نكاح الاستبضاع
رأينا في الجزء الثالث من حياتنا الاجتماعية الإسلامية تحوّل الجزبرة من النظام الأمومي إلى النظام الأبوي( البطريركي)، من النظام التعدّديّ إلى النظام الفردي الشمولي، من نظام التفـتح و التحرر إلى نظام الاستبداد و الاستعباد الإسلامي.
و رأينا أن هذا التحوّل لم يخل من سلبيات تمثلت في شيوع علاقات جنسية غير مسموح بها شرعا ، بين نساء غير مشبعات جنسيّا و رجال محرومين. إضافة إلى شيوع أنماط جنسية جديدة بين أفراد الأرستقراطية الإسلامية ؛ من جهة ؛ كنوع من التّـرف الجنسي الذي كانوا يعيشونه ـ و غالبا ما يكون أبطاله حريمهم أو غلمانهم أو هما معا ـ . و بين أفراد الطبقة الفقيرة ؛ من جهة أخرى ؛ التي كانت تجد ضالّتها في دور البغاء و القوّادين أو في الحمّامات و زوايا المساجد، حيث تواعدنا أن نقوم بجولات لنطّـلع عن كثب على خفايا ما ظهرت ، و حقائق طالما حجبت ، و نعرّي القناع عن اتهامات يكيلها المؤمنون للإلحاد و هي اتهامات أصيلة متأصلة في المجتمعات المتدينة عموما,
إلا أني آثرت قبل هذه الجولة الموعودة والمشوّقة أن أقف عند أنواع النكاح ما قبل الإسلام , لقراءتها بعمق و تفصيل حتّى نتعرّفها حقّ معرفتها جميعها ،و نتبيّن خصائصها ، تعميما للفائدة و استجلاء لأيّ لبس .
ذكرنا في الجزء الماضي أن أنواع النكاح قبل الإسلام متعدّدة و منها :
نكاح الاستبضاع و نكاح المخاذنة و نكاح البدل و نكاح المضامدة ونكاح الرهط و نكاح السّر و نكاح الشفار و نكاح المساهاة و نكاح المحارم و نكاح الزنا و نكاح البغايا و اللواط و السحاق و إتيان البهائم
و لنبدأ بنكاح الاستبضاع
أمّا نكاح الاستبضاع فهو نكاح انتقائيّ مؤقت كان الرجل يدفع زوجته إليه، بعد أن يكون قد حسم اختياره للرجل ـ العيّنة الذي ستتصل به زوجته جنسيا، بعد انقطاع دورتها الشهريّة مباشرة. و غالبا ما يكون هذا النموذج من الرجال شاعرا أو فارسا رغبة منه في تحسين النسل أو <نجابة الولد> على حدّ تعبير عائشة في الحديث الوارد آنفا.
و معنى البُضع في اللغة :النكاح أو فرج المرأة, و المباضعة: المجامعة,
و منه في لسان العرب لابن منظور الجزء الثامن في صفحته الرابعة عشر حديث عائشة : وله حصنني ربي من كل بضع أي من كل نكاح والهاء في له للنبي صلى الله عليه وسلم ،والبضع يطلق على العقد ..
و في حديث خديجة من نفس الصفحة في نفس المرجع لابن منظور ؛حين تزوّجها النبيّ، أن عمرو بن أسيد.،لمّا رآه قال:<< هذا البُضع لا يقرع أنفه>>و معناه هذا الكفء لا يردّ نكاحه.
و أصل البضع في الإبل . ذلك أن الفحل الهجين إذا أراد أن يضرب كرائم الإبل قرعوا أنفه بعصا أو غيرها ليرتدّ عنها و يتركها
و يروي ابن منظور نقلا عن ابن الأثير، أن الاستبضاع نوع من نكاح الجاهلية ، و هو استفعال من البضع (الإجماع)، و ذلك أن تطلب المرأة جماع الرجل لتنال منه الولد فقط. كان الرجل منهم يقول لأمته أو لامرأته : << أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه>>. و يعتزلها و لا يمسّها حتّى يتبيّن حملها,و إنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد, و تورد بعض كتب التاريخ أن عبد الله بن عبد المطّلب، والد الرّسول،قد تعرّض لمثل هذه التجربة قبل أو أثناء زواجه من آمنة بنت وهب, إذ أنّ امرأة من بني أسد ، و هي رقيّة أخت ورقة بن نوفل، قد مرّ بها ، وهي عند الكعبة، فقالت له حين نظرت إلى وجهه: أين تذهب يا عبد الله؟..قال : مع أبي, ,,قالت :لك مثل الإبل التي نحرت عنك و قعْ عليّ الآن!!..قال: أنا مع أبي، و لا أستطيع خلافه و لا فراقه .
و يمضي ابن هشام في جزئه الأول من سيرة النبي الصفحة التاسعة و الستون و السبعون بعد المائة قائلا أنه تركهن و مضى مع أبيه ليزوّجه بنت وهب، و أنه حين التقاها ثانية، بعد زواجه ، قال لها : ما لك لا تعرضين عليّ اليوم ما كنت عرضت عليّ بالأمس؟..>. فقالت له: فارقك النّور الذي كان معك بالأمس، فليس لي بك اليوم حاجة,...أبن هشام ـ انتهى ـ
و يقال إن عادة الاستبضاع ، و التي تسمى أيضا بالاستفحال، قد انتقلت من العرب إلى أهل أفغانستان ـ حسب ابن منظور ـ الذين كانوا إذا رأوا فارسا من العرب خلّوا بينه و بين نساءهم رجاء أن يولد لهم مثله,,إنتهى,,و الأرجح أنّ هذه العادة قد انتقلت إليهم بعد استيلاء المسلمين على أفغانستان.
و من المؤكّد أنّ هذا النكاح ذو أصول بدائية ـ نسلية و ليست إشباعية ـ شهوانية، تضرب بعيدا في التاريخ الماقبل إسلامي ـ الأسطوري .
فمن المأثور الأسطوري العربي نجد في الحيوان للجاحظ ، من تحقيق عبد السلام هارون الجزء الأول الصفحة الواحدة و العشرون و الثانية و العشرون أنّ أخت لقمان بن عاد، و كانت امرأة ضعيفة النسل ، قد قالت لأحدى نساء لقمان : << هذه ليلةُ طُهري و هي لبلتُكِ، فدعيني أَنَمْ في مضجَعِكِ ، فإنّ لقمان رجل منجِب ، فعسى أن يقع عليَّ فأُنْجب>>. فوقع على أخته فحملت بلُقيم ، و في ذلك يقول النمر بن تولب في نفس المرجع :
لقـيم بن لقمان من أخته فكان ابن أخت له و ابنما
لـياليّ حمْق فاستحصنتْ عـــليه فغــرّ بها مظلمــــا
فأحبلها رجل محكم فجـا ءت به رجــــلا محكمـــــا
كما أن هذا النمط من الزوّاج موغل في التاريخ الماقبل إسلامي بآلاف السنين
فمن جملة التحريمات الجنسية في التوراة ورد في الإصحاح الثامن عشر من سفر اللاويين ما نصّه:
لا تجعل مع امرأة صاحبك مضجعك لزرع فتتنجّس بها . و لا تعط من زرعك للإجازة لمولاك لئلا تدنّس اسم إلهك>>
الزرع هنا بمعنى النطفة ، و النص كما يبدو يشير لنكاح الاستبضاع دون تسميته.
إلى اللقاء مع نكاح آخر
هناك 5 تعليقات:
هلا أبو قثم
هذا نكاح جميل خربه السافل محمد كما خرب الكثير غيره
وما معنى أن أنكح فلانة بورقة عند شيخ ملتحي خسيس يأخذ مالاً على هذه النكحة وبين أن أن أنكح بلا أوراق وعقود كما كان يفعل أهلنا منذ خمس وثلاثين سنة وأقل بالبادية ؟؟؟؟؟؟
أظن الأسكيمو وقبائل ( الأنويت ) لديهم نكاح مشابه لنكاح الاستبضاع يفعلونه مع رواد القطب الشمالي ليحصلوا على الأكل
تحياتي
مرحبآ أتشرف بزياره مدونتك لأول مره
النكاح ما قبل الاديان المسماه مجازآ سماويه كانت جائزه وميسره لكن بعد قدوم هذه الأديان الخرفه السارقه من التراث السومري والبابلي والفرعوني قامت بتحريم زواج التبضع مخافه أختلاط الانساب مثلما يدعون مع انهم وضعوا خط رجعه من خلال الطلاق أو زواج المتعه أو المسيار حتى بتنا نسمع اليوم عن زواج الويك أند وزواج الترحال وغيره الكثير لأن الأديان فشلت بكبح جماح الفطره الجنسيه للأنسان
بالأخير لا أقول الا هنيئآ للمسلمين بتخلفهم المعهود لأنهم أقوام لا تقرأ وأن قرأت لم تفهم
با مرحا راوندي العزبز
يا هلا بك يا صاح
يا مرحا بك أخ زارادشت
شرفت المدوّنة يا صاح
أبوقثم
دروس قيمة استفيد منها .
شكرا لك عزيزي وبانتظار المقال الذي يليه .
ويتحدثون عن الاخلاق
ويجعلون حتى من الايمان صورة للاخلاق وللانسانية
ويقولون وأن الاههم كرم المرأة وأعطاها كل حقوقها
,,,, اني اشهد وأن العرب أكثر ناس متحيلين على الانسانية وعلى التاريخ وعلى الوجود
"سارق وفي يده شمعة" هذا هو حال الاسلام والمسلمون هذه الايام
إرسال تعليق