نوادر القوادين
و القوّادات ج2
دائما في إطار ردّنا على المؤمنين الّذين يرمون الإلحاد و العلمانية بالفساد و الفجور نغوص في أعماق سراديب المجتمع المؤمن المثاليّ لنتلمّس الشّذوذ الإسلاميّ البحت و نكشف عن المستور الذي يندى له الجبين
كان حمدان بن بُشر قوّادا على أبي نؤاس في زمن وِجارته ، فحدّث أبو حاتم السّجستاني قال :
مرّ أبو نؤاس في بعض سكك البـصرة و معه حمدان بن بُشر ، و كان يقود عليه ، فرمقهم النّاس فاستحيوا ،فقال حمدان لأبي نؤاس : ( تقدّم حتّى أتبعك) ، فقال أبو نؤاس : )تقدّمني أنت ، ثمّ أنشد :
أقول لحمدان بن بُشْر مجاوبا و قد رشقتنا باللحاظ النواظرُ
و قَنَّعّ منْه الرأسَ ثُمَّتَ قال لي تــقدّم قليلا إنّني متــأخّــــــرُ
تقدّم قليلا يعرف النّاس شأننا بأنّــك قــــــوّاد و إنّي مؤاجَرُ
غلّست يوْماً إلى المسجد الجامع لصلاة الغداة ، فإذا أنا بأبي نؤاس يكلّم امراة عند باب المسجد ، و كنت أعرفه في مجالس الحديث و الأدب ن فقلت : ( مثلك يقف هذا الموقف لحقّ أو لباطل ) ، فمضى ثمّ كتب إليّ في ذلك :
إنّ التــي أبصَرْتَني سحرا أكلِّّمها ، رسولُ
أدّت إلــيّ رسالــــةً كادت لها نفسي تزولُ
من فاتـــر العينيــن يُتعِــبُ خِصْــرَه ردْفً ثقيـلُ
متنكّب قوس الصِّبا يرمي و ليس له رسيـلُ
فلـو أنّ إذْنَــكَ بيْننا حتى تسمَّـــع ما نقـوُ
لرأيت ما استقبَحتَ من أمري هناك ،هو الجميـلُ
و حدّث محمّد بن مظفّر كاتب إسماعيل بن صبيح ، قال : قال لي إسماعيل
قال لي الرّشيد يوما :
( يا إسماعيل ،أَبْغِني (أطلب لي) جارية ، وصيفة فطِنَة ، مقدودة تسقِني ، فإنّ الشرب يطيب من يد مثلها )
قال ؛ فقلت : يا سيّدي على الجهد ، إلاّ أنّي أحبّ أن تصفها لي
فقال لي : إجعل قول هذا العيّار إماماً لك ؛ يعني أبا نؤاس
فقلت : و ما هو ؟ قال : قوله
من كــفِّ ساقيةٍ ناهيك ساقيـةًً في حسن قدٍّ و في ظُــرْفٍ و في أدبِ
كــانت لـربّ قيّـان ذي مغالبـة بالكشـخ محتـرِفٍ بالكشـخ مكتســــبِ
فقد رأت و ردّت عنهنّ واختلفت ما بينهــنّ و من يهويـــن بالكتـبِ
و جُمِّشَتْ بخَفِيّ اللحظ فانجمَشَت و جرّتِ الوعْدَ بين الصّدق و الكذبِ
تَمَّـتْ فلم يــر إنسان لهــا شبها فيمن برا الله من عجْمٍ و منْ عــرَبِ
قال
فلا و الله ما قدرت على جارية فيها بعض ذلك
أمّا الكشخ فهو القِوادة و جمّشت تعني غوزلت و دوعبت ، أمّا فعل برا يبري الباري فمرادفه خلق يخلق خالق
حدّث الصّلت ، قال :
كنّا عند سفيان بنَ عُيَيْتة ‘ فذكروا قول مالك بن دينار : و أمّا إبليس و الله لقد عصي فما ضرّه ، و لقد أطيع فما نفع فقال له رجل : إن أذنت يا أبا محمّد أنشدتك لهذا العراقيّ ، يعني أبا نؤاس ، في هذا المعنى شيئا,,قال : هات ، فأنشده
عجِبْت من إبليس في كبْرِهِ و خبْثِ ما أظْهَرَ من نِيّتِهْ
تـــاه على آدم في سجــدة و صـار قوّدا لذرِّيَتِــــــهْ
فاستضحك سفيان و قال :
و أبيك ، لقد ذهب مذهبا ، و ما تنفكّ عن مُلْحَةٍ تأْتينا من هذا الشّاعر
قال أبو منصور الثعالبي
و من أحسن ما سمعت في قوّاد قول السرّيّ الموصليّ في رجل اسمه إدريس
مــن ذمّ إبليـــــس في قيادته فإنّنـي شاكــــــــر لإدريـــــسَ
كــــــلّم لي عاصيا فصار لــه أطوع من آدم لإبليـــــــــــــسَ
و كان في سرعة المجيء به آصـف في حمل عرش بلقيسَ
و آصف هو كاتب النبي سليمان و هو الذي دعا الله بالاسم الأعظم فرآى سليمان العرش مستقرا عنده
أمّا المأمون فيؤثر عنه
بعثتـك مرتــاداً ففُـــــزْتَ بنظــرة و أخلفْتَني حتّى أسأت بك الظّنّا
و ناجيْتَ منْ أهوى و كنت مقرّبا ليت شعري عن دُنُوِّكَ ما أغنى
و ردّدت طرفا من محاسن و جهها و متّعت باستسماع نغمتها أذنا
أرى أثــرا منهــا بعينيك لم يكن لقد سرَقَتْ عيناك من وجْهها حسنا
و من هؤلاء الأرسال من يميل للمعشوقة و يميل إليه فيتآلفان و يتركان العاشق المرسا
حدّث الرّياشيّ قال:
كان أبو ذؤيب يبعث ابن عمّ له ، يقال له خالد بن زهير ، إلى امرأة كان يختلف إليها، يقال لها أمّ عمرو ، و هي التي كان يشبب بها ، فراودت الغلام على نفسه فأبى ذلك حينا و قال : أكره أن يبلغ أبا ذؤيب. ثمّ طاوعها ، فقالت :ما يراك إلا الكواكب !!
فلمّا رجع إلى أبي ذؤيب قال :قال و الله إني لأجد ريح أم عمرو فيك !!فقال فيهما
تريدين كيما تجمعيني و خالدا و هل يجمع السيفان ، ويحك ، في غِمْدِ
أخـــالد ما راعيت منّي قرابة فتحفظني بالغيب أو بعض ما تبدي
فردّ عليه خالد
فإنّ التي فينا زعمتَ و مثلَها لفيكَ ، و لكنّي أراك تجوزها
ألم تنتقِذْها من يد ابن عويمر و أنت صفيّ نفسه و وزيرها
فلا تجْزعنْ من سنّة أنت سرتها فأوّل راضي سنّة من يسيرها
شرح أشعار الهذليين للسّكّري ، ج 1 ، تحقيق عبد الستار أحمد فراج ، بيروت
أبو قثم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق