الاثنين، 10 نوفمبر 2008

إعادة النظر في التراث

أولا يا سيدي الطائر المحترم اعلم أن وعيدك و وعدك لي لن يخيفني و لن يقمعني. فأنا في المغرب البلد الذي يكرم الإنسان بحرية الرأي و حرية التعبير بدون مزايدة و لا مواربة .

ثانيا الكاتب الذي تدافع عنه هو البادئ و المبادر بالخشونة و قلة الأدب. فهو في المقال أعلاه متحامل على السيدة مكفر لها و لمن ينادون بإعادة قراءة التراث و ليس ناقدا يرد عليه بالدليل و الحجة.

ثالثا أنت يا من يريد الدفاع عنه كان حريا بك تجاوز مذهبه العقيم مذهب الزعيق و العويل.و تنوب عنه في الإدلاء بما لديك من حجج ودلائل على قداسة و صحة و عصمة البخاري و مسلم، و الأئمة الذين تدعي العلم بهم؛ و تسحبه عن غيرك في خسة و قلة أدب.فمن أدراك بي و بما قرأت و ما أقرأ.!! و من المعصوم لديك، و من الورع ..؟ ومن الذي يستحق لديك التقديس و التكريم و الاحترام .؟ أ أسفار الأولين؛ أم نبي رب العالمين.؟.إذا كان المعصوم و المقدس لديك و لدى من يشاركك الرأي هو الرسول محمد (ص)؛ فانظر يرحمك الله إلى هذا الحديث النموذج؛ و قل لي من هو الورع فيه ومن هو المعصوم؟ و من هو القدوة فيه ؟ ومن  هو من بين شخصيتيه من يستحق أن يكون نبيا.؟ و ما مدى صحته؟ و ما الحكمة من تصحيحه.؟ و ما هو النفع و المنفعة التي سيعود بها على الإسلام و المسلمين.؟

 

حدثنا يحيى بن يحيى وأبو الربيع الزهراني قال يحيى أخبرنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله أن عبد الله هلك وترك تسع بنات أو قال سبع فتزوجت امرأة ثيبا ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جابر تزوجت قال : قلت : نعم قال : فبكر أم ثيب قال : قلت : بل ثيب يا رسول الله قال : فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك أو قال تضاحكها وتضاحكك قال : قلت له إن عبد الله هلك وترك تسع بنات أو سبع وإني كرهت أن آتيهن أو أجيئهن بمثلهن فأحببت أن أجيء بامرأة تقوم عليهن وتصلحهن قال : فبارك الله لك أو قال لي خيرا وفي رواية أبي الربيع تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحك..قال شعبة فذكرته لعمرو بن دينار فقال سمعته من جابر و إنما قال: فأين أنت من العذارى و لعابها..صحيح مسلم كتاب الرضاع باب استحباب نكاح البكر

 

فانظر إلى عذر الرجل وقارنه بالدور الذي أنيط بالنبي و أخبرني أ يستحق هذا الحديث إعادة النظر أم لا..؟

ثم انظر إلى الحديث التالي الذي سبق أن حاجني فيه أحد المعلقين متهما لي أني أكذب على رسول الله.ففي صحيح البخاري باب النكاح الحديث رقم 4828 نجد ما نصه: حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو عن الحسن بن محمد عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا كنا في جيش فأتانا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا وقال بن أبي ذئب حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا تتاركا فما أدري أشيء كان لنا خاصة أم للناس عامة قال أبو عبد الله وبينه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه منسوخ.. باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح

ثم أجبني ما معنى أن عليا بينه عن النبي أنه منسوخ.؟ أو ليس يعني هذا أن الحديث يعتريه الشك منذ صدوره.؟ثم أتصدق أنت أن النبي أمر بالعشرة ثلاث ليال و التزايد أو التتارك بعدها.؟ و لماذا يثور،إذا، الكثير منا ضد هذا الحديث، و ينكرونه؛ و كثير مثله؛ و لا يثورون على الأسفار التي تروج له، و الأئمة الذين يتلذذون بذكره.؟ ثم لماذا أتهم أنا و أمثالي ممن يحاولون إعمال عقولهم؛ و يذرون عقول غيرهم؛ بالافتراء على الله و على النبي. بينما توجد بيننا جهة ثالثة هي هذه الصحاح و هؤلاء الأئمة و أولئك المتشدقون الذين نعرف الله و نبيه من خلالهم.إنهم بالنسبة لي و بالنسبة للسيدة المرابط تلك النظارات التي يجب أن أجدد مسحها كل مرة علاها غبار، حتى تلعب دورها في تصحيح النظر و ليس في تزييفه و تضبيبه. فتعرفني الإله الحق و النبي الحق و ليس النبي و الإله المفصل حسب هوى الأشاعرة أو الحنابلة أو حسب تخيلات الإمامية أو الإسماعيلية..

حتي لا يصطدم تعليقي بمقص الرقابة المحترم أكتفي بما أوردت و لو أنه لا يقنعني.

و أضيف : يا حبذا لو تكون طائرا  و الهيسبريس فضاء    فنحلق معا    في سماء بدون غيوم   و ننشد تغريد المحبة   و نعانق   أغصان الزيتون.

و إلى لقاء آخر

                                                                                                                            أبو قــــثم

الثلاثاء، 4 نوفمبر 2008

قثوميـــــات

مقال جيد لو أنه اتخذ الواقع المر منطلقا له؛ ذاك الواقع الذي ينطق بلغة الأفعال و المعاملات لا بلغة العنعنات و المراوغات.فمن منا من لم يجاور يهوديا أو نصرانيا. و من منا من لم يضطرّ يهوديا إلى أضيق طريق. و من منا من لم يضرب و لم يشتم و لم يحتقر يهوديا.و الأنكأ من هذا و ذاك من منا من لم يأمره فقيه الكتّاب بازدراء أهل الذمة و الاعتداء عليهم و التربص بهم . ثم من منا من لم يسمع علماءنا و فقهاءنا الذين لا ينطقون عن الهوى، من على عيدانهم يتوعدون الخنازير و القردة و يسبونهم في المساجد و يدعون لهم بالويل و الثبور في كل منبر.

كان بإمكان المقال أن يكون أجود لو أنه متح من التاريخ الذي لا يحبه أمثال كاتبه.فلو أنه كلف نفسه استقراء تاريخ المغرب، لوجد على سبيل المثال لا الحصر أن الملّاحات؛ كلما اشتد القحط، وعمّ الجذب، و أخذ الناس العوز؛ أفرغت من أهلها بدعوى أن فجورهم و فسادهم و صدهم عن السبيل، هو ما سبب غضب الله على الأرض.و أن استرضاءه سبحانه لا يتمّ إلا بالقصاص له من أهل الذمة؛ ذاك قولهم الذي يقولونه بأفواههم و تشهد عليه ألسنتهم ..فيوزعون كل خيرات اليهود بينهم و يسكنون منازلهم و يستغلون أملاكهم ؛ حتى الورعون و الثقاة من أهل العلم و الفقه لديهم ، و المتنسكون ، و السجد الركوع ؛ يصيبون أنصبتهم حلالا طيبا. و يمكثون فيما هم فيه؛ يسرفون من خيرات غيرهم حتى تنضب منهم و تتهدم المنازل من فوقهم و يبور بأيديهم ما نهبوهم من التجارة و الصناعة و المصالح..أما اليهود المرحلون إلى الفيافي و القفار فيبقون على استعطاف السلطان؛ يقدمون الفداء تلو الفداء ؛ و الهدايا تلو الهدايا. حتى إذا ما عطف عليهم و رحمهم، اقتطع لهم أرضا غير التي كانوا فيها.ثم حتى إذا ما عمروها و رفعوا بنيانها ،و عاد الجذب و حل القحط ،سلبوها منهم مرة أخرى؛ و هكذا دواليك. فالتاريخ الذي يتكلم عربي لا يسير إلى أمام ، بل هو قابع في مكانه، يعيد ، و يكرر نفسه دائما.

لكن المقال عوض هذا أو ذاك ارتأى الانغماس في بطون كتب السنة و الحديث متوخيا الضبابية و التعويم درا للرماد في العيون.فجانب الصواب الذي ينم عنه الواقع و تنطق به أحداث التاريخ و تزخر به المتون التي اتخذها دليلا.و جعل يسبح في عالم المثل العلوية و الأحلام الساحرة. و لكم وددت أن أسبح مثله و أهيم؛ لكن الوثيقة العمرية بشروطها المذلة و المهينة و المحطة بكرامة الإنسان أبت علي إلا غير ذلك.فمعاهدة عمر بن الخطاب التي خطها عبد الرحمن بن غنم تشترط فيما تشترطه أ لا يعلّم أهل الذمة أولادهم القرآن، و لا يمنعونهم من الإسلام إن أرادوا. و تشترط عليهم توقير المسلمين و ألا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد منهم ثلاث ليال، و يطعمونهم؛ و ألا يتكنوا بكناهم ؛ و أن يقوموا لهم من مجالسهم إن هم أرادوا الجلوس ؛ و ألا يتشبهوا بهم في شيء من لباسهم. كما أوجبت عليهم أن يجزوا مقادم رؤوسهم، و يلزموا زيهم حيثما كانوا، و أن يشدوا الزنانير على أوساطهم، و ألا يشتروا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين...

أما ابن القيم الجوزية في معرض تعليقه على الوثيقة في كتابه أحكام أهل الذمة ـ باب وجوب البراء من أهل الذمة فيقول :عقيدة التوحيد الإسلامي تستوجب أن يتبرأ المسلم إلى الله من كفر اليهود و النصارى و أن يبعض ما هم عليه من كفر و يبغضهم لكفرهم بغضا شرعيا لا بغضا شخصيا لمجرد دواعي الهوى أي أن يبغضه لمجرد كفره ، و الدليل على ذلك قوله تعالى : قد كانت لكم إسوة حسنة في إبراهيم و الذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم و مما تعبدون من دون الله كفرنا بكم و بدا بيننا و بينكم البغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله. إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك و ما أملك لك من الله من شيء . . . (الممتحنة 4) ؛ و التي أعقبها بالآية الرابعة عشر بعد المائة من سورة التوبة: و ما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه؛ فلما تبين أنه عدو الله تبرأ منه؛ إن إبراهيم لأواه حليم...فالبغض و العداء في الدين ركن من أركان التوحيد..و لا يجتمع حب الله و حب عدو الله. قال تعالى : لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حادّ الله و رسوله و لو كانوا آبائهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم..(المجادلة 22)...ثم يضيف قائلا: إن عقد الذمة ليس تقريرا لهم على الكفر و إنما هو قهرهم على النزول على حكم الله في الدنيا و تمكينهم من الدخول تحت مظلة حكم الإسلام. قال (ص) لا تبدأوا اليهود و النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه.(سنن الترمذي ـ كتاب السير ـحديث 1528 قال أبو عيسى حسن صحيح)

هذا بعض مما تزخر به بطون الكتب التي غرق في لجّها كاتبنا، دون أن يظفر منها بما يحجب به النظر و يزيف به الواقع.فهي لا تنطق إلا بما فيها و ليس حسب أهواء قارئيها.ثم إلى متى سنظل نخادع و نكذب عل أنفسنا.هذا إذا كان المقال يخاطبنا نحن المسلمين.أما إذا كان يخاطب غيرنا فليعلم أن أكثرهم يعرفون عنا ما لا نعرفه عن أنفسنا.إذا كنا فعلا نود إصلاح أنفسنا، فإن أيسر و أقصر طريق إلى ذلك هو نهج الشجاعة في قول الحق و الاعتراف بالخطأ و الإقرار بالذنب و الاعتذار عند الضرورة.

أبوقثم