الجمعة، 9 أغسطس 2013

هل يمكن إنقاذ الإسلام ؟ آخر فتوى للإمام الجليل النبيل الطاهر



قبل أيام شاهدت برنامج تلفزيوني شارك فيه "عالمان" من الأزهر استماتا في المرواغة والتهرب من الإقرار بأن الأسلام قد أجاز العبودية. وبما أننا قد أعتدنا على مثل هذة المغالطات من مشائخ الإسلام ليلاً ونهاراً فهي ليست بغريبة علينا ولم تعد تلفت نظر الكثير منا. ولكن, وأثناء البرنامج التلفزيوني, قال احد الشيخين كلاماً استوقفني ودفعني الى التفكير ملياً فتوصلت إلى حلاً جذرياً لكل المشاكل التي يعاني منها الإسلام ويعاني منها العالم بسبب الإسلام.

دعونا أولاً ننظر إلى ماقاله الشيخ:
في معرض حديثة عن العبودية وعن سلوك الرسول حول هذة المسألة تطرق الشيخ الى وضع مارية القبطية ثم, تحدث عن زيجات الرسول وذكر أنه كان للرسول إحدى عشر زوجة. وفجأة قرر الشيخ ان يتوقف وينظر إلى الكاميرا مخاطباً المشاهد قائلأ: "نعم تزوج بإحدى عشر إمرأة واللي مش عاجبه يخبط رأسه في الحيط".
كلام الشيخ دفعني إلى التساؤل عن الذي كان سيقوله عن العبودية إذا قدر له أن يناقشها في الماضي, قبل ثلاثة قرون مثلاً, عندما كانت العبودية ماتزال مقبولة إجتماعياً وأخلاقياً. لا بد أن الشيخ لم يكن ليتحرج من تشريعها في الإسلام بل سيمتدح الإسلام وربما كان سيتشدق بعدد الأيات التي ذكرت ملك اليمين ونظمت عملية إستعباد الإنسان لإخيه الأنسان ولا أشك ان الشيخ كان سيذهب إلى القول بأن الأديان الأخرى ليست وافية ولا شاملة كما هو حال الإسلام مذكراً بأن الأديان الأخرى "تركتها سايبة" ولم تعطِ مسألة جوهرية مثل العبودية الإهتمام الذي تستحقه. ثم واصلت مخيلتي رحتلها الشيقة داخل الزمن فتخيلت مشهد الشيخين في المستقبل بعد مائة عام من الآن مثلاً. عندها بالتأكيد ستُصبح مسألة تعدد الزوجات والمعاملة الدونية للمرأة مسألة مثيرة للحرج لعلماء الدين وسينظر لها حتى المسلمون بنفس المنظور الذي تنظر به البشرية اليوم لمسألة الرق. بعد مائة عام, لا أعتقد أن الشيخ سيلتفت إلى الكاميرا ويقول بكل بجاحة للذين يتسآلون حول تزوج صلعم لقطيع من النساء " واللي مش عاجبه يخبط رأسه في الحيط".

لقد ثبت أن للإسلام قابلية رهيبة للطرق والسحب ليتلائم مع العصور والظروف المختلفة. ووظيفة "علماء" الإسلام لاتختلف عملياً عن وظيفة أخصائيي الدعاية والتسويق أو المتحدثين بإسم وزارة الخارجية أو وزارة الدفاع. فهم يلوون الأمور أو يمارسون ال "spin" كما يقولون في الغرب ويلفون مساوئ هذا الدين وفعلات نبيه المزيف ويظهروها وكأنها من حكم الله المبينة ومن نعمه على العباد. ولكن البشرية والمفاهيم الأنسانية تتقدم بسرعة أعظم بكثير من سرعة تأقلم علماء الدين, ولهذا نجدهم يلهثون تكاد تنقطع انفاسهم وهم يدافعون عن الإسلام. ولهذا بدأت الشقوق في صخرة الإسلام المتصدعة بالتعمق وبدأت الروائح الكريهة تنتشر كلما رمينا حجراً في بركة الإسلام المتعفنة منذ الف عام وكلما أحدثنا ولو خدشاً بسيطاً في وجه الصنم الأكبر والنبي المزيف. والحقيقة أن الإسلام يدفع ثمناً لربطه بالدولة من قبل مشايخ وعلماء الدين والمنتفعين من الدين, أي الحكام. لو كان الدين الإسلامي يؤدي وظيفة "دينية" روحانية فقط لما أعترضنا عليه ولما أضعنا أوقاتنا ونحن نقرأ كل ما يتعلق بحياة محمد حتى عندما كان يحك خصيتيه.

والسؤال هو: طالما أن الإسلام يقبل ان تلوى عُنقه بطرق مختلفة وتحت ظروف متنوعة, لماذا لا يتصرف "علماء" الدين بذكاء فيخدمون أمتهم بفصل الدين عن الدولة. لماذا لايخلصون الشعوب الإسلامية من قبضة الديكتاتوريات المتخلفة الفاسدة ومن حبال التعاليم الإسلامية العتيقة التي تكبل المجتمع الإسلامي وتلتف حول عنقه. إن ذلك لن يعني سقوط الإسلام بل سيعني إستراحة الإسلام من التعب والجري الذي يفرضه عليه علمائه. لماذا لا يريحون ويرتاحون, كما يقول المثل الشعبي؟

وإنطلاقاً من حرصي على الإسلام وعلى سمعة نبيه صلعم الله عليه وسلهم, ولكي أبين للأمة الإسلامية الطريق الحق الذي ينفعهم في دنياهم ويشفعهم في أخرتهم, فقد قررت أن أصدر فتوى في هذا الأمر والتي كما قلت في مقدمة الموضوع ستكون أن شاء الله حلاً لكل مشاكل الإسلام وبالتالي مشاكل العالم أجمع.

قبل أن أبدأ أود أن أحمد آلهة الجوجل والمايكروسوفت على نعمة العولمة وأصلعم وأسلم على محمد عبدلله هاشم..أما بعد:
فقد تبين لنا أن ديننا الإسلامي الحنيف يمر بمحنة بالغة الشدة وأن سمعة رسولنا محمد صلعم قد ساءت بين العالمين وأن وضع الأمة بالغ الخطورة لم يعد يحتمل الإنتظار أو المغالطة. وكل ذلك للأسف بسبب تشدد إخواننا العلماء الذين يأبون إلا أن يربطوا الإسلام بإدارة شؤون الدولة وذلك حتى ينتفعون هم وأولياءهم من سلاطين الفساد وملوك السرقات. والحقيقة أن ربط الدين بالدولة ليس فرضاً في الإسلام وليس من أساسيات ديننا الحنيف. فالإسلام قد حرص كل الحرص على فصل الدين ولم يقترن اسم الدين بالحكم في أي آية في القرآن. والله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه: وما بعثناك إلا مبشراً ونذيرا ولم يقل "وما بعثناك إلا مبشراً وحاكماً أو ملكاً". كما أن الله سبحانه قال "إنما الدين عند الله الإسلام" ولم يقل" الدين وشؤون الحكم عند الله الإسلام" وسبحانه أيضاً يقول " اليوم اكملت لكم دينكم" ولم يقل "دينكم ودولتكم". ولعل الحكمة من أن الله لم يرزق محمد صلعم بصبي حرصاً منه على أن لايقوم الصحابة من بعد وفاة الرسول صلعم بتتويج إبنه ملكاً من بعده وإنشاء دولة.

وقد يقول قائل: وماذا عن التشريعات والأحكام الإجتماعية التي جاءت في القرآن والحديث؟ ونحن نقول يإخواني بأن تلك الأحكام جاءت تعالج حالات حدثت في ذلك الوقت فقد كان لابد لرسول الله صلعم ان يرد على استفسارات الناس ويحكم بينهم ويدير شؤون الدولة وذلك من منطلق المفاهيم السائدة آنذاك. ولكن هذا لا يعني أبداً أن الله سبحانه وتعالى قد اراد منا ان نطبق تلك التعاليم الى أبد الآبدين, فهذا غير مقبول للعقل. بل العكس, إن ذلك يدل على أن الإسلام تعامل مع الواقع ولم يحاول الإتيان بأدوات من ثقافات أو حضارات أخرى. فإذا كان رسول الله نفسه قد غير من أحكام وتعاملات كثيرة خلال عشرين سنة فقط من الدعوة فكيف لنا ان نتقيد بها بعد اربعة عشر قرناً. إنظر مثلاً كيف قال "وجادلهم بالتي هي أحسن" عندما كان ضعيفاً في مكة ثم قال "وقاتلوهم حيث ثقفتموهم" عندما قوت شوكته وأصبح له جيشاً. إذا كان الله سبحانه وتعالى قد اراد لتلك الأحكام أن تكون صالحة لكل زمان ومكان لكان قد أتى بأحكام لها تلك الصفات وليس بإحكام مفصلة طبقاً للظروف السياسية والإجتماعية وحتى الجغرافية التي اتسمت بها مرحلة حياة محمد. أنظر مثلاً إلى دور الإبل في القرآن وفي أحكام الدية والتي من المستحيل تطبيقها. وأنظر كيف فُرض الوقوف في جبل عرفة الذي أصبح لايتسع ولو لنسبة بسيطة من المسلمين الذين فرض عليهم الحج. هل كان الله جاهلاً بعدد المسلمين اليوم؟ إننا بهذا السلوك ننتقص من علم الله تعالى وحكمته ونببرر قصور الأحكام الشرعية بمبررات لايمكن أن يقبلها عقل طفل صغير.

لابد من التفريق بين الدين الإسلامي وبين الإحكام الإسلامية. فالدين الإسلامي بالطبع صالح لكل زمان وكل مكان ولكن التعاليم الإسلامية ليست لها هذة الصفة. إن إعتقاد غير هذا يكون من قبيل الجهل بحكمة الله وعلمه وقصر نظر عن مفهوم الرسالة المحمدية التي اساسها التوحيد وفروعها المرونة والتعامل مع الواقع المعاش عملاً بقوله صلعم "أنتم أدرى بشؤون دنياكم". ثم أن الذين يصممون على أن الأحكام الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان يضعون الإسلام موضع الحرج والسخرية ويضعفون الأمة ويشتتون طاقاتها ويتسببون بتخلفها. ويضعون رسول الله صلعم وما مارسه طبقاً للثقافة والأخلاق السائدة في عصره في ميزان أخلاقي لايتناسب مع تلك الأخلاق وهذا ليس عدلاً. فأصبحنا في موقف دفاع وأصابنا الحرج والخزي من تصرفات الرسول صلعم, وذلك بدلاً من ان يكون لنا الفخر بأن الأسلام هو دين التوحيد والتعامل مع الواقع.

وبناءً على ماجاء وبعد التوكل على الله سبحانه وتعالى نُقرّ التالي:
أولاً: ربط الدين بالشأن العام ليس فرضاً في الأسلام وليس من أساسيات الدين أو مكوناته في شيئ.
ثانياً : إنه من الواضح أن الأحكام والأيات المتعلقة بأمور الدنيا قد أتت لتعالج مرحلتها فقط وإن أي محاولة لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية اليوم لايصب في مصلحة الإسلام أو الأمة الإسلامية أو الرسول صلعم.
ثالثاً: لابد من إسعاف هذة الأمة وإنتشالها من الوحل وذلك بفصل كامل وأبدي لإحكام الشريعة عن الشأن العام وعن حياة الناس. لابد من وضع القوانين والتشريعات التي تتفق مع حياتنا المعاصرة
رابعاً: لا بد من محاسبة علماء الدين الذين يرفضون هذا التغيير حسب قوانين مناسبة توضع لذلك لإنهم عندما يربطون الدين بالدولة لايفيدون بذلك إلا حكام الجهل والفساد الذين ينهبون المال العام.

هذا والله من وراء القصد

تحياتي ومودتي
نبيل طاهر

ليست هناك تعليقات: