مؤلفات ابن الراوندي
لابن الراوندي ما يربو على المائة و أربعة عشر مؤلفا ، ضاعت كلها , و بقي ذكر لأربعة عشر كتابا،فقط، و هي مفقودة اليوم و لكن بقيت منها جذاذات أقوال في ثنايا الكتب و سأذكر خلاصة كل كتاب منها أو ما قد بقي منه
1 ـ كتاب التاج:
موضوعه الفلسفة و قد أثبت فيه قدم العالم و قدم الصانع. نقضه عليه أبو الحسن الخياط ، قال:
ـ كتاب التاج ، أبطل فيه حدث الأجسام،و نفاه و زعم أنه ليس (للمحدث أو الصانع) في الأثر دلالة على ما يؤثر، و لا في الفعل دلالة على فاعل، و أنّ العالم بما فيه أرضه و شمسه و قمره و جميع نجومه قديم لم يزل لا صانع له و لا مدبر، و لا محدث له و لا خالق ، و إن من أثبت أن للعالم خالقا قديما ، ليس كمثله شيء ، فقد أحال و ناقض. (الانتصار 11ـ 12)
و قال عنه أبو العلاء المعري في رسالة الغفران:
ـ أما ابن الراوندي ، فلم يكن على المصلحة بمهدي ، و أما تاجه فلا يصلح أن يكون نعلا...و يجوز أن ينظم تاج عقارب ، فما كان من المحسن و لا المقارب ، و ما تاجه بتاج ملك و لكن دعي بالمهلك ، و لا اتخذ من الذهب و سوف يصور من اللهب، و لا نُظم من در بل وقع في عفاء بقر، و ما هو كتاب كسرى،،لكن طريق بسوء المسرى، و لا تاج الملك أنو شروان، و لكن أثقل من وجر الهوان ، و لا هو كمحززات النعمان بل شين يدخر في الأزمان (رسالة الغفران ،237)
و قال القاضي عبد الجبار الهمداني عن كتاب التاج
إنّ أحدا من العقلاء لم بذهب إلى نفي الصانع للعالم بالكلية ، و لكن قوما من الورّاقيين اجتمعوا و وضعوا بينهم مقالة لم يذهب إليها أحد و هي:
ـ إن العالم قديم لم يزل على هيئته هذه
ـ و لا إله للعالم و لا صانع له أصلا، و إنما هو هكذا و لا يزال من غير صانع و لا مؤثر
و أخذ ابن الراوندي هذه المقالة فصيّرها في كتابه المعروف بكتاب التاج، قال فيه:
فأما الفلاسفة القدماء و المتأخرون ، فلم ينفوا الصانع ، و إنما نفوا كونه فاعلا بالاختيار ، و تلك مسألة أخرى
قال: و القول بنفي الصانع قريب من القول بالسفسطة، بل هو بعينه.فما من شك في المحسوس أعذر ممن قال ، إن المتحركات تتحرك من غير محرك حركها ( شرح نهج البلاغة 239 ، ابن أبي الحديد تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم)
2 ـ كتاب التوحيد
قال أبو الحسن الخياط
و قد ألف هذا الماجن كتابا في التوحيد ، يتجمل به عند أهل الإسلام ، لما خاف على نفسه ، و وضع الرصد في طلبه ، و مما فصله في هذا الكتاب إلا من فصول المعتزلة ، و الكتاب فصلان:
الفصل الأول
قال فيه :إنما تبتدئ الأشياء و تستأنف من أوائلها لا من أواخرها، فلو لم يكن أول تبتدئ منه لا شيء قبله ، أو لاستحال وقوع شيء منها ، و في صحة وجودها ما يدل على أن لها أولا ابتدأت منه ، و إذا كان المبتدأ لها لا يجوز عليه التغيّر جاز أن يديمها أبدا و لا يقطعها
الفصل الثاني
قال فيه، في إيجاب الحركة ، إن الفاعل لم يسبق فعله و لم يكن قبله و هذا محال ، و ليس في إيجاب أن فعلا بعد فعل لا إلى آخرٍ إيجابُ إنِ الفاعلُ لم يتقدم فعلَه و لم يكن قبله (الانتصار ،19)
و علق الخياط قائلا
قد فصل إبراهيم النظام بينهما بفصل واضح بيّن و هو موجود في كتابه التوحيد ، أفلا ترى الكلام كله للمعتزلة دون سواها؟؟؟
و عنه أخذ أصحاب بشر المريسي من مرجئة بغداد و كان يقول: الإيمان هو التصديق بالقلب و اللسان كما قال الراوندي (كتاب التبصر في الدين ،61 ، أبو المظفر الإسفراييني ـ تحقيق محمد زاهد الكوثري)
3 ـ كتاب الإمامة
قال عنه خصمه اللدود أبو الحسن الخياط:
طعن فيه على المهاجرين و الأنصار، و زعم فيه أن النبي (ص) استخلف عليهم رجلا بعينه و اسمه و نسبه ، و أمرهم أن يقدموه و لا يتقدموا عليه ، و أن يطيعوه و لا يعصوه هو الإمام علي كرم الله وجهه فأجمعوا جميعا إلا نفرا يسيرا خمسة أو ستة على أن أزالوا ذلك الرجل الذي وضعه الرسول(ص) و أقاموا غيره استخفافا منهم بأمر الرسول و تعمّدا منهم لمعصيته( الانتصار ص 12)
و قد نقضه عليه أبو بكر البردعي محمد بن عبد الله ، و لكن أبا جعفر بن جرير الطبري ( المتوفى 310ه/925م) فلأنه قال ما قاله ابن الراوندي ، و جمع الأحاديث التي قيلت في غدير خم في مجلدين ضخمين :فإن عوام الحنابلة نسبوه إلى الرفض يل رموه بالإلحاد (البداية و النهاية ج11 ص146)
و لكن الشريف المرتضى ( المتوفى عام 416/1020م) قال عن خبر الغدير،فميزته ظاهرة. و مما يدل على صحة الخبر إطباق علماء الأمة على قبوله ، فالشيعة جعلته الحجة في النص على أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة (الشافي في الإمامة ج 2 ص 146). و مخالفوهم قالوا إن واضعيه هم ابن الراوندي و أبو عيسى الوراق و هشام بن الحكم.قال الداماد محمد بن باقر الحسيني الإستراباذي ( المتوفى 1041ه/1631م): و العامة يقولون إن دعوى النص الجلي في إمامة علي مما وضعه هشام بن الحكم و نصره ابن الراوندي و أبو عيسى الوراق و إخوانهم ، و بالجملة لا مطعن و لا غميزة في أبي عيسى أصلا، إنما المطعون في دينه و المغموز في إسلامه هو ابن الراوندي (الرائح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية، ص55 ،الداماد الإستربادي )
و جاء في كتاب رياض الفضلاء ،فال الميرزا عبد الله الأصفهاني:الشيخ أبو الحسن الراوندي الفاضل المشهور العالم الأقدم ، كان من فضلاء عصره و يقال إمامي،و قد نسب إليه العامة إبداع القول بالنص الجلي على إمامة علي عليه السلام و إنه اختلق الروايات على صحة دعواه ، لكن هذا الكلام من خرافات كلام العامة بل من خرافاتهم عامة(رياض العلماء و حيض الفضلاء ج1 ص 117)
4 ـ كتاب التعديل و التجويـر
قال أبو الحسن الخياط:
قال فيه: إن من أمرض عبيده و أسقمهم ليس بحكيم ، و كذلك من أمر بطاعته من يعلم أنه لا يطيعه، و أنَّ مَن خَلّدَ مَن كفرَ به و عصاه في النار طول الأبد ، سفيه غير حكيم ، و لا عالم بمقدار العقاب على الذنوب (الانتصار 12)
ـ كتاب نعت الحكمة
موضوعه سنة الله في تكليف خلقه ، أمره و نهيه ، نقضه أبو سهل بن علي بن نوبخت المتوفى عام311/923م
كتاب في فعل الطبائع
ذكره الخياط ، و موضوعه أن المطبوع على أفعاله جنس واحد كالنار التي لا يكون منها إلا التسخين و الثلج الذي لا يكون منه إلا التبريد ، و أما من تكون منه الأشياء المختلفة فهو المختار لأفعاله لا المطبوع عليها. و كان ثمامة بن الأشرس يقول : إن الله فعل العالم أطباعا
7 ـ كتاب الفريد
قيل خصه ابن الراوندي في الطعن على الرسول (ص) قال عنه المعري:
و أما الفريد، فأفرده من كل خليل، فإن فريد ذلك الجاحد ،ينفرد لحقارته كأنه الأجرب إذا طلي بالعنية فر من دنوه من يرغب عن الدنية
8 ـ خلق القرآن
قال أبو الحسن الراوندي :
مررت بشيخ جالس و بيده مصحف ، و هو يقرأ ( و لله ميزاب السماوات و الأرض. فقلت له: ماذا يعني ميزاب السماوات و الأرض؟ قال: هذا المطر الذي ترى.فقلت : ما يكون التصحيف إلا إذا كان مثلك يقرأ.إنما هو ميراث السماوات و الأرض. فقال الرجل: اللهم غفرانك ، أنا من أربعين سنة أقرؤها و هي في مصحفي هكذا ( الفهرست ،ابن النديم ، ص4)
9 ـ كتاب المرجان
خصّه في موضوع اختلاف أهل الإسلام. قال عنه أبو العلاء: فإذا قيل أنه صفار اللؤلؤ، فمعاذ الله أن يكون مرجانه صفار الحصى بل أخس من أن يذكر فيتقص...فإن قيل لذلك له قيمة ، فسارة كتابه عقيمة و قد سمعت من يخبر أن لابن الراوندي معاشر ، تذكر أن اللاهوت سكنه ، و أنه من علم مكمنه ، و يخترصون له فضائل ، يشهد الخالق و أهل العقول ، أن كذبها غير مصقول ، و هو في هذا أحد الكفرة لا يحسب من الكرام البررة (رسالة الغفران 240)
10 ـ كتاب القضيب
موضوعه أن العَالم محدث ، و أن الباري كان غير عالم حتى خلق لنفسه علما. نقضه عليه الخياط.
و قال عنه المعري:
فمن عمله أخسر صفقة من قضيب و خير له من إنشائه ، لو ركب قضيبا عند عشائه ، فقذفت به على قتاد ، و نزعت المفاصل كنزع الأوتاد
إن الطرماح يهجوني لأشتمه هيهات هيهات، عيلت دونه القضب
و قضيبُ وقفةٌ في الجاهلية بين كندة و الحارث بن كعب ، فكيف لهذا المارق أن يكون قد قتل في قضيبَ، و سقط إهابه الخضيب ( رسالة الغفران ،238)
11 ـ كتاب الدامغ
يطعن فيه على نظم القرآن.قيل ألفه لابن لاوي اليهودي ، عارض فيه القرآن ، و طعن فيه على نظمه
قال عنه أبو العلاء المعري
فما أخاله دمغ إلاّ مَن ألّفَه و بسوء الخلافة خلفه... إن هذا الكتاب الذي جاء به محمد(ص) كتاب بهر بالإعجاز و لقي عدوه بالإرجاز ما حذي على مثال و لا أشبه غريب الأمثال ، ما هو من القصيد الموزون و لا الرجز من سهل و حزون ، و لا شاكل خطابه العرب و لا سجع الكهنة ذوي الأرب ، و جاء كالشمس اللائحة للمـسرّة و البائحة ( رسالة الغفران 238)
12 ـ كتاب فضيحة المعتزلة
و هذا الكتاب عرضنا قراءته و هو عبارة عن مقالات في الكلام ، ألفه في نقض كتاب الجاحظ فضيلة المعتزلة.ردّ فيه عليهم. قال الحسين عبد الرحمن بن الأهدل الشافعي ( 855 ه/1451)
و أصحابنا ينسبونه إلى ما هو أصل في مذهبهم
و قد نقضه أبو الحسن الخيّاط في كتابه الانتصار كما بيناه سابقا
13 ـ كتاب البصيرة
ذكره أبو العباس الطبري . و قد صنف كتاب البصيرة ردأ على الإسلام لأربعمائة درهم أخذها من يهود سامراء. و قد اطلع عليه إمام الحرمين الجويني و قال:
نبغت شرذمة من اليهود تلقنوا من ابن الراوندي سؤالا علّمهم: إذا سألكم المسلمون عن النسخ ، قولوا : قال موسى لا نبي بعدي.و قالوا : النسخ جائز عند المسلمين ، و لكنهم قالوا بتأييد شريعتهم التي تصرم عمر الدنيا ، فإذا سئلوا الدليل على ذلك رجعوا إلى أخبار نبيهم إياه بتأييد شريعتهم (الإرشاد إلى قواطع الأدلة ص 343)
14 ـ كتاب الزمردة
و هو الآخر سيق أن أوردنا تحليلا له بين طيات هذه المدونة ، و موضوعه في إنكار ضرورة إرسال الرسل ، و إبطال رسالاتهم و زعم أنها مخاريق ، و أن الذين جاؤوا بها سحرة و أن القرآن من كلام غير حكيم فيه تناقض و أخطاء
أبــو قــــثم