول و لذي القربى
يا سلام ...أ ليست هذه هي السرقة العلانية في كل أعراف الناس؟؟
خذوا أموال الأغنياء بالقوة ، و أبناءهم و نساءهم ،و وزّعوها على الوقح الله و الصعلوك محمد و أقربائه لتكونوا مؤمنين!!!!!!
أ ليست هذه هي السرقة الصراح مع سبق الإصرار؟؟؟
البابلهم خنفس على ضبعنا محمد و آل ضبعنا محمد كما خنفست على صعلوكنا إبراهيم و على آل صعلوكنا إبراهيم إنك حميد مجيد
إخوتنا الملحدين في الله
دعونا مرة أخرى نسلّم مع بلهائنا سامحتهم عقولهم بأن محمدا بن عبد الله كان على خلق عظيم ،و أن ما بعثه رب العزة إلا ليتمم مكارم الأخلاق . فهل من كريم أخلاق يقبل هذا الظلم و الاعتداء و الجور على الناس بغير ذنب إلا أن قالوا ربنا نصاب و نبيه صعلوك؟؟
هل من كريم أخلاق يقبل أن يأكل أموال الناس بالباطل و هم ينظرون ؟؟؟
لو كان محمد ، إخوتنا في الإلحاد ، كريم الأخلاق ، ما قبل هذا الفيء الذي يسلبه الله أهله و يتبرع به عليه.. لو كان محمد كريم الأخلاق ، إخوتنا في الإلحاد ،ما قبل أن يكون نائبا ممثلا لإله مثل هذا الله اللص النصاب...
ثم يضيف الوقح إلى الوليمة، بعد نفسه و رسوله و أقرباء رسوله ، اليتامى و المساكين و ابن السبيل . مدعيا بذلك أنه يأمر بالعدل و الإحسان !! و أن دينه دين إحسان و جود و كرم. هكذا بجرة قلم يصبح الظلم عدلا و الاستعباد إحسانا
يا ألله!!!!!
أي عدل هذا و أي إحسان أن تأخذ أموال الناس و تقتسمها مع نبيك و أقربائه ثم توزعا ما فضُل عنكما على الفقراء و المحتاجين و ابن السبيل. في حين أن سفركما  الكريم،  في شقه المكي،  يدعي الاهتمام باليتيم و المسكين، و إطعام الجائع و مساعدة الأرمل و اليتيم ، و إيواء الضيف و سدّ عوز المحتاج و استضافة الغرباء و ابن السبيل.؟؟فأي عدل أن يأخذ نبيك أربعة أخماس الفيء، ونصيبه في الخمس الباقي، ثم يوزع الباقي على الفقراء و المساكين؟؟ أ هذا هو العدل و الإحسان ؟؟ أم  هذه هي المجاعة و الهمجية يا رب العالمين ؟؟؟
ثم يختم أنذل الأرباب آيته النجسة، معللا فعله الدنيء، و مبررا أمره الحقير، و مفصحا عن طويته الخبيثة ، بقوله، أسفل من قائل:
 كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم
فهل منع الأغنياءُ سفهاءَ الله و صعاليكَه من أن يكسبوا المال، و سدّوا عليهم منافذه، و حالوا دونهم و دونه ،حتى يستحقوا عقاب الله و عذابه؟ أم أن سفهاء الله هم الذين كانوا مسرفين، مبذرين كسلاء خنوعين، حتى ابتلوا بالفاقة و الحاجة و الفقر؟؟
ما ذنب الأغنياء في فقر الفقراء حتى تؤخذ أموالهم ؟؟ أ هم من أنشأ نظام الله القاصر على خلق فرص التوسعة على مواطنيه ؟؟ أ ليس حري برب البلهاء اليوم إعادة النظر في برنامجه السياسي الهدام المبني على السرقة والنهب و النصب و الاحتيال؟؟
تلك كانت أيها الملحدون الكرام آية السرقة ، الآية السابعة من سورة بني النضير المدنية ،المسماة في مصحف عثمان بسورة الحشر ؛حشر بني النضير و قيامتهم . ما يؤكد لدينا أن يوم القيامة ،في سفر البلهاء المسلمين ،طارئ نسبي لقوم دون غيرهم في الزمان و المكان.
أعوذ بالعقل من شرور ربنا و من سيئات أعمال صعلوكنا و خنفس الله على ضبعنا و نصابنا محمد بن عبد الله القائم بأمر الله ما ضاق أمر إلا فرجه الله
البابلهم خنفس على ضبعنا محمد الأمي و على آله و صحبه و شلوم شلوما

أبو نبي السفلة القتلة الفجرة




الخميس، 1 أبريل 2010

الله يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس



 اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ 75 سورة الحج
يقول ابن كثير
اللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ...وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الاُمُورُ
يخبر تعالى أنه يختار من الملائكة رسلاً فيما يشاء من شرعه وقدره ومن الناس لإبلاغ رسالته {إن الله سميع بصير} أي سميع لأقوال عباده, بصير بهم, عليم بمن يستحق ذلك منهم, كما قال: {الله أعلم حيث يجعل رسالته}, وقوله: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور} أي يعلم ما يفعل رسله فيما أرسلهم به, فلا يخفى عليه شيء من أمورهم, كما قال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً ـ إلى قوله ـ وأحصى كل شيء عدداً} فهو سبحانه رقيب عليهم, شهيد على ما يقال لهم, حافظ لهم, ناصر لجنابهم {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} الاَية.
و الطبري يقول
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {اللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }.
يقول تعالـى ذكره: الله يختار من الـملائكة رسلاً كجبريـل وميكائيـل اللذين كانا يرسلهما إلـى أنبـيائه ومن شاء من عبـاده ومن الناس, كأنبـيائه الذين أرسلهم إلـى عبـاده من بنـي آدم. ومعنى الكلام: الله يصطفـي من الـملائكة رسلاً, ومن الناس أيضا رسلاً. وقد قـيـل: إنـما أنزلت هذه الاَية لـما قال الـمشركون: أنزل علـيه الذكر من بـيننا, فقال الله لهم: ذلك إلـيّ وبـيدي دون خـلقـي, أختار من شئت منهم للرسالة
و كذلك قال  القرطبي
{الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور}
قوله تعالى: "الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس" ختم السورة بأن الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم لتبليغ الرسالة؛ أي ليس بعثه محمدا أمرا بدعيا. وقيل: إن الوليد بن المغيرة قال: أو أنزل عليه الذكر من بيننا؛ فنزلت الآية
أما البغوي فنجده يفصل الآية قائلا.
" الله يصطفي "، يعني يختار " من الملائكة رسلاً "، وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وغيرهم، " ومن الناس "، أي: يختار من الناس رسلاً مثل إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام، نزلت حين قال المشركون: ((أأنزل عليه الذكر من بيننا))، فأخبر أن الاختيار إليه، يختار من يشاء من خلقه. " إن الله سميع بصير "، أي: سميع لقولهم، بصير بمن يختاره لرسالته.
او عليه فإن جميع المفسرين متفقون على أن الله هو الذي يصطفي رسله و يختار أنبياءه،و هو الذي يعلم أين يجعل رسالاته، و يعلم الغيب و ما يسرون و ما يعلنون
كما أنهم متفقون على أن ذلك إنما يتم بين الله و نفسه فلا يطْلعُ أحدا على غيبه ، و أنه إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون
لكن يظهر أن هذا القاعدة و إن كانت موافقة للعقل و المنطق، فإنها ليس لها وجود مع كل الأسف إلا على ورق اللوح المحفوظ ،و أن لا علاقة لها بتاتا بالواقع الإلهي الملموس.
فبنو إسرائيل و المصريون و فرعون كان لديهم علم بالقرار الإلهي قبل أن يصدر أمره سبحانه و تعالى بتعيين موسى رسولا. فمن أين لهم يا ترى بالاطلاع على المخطط الإلهي قبل أوان استصداره؟ ما اضطر الله معه إلى أن يتدخل لتصحيح الوضع بأن أوحى إلى أم موسى أن اقذفيه في اليم.و كان نتيجة هذا الخلل قتل و سفك دماء مئات الآلاف من الأطفال الأبرياء على طول مصر و عرضها.فمن المسؤول عن هذه الأرواح البريئة؟ و كيف تسرب خبر المشروع الإلهي السري من الملأ الأعلى إلى كهان و سحرة فرعون و من معه ، الشيء الذي سيدفع فرعون حسب القرآن إلى ارتكاب جريمته التاريخية في حق البراءة و الأطفال؟
إلا أن المؤسسة الإلهية ،و  رغم كل ذلك لم تستفد من أخطائها و لم تستطع أن تتغلب على هذا الخلل الحاصل عندها. و بقيت أخبار الملأ الأعلى تصل دون علم العليم القدير إلى الملأ الأسفل
فهذا بحيرا الراهب ، و بعد واقعة موسى بمئات السنين،يخترق المؤسسة الإلهية و يطلع على مشروع نبوة أحمد و يفشيه بين مريديه و تلاميذه لتنتشر البشرى في كل أرجاء  الأرض العربية
فقد جاء في المنتظم لابن القيم الجوزى أن زيد بن عمرو بن نفيل و ورقة بن نوفل ، ذهبا إلى الشام في الجاهلية يلتمسان الدين ، فأتيا على راهب ، فسألاه عن الدين فقال:إن الدين الذي تطلبان لم يجيء بعد ، و هذا زمانه.فإن الدين يخرج من قبل تيماء.فرجعا.فقال ورقة : أما أنا فقائم على نصرايتي حتى يبعث هذا الدين. و قال زيد : أما أنا فأعبد رب هذا البيت حتى يبعث هذا الدين. و مات زيد فرثاه ورقة ( المنتظم في تاريخ الملوك2/330)
فمن أين للراهب بالاطلاع على الأسرار الإلهية إذا؟؟
أليس هذا يعني أن هناك فسادا و محسوبية و زبونية تطبع السير العادي للمؤسسة الإلهية؟الأخبار تتسرب من الملأ الأعلى إلى الملأ الأسفل بدون حسيب و لا رقيب؟
أين هو علم الله إذا؟
و قدرته؟
من لم يستطع أن يصون أخباره و أسراره كيف له أن يحرس العباد و الأنام و يكلأهم بعينه التي لا تنام؟
و الظاهر أن الخبر لما وصل عبد المطلب و أراد أن يتحقق منه صحب ابنه عبد الله ،الذي دخل التاريخ من نافذة الخرافة و خرج من باب التبشير ،إلى اليمن حيث استفسر عن الخبر الكهان و من لهم علم بالذين يسترقون السمع على الملأ الأعلى فبشروه بأن النبوة ستكون في صلبه و ليس في صلب غيره من أهل قريش.فما كان منه إلا أن عاد على عجل فتزوج و زوج ابنه الأسطورة ، فكان ما أراد الله و الله يعلم أين يضع رسالاته.
قال ابن سعد في طبقاته الجزء الأول أخبرنا هشام بن محمد بن السائب قال حدثني محمد بن عبد الرحمن الأنصاري عن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري عن أبيه عن جده قال كان عبد المطلب إذا ورد اليمن نزل على عظيم من عظماء حمير فنزل عليه مرة من المر فوجد عنده رجلا من أهل اليمن قد أمهل له في العمر وقد قرأ الكتب فقال له يا عبد المطلب تأذن لي أن أفتش مكانا منك قال ليس كل مكان مني آذن لك في تفتيشه قال إنما هو منخراك قال فدونك قال فنظر إلى يار وهو الشعر في منخريه فقال أرى نبوة وأرى ملكا وأرى أحدهما في بني زهرة فرجع عبد المطلب فتزوج هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وزوج ابنه عبد الله آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فولدت محمدا صلى الله عليه وسلم فجعل الله في بني عبد المطلب النبوة والخلافة والله أعلم حيث وضع ذلك
و لما عيّن محمد رسولا و نبيا و مبشرا و نذيرا في غار حراء و جاءه الملك بستمائة جناح يقول له اقرأ، لم يصدق محمد ما رأت عيناه و ما سمعت أذناه.بل كان ورقة و خديجة هما من بشراه و كلفا نفسيهما البرهنة له على نبوته.فهل هذا يعني أن المؤسسة الإلهية لم تنجح في إقناع محمد باختيارها له نبيا حتى أكد له ذلك ورقة ؟ فيكون ورقة و خديجة بذلك قد نجحا فيما أخفقت فيه مؤسسة الله؟؟
أم أن ذلك يعني أن محمدا لم يرض بادئ الأمر أن يكون رسولا لرب متراخ متهاون لا يحسن تدبير شؤونه العلوية، فأقنعه ورقة أن ذالك سيكون فيه خير و منفعة لمحمد أفضل من رب صارم حازم مستأثر بقراراته فارض لأحكامه يريد بالناس العسر و لا يريد اليسر.؟

أبو نبي الصعاليك