السبت، 30 يونيو 2012

إبليس و الرسول


قال ابن مالك فيما أخرجه عنه ابن عساكر في تاريخ دمشق أن رسول الله (ص) قال: إياك و قرين السوء فإنك به تعرف. ضعفه ابن عساكر و الألباني و صنفاه ضمن الأحاديث الموضوعة عن رسول الله. و لا عجب في ذلك كون موضوع الحديث غدا من المستهلكات في الأمثال و الحكم و المأثورات الشعبية قبل و بعد الرسول.فهذا شاعر الصعاليك طرفة بن العبد نجده قبل الرسول يقول : عن المرء لا تسل و اسأل عن قرينه فكل قرين بالقرين يقتدي.
أما القرين في اللغة فصفة مشبهة باسم الفاعل من فعل قرِن يقرِن قِرنا أو قَرنا أوقرانا .قرن الولد صار له أقران من سنّه.و قرنتُ الشيء بالشيء يعني صاحبته به و لازمته له فهو له قرين كقوله قرنت القول بالعمل فالعمل إذًا قرين القول أي مصاحب و ملازم له و شاهد عليه..و قرنت بين الشيء و نظيره يعني ماثلت و ساويت بينهما فالحديد مثلا قرين النحاس في الشدة و الصلابة،كما هو أحمد قرين إبراهيم في الدهاء و المكر.و قرنت الشيء بالشيء وصلته و جمعته به كقوله مقرنين في الأصفاد أي مجموعين و موصولين بالسلاسل و الأغلال.و قرنت الشيء بالشيء كذلك طابقته عليه كقوله قرِن الصورةَ بالنسخة أي طابقهما و منه قارن بينهما مقارنة فهو مقارِن.فالقرين إذا هو المقارَن و المطابق و التابع و الصاحب الملازم و الشبيه المماثل و المطابق في الذات و الأفعال و الأقوال و الصفات و الهيئة و السن و السلوك.
و الرسول في حديثه الشريف هنا ينهانا بصريح العبارة عكس طرفة الصعلوك عن معاشرة أهل السوء و الاقتران بهم.إذ بينما يطالبنا طرفة بالتجسس على أهل و أصحاب المرء قبل الاقتران به ـ و لأن أصحاب المرء أفراد عديدون، لكل منهم أقران آخرون، فهذا يعني أنه يلزمنا معرفة أمة من البشر حتى نصاحب أو نقترن بأحدهم. ويعني كذلك أن قيمة الإنسان لا تكمن في أفعاله و أقواله و سلوكه و معاملاته إنما هي تكمن في الجماعة التي ينتمي إليها.ـ إلا أن الرسول يكتفي بالنهي عن معاشرة قرين السوء بغض النظر عن أهله و صحبه.و لكن دونما تحديد لماهية هذا القرين و لا لمعنى هذا السوء.فلو سألنا مثلا بلطجيا صعلوكا متضلعا في فنون الإرهاب و الإجرام عن قرين السوء فلا غرو أنه سيعتبر كل من ليس له سوابق و من لم يزر سجنا و لا اقترف سابقة ، قرينَ سوء.عكس الرجل الصالح المتشبع بالمثل الإنسانية العليا الذي سوف يعتبر كل مجرم مخرب مفسد قرينَ سوء؛ و عكس المتدين المتزمت كذلك الذي يرى كل مخالف له في العقيدة و المذهب قرين سوء. فخلفية القائل ب ـ قرين السوء ـ هي التي تحدد معناه الحقيقي. و عندما نسمع رسول الإسلام ينادي بضرورة عدم الاختلاط بقرناء السوء فإن التساؤل حول قرين السوء هذا يصبح أمرا مشروعا وملحا. فإذا كان المسلم يجيز لنفسه قتل المخالف و سبي البريء و نهب الضعيف و نكح الميتة و البهيمة و الصبية، و رسول الإسلام يصرح بأن ربه قد جعل رزقه تحت ظل سيفه و رمحه، و نصره بالرعب و أحل له المفاسد ما ظهر منها و ما بطن و جعل في ظهره قوة أربعين في النكح و البضع ،فمن الطبيعي أن نتساءل عن معنى السوء المقصود في الحديث و ماهية القرين. و ما أظن القتل بغير حق و السلب و السبي و النهب و العداوة و الكراهية و البغضاء إلا أعمال سوء ينفر منها الطبع الإنساني و تأنفها النفس البشرية، و مع ذلك فإن المسلم يتخذها شمائل و خصائل و مثلا عليا يمدح بها نفسه و يمجد بها نبيه و يشكر عليها ربه الذي شرعها له.
فمن هو قرين السوء يا ترى حسب المفهوم النبوي الشريف
عن ابن عباس قال: قال رسول الله ليس منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الشياطين قالوا وأنت يا رسول الله قال نعم ولكن الله أعانني عليه فأسلم - أحمد 2209
عن عائشة قالت: قال النبي _ص) ما منكم من أحد إلا ومعه شيطان قالوا وأنت يا رسول الله قال وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، صحيح مسلم باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وان مع كل انسان قرينا من حديث عائشة.
عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن عبد الله قال قال رسول الله ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي ولكن الله أعانني عليه فلا يأمرني إلا بحق . أحمد 3466
و روى مسلم عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (ص): ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن. قالوا: وإياك؟ يا رسول الله!! قال: وإياي. إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني الا بخير. مسلم4/2167 كتاب صفات المنافقين باب تحريش الشيطان. وأحمد1/3


من خلال هذه الأحاديث الشريفة يتبين لنا أن الرسول الذي ينصحنا و يعظنا و يحثنا على عدم مرافقة أهل السوء يتخذ لنفسه قرينا من الشياطين!!.فأيهما أعوص و أكبر نكرا أ الاقتران برفقاء السوء من البشر أم الاقتران بالشياطين!!!؟ أما قران الرسول بالشياطين فلا يقتصر على مجرد الصحبة و المخالطة فقط، بل هو يمتد إلى أبعد من ذلك، إذ الشيطان لا يفارق الرسول قيد أنملة،فهو حسب أحاديثه (ص) يعشش في خيشوم المؤمن و يتبول في أذنيه و يسكن في شعر دبره، كما أنه كان دائم التواجد في الحياة اليومية الخاصة لنبي المدمنين، تارة ينسيه القرآن وينسيه فروض شريعته ، كالصلاة ، والطهور ، حتى ليلة القدر الذي انزل فيها القران الكريم، استطاع الشيطان أن ينسيها له :و إمّا يُنسيَنَّك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ، الأنعام 68، سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى الأعلى8. و طورا يلقي في أمانيه و أماني الأنبياء و المسلمين، وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم. الحج 52.و تارة يقطع عليه الصلاة هو و المرأةُ المنقبةُ و الكلب الأسود و تارة يعاركه و قد يخنقه حتى يجد برد لسانه على يديه الطاهرتين. روى الطبراني عن جابر عن النبي (ص) قال: دخلت البيت فإذا شيطان خلف الباب فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي، فلولا دعوة العبد الصالح لأصبح مربوطاً يراه الناس. راجع: مجمع الزوائد7/229. ما أحلمك يا سيدي يا حبيب الله و ما أطهرك!!صلوا على قرين الشيطان و على آل قرين الشيطان.و لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه ليصل إلى مقعدته (ص)، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي (ص) إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته حتى يفتح مقعدته فيخيل إليه أنه أحدث ولم يحدث فإذا وجد أحدكم ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريح ذلك بنفسه. منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال للشيخ العلامة عليّ المتقي الهندي باب الشيطان ووسوسته. فالشيطان إذا، كان لا يفارق محمدا أبدا حتى بشهادة القرآن ،لقد كان يسكن في عقله و خياشيمه و قلبه و كبده و حتى في طيزه الكريم.فتراه يبصر بعين النبي و ينطق بلسان النبي و يعشق بقلبه و ينكح بمذاكيره المقدسة.و هذه الأدواركانت متبادلة بينهما، لكون النبي كان متلبسا بالشيطان و الشيطان متلبس به.فتارة تجد الشيطان و بداخله محمد، و تارة تجد محمدا و داخلََه الشيطانُ. فمحمد و الشيطان كائنان متطابقان لا ينفصلان، يبصران بنفس العين و ينطقان بنفس اللسان و يعتقدان بنفس القلب و يفكران بالتالي بنفس العقل. لدا جاز القول بأن محمد و الشيطان كانا كائنا واحدا هو الرسول.و لهذا يقول له القرآن وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم، فصّلت 25، ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين، الزخرف 36، فإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم، الأعراف 200. و يضيف قائلا: و قل رب أعوذ بك من همزات الشياطين و أعوذ بك رب أن يحضرون، المؤمنون 96/97. فالشيطان كان لا يغفل عن الرسول رمشة عين ، كان ينزغه في كل وقت و حين و يهمزه كالحمار و يوحي إليه ما يوحي و يلقي على لسانه ما يلقي.و هذا ما يفسر كثيرا من زلقات و نزوات سيد الأنبياء.فلولا نزغ الشيطان و همزه ما ترك محمد لما أبصر تلك المرأة جماعته من الصحابة و ذهب إلى زينب ليقضي وطره.و لولا نزغ الشيطان و همزه ما ضاجع محمد فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب في قبرها، عن ابن عباس(ض) قال: إن النبي (ص) قال إني ألبستها قميصي لتلبس ثياب الجنة أضجعت معها في قبرها لأخفف من ضغطة القبر إنها كانت أحسن خلق الله صنيعا إليّ بعد أبي طالب، منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال للشيخ العلامة على المتقي الهندي باب فاطمة بنت أسد أم علىّ.و لولا نزغ الشيطان و همزه ما تزوج محمد طفلة أصغر من بنته و عشق أمّها رغم أنها زوجة صديقه و خليله، فلقد كانت أم رومان تضنيه عشقا لم يستطع محمد كتمانه حتى بعد موتها . توفت أم رمان (زوجة أبي بكر وأم عائشة) في ذي الحجة سنة أربع أو سنة خمس فنزل (ص) في قبرها واستغفر لها وقال اللهم لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك وفي رسولك وقال (ص) من سرَّهُ أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان، نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري ذكر نبذة من أخباره (أبي بكر) وأحواله ومناقبه رضي الله عنه . ولولا نزغ الشيطان و همزه ما همّ محمد سوءا ببنت عمته زينب فزوجها عبدَه ثم طلقهما لتحِلّ له من بعده.و لولا نزغ الشيطان كذلك و همزه ما قبل أبو بكر مصاهرة صديقه و خليله.أي صداقة هذه التي تنهي بالمصاهرة؟؟!!. عن الحسن البصري قال: لما بويع أبو بكر قام خطيبا فقال أما بعد فإني وليت هذا الأمر وأنا له كاره. . . وإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني وإذا رأيتموني زغت فقوموني واعلموا أن لي شيطانا يعتريني فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني لا أؤثر أشعاركم وأبشاركم. تاريخ الخلفاء للسيوطي باب أبو بكر الصديق رضي الله عنه. كما أنه لولا نزغ الشيطان و همزه ما جاء محمدا ما يأتيه و يعتريه عند نزول الوحي. أخبرنا مالك بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيُفصَم عني (يذهب عني ما يغشاني) وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول. قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيُفصم عنه وإن جبينه ليفصد (يقطر) منه العرق. البخاري ج 1 ص 4.
إن علاقة محمد بالشيطان علاقة غاية في التعقيد و التشابك لغاية انك لا تستطيع أبدا أن تميز بين الواحد و الآخر، و ذلك راجع لكونهما مخلوق واحد هو محمد الشيطان الذي يأمر بالفتنة و الغواية و العداوة و المكر و التربص ناهيك عن السلب و النهب و التخريب و السبي و الاغتصاب.
أبو قرين الشيطان

الأحد، 17 يونيو 2012

من خواطر النبي نبيل الطاهر


هو الدكتور النبيل الطاهر الملقب بابن سلول القرن الواحد و العشرين، أحد فطاحلة الإلحاد الذي افتقدناه من مدة غير قصيرة أيما افتقاد. و إذ أداري الأيام و أعدها تحرّقا على فراقه و تشوقا لبهاء طلعته و تطلعا لمعرفة أخباره و أحواله فإني أهيب بالأحبة الكرام مقاسمتي لوعة الحنين و مشاركتي في إحياء ذكراه بما يليق بمقامه الجلي.و بهذه المناسبة فقد قررت أن أنشر أمام أنظاركم الموقرة و على صفحات هذا المنتدى الأغر أجود و أبهى ما جادت به قريحة نبينا و إمامنا النبيل متعنا العقل بهديه و إرشاداته

 ماذا لو استنسخنا صلعم او صلعمين؟

 رأيت في منامي قبل أيام أن فرقة كوماندوز قامت بتدمير الكعبة وقبر صلعم وقبة الصخرة ومحتهم جميعاً من وجه الأرض. وقد كان ذلك الحلم كابوساً رهيبا, ً مع أني حقيقةً اتمني ان اغمض عيني يوماً ما وأفيق وهذه الثلاثة (العقارات) قد مُحيت فعلاً من هذه الارض ومن حياتنا. أعتقد ان هذا راجع الى طبيعتي الإلحادية فأنا لا ارضى الأذى لإحد, حتى المؤمنين الذين لن يتترددوا بقطع اطرافي ولساني إن قدروا على ذلك.

 وبما أني اتوقع أن أول سؤال سيتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ هو عن هوية المهاجمين, احب ان ابادر بالإعتذار لإنه لم يتسنى لي التحقق من بطائقهم. وبصراحة لم يكن إهتمامي اثناء الحلم ما إذا كان المهاجمون كوماندوز إسراييليين, ام كانوا مجموعة من الظباط الأمريكيين المتطرفين الذين ارادوا الإنتقام لمركز التجارة العالمي بتدمير ايقونات أسلامية مقدسة. ام كانو شباب سعوديين ضاق ذرعهم ببني وهاب وبهيئة الفضيلة وبحالة الكبت وبالمجاعة الجنسية المفروضة عليهم. لم اتسآل إذا كانت الهجمة سيناريو مدبر من بني سعود ليشغلوا العالم الإسلامي بالصراع مع الغرب بدلاً من الإلتفات لفسادهم ولم يذهب عقلي الى فرضية الشيعة وإيران الذين سيستفيدون من تأجيج الصراع الإسلامي الغربي ويتحينون الفرصة ليصنعوا قنبلتهم النووية. كل نظريات المؤامرة هذه لم تشغل بالي اثناء الحلم. كنت اركز وارتجف خوفاً وتأملاَ ان تتم العملية دون وقوع أي ضحايا من المصلين الابرياء. وعلى كلٍ, اعدكم إذا عاد الحلم مرة ثانية ( second run) فسأطل من نافذة كابوسي واتحقق من اشكال المنفذين وأسلحتهم واعود إليكم بتقرير مفصل حتى نستطيع التحري والوصول إلى هويتهم.

 وقد اثار هذا الحلم مسألة التخلص من هذة الأماكن حتى نساعد المؤمنين على التخلص من قيودهم. ماذا لو افاق المؤمنون يوماً والكعبة وقبر صلعم والصخرة وحائط المبكى ليس لها وجود؟ ( أعتذر إن كنت قد نسيت صخرة اخرى). ماذا لو اثبتنا لهم أنه بالإمكان التخلص من اصنام الله وحجارته وجدرانه ودهاليزه المظلمة دون ان يستطيع ان يحرك ساكناً؟ ماذا لو أثبتنا للمؤمنين ان الله يحتمي بالأنسان وخصوصاً الإنسان المتعلم الذي يصنع له وسائل الدفاع العسكريه وغير العسكرية؟ حتى الكلمة الحرة في منتديات الإنترنت الذي صنعه الكفار تسبب القلق لمعالي السيد ارحم الراحمين فيحتمي ببرامج الكفار انفسهم ليحجبها عن مواطنين بلاد صلعمستان. طبعاً, ربما يكون هناك رد فعل عنيف من شعوب الإيمان في حال دُمّرت هذه الأصنام, وسيخرجون للمظاهرات نصرة لربهم العاجز, لكنهم في النهاية سيزهقون من الدفاع عنه. ولربما طلبوا منه ان يتوقف عن التمترس خلف السراويل والحجابات الواسعة للمسلمات وخلف اللحي الطويلة للمسملين, او حتى خلف العلوم المتقدمة للكفار . لقد سئمتُ انا من هذا الأله الجبار"الفتوة" الكسّار ابو شوارب يقف عليها الفأر الذي يقبل الذل على نفسه وعلى اتباعه, فكيف بالمسلمين وهم يدعونه ويتضرعون إليه أن يقوم ولو ب"خبطة" صغيرة تساعدهم على إخراج رؤوسهم المدفونة في الرمال.

 وقبل ان تحمكوا بأنني شخص غير واقعي احب ان أبلغكم أنني قد صحوت من حلمي في اليقظه وحلمي في المنام أيضاً. وتنبهت إلى أن حدثاً جلل كتدمير اصنام الله والإعتداء على قبر الرسول محمد صلعم سيأتي بالعواقب الوخيمة. تذكرت ماذا حدث عندما رسم بنو الأصفر في الدنمارك صورة كبير الأصنام. تذكرت الدماء التي سالت والأعلام التي اُحرقت وقمصان المؤمنين التي قُطعت وقررت التخلي عن كابوسي وعن حُلمي معاً.

 ولكني في الأيام الأخيرة قرأت تعليقاً في مدونتي الجديدة – مدونة ابن سلول -- لواحدا من إخوتي في الإلحاد اسمه راوندي. اخونا راوندي من المملكة الهمجية السعودية وهو يعاني الأمرّين من حجب مدونات الفكر الحر. فاستقر الحال بالصديق راوندي في مدونتي التي لم تحجب بعد! وللعلم لايسعني الإ ان اشكرهم لإنني لولاهم لما تشرفت بالتعرف على العزيز راوندي. كان التعليق يتحدث عن إعتقاد المؤمنين بأن اجسام الأنبياء لاتتحلل. قلتُ في نفسي عندما قرأت التعليق: معنى هذا ان بقايا صلعم لازال فيها انسجة وخلايا فلماذا لانأخذ عينة من الخلايا ونستخلص مادة الحمض النووي ونستنسخ صلعم آخر ولماذا لانستنسخ صلعمين؟!! صلعم رقم واحد أو صلعم الرمال وصلعم رقم اثين أو صلعم المدنية.

 خليكم معي: انا لا اقترح ان تكون العملية عشوائية بل منظّمة. اقترح ان تتم تحت إشراف هيئة مكونة من علماء في البيولوجي ومن أخصائيين في القانون ومن فقهاء في الدين ومن شخصيات إجتماعية وسياسية وآخرون ممن يتم الإتفاق حولهم.

 بالنسبة لصلعم رقم واحد أقترح ان نخلق بيئة مشابهة تماماً للبيئة التي نشأ فيها صلعم النسخة الأصلية وأن يتم إنشاء قرية في الأردن أو أي مكان آخر. ثم نبني الكعبة و بئر زمزم والأصنام والحجر الأسود وغيرها. ثم يقوم ممثلون قديرون بلعب دور الأشخاص الذين لعبوا دوراً في حياة صلعم مثل امه بنت وهب وراضعته حليمة السعدية وعبد المطلب وابو طالب وابى الحكم واليهود وورقة ابن نوفل – اهم المؤثرين في حياة صلعم— والأوس والخزرج وغيرهم. وأنا شخصياً على إستعداد لدراسة فنون التمثيل والقيام بدور ابن سلول. ومن المهم جداً ان تكون حياة صلعم مغطاة تغطية كاملة بالكاميرات الخفية حتى نتابع كل تحركاته على غرار فيلم (The Truman Show) للمثل جيم كيري.

 طبعاً, ستكون امامنا إشكاليات كبيرة. فمثلأ, من أين سنأتي بطفلة عمرها ست سنوات لتتزوج من رجل في الخمسينات و"يبني بها" وهي في التاسعة؟ لكن انا متأكد ان العلم الحديث سيساعدنا على تخطي جميع الأشكاليات. على سبيل المثال ربما يستطيع الماكياج ان يحل مشكلة الممثلة التي ستقوم بدور عائشة!

 بالنسبة لصلعم رقم إثنين, أقترح ان ندعه يتربى في بيئة ليبرالية حديثة ومحايدة, في سويسرا مثلاً. ونراقب انماط سلوكه الاخلاقية وميوله الروحانية وهل تختلف عن سلوكيات صلعم الأصلي أو عن صلعم رقم واحد. وما هي مواقفة من مشاكل الأمم الحالية؟ هل هو مع الإرهاب أم ضده؟ هل هو مع تحرير المرأه ام ان له ميول ذكورية؟ هل يكره الأقليات؟ هل هو من المعاديين للسامية؟ ماذا عن حقوق المثليين؟ هل هو نفسه مثلي ام لا؟

 قد يقول قائل: وما فائدة كل هذا؟
 وأنا أقول ان هناك ثلاثة سيناريوهات وكلها تصب في صالح المسلمين :
 أولاً : في حالة غضب الله بسبب الإعتداء على بقايا صلعم ( التي برأيي تحللت تماماً خصوصاً تحت حرارة السعودية) فإنه قد يُستنفر ويغضب ويخسف بالمشرفين على هذه العملية. الن يكون هذا سبباً لدحر كل المشككين والجاحدين ومنهم اخوكم المتواضع ابن سلول هذا العصر؟ الن يكون عملاً كهذا موضع إعتزاز وافتخار للمسلمين الذين يدعون ربهم ويسألونه العزة ليلاً ونهاراً ولا وجود لمن تنادي؟ في هذه الحالة سيخلص المؤمنون من جميع الملحدين والعلمانيين ووجع الرأس الذي يتسببون به. وبالتأكيد سيكون الحدث معجزة كبيرة تُلهم الناس الى الإسلام فيدخلون في دين الله أفواجا.

 السيناريو الثاني أن يتم إستنساخ صلعم بنجاح وإله جهنم ساكت كعادته لم "يتحرك دمه" ولم يخسف بنا الأرض ومع هذا يصرالمؤمنون على الإستمرار في خنوعهم وغبائهم .صلعم الرمال في هذه الحالة سيمثل مادة دسمة جداً لشيوخ الإسلام والمهتمين ب"علم" الفقه. تصوروا معي: سيستطيع "علماء" الدين ان يحسموا كل خلافاتهم. فمثلاً سيكون بأمكاننا مشاهدة الكاميرات عندما يستنجي صلعم وبالتالي سنتيقن من الأصبع التي يستخدمها وفي أي إتجاه يحركها وكم سانطي يولجها. سيكون بأمكاننا أيضاً معرفة ماذا كان يفعل بالظبط عندما يدخل على نسائه, وسيستفيد المسلمون من هذا عظيم الفائدة.

 فهناك مسائل لابد للمسلم معرفتها ليقتدي برسوله فتقبل اعماله عند الله. مثلاً, هل كان الرسول صلعم يطأ زوجته الشيب (الكبيرة في العمر) بنفس الطريقة التي يطأ بها الشابة أو بنفس الطريقة التي يطأ بها الطفلة من أزواجه؟ أم أن هناك "حركات" معينة يفضلها مع نسائه بحسب اعمارهن؟ هل كان يطلب من الجواري ان يقمن بأشياء إضافية؟ هذه امور تهم الفرد المسلم تماماً كما تهمه حركة سبابة الرسول أثناء الصلاة أو كما تهمه مسألة أن الرسول كان يأكل لحمة الكتف أو أنه كان يبدأ باليمنى عندما يلبس الحذاء ويبدأ باليسرى عندما يخلعه. إن هذا السيناريو سيفتح امام المسلمين آفاق رحبة في الفقه والسُنة وسيجعلهم يتبعون نبيهم عن تيقن دون الحاجة إلى الرجوع إلى الأحاديث المختلف عليها والتي ربما حرفها اليهود....ويا دار ما دخلك شر!

 السيناريو الثالث: نستنسخ صلعم ويهتز إيمان المسلمين بهذا النبي وربه المزعوم. ويبدأ المسلمون التساؤل حول دعوته وأخلاقه وسيرته. صدقوني صدقوني صدقوني ( التكرار للتأكيد وقد اقتبست هذا الأسلوب البلاغي من صلعم)..اقول صدقوني عندما يبدأ المسلون, خصوصاً المتعلمون, بالتساؤل سيعني هذا انهم في طريقهم إلى النجاة. سيتسآلون وسيُشككون أولاً في رسالة صلعم وبعدها في شيوخ الدين وبعدها سيأتي دور شيوخ البترول وبعدها معاملة المرأة. باختصار سيفتحون ابواب الحضار الإنسانية التي أغلقوها على مجتمعاتهم لإنهم أسرفوا في ممارسة الإيمان وفشلوا في ممارسة فن التساؤل.

 سلامي ومحبتي
 نبيل طاهر

الاثنين، 11 يونيو 2012

الإسلام الأول



الزرادشتية أو الإسلام الأول ديانة  أسسها النبي زرادشت في زمن غير مؤكد من النصف الأول للألف الأول قبل الميلاد.
 ولد النبي زرادشت في إحدى المناطق الإيرانية النائية عن مركز الحضارة. وعلى ما تقوله النصوص المقدسة الزرادشتية، فإن مظاهر الطبيعة كلها احتفلت بولادته،تماما كما احتفلت بسيد البشر، وحدثت سلسلة من المعجزات التي رافقت هذا الحدث المهم في تاريخ الكون والإنسانية. أما الشيطان فقد هرب واختبأ، ثم ما لبث أن أرسل زبانيته لإهلاك الرضيع، فلما اقتربوا منه تكلم في المهد (أسطورة المسيح في القرآن)، ونطق بصلاة لله التي طردت الشياطين. وعندما شب على الطوق جاء الشيطان ليجربه وعرض عليه أن يعطيه سلطاناً على الأرض كلها مقابل تخليه عن المهمة التي كان يعدّ نفسه لها، ولكن زرادشت نهره وأبعده عنه( أما محمد فقد ذهب إلى حدّ خنقه و ربطه بسارية المسجد لولا دعاء أخيه سليمان).انخرط زرادشت منذ يفاعته في سلك الكهنوت، وصار كاهناً على دين قومه. غير أن هذا الكاهن ما لبث أن انشقّ على المعتقدات التقليدية، وأحدث انقلاباً كان له أعمق الأثر في الحياة الروحية لإيران وللإنسانية على حد سواء، عندما جاءه وحي النبوة وهو في سن الثلاثين.أظن أن التطابق لحدّ الآن واضح و جلي بين نبينا سيد البرية و زراديشت الكذّاب.
فبينما كان الكاهن الشاب يشارك في إحدى المناسبات الطقسية، دعت الحاجة إلى بعض الماء، فتطوع زرادشت لجلبه ومضى إلى النهر القريب؛ وبينما هو يملأ قربته تجلى له على الضفة كائن نوراني(جبريل الأول)، فخاف منه وحاول الفرار، ولكن الكائن طمأنه وكشف له عن هويته قائلاً بأنه ملاك من عند الإله، وأنه واحد من الكائنات الروحانية الستة التي تحيط بالإله الواحد وتعكس مجده. ثم أخذ بيده وعرج به إلى المساء حيث مَثَلَ في حضرة أهورا مزدا، وهو الاسم الذي يطلقه زرادشت على الله، وتلقى منه الرسالة التي يتوجب عليه إبلاغها للناس.فسبحان الذي أسرى بعبده ليلا أول مرة
.العقيدة
يتميز المعتقد الزرادشتي بابتكاره لأكثر التفسيرات منطقية لوجود الشر في العالم. ففي البدء لم يكن سوى الله- أهورا مزدا؛ وجود كامل وتام، وألوهة قائمة بذاتها مكتفية بنفسها. ولكن هذه الألوهة اختارت أن تخرج من كمونها وتُظهر ماعداها إلى الوجود، فكان أول خلقها روحان توأمان هما سبينتا ماينيو( عزرائيل  الذي يعتبر حسب العقيدة اليزيدية رئيس حكومة الله الذي فوض له شؤون العباد ثم استوى على العرش) وأنجرا ماينيو(الشيطان خصم الله و عدوه اللدود). ولكي يكون لهذين الروحين وجود حقيقي مستقل عن خالقهما، فقد منح لها خاصية الحرية. وبداعٍ من هذه الحرية المطلقة فقد اختار سبينتا ماينيو الخيرَ ودُعي بالروح القدس، واختار أنجرا ماينيو الشرّ ودُعي بالروح الخبيث. بعد هذا الخيار الأخلاقي للتوأمين، كان لا بد من تصادمهما ودخولهما في صراع مفتوح. على الرغم من أن الله كان قادراً منذ البداية على سحق أنجرا ماينيو(الشيطان) ومحو الشر في مهده، إلا أنه آثر عدم التناقض مع نفسه بالقضاء على مبدئ الحرية الذي أقره، والسير بخطته التي تقوم على مقاومة الشر استناداً إلى ذات المبدأ الذي أنتج الشر. وهنا عمد بمعونة الروح القدس سبينتا ماينيو(عزرائيل) إلى خلق ستة كائنات روحانية قدسية شكلت بطانته الخاصة التي تحيط به على الدوام، ويُدعَون بالأميشا سبينتا أي الخالدون المقدسون. وقد أوجدهم الله من روحه كمن يشعل الشموع من مشعل متقد. ثم إن هؤلاء أظهروا إلى الوجود بالطريقة نفسها عدداً كبيراً من الكائنات القدسية الطيبة هم الآهوريون، فعهد إليهم الرب بمهمة مكافحة الشر كل في مجاله. وبالمقابل فإن أنجرا ماينيو أظهر إلى الوجود عدداً كبيراً من الكائنات الروحانية المتفوقة هم الديفا، فراحوا يساعدونه في تخريب كل عمل طيب يصدر عن الله. وبذلك تم تشكيل عالم الملائكة وعالم الشياطين قبل خلق العالم المادي.بعد أن تأسس الشر على المستوى الروحاني، عرف أهورا مزدا الله أن القضاء على الشيطان وأتباعه لن يتيسر قبل خلق العالم المادي، لأن عالم المادة سيكون بمثابة المسرح المناسب للصراع بين جند الحق وجند الباطل.و هذا أول الفروقات مع الإسلام حيث أن الله لم يخلق الكون إلا ليتبدد فيه نور النبي و ينتشر بعد أن يخرج من فرج آمنة بنت وهب. ولسوف يعمد الشيطان أنجرا ماينيو إلى مهاجمة خلق الله بكل ما أوتى من قوة، لأنه خلقٌ حسن وطيب وكامل، ولكن هذا الهجوم سوف يفُتُّ في عضد الشيطان تدريجياً حتى يفقد قوته وسلطانه في آخر الأمر، ويُحسم الصراع لصالح الخير عند نهاية التاريخ. ولقد خلق أهورا مزدا العالم على ست مراحل زمنية (تعادل الأيام الستة في المعتقدات المشرقية اللاحقة). في البداية خلق السماء من صخر كريستالي، ثم خلق الماء، فالأرض، فالحياة النباتية، فالحياة الحيوانية، وأخيراً خلق الإنسان الأول أما في الإسلام فقد قال الله لكل شيء كن فكان و هذا يبيّن مدى الفرق بين فكر الكاهن الرزين و فكر البدوي الأمي. بعد انتهاء أهورا الله من خلق الكون انقض عليه أنجرا ماينيو الشيطان بكل قوته، فغطس في البحر ولوثه بالملح، وتوجه إلى الينابيع فجففها، وإلى الخضرة فأذبلها، ونشر الصحارى وبث فيها الأفاعي والعقارب وكل دابة مؤذية، وعمد إلى النار فلوثها بالدخان، ودخل في عقل آدم وحواء المدعوين هنا "ماشيا و "ماشو" وزرع فيه النقائص الأخلاقية أما في الإسلام فقد سكن في عقل و خيشوم و دبر المؤمن كي يفتنه عن الدين القيم.. ولكن الأميشا سبينتا تصدوا له ولجنده، ودخلوا معهم في صراع لا هوادة فيه. هذا الصراع لن يكون له نتائج إيجابية إلا بعون الإنسان، الذي يتوجب عليه أن يعي مسؤولياته الخلقية ويدعم قوى الخير بفكره وقوله وعمله الذين آمنوا و عملوا الصالحات.وعلى هذا، فإن التاريخ يسعى بشكل دينامي إلى نهايته عبر ثلاث مراحل؛ فلقد خلق الله أهورا مزدا العالم في أكمل وأطيب صورة ممكنة، واستمر على هذه الحالة ردحا من الزمن كان الشيطان خلاله نائماً، وهذه هي المرحلة الأولى مرحلة الخلق الكامل التي يسود فيها الخير. في المرحلة الثانية يهاجم الشيطان خلق الله فيمتزج الخير بالشر. في المرحلة الثالثة تبدأ عملية الفصل بين الخير والشر، وتنتهي بدحر الشيطان وعودة العالم إلى ما كان عليه في البداية. ولقد ابتدأت مرحلة الفصل هذه بميلاد زرادشت، وسوف تنتهي بظهور مخلَّص العالم المدعو ساوشيانط (المسيح الدجال، المهدي المنتظر)، الذي سيقود المعركة الأخيرة الفاصلة بين قوى النور وقوى الظلام. سوف يولد المخلِّص من عذراء تحمل به عندما تنزل للاستحمام في بحيرة كانا سافا، حيث تتسرب إلى رحمها بذور زرادشت التي حفظها هناك الملائكة إلى هذا اليوم الموعود.
ويرتبط معتقد نهاية التاريخ ارتباطاً وثيقاً بمعتقد البعث والحساب والحياة الثانية. فبعد أن يودَع الميت في القبر، تمكث روحه عند رأسه ثلاثة أيام تتأمل في حسناتها وسيئاتها. وخلال ذلك يزورها ملائكة الرحمة ويواسونها إذا كانت من الأرواح الصالحة، أو ملائكة العذاب الذين يذيقونها عذاب القبر إذا كانت من الأرواح الشريرة(نكير و منكر). وفي اليوم الرابع تُساق الروح إلى جلسة الحساب، فتمثُل أمام ميترا قاضي العالم الآخر الذي يقف خلف ميزان الحساب، وعن يمينه وشماله مساعداه اللذان يقومان بوزن أعمال الميت، فيضعان حسناته في إحدى الكفتين وسيئاته في الكفة الأخرى، ليتوجه بعد ذلك إلى الفردوس أو إلى الجحيم عبر طريق يدعى بصراط المصير، وهو عبارة عن جسر يتسع أمام الروح الطيبة فتسير عليه الهوينى إلى الجهة الأخرى حيث بوابة الفردوس، ولكنه يضيق أمام الروح الشريرة فتتعثر وتسقط لتتلقفها نار الجحيم.فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية و أما من خفّت موازينه فأمه هاوية و ما أدراك ما هيه نار حامية
يتألف الجحيم من عدة طبقات يقع أسفلها في مركز الأرض، وكل طبقة تستقبل أهلها حسب فداحة ذنوبهم وتقدم لهم من صنوف العذاب ما يوازيها. أما السماء فتتصاعد على ثلاثة درجات تنتهي بالسماء العليا المدعوة نمارو ديمانا، أي مسكن الغناء، وهناك تقيم الروح في بَرَكة وسلام إلى يوم القيامة.مع ظهور المخلص تحل الأيام الأخيرة وتقترب الساعة. يوم تلفظ الأرض ما اُتخمت به من عظام الموتى، ويُفرغ الجحيم والفردوس من سكانهما ليعودوا إلى الحشر العظيم، حيث يلتقي من مات منذ آلاف السنين بمن بقي حياً إلى يوم الدينونة. عند ذلك يسلط الملائكة ناراً على الأرض تذيب معادن الجبال وتشكل نهراً من السائل الناري يرِده الجميع، فأما الأخيار فيعبرونه كمن يخوض في نهر حليب دافيء، وأما الأشرار فينجرفون في التيار الذي يفنيهم ويمحو عن الأرض أثرهم بعد عذاب أليم. وفي ذلك الوقت يكون جند الظلام قد اندحروا في المعركة الفاصلة مع جند النور واستؤصلت شأفتهم، فيغوص نهر النار إلى أعماق الجحيم حيث لجأ الشيطان أنجرا ماينيو ومن بقي معه، فيلتهمهم جميعاً ويتم التخلص من آخر بقايا الشر. كما أن الجحيم نفسه يتطهر مثلما تطهرت بقية أجزاء الكون، ويغدو إقليماً من أقاليم الأرض الزاهرة، التي تحولت إلى جنة يسكنها الصالحون خالدين فيها أبداً.
العبادات
كانت الديانة الأصلية التي أسس لها رزادشت ديانة بسيطة ولا تعتمد إلا القليل من الطقوس. فلقد دعا زرادشت أتباعه إلى خمس صلوات في اليوم، تقام عند الفجر والظهيرة والعصر والمغرب ومنتصف الليل. وتتخذ صلاتا الظهيرة ومنتصف الليل أهمية خاصة، لأن منتصف النهار هو الوقت الذي تكون فيه قوى النور في ذروة سيطرتها على العالم، أما منتصف الليل فهو الوقت الذي تكون فيه قوى الظلام في ذروة فعالياتها، فيقوم المؤمنون لإيقاد النار دعماً لقوى النور. ولترتيل الصلوات. وتسبق الصلاة عملية الوضوء التي تتضمن غسل الوجه واليدين والقدمين. بعد ذلك يقف المصلي منتصباً مسبل الذراعين في حضرة الله أهورا مزدا، ويتلو في صلاته مقاطع خاصة من أناشيد الغاثا القديمة المنسوبة إلى زرادشت.تتجلى بساطة الديانة الأصلية في غياب المعابد والهياكل والمذابح. وزرادشت نفسه لم يعنَ بتشييد أماكن خاصة للعبادة، لأن الله موجود في كل مكان ويمكن التوجه إليه في أي مكان طاهر. كما منع النبي صنع الصور والمنحوتات لأهورا مزدا الله وبقية الكائنات القدسية؛ لذا فقد خلت المراكز الحضرية للمملكة الأخمينية من المعابد الضخمة، وكانت الصلوات تقام في البيوت أو في أماكن مفرزة للعبادة في الهواء الطلق مزودة بموقد للنار المقدسة. ولكن الملك أردشير الثاني الذي حكم من عام 485- 425 ق.م، خرج على هذه التقاليد وكان أول من بنى المعابد الضخمة على الطريقة البابلية وزينها بصور للكائنات السماوية. ولكن فريقاً من الكهنة عارضوا هذا الإجراء وردوا عليه بإقامة معابد تتصدرها شعلة النار المقدسة بدلاً من تماثيل الآلهة، وبذلك ظهرت لأول مرة معابد النار في إيران، وأخذ أهل الديانات الأخرى يصفون الزرادشتيين بأنهم عبدة النار، في الوقت الذي لم تكن النار بالنسبة إليهم إلا رمزاً للألوهة المطلقة الخافية. ومع ظهور معابد النار نشأت طبقة جديدة من الكهان المتفرغين لطقوس النار عُرفت تاريخياً باسم ماجي، وباللغة اليونانية ماجوس التي استمدت منها التسمية العربية مجوس.
الواجب الخلقي
 على الإنسان أن يُعنى بأخيه الإنسان وببقية مخلوقات الأرض، لأنهم جميعاً صنعة الله الواحد. وعليه أن يرعى جسده وروحه في آنٍ معاً؛ وتتحقق رعاية الجسد من اتباع الفرد لقواعد النظافة والصحة العامة، والاعتدال في المأكل والمشرب وتجنب الإفراط في كل شيء؛ أما رعاية الروح فتتحقق من اتباع النظام الأخلاقي السليم الذي يتلخص في ثلاثة عناصر هي: 1- الفكر الحسن، فلا يتداول الفرد في عقله إلا الأفكار الطيبة ويُبعد عنه الأفكار الخبيثة. 2- القول الحسن، فلا يصدر عنه سوى الكلام الطيب. 3- العمل الحسن الذي يفيد به نفسه وأسرته ومجتمعه، ولا يبادر إلى أذية أي مخلوق.
 من خلال هذه الأخلاق يستطيع الإنسان أن يكافح الشر ويساعد القوى الإلهية الخيرة على دحر الشيطان ورهطه
.طقوس الموت:
تقوم طقوس الموت في الزرادشتية على نظرة النبي إلى الموت باعتباره ناتجاً من نواتج فعاليات الشيطان في العالم. فأجساد الأحياء تنتمي إلى الله أهورا مزدا، بينما تنتمي جثث الموتى إلى الشيطان. إن لمس أي جثة هو مصدر للنجاسة، وعلى من احتك بها أن يطهر نفسه بالماء كما في الإسلام؛ كما أن أي جزء مقتطع من الجسم الحي مثل قصاصات الأظافر أو قصاصات الشعر هو جزء ميت ويجب عدم الاحتكاك به. وجميع الحيوانات التي تتغذى على الجثث من النمل والذباب والكلاب والضباع وما إليها، هي حيوانات نجسة يجب قتلها أينما وجدت. من هنا فقد خضعت عملية دفن الموتى إلى طقوس خاصة يقوم بها اختصاصيون يعرفون كيف يطهرون أنفسهم بعدها. فقد كانت جثة الميت تسجى على مصطبة حجرية في منطقة نائية أو في سفح جبل، ولا يسمح لها بالاحتكاك بتربة الأرض كيلا تلوثها، وهناك تترك مكشوفة حتى تتحلل بالعوامل الطبيعية أو انقضاض الجوارح عليها. وبعد فترة كافية لتحلل الجسد تدفن العظام تحت التراب انتظاراً لبعثها في يوم القيامة.
قواعد الطهارة:
لم تضاه الزرادشتية قبلها أو بعدها ملَّة في الحفاظ على طهارة الجسم والمأكل والمشرب. ويأتي حرص الزرادشتي المبالغ به على النظافة من اعتقاده بأن الفساد والتحلل والعفونة وكل أنواع القذارة هي من عمل الشيطان. من هنا فإن النظافة والبُعد عن الاحتكاك بكل ما هو قذر وملوث هو شأن يعادل الصلاة والعمل الطيب، لأن في التزام قواعد الطهارة محاربة لقوى الشيطان. وبذلك يستطيع الإنسان المساهمة في محاربة الشر الكوني من خلال أدائه لأصغر واجباته اليومية.
التطور التاريخي:
بقيت تعاليم زرادشت التي بثها في أناشيد الغاثا لفترة طويلة بمثابة الإنجيل الذي يحفظ جوهر الدين ويجمع المؤمنين حول العقيدة. ولكن لغة هذه الأناشيد صارت قديمة بمرور الزمن، ودعا أسلوبها البليغ المختصر الكهنة إلى التوسط من أجل تبسيط أفكارها وشرحها للناس. وقد تراكمت هذه الشروحات تدريجياً حتى شكلت مصدراً آخر من مصادر الديانة الزرادشتية، وجُمعت تحت اسم الأفيستا؛ ثم تطلبت هذه المجموعة من الشروحات بدورها الشرح والتفسير فنشأ على هامشها كتاب الزند (القرآن) أفيستا، أي شرح وتعليق على الأفيستا. وقد لعب المجوس دوراً مهماً في تحرير وتطوير الأفيستا، ولكنهم أدخلوا تعديلات مهمة على أفكار زرادشت الأصلية، فبنوا لاهوتاً متكاملاً عن مجمع الملائكة ومجمع الشياطين، فصارت الملائكة التي تعمل تحت إمرة سبينتا ماينيوالروح القدس تُعد بالآلاف، وكذلك الشياطين التي تعمل تحت إمرة أنجرا ماينيو. كما تحول الأميشا سبينتا من قوى مجردة وغير مشخصة إلى كائنات إلهية لكل منها وظيفة محددة في نظام الكون والطبيعة، وصارت فروض العبادة والتقديس تقدم إليها بما هي كذلك.
 كما أدخل المجوس على العقيدة الأصلية تعديلاً جذرياً انحرف بها عن فكر زرادشت، عندما جعلوا أنجرا ماينيو الشيطان يقف على قدم المساواة مع الله أهورا مزدا، ونظروا إليهما كخصمين متصارعين منذ البدء؛ وبذلك تحول أهورا مزدا من إله يسمو فوق الروحين البدئيين المتنافسين إلى طرف مباشر في الثنوية الكونية.وفي عقيدة الزورفانية التي طورها فريق من المجوس، صار أهورا مزدا وأنجرا ماينيو (الذي يتخذ هنا اسم أهريمان) ابنين توأمين للإله الأعلى المدعو زورفان(الله أكبر)، أي الزمن. وقد عهد زورفان إلى أهورا مزدا بمهمة خلق العالم ليغدو مسرحاً للصراع المكشوف بين قوى الخير وقوى الشر، وحدد لصراعهما ردحاً معيناً من الزمن ينتهي بغلبة أهورا مزدا على خصمه أهريمان؛ وبقي بمثابة العلة الأولى والإطار الذي تجري ضمنه أحداث الكون. وقد تحولت هذه العقيدة من هرطقة تعيش على هامش زرادشتية الأفيستا إلى دين رسمي للدولة في عهد الأسرة الساسانية، حيث تحولت الزرادشتية في المراحل المتأخرة للتاريخ الإيراني القديم من ديانة عالمية تتوجه إلى جميع بني البشر إلى ديانة قومية خاصة بإيران. وهذا ما أضعف موقف الزرادشتية تجاه الديانات العالمية اللاحقة وهي المانوية والمسيحية والإسلام
اقتباس عن فارس السواح بتصرف