الأربعاء، 24 مارس 2010

أ لم يجدك يتيما فآوى


أ لم يجدك يتيما فآوى  و وجدك ضالا فهدى  و وجدك عائلا فأغنى

القاعدة القثومية في التفسير تقتضي قلب الآية رأسا على عقب ، و تناولها من الخلف بعد التذكير بأن سورة الضحى نزلت بعد فتور الوحي ، و كلام الناس و من ضمنهم أم جميل امرأة أبي لهب و خديجة زوج النبي التي قالت للنبي: ما أظن ربك إلا قلاك . فنزلت و الضحى و الليل إذا سجى ، ما ودّعك ربك و ما قلى ..إلى آخر السورة.
و الملفت للانتباه أن فتور الوحي هذا لم يحصل لمحمد مرة واحدة. بل، حصل له  أكثر من ذلك ، بدليل تواتر الروايات في هذا الباب.إلا أن ما يجب الإشارة إليه هو أنه في هذه المرة فتر الوحي لاثني عشر أو خمسة عشر يوما
فتدخل رب محمد يقسم لنبيه بضحاه و ظلامه أنه ما ترك محمدا و لا بغضه ، بدليل أنه هو الذي وجده يتيما فآواه و ضالا فهداه و عائلا فأغناه
أول ما يثير الانتباه في هذه الآية هو فعل( وجد)
إذ ما معنى أن الله العلي القدير قد وجد نبيه يتيما؟؟
هل معناه أن الله كان غائبا أو غافلا ، و لمّا حضر من غيبته أو انتبه من سهوته؛ سبحانه و تعالى عمّا يصفون؛ فوجد نبيه يتيما؟؟؟
أ ليس هو الذي يعلم ما في الأرحام و يكتب أقدار الناس  و يقدّر لهم أالأرزاق و الأعمار و إليه يرجعون؟؟
أ لم يكن حريا به سبحانه و تعالى أن يقول
أ لم يقدّر لك أن تكون يتيما فآواك؟؟
أو
أ لم يكتب عليك ربّك اليتم و بعده آواك؟
إنّ فعل( وجد) في هذه الآية ينفي الحكمة الربانية المزعومة من وراء ظاهرة يتم نبيه. بل و يضع الكثير من علامات الاستفهام حول قائل هذا الكلام
فلنقلب الآية إذا ، حسب النظرية القثومية
و لنسأل عمن أغنى محمدا بعد أن كان معدما يعيش عالة على عمه الفقير أبي طالب.
هنا ينبع لنا اسم شاحب المعالم ، غائر القسمات، طواه التاريخ الإسلامي طيا و كوّمه في مزبلته المقدسة و جعله نسيّا منسيا
ذلكم ورقة بن نوفل صهر محمد و عم خديجة التي تساءلت بكل .وقاحة مثل امرأة أبي لهب :أرى أن ربك فد قلاك!!
تلك علامة استفهام أوجهها للحريري صاحب قس و نبي لن أغوص فيها أكثر حتى لا يضيع المعنى في فضول الكلام
على كل فالفضل في زواج محمد من خديجة يعود كله إلى حب ورقة لمحمد و إيثاره له و تعلقه به لمدة تنيف عن الأربعين سنة ، تطويها كتب التاريخ و السير و المغازي طيا و ترمي بها في سلة المهملات. فورقة هو من سبّب في قبول خديجة بفكرة اشتغال تلميذه محمد في تجارتها و هو من أقنعها في الأخير بقبول الزواج منه ، و ذلك لِما توسم فيه من طموح و حيوية و جدّ و مثابرة . و من جهة أخرى ردّا لجميل عبد المطلب الذي اختار ورقة من دون القسيسين و الرهبان الذين تعج بهم مكة لمشروع تعريب الإنجيل، المهمة التي كان يسهر على تنفيذها ورقة في غار حراء مدة أربعين سنة.
فكان ورقة بذلك هو السبب المباشر المادي و المحسوس في غنى محمد بمال خديجة بعد أن كان عالة على عمه و مجتمعه
ثم لنسأل عمن هداه بعد أن كان ضالا
فالروايات في شأن ضلال نبي المسلمين تتراوح ما بين الضلال المادي الفيزيقي و الضلال المعنوي الروحي
و نحن سنتناول الضلالين
فلو كان الضلال معناه التيهان و فقدان السبيل فالروايات تحكي أنه (ص) تاه مرارا و تكرارا ، و لا داعي لسرد كل ما حكي عن تيهه (ص) عند الكعبة أو في باب مكة أو أثناء رعيه الغنم ، فالمهم أن السير و الصحاح و التفاسير كلها تحكي عن أنه تاه.  و مما تحكيه إحدى هذه الروايات أنه تاه في واد تهامة و أن جده عبد المطلب و ورقة بن نوفل هما من ذهبا للبحث عنه فوجداه و أعاداه إلى أمه التي كانت ترضعه
و كانوا قد سمعوا ـ كما تزعم السير و الأخبار ـ مناديا ينادي من السماء: معاشر الناس لا تضجوا، فإن لمحمد ربا لا يخذله ولا يضيعه، وإن محمدا بوادي تهامة، عند شجرة السمر. فسار عبدالمطلب هو وورقة بن نوفل، فإذا النبي صلى اللّه عليه وسلم قائم تحت شجرة، يلعب بالأغصان وبالورق.
تفسير الضحى : القرطبي و ابن كثير
و إذا كان الضلال يعني الجهل بالله و الدين كما يذهب بعض المفسرين فإننا كذلك سنجد أن ورقة هو من علّم محمدا الذّكر،قبل أن يأتيه الوحي المزعوم ، و عرّفه على شخص الله تبارك و تعالى و أطلعه على تعاليمه التي ترجمها في قرآن مكة.ففي كلا الحالتين و كلا الضلالين نجد أن ورقة هو الهادي المادي الحاضر لمحمد لا غيره.
هكذا نلاحظ أن ورقة الذي أغنى محمدا في ذله،قد كان هونفسه من هداه في ضلاله
فيبقى السؤال الطويل العريض من ذا الذي آواه (ص)  لمّا كان يتيما؟؟؟؟؟
ورقة أغناه و ورقة هداه الهدايتين .
ورقة علّمه و فضّله على جميع أقرانه و منحه القسوسية و الخلافة من بعده و ارتضاه لأغنى فتيات قريش ، ابنة عمه ، مستأثرا إياه عن نفسه ....
فهل كل ما فعله ورقة مع محمد لم يكن إلا لمجرد حبّه له و توسّمه فيه النبوغ و الذكاء و ردّا لجميل عبد المطلب؟؟؟
أم أن هناك أسبابا أكثر واقعية و أكثر جدّة من هذه؟؟
لنتتبع إذا
ـ عبد المطلب يختار ورقة لمشروع هامّ و حيويّ،يجعل ورقة يلازم عبد المطلب ولا يفارقه و يصحبه كظله، إنْ في الغارأو الدار ، دار عبد المطلب طبعا.
ـ ورقة بن نوفل قريب عبد المطلب ، فكلاهما من وُلد قصي بن كلاب أول ملك لمكة بعد حرب خزاعة
ـ ورقة بن نوفل قس في مقتبل العمر لم يسبق له زواج و لم يُذكر له عقب.فهو لما مات لم يترك زوجة و لا صاحبة و لا ولدا
ـ  في الدار ، دار عبد المطلب طبعا، التي يختلف إليها ورقة في كل وقت و حين، توجد امرأة شابة جميلة توفي عنها زوجها و تركها حاملا( من أربع سنين؟؟؟؟؟)ثم ولدت الشابة ، فبهت الجميع. ما هذا يا ابنة وهب إئنك قد جئت شيئا نكرا.
هنا
تدخل الذي هدى محمدا و أغناه
هنا تدخل الذي لا يجادله أحد في مكة و لا يردّ له كلِمًا ،و حكم بالحمل أربع سنين ليروح مالك و غيره ينسجون على منواله المخاريق تأكيدا لنظرية القس بالحمل أربع سنين
لماذا يا قس؟؟
لماذا يكذب القس على الله ربه؟ هل لمجرد أن ينقذ ماء وجه آمنة بنت وهب؟؟أم لغاية في نفس يعقوب قضاها؟؟
ـ الملاحظة الأخيرة هي وجود جنين بدون نسب في الدار ،دار عبد المطلب طبعا ، و لا أحد يرغب فيه.
ورقة القس الأعزب ـ آمنة بنت وهب الحامل (من أربع سنين) ـ محمد المطعون في نسبه
المعادلة إذا جمعت أطرافها تعني
أن ورقة هو الذي آوى محمدا عند عبد المطلب لما تدخل إلى جانب آمنة و نصح عبد المطلب بلمّ المشكل و القبول بتبني محمد درءا للقيل و القال.
و بالتالي فسورة الضحى هذه من تأليف بشري و ليست من وحي إلهي
إذ هي في الحقيقة تتحدث عن مشكل مسكوت عنه حدث بين الأستاذ المترجم  ورقة و تلميذه المتنبي محمد أدى إلى القطيعة بينهما . و لما عادت المياه إلى مجاريها بعد استعطاف محمد و ندمه ، أسعفه ورقة بهذه المقطوعة التي يبين فيها فضله عليه. إذ لولاه لما كان محمد شيئا مذكورا،  فهو من آواه إلى عبد المطلب و نسبه إليه لمّا كان يتيما، و هداه الهدايتين لمّا كان ضالّا أو تائها، وهو من أغناه لمّا كان عائلا ذليلا حقيرا. لدى بجب عليه أن يذكر نعمه و فضله عليه  ( و أما بنعمة ربك فحدث)
و الظاهر أن الأمور ستسوء بعد هذه السورة بين ورقة و محمد أكثر فأكثر . لأن محمدا لن يبقى جاهلا بنسبه طول العمر. و الأرجح أن هذه القطعة قد نبّهت محمدا إلى العلاقة المبهمة التي تجمع بينه و بين القس. و فسرت له كثيرا من اهتمام القس و تعلقه به.فكانت العداوة الطبيعية التي انتهت بنبذ القس و إخراجه من التاريخ.و هذا ما يعززه لدينا الحديث الشارد الذي يحلق في سماء كل السير والمغازي و المرفوع إلى الرسول بدون سند لا تسبوا ورقة فإني قد رأيت له جنتين، حديث إن عبر عن شيء فإنما يعبر عن أسف قائله اتجاه المعني بالسب
و يبقى السؤال عالقا لماذا تدخل سيدنا القس؟
و لماذا كل ذاك الحب و الحذب على محمد من طرف سيدنا القس؟؟
أ لا يمكن أن يكون سيدنا القس هو الأب البيولوجي الحقيقي لسيدنا محمد بن آمنة رضي الله عنه و أرضاه؟؟
أبو نبي الصعاليك




الثلاثاء، 23 مارس 2010

فتوى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار





وأفتى محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح بأن لبن البهيمة ينشر الحرمة ، فلو شرب اثنان أو أكثر من لبن شاة واحدة صاروا إخوة أو أخوات من الرضاعة.  قال السرخسي في المبسوط : ولو أن صبيّين شربا من لبن شاة أو بقرة لم تثبت به حرمة الرضاع ، لأن الرضاع معتبر بالنسب ، وكما لا يتحقق النسب بين آدمي وبين البهائم فكذلك لا تثبت حرمة الرضاع بشرب لبن البهائم. وكان محمد بن إسماعيل البخاري صاحب التاريخ رضي الله عنه يقول : تثبت الحرمة. وهذه المسألة كانت سبب إخراجه من بخارا ، فإنه قدم بخارا في زمن أبي حفص الكبير رحمه الله ، وجعل يفتي فنهاه أبو حفص رحمه الله ، وقال : لست بأهل له. فلم ينته ، حتى سُئل عن هذه المسألة فأفتى بالحرمة ، فاجتمع الناس وأخرجوه 
المبسوط 30|297 ، 1|139
..........
كل من يشرب الحليب من نفس البقره  يجب  أن يطلق  زوجته  فوراً
حتى لو كان عنده  اطفال   ..الطلاق  الطلاق  ولا نقاش مع  هذا 



رانيا
http://www.rawndy.net/smf/index.php?topic=387.0


أبو نبي الصعاليك

الأحد، 21 مارس 2010

أم الفتاوى


فتوى في جواز توسيع الدبر باللواط إذا كان الغرض منه الجهاد
و في جهادهم جنس أيضاً
!
يقال أن الإرهابي الذي فجر نفسه في محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايفأدخل كبسولات التفجير على دفعات إلى مؤخرته، على شكل تحميله .
ويقال – والله أعلم - أن الإرهابي قبل أن يفعل سأل شيخاً صحوياً عنأنه ينوي أن تلاك في دبره كبسولات التفجير، طلباً للجهاد، لتنفيذ عملياتجهادية رغبة في الحور العين .
طرح الإرهابي على الشيخ السؤال بهذه الصيغة :
شيخنا رزقكم الله الشهادة والحور العين في الجنة .
أردت رضي الله عنكم أن أقوم بعملية استشهادية، وتقدمت إلى "الشيخأبو الدماء القصاب" . فقال لي إننا ابتكرنا طريقة جديدة وغير مسبوقة فيالعمليات الاستشهادية، وهو أن يُـلاك في دبرك كبسولات التفجير ، ولكي تتدرب علىهذه الطريقة الجهادية لا بد أن ترضى بأن يُلاط بك فترة كي يتسع دبرك، وتكونمؤخرتك قادرة على أن تتحمل عبوة التفجير , وسؤالي رحمك الله :
هل يجوز أن أبيح دبري لأحد الإخوة المجاهدين إذا كانت النية صالحة، والهدف الدربة على الجهاد، ليقوم بتوسيعدبري؟ ..
فحمد الله الشيخ وأثنى عليه، وقال : الأصل
أن اللواط محرم ولا يجوز . غير أن الجهادأولى، فهو سنام الإسلام. وإذا كان سنام الإسلام لا يتحقق إلا باللواط، فلابأس فيه، فالقاعدة الفقهية تقول :
الضرورات تبيح المحظورات.
وما لا يتحقق الواجب إلا به فهوواجب، وليس هناك أوجب من الجهاد.
وعليك بعد أن يلاط بك أن تستغفرالله، وتكثر من الثناء عليه، وتأكد يا بني أنالله يبعث المجاهدين يوم القيامة حسب نياتهم، ونيتك إن شاء الله نصرة الإسلام.
نسأل الله أن يجعلك ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه . وصلى الله علىمحمد
وقال بعض أهل الظاهر لا شئ على من فعل هذا الصنيع )
المجموع - محيى الدين النووي / ج 20 / ص23 / ط دار الفكر )
و من لاط عبده لا حد عليه إنما يعتقه فقط!
وقال ابن عقيل في فصوله : فإن كانالوطء في الدبر في حق أجنبية وجب الحد الذي أوجبناه في اللواط ، وعلى هذا فحدهالقتل بكل حال ، وإن كان في مملوكه -أي عبده - فذهب بعض أصحابنا أنه يعتق عليهوأجراه مجرى المثلة الظاهرة ، وهو قول بعض السلف ).
بدائع الفوائد لابن القيم الجوزية / ج4 ص908/ ط مكتبة نزار الباز مكة 1416هـ)
أقول : كل يوم يأتون بعبد!!
وذهب الحاكم والإمام أبو حنيفة إلى أن عقوبته دون عقوبة الزانيوهىالتعزير قالوا لأنه معصية من المعاصي لم يقدر الله ولا رسوله فيه حدا مقدرا ... )
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم / ج1 / ص118 / ط دارالكتب العلمية بيروت )
إذا وطئ الجندي المجاهد جارية من إماء المغنم قبل القسمة فلا يقام عليهالحد. لوجود شبهة حيث لا يقام حد في أرض الحرب ، و لا في حال الغزو ، حتى لا يلحقبالعدو. )
الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري / كتاب الحدود - زنا المجاهد / ص1196 /الطبعة الأولى لدار ابن حزم - بيروت)

http://osodalsona.freeforums.org/topic-t2275.html[/url]

أبومحمد نبي المنافقين

الأحد، 7 مارس 2010

نظام الصعاليك و مبادئه العليا




الصعلكة هي الخروج على الأعراف و التمرد على الأهل و الحيّ و المجتمع ، و تلك لعمري مرحلة يجتازها كل يافع شاب مراهق .و الصعلوك من تمرد على الأخلاق و الأعراف و حقد على المجتمع لسبب من الأسباب و عادى الأهل و الأقارب و اتخذ لنفسه الانحراف سلوكا و الشذوذ عن القواعد طريقا ، فأضحى عاقا يتبرأ منه الأهل و العشيرة و ينبذه المجتمع.
على أن الصعلوك هذا يمكن ثنيه و إعادة تأهيله و تقويم سلوكه ليصير فردا مندمجا في مجتمعه و أهله
لكن في مجتمع متفكك  منعزل فقير مثل مجتمع الجزيرة العربية قلما كان يعالج الصعلوك من صعلكته ، بل كان المجتمع يفرخ من الصعاليك ما لا قدرة له على استيعابه.مما جعل أعداد الصعاليك تتزايد و أوضاعهم تتفاقم و أنواعهم تتناسل.فأصبحوا يتجمعون بمعازل لهم مبتعدين عن التجمعات البشرية. يمارسون كل أنواع الإجرام و اللصوصية و البغي بغية الحصول على لقمة العيش. فكثرت تجمعاتهم و كبرت أحياؤهم ،و أصبحت لهم  صولة و سمعة و مصالح و حرمات، و أضحى منهم المسيرون و المنظمون و الرؤساء و الأمناء و الفوارس و الشجعان و الشعراء و الأدباء و الرؤساء.و هؤلاء كلهم من المستفيدين من الصعلكة و القائمين عليها ، ليسوا بالضرورة كلهم من فئة اجتماعية واحدة ، بل منهم أبناء الملوك كامرئ القيس ومنهم العبيد كالسليك و تأبط شرا و عنثرة فارس العرب و منهم الفقراء الذين تشبثوا بحياة الصعلكة و أبوا المحيد عنها مثل عروة بن الورد العبسي معاصر عنثرة.فهؤلا ء لا أسميهم بالصعاليك إنما هم متصعلكون احترفوا الصعلكة فصاروا لها أبطالا.
و في كتابه »العصر الجاهلي« يحدد الدكتور شوقي ضيف معنى الصعلوك لغة بأنه الفقير الذي لا يملك المال الذي يساعده على العيش وتحمل أعباء الحياة,و كذلك لسان العرب و القاموس المحيط .ثم يؤكد أن هذه اللفظة تجاوزت دلالاتها اللغوية و أخذت معاني أخرى كقطاع الطرق الذين يقومون بعمليات السلب و النهب.... و يمكن تقسيم الصعاليك إلى فئات ثلاث:‏
فئة الخلعاء الشداد و هم الذين خلعتهم قبائلهم بسبب أعمالهم التي لا تتوافق مع أعراف القبائل التي ينتمون إليها مثل حاجز الأزدي, و قيس الحدادية .‏
و فئة أبناء الحبشيات السود ممن نبذهم آباءهم و لم يلحقوهم بأنسابهم مثل السليك بن السلكة ,وتأبط شراً ,والشنفرى‏
و فئة احترفت الصعلكة احترافاً وحولتها إلى ما يفوق الفروسية من خلال الأعمال الإيجابية التي كانوا يقومون بها مثل عروة بن الورد سيد الصعاليك و قبيلتي هذيل وفهم .‏ انتهى
و هؤلاء هم المتصعلكون الذين صنفهم بدورهم  عروة ابن الورد في الأبيات التالية إلى صنفين:
لحا الله صعلوكا إذا جن ليله ...... مصافي المشاش آلـفاً كلً مجرر
بعد الغنى من دهره كل ليلةٍ ..... أصاب قرَاها من صديق ميسرِ
ينام عشاءً ثم يصبح طاوياً........ يحث الحصى عن جنبه المتعفرِ
قليل التماسِِِ ِ الزادِ إلا لنفسه.......إذا هو امَسى كالعريش المجَوّرِ
يعين نساءَ الحي ما يَسْتعينهُ...... فيصحِى طليحا كالبعير المحّـسر
ولله صعلوكٌ صحيفة وجهه..........كضوء شِهابِ القابس المتنّور
مطلاً على أعدائه يزجرونه.........بساحاتهم زجر المنيح المشهرِ
فإن بعدوا لا يأمنون اقترابَه........تَشَّوفَ أهل الغائب المنتظرِ
فصنف جعله في منتهى الضعة والذله ,, وصنف الآخر وصفه بمنتهى العزة والسمو,,
و جعل الفقر أساسا و سببا لكليهما ، فوصف المتصعلك الأول بالفقير الكسول الخامل الدنيء النفس ، ساقط الهمة الذي  يتلمس رزقه من السؤال ويدور على الموسرين.، فهذا صعلوك حقير.
و وصف الثاني بالشهم والشجاع المتلألئ الوجه عند الشدائد.، الذي يطلب رزقه من سن رمحه ، فإن نال ما طلب طَعمِ منه وأطعم ، واكل وآكل ، وتزودّ وزوّد ، حتى يأتي على آخره فإذا هو فقير...
كما نجد حاتما الطائي يقول بنفس التصنيف لهذه الفئة من المتصعلكين ، لما ينشد قائلا:
لحا الله صعلوكا مُناه وهّمه......من العيش أن يلقىَ لَبوساً ومطعما
ينام الضحى حتى إذا الليل جنه.....تنبه مثلوج الفؤاد مَُوَرّما
مقيما مع المثرين ليس ببارح.....إذا نال جدْوَى من طعام ومجْثما
ولكن صُعلوكا يُساورُ الهمهُ.......ويمضى على الهيجاء ليثاً مُصَمّما
إذا ما رأى يوماً مكارم أعرضت......تيمم كُبْرَاهنّ ثمت صمّما
لقد استطاع المتصعلكون من أمثال عروة و ابن بصير الذي سوف نأتي على ذكره من أن يخلقوا بالصعاليك المنتمين إليهم داخل الجزيرة مجتمعا هامشيا ذا أخلاق و مبادئ منافية للأعراف القبلية السائدة ، تقوم على العنف و السلب و المكر و الخداع و الخيانة و الغدر و القتل لأتفه الأسباب و توزيع الغنائم و تخصيص الزعيم بالخمس أو الربع . و يدعي دارسو الأدب و الشعر الجاهلي أن هؤلاء المتصعلكين كانوا إلى جانب لصوصيتهم و خشونة أخلاقهم كرماء جوادين نبلاء ، يحسنون إلى الفقير و يجودون على المعسر و يعينون المغلوب على أمره؟؟ و هذا ما نجده فعلا  متراكما في أشعارهم.إلا أن هناك تناقضا بسيطا يقفز عليه هؤلاء الدارسون و المحللون. فالكريم هو من يجود من ماله الحلال على الآخرين و ليس من مال غيره.أما إذا كان هذا المال عن طريق السطو و القتل فأي أخلاق تذكر بعد هذا؟؟
.يقول الشاعر الصعلوك
يجود علينا الخيرون بمالهم
و نحن بمال الخيرين نجود
فالفرق بين الصعلوك و الخيِّر ظاهر
إذا جاد الصعلوك جاد بما ليس له أي بما لغيره، إذا فهو ليس خيّرا و لا كريما
و من أين لمن تشبع باللصوصية و الإجرام و قطع الطرق و سبي النساء أن يكون خيّرا كريما جوادا.؟؟
تلك من التناقضات التي لا يقبلها إلا العقل العربي بفعل الذين يريدونه أن يبقى عقلا عربيا متفردا متميزا عن العقل الإنساني الذي لا يقبل بالتناقض بتاتا
و نجح هؤلاء الساهرون على تنظيم مجتمع الصعاليك في وضع قواعد و سلوكيات و فلسفة لمجتمعهم الهامشي تناقض أعراف و قواعد المجتمعات الإنسانية المتحضرة.تهدف أولا هدمَ العلائق و الروابط القبلية و الإنسانية التقليدية و تجاوزها إلى خلق روابط الأخوة في الصنعة و المذهب و التفكير، ثانيا هجرة الأوطان و العيش عالة على المجتمع بممارسة النهب و القتل و احتراف الغزو لصالح الغير ثالثا هدم المجتمع الذي ينبذهم  و ينبذونه و تخريبه و السيطرة على خيراته و نسائه و تقاسمها .
و من بين مبادئ الصعاليك
* ـ الحق في انتزاع أي شيء من مالكه
يقول جواد علي في المفصل في تاريخ العرب قيل الإسلام، الجزء  التاسع، صفحة602 :
والصعاليك حاقدون على مجتمعهم، متمردون عليه... لا يبالون من شيء ولو كان ذلك سلباً ونهباً وقتل أبناء قبيلتهم وعشيرتهم، لأنهم خلعوا منها... وكل ما تقع أعينهم عليه، هو مفيد لهم نافع، ومن حقهم بحكم فقرهم انتزاعه من مالكه، وإن كان مالكه فقيراً معدماً مثلهم، ...ويرون الخلاص من هذا الذل بالحصول على المال بالقنا وبالسيف، فمن استعمل سيفه نال ما يريد، لا يبالي فيمن سيقع السيف عليه، وإلا عدّ من "العيال
قال "السُّليك":
فلا تصلي بصعلـوك نَـؤوم ***** إذا أمسى يُعد من الـعـيال
الشعراء الصعاليك، صفحة ٢٣٥مستشهد من جواد علي، الجزء التاسع
* ـ الحق في سلب الآخرين البخلاء يأمر من الله
ولذلك كان صعاليك العرب ولصوصهم وأرباب الغارة منهم يرون أن ما يحوونه من النعم بالغارة، إنما ذلك مال منعت منه الحقوق، فأرسله الله  لهم، كما قال عروة الصعاليك:
لعلّ انطلاقي في البلاد وبغيتي ****وشديّ حيازيم المطيّة بالرَّحْـل

سيدفعني يوماً إلى رب هجـمة ***** يدافع عنها بالعقوق وبالبخـل"
الجمان في تشبيهات القرآن، عبد الله بن الحسين بن ناقيا البغدادي  ، صفحة ٢٦٢وما بعدها ؛  جواد علي ، المفصل، الجزء  التاسع، صفحة  603
* ـ حق القتل والفتك بالآخرين
القتل عند الصعلوك كشربة ماء: فالحاجة عندهم تبرر الواسطة، وإذا امتنع إنسان على صعلوك وأبى تسليم ما عنده إليه، فهو لا يبالي بقتله، فالقتل ليس بشيء في نظره، منظره مألوف ... والصعلوك نفسه لا يدري متى يقتل، فلا عجب إذا ما رأى القتل وكأنه شربة ماء
.جواد علي ، المفصل، الجزء التاسع، ص 604
فمن وجد شخصاً ومعه مال، لا يجد الصعلوك سبباً أخلاقياً يمنعه من قتله للحصول على ماله ”جواد علي، المفصل، الجزء التاسع، صفحة 611/612
أغار قيس بن الحدادية- صعلوك مشهور- على جموع هوازن، فأصاب سبيا ومالا، وقتل يومئذ من بني قشير: أبا زيد وعروة وعامرا ومروحا، وأصاب أبياتا من كلاب خلوفا، واستاق أموالهم وسبيا“
الأغاني للأصفهاني الجزء السادس، صفحة 64
* ـ القسوة في القتل
نجد الشَّنْفَرَى، يصف غارة ملأت الرعب في قلب من وقعت عليهم، قام بها في ليلة باردة، عاد منها سالماً معافى بغنائم، وهو فرح بما تركه من قتل وسلب وألم في نفوس النساء والأطفال، فيقول:
فأَيَّمْتُ نِسْواناً وأَيْتمْتُ إِلْدَةً ***** وعُدْتُ كما أَبْدَأْتُ واللَّيْلُ أَلْيَلُ
الشعراء الصعاليك ، صفحة ٤٩؛ مُستشهَد من جواد علي، المفصل، الجزء التاسع  ص 612
وهذا "السُّلَيك" يخرج مع صعلوكين يريدون الغارة، فساروا حتى أتوا بيتاً متطرفاً، ووجد شيخاً غطى وجهه من البرد، وقد أخذته إغفاءة، ومعه إبله ترعى، فأسرع إليه وضربه بسيفه فقتله، ونهبوا إبله، وعادوا بها مسرعين فرحين، قتله دون أن يشعر بوخزة ضمير، لقتله انساناً نائماً طاعناً في السن يرعى إبله،  ...إلى أن قال : والضرورات تبيح المحظورات.“
الشعراء الصعاليك ، صفحة 172؛ مُستشهَد من جواد علي ، المفصل، الجزء التاسع صفحة 613
* ـ التمثيل بالقتلى و تقطيع أطرافهم من خلاف
كان الشَّنْفَرَى عندما يرمي رجلا يقطع رجله ويرمي عينه
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الثامن ص 287
السليك يدخل بخبث ليسرق بيت عازل ويقطع رأس شيخ“
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الثامن صفحة 219
* ـ تقسيم الغنائم و نظام العصابات
عروة بن ورد كان يجمع الصعاليك ويكرمهم ويغير بهم ويجعل لاصحابه الباقين نصيبه من الغنيمة
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الأول، صفحة 270
أما زعيم الصعاليك في الغزو فله الربع أو الخمس
حاجز بن عوف أحد زعماء الصعاليك كان عمه  يأخذ الربع من الغنيمة،
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء  الخامس  صفحة  687وما بعدها
و من عادات الصعالكة تأليف العصابات من الصعالكة الآخرين من العرب والإغارة بهم على قبائلهم الأصلية
قيس بن الحُدادِية خُلع من قومه وهم خُزاعة وجمع صعاليك من العرب يغير عليهم
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء  السادس ، صفحة 64
* ـ اعتماد أخوة الصنف والحرفة بدل أخوة العشيرة والقبيلة
يقول جواد علي في المفصل، الجزء التاسع، صفحة 620
وهم من عشائر مختلفة، فلا ينتسبون إلى نسب واحد، ونسبهم الوحيد الذي يربط بينهم، هو الصعلكة، والتمرد على المجتمع والتشرد في البوادي والهضاب والجبال.
* ـ تفضيل الموت على البقاء في حالة الفقر و المبايعة عليه
فلَلمَوتُ خيرٌ للفَتى منْ حَياتِهِ   *****  فقيراً، ومن موْلًى تدِبُّ عقارِبُهْ
وسائلةٍ: أينَ الرّحيلُ؟ وسائِلٍ   ***** ومَن يسألُ الصّعلوك: أينَ مذاهبُهْ
مَذاهِبُهُ أنّ الفِجاجَ عريضةٌ    ****  إذا ضَنّ عنه، بالفَعالِ، أقاربُه
ديوان عروة بن الورد ، صفحة 29
وأنّ المنايا ثَغْرُ كلّ ثنيّةٍ ****** فهل ذاكَ عما يبتغي القومُ مُحصِر؟
وغَبراءَ مَخشيٍّ رَداها، مَخوفةٍ ******* أخوها، بأسبابِ المنايا، مُغَرَّر
ديوان عروة بن الورد، صفحة 77 ؛  جواد علي، المفصل، الجزء التاسع صفحة  632
* ـ العمل بمبدأ الترويع  وإلقاء الرعب في قلوب الناس
في الحديث عن تأبط شرا – أحد قادة الصعاليك معنى يفيد أنه يغيرعلى القادم والآيب، يسلبه ويأخذ ما عنده، لا يبالي بشيء إلا بحصوله على غنيمة السلب، وهو إن قابل قافلة، فلم يتمكن منها، يكون قد رضي من فعله بما ألقاه من رعب وذعر في قلوب أصحابها، ويكون قد اشتفى بذلك منها. فهو رجلٍ منتقم، يريد أن يفرج عما ولد في قلبه من غلَ، بأية طريقة كانت
جواد علي، المفصل، الجزء التاسع صفحة 644
* ـ  نجاح الغزوات لا يتم إلا بسبي النساء
ومرّ "سُلَيْك" في بعض غزواته ببيت من "خَثْعَم"، أهله خلوف، فرأى فيهم امرأة بضة شابة، فتسّنمها ومضى
جواد علي، المفصل، الجزء التاسع صفحة 648
نجد عروة يأخذ بعض الصعاليك  فنزل بهم ما بينهما بموضع يقال له: ماوان. ثم  قتل رجلا وسبى جماله وزوجته
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الأول، صفحة 270
قيس بن الحُدَادِية أغارعلى جموع هَوَازِن، فأصاب سبيا ومالا، وقتل يومئذ من بني قشير: أبا زيد وعروة وعامرا ومروحا، وأصاب أبياتا من كلاب خلوفا، واستاق أموالهم وسبيا
الاغاني لابي فرج الاصفهاني الجزء  السادس ، صفحة64
كما أن من خصائص الصعاليك ما يتصفون به من صفات وحشية همجية تميزهم عن سائر البشرمنها
* ـ سلب الناس من أجل ان يفتدي أهلهم السبي بمال كثير
عروة يسلب امرأة وأهلها يفدوها بفداء كبير
 الأغاني،الجزء الاول، صفحة 269
* ـ  الغدر والخداع بالدخول بمكر إلى البيوت حيث يقتلوا وينهبوا
  تأبط شرا " يذهب مع صعاليك الى بلاد هذيل ويسأل راعيا لهم ويقول له عن بيت من قبيلة عتير كثير المال. ويبيتهم صاحب البيت ، ولكن الصعاليك يقتلوا كل سكان البيت ويستقوا الأموال
 الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الثامن،  صفحة681
* ـ بدأ مواجهة العدد الأكبر بالفئة الصغرى وعدم الهرب 
تأبط شرا " يغير مع ستة صعاليك على قبيلة من خَثْعَم ، فخرج 40 رجلا من خثعم ومعهم  كبير القوم . ومبدأ الصعاليك عدم الهرب وهم لا يبالون إن ماتوا. فقتل الصعاليك منهم عددا وهرب الباقون .
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الثامن صفحة 276/277

في الحلقة المقبلة سنطلع على الصعاليك و القبائل المتصعلكة قبل الإسلام ثم سنتحدث عن الصعاليم و النبي محمد ثم نختم بمشيئة هبل بالصعاليك بعد الإسلام

أخوكم
أبو نبي الصعاليك

الأربعاء، 3 مارس 2010

أبو ذر الغفاري الصعلوك الجليل تحت المجهر



فلتعلم أن ابن سعد في طبقاته قد أتى على سيدنا أبي ذر الغفاري راويا: أن أبا ذر الغفاري كان رجلا يصيب الطريق، و كان شجاعا يتفرد وحده بقطع الطريق،و يغير على الصرم ـ وهم الجماعة من الناس بأعداد قليلة ـ في عماية الصبح على ظهر فرسه، أو على قدميه،كأنه السبع، فيطرق الحي و يأخذ ما يأخذ،ثم إن الله قذف في قلبه الإسلام. انتهى كلام ابن سعد .
 و لتـعلم أعزك رب الرحمــة،  أن سيدنا أبا ذر قال أنه كان في الإسلام رابعا.وأنه الذي ما أن انتهى إليه خبر الرجل الذي بمكة ظهر حتى خفّ إليه في غير إبطاء. وما أن به اختلى صلعم حتى قذف الله في قلبه الإسلام و الإيمان .و لتعلم أنه ما أن نطق بالشهادتين بين يدي نبي الله و حبيبه المصطفى المختار حتى خرج جاهرا بالقول بها في عز سرّيتها. فناله من القوم أخذ وخيم لولا تدخل العباس دونه منبها القوم الذين اجتمعوا عليه . فيقول سيدنا أبو ذر:
فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم فقال:
ويلكم، أ تقتلون رجلا من غفار و متجركم و ممركم على غفار فاقلعوا عني.
هذا مارواه البخاري عن ابن عباس عن أبي ذر.
 و لتعلم أن سيدنا أبا ذر بعد هذا الإنجازالعجيب قد قفل إلى أهله عائدا ثم انزوى بهم في مكان يدعى عسفان يتربصون بقوافل قريش ، فكلما أقبلت لهم عير يحملون الطعام ،يعترضهم و يجبرهم على إلقاء أحمالهم فيقول لهم :لا يمس أحدكم شيئا حتى يقول لآ إله إلا الله، فإن هم قالوا أخذواأحمالهم، أ لا إن لله جنودا لم تروها.
ثم إن سيدنا أبا ذر قد لبث بين أهليه فِـرقا من الزمان يفقههم بالدين ويعلمهم أصوله و أحكامه التي لم أفهم بعد من أين كانت تأتيه و هو الذي لم تجمعه بالرجل الذي ظهر ببكة سوى سويعات قلائل.
كما أن علماءنا الأجلاء لم يحدثونا عن ان جبريل كان يعرج على غفار بالوحي. فكان هكذا أول و أكبرالمتخلفين عن كل جلائل الإسلام و مكرماته.فلم يحضر معجزات نزول الوحي و لم يشارك في أفضال غزوة بدر و لا أحد و لا الخندق و لا حتى تبوك .
 هذا هو أبو ذر جنذب بن جنادة الغفاري الذي لم يلتحق بالنبي صلعم إلا بعد أن فات ما فات وحدث ما حدث و وقع ما وقع فلا هو من الذين رضي الله عنهم إذ يبايعونك تحت الشجرة و لا هو ممن دب عن الرسول في أحد( رغم أن حدسي يقول أنه هو و قبيلته من لعبوا دور الملائكة المسومين)و لا هو ممن رأوا الآيات يوم الفتح ولا هو ممن شاهد الملائكة المسومين. و مع هذا، ورغم كل هذا فقد استحق الرجل لقب الصحابي الجليل. ولله جنود السماوات و الأرض و لكن المنافقين لا يفقهون.
و لتعـلم أعـزك رب الرحمة أن الرجل لم يستطع الاندماج في المجتمع النبوي المثالي الذي هيأ له الرسول الأكرم أسباب النجاح بعناية الرحمن. إذ منذ أن قدِمه في جماعة بني قومه و جيران لهم يدعون اسلم، فقالوا يا رسول الله إخوتنا،نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا فقٌال صلعم:غفار غفر الله لها و أسلم سالمها الله، لم يلبث فيه حينا حتى التحق النبي بربه. فكان أول الرافضين لبيعة ابن أبي قحافة الصديق إلا أنه ما لبث أن هدأ و استكان في عشرية عمر أمير المؤمنين ليعاود رفضه وشذوذه عن المجتمع النبوي زمن عثمان بن عفان.أيعقل أن يأنف امرؤ هكذامن مجتمع كوّنه النبي الكريم بالإلهام الرباني و حفّه الإله بالرعاية و زانه بالآيات أم لحاجة في نفس يعقوب ما قضاها
.‘عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ابن حجيرة الأكبر،عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله أ لا تستعملني فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف و إنها أمانة و إنها يوم القيامة خزي و ندامة إلا من أخذها بحقها و أدى الذي عليه فيها ،رواه مسلم.
هذا هو أبو ذر الرجل الخفي المحير الذي لم يشهد مناقب الإسلام و لم يلحق بمواكب الفتح و لم يعجبه المجتمع النبوي الذي بدوره لم يعجَب بالرجل و لم يقبل به نبيا آخر بل مضى عكس ما يدعوه إليه نحو التمدن والتحضر والتقدم .

فليرحم رب الرحمة أبا ذر بن جنذب بن جنادة بما رحم به سيدنا و مولانا كعبا الأحبار. و ليجازه عنا وعن الإسلام بما جازى أهل البيت الأخيار، فعن أبي حرب بن أبي الأسود قال سمعت رسول الله يقول:ما أقلت الغبراء و لا أظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر ،رواه الإمام أحمد. و عنه كان يقول صلعم: رحم الله أبا ذر يمشي وحده و يموت وحده و يبعث يوم القيامة وحده...فياسعده و يا فرحه

مقتبس من موضوع

وا معتصماه
باب جهنم
 
أبو نبي الصعاليك