الثلاثاء، 26 يناير 2010

انشق القمر


في دورانه حول الأرض يشبه القمر حجر المقلاع الدّوّار أو سيارة السباق في إحدى الجهتين النصف دائريتين من حلبة السباق.فلْنتصوّرْ أحدَهما ، الحجرَ أو السيارةَ،انشق نصفين أثناء حركته الدورانية. فماذا سيحدث له؟
إذا انشق الحجر فستتطاير شظاياه عشوائيا في كل الجهات..و إذا انشقت السيارة نصفين فسيتطاير كل نصف في جهة بسرعة ضعف سرعته الأصلية ، و سينفجر كل نصف لتتناثر شظاياه في كل الجهات..
فهل يمكن للقمر الذي يجري في مدار دائري أن ينشق ثم يبقى ثابتا في مكانه؟؟
يقولون انشق القمر على عهد رسول الله و نحن عنده بمكة أو بمنى ، و لم ير الناس لا في المدينة و لا في اليمن و لا في فارس و لا في المغرب هذا الحدث المهول!!!!
فهل يعقل هذا ؟؟؟
إذا سلّمنا معهم بأن انشقاق القمر حدث في مكة و لم يحدث في غيرها ، أ فليس ذاك يعني أن القمر الذي انشق هناك ليس هو القمر الذي يراه الناس في الشرق و الغرب؟؟ و بالتالي ، أليس يعني هذا بأن لمكة و شبه جزيرة البلهاء قمر خاص ، و أن للمشرق أقماره و للمغرب أقماره؟؟؟و بما أن القرآن، يتحدث عن سبع سماوات و سبع أراض، فإن هذا لسوف يعني في المخيال العربي الإسلامي أن هناك سبعة أقمار و ليس قمرا واحدا تدور حول الأرض.
خرافة (انشق القمر) لم ترد في القرآن.لذلك لم تكن تستهويني من قبل فكرة الخوض فيه لكثرة الخائضين.كما أنها أصلا فكرة واهية خاطئة من الأساس، دون البحث في أي تعليل أو تفسير.فالقمر، بفعل حركتيه الدائرية و الدورانية، و عوامل الجاذبية الكونية،لو حدث فيه مجرد شرخ صغير بسيط، لانفجر و تبددت شظاياه في الفضاء؛ فما بالك به ينشق فلقتين ، ثم يعود لأصله كتلة واحدة
كنت أرى الخوض في هكذا موضوع ضربا من اللغو الفارغ و ضياعا للوقت و الجهد ، فكنت أشفق على الجهود التي يبذلها الدكتور زغلول النجار،فارس انشقاق القمر المغوار،من أجل تدجين العلم و تسخيره في صالح عقلنة الخرافة..كنت أرى مجهوداته عبثا لا يستحق أن يُحفل به، إلى أن أثار انتباهي في شريط على اليوتوب منقول عن قناة قطر ، تشديده و إصراره على أن عددا كبيرا من الصحابة تناولوا معجزة انشقاق القمر في عهد رسول الله!!! فتساءلت مع نفسي :هل فعلا ذكر الصحابة شيئا لم أعرفه من قبل في شان معجزة انشقاق القمر؟؟؟فأحاديث أبي بكر و عمر و علي أحاديث تعدّ على الأصابع ما سمعت فيها حديثا عن هذه المعجزة. نعم ، علي مدينة العلم الذي شبّ و ترعرع في كنف رسول الله لم يذكر شيئا عن انشقاق القمر، و لا الست عائشة حب رسول الله و قرة عينه و سمنه و ثريده و أول فقيهة في الإسلام ، و لا هي تذكر شيئا عن هذه المعجزة ، تذكرت كاريكاتوريست رسول الله شيخ المضيرة رضي الله عنه و أرضاه ،فعجت إليه لأجد أحاديثه على كثرتها و تنوعها لم تتناول هذه الحادثة لا من بعيد و لا من قريب.لقد تناول كذاب رسول الله كل المعجزات النبوية الحسية منها و المعنوية ،من قوة الأربعين و الماء المنبجس بين الأصابع و تكثير اللبن و ذكر معجزة المزود الذي لا ينفذ و معجزة رحلة الإسراء ، و لم يذكر معجزة انشقاق القمر.
فمن هم الصحابة الذين تناولوا هذه المعجزة الفريدة يا ترى ، و الذين يحض عليهم الدكتور الموقر؟؟
فالحق ، الحق ،لو وقع مثل هذا الحدث الرهيب لفزع أهل الأرض جميعا، و هذا ما نفهمه من سياق سورة القمر حيث ورد قوله:
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) . ثمّ لـََوجدْنا الكلامَ حوله يملأ الآفاق في كل مكان … لو حدث و انشق القمر، فسيروي الحدث الصحابةُ و غيرُ الصحابة , و سيذكره أهل الحجاز و غير أهل الحجاز،و سنتوفر بالتالي على كمّ هائل من الشهود من كل الأجناس و الألوان. كما أنه من جهة أخرى لو حدث و انشق سيدي القمر ما حدثت لا غزوة أحد الكبرى و لا غزوة بدر ، و لما احتاج النبي إلى مذبحة بني قريضة و لا بني المصطلق.لأن معجزة من هذا الحجم و العيار لوحدها كفيلة بأن تجعل كل من في الأرض جميعا يؤمن لمحمد و يسلم دفعة واحدة.. و بالتالي لو حدث و انشق القمر لكان التاريخ كله قد أخذ مسارا آخر غير مساره الحالي ، و لكانت تلك أكبر الشهادات على حدوث هذه المعجزة
فما هذا الذي يهذي به الدكتور الموقر؟؟
للإجابة
فلْنبحثْ في شأن هذه المعجزة؟؟
و لْنتعرّفِ المعجزةَ أولا ،و لْنرَ هل كان لمحمد معجزات أم لا؟؟ و لْنُعرّجْ بعدها على الصحابة و الشهود ، ليس تفنيدا و لا تكذيبا للدكتور الموقر، بقدر ما نتوخى استجلاء خطوط هذه المعجزة و تبيان معالمها و الوقوف على خرافية العقل الإسلامي الذي يتبناها، و يعتقد بها.
أما المعجزة عموما فهي كما يقول السيد رشيد رضى في كتابه (سيدنا محمد) الأمر الخارق للعادة المقرون بالتحدي ، و سميت معجزة لعجز البشر عن الإتيان بمثلها و هي تدل على صدق من ظهرت على يديه.و شرط تسميتها معجزة أن تظهر على يد مدّع الرسالة على طبق دعواه. أما السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن فيقول في شأنها : اعلم أن المعجزة أمر خارق للعادة،مقرون بالتحدي ، سالم عن المعارضة.
إذا حسب هذين التعريفين فالمعجزة هي الأمر الخارق الذي يصدر عن صاحبه أمام مجموعة من الناس ، و يكون مقرونا بالتحدي فلا يستطيع أحد معارضته أو التشكك فيه. و يجب أن تؤدي المعجزة إلى نتائج ملموسة ، إذ لا معجزة بدون غاية.فالقرآن يقول إنما أوتي الرسل و النبيئون المعجزات من أجل إقناع الناس بالإيمان.كما تتطلب المعجزة وجود علاقة حسية مرئية نربط بينها و بين و صاحبها . إذ لا يكفي أن يقول لي سليمان أنه كلم النمل و الطير لأثق به ، بل يجب عليه أن يفعل ذاك أمام الملإ و أن يتأكد الملأ من نطق سليمان و نطق الطير و النمل.فموسى كما يتغنى القرآن في أكثر محطاته هو من رمى بيده العصا فانشق لها البحر أمام الملإ من بني إسرائيل.و عيسى هو من كان ينادي على الميت فيجيبه و يلمس عين المريض فيبصر
فهل حدث مثل هذا فيما يدعونه معجزة انشقاق القمر؟؟
بمعنى ، هل صعد محمد إلى السماء بحضور أهل مكة و قطع القمر و شقه شقين؟؟
هل قطع محمد القمر أمام الملإ من قريش و وضع فلقة على هذا الجبل و فلقة على هذا الجبل؟؟؟.
هل أشار محمد إلى القمر ببنانه أو أومأ إليه ببصره فانشق القمر؟
أتحدى من يقول مثل هذا الكلام
فمثل هذا القول مناف للواقع مجاف للقرآن الذي ينفي عن كاتبه كل المعجزات، و يجعله بشرا مثلكم يمشي في الأسواق. ففي سورة الرعد المدنية و التي من المفروض أن تكون قد نزلت بعد حادث معجزة انشقاق القمر ، نجد كاتب القرآن يقول: و يقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه ،إنما أنت منذر، و لكل قوم هاد( الرعد 7) قال ابن كثير في تفسيره : لولا يأتينا بآية كما أرسل الأولون ، إنما أنت منذر، أي، إنما عليك أن تبلغ رسالات الله التي أمرت بها
و يقول القرآن أيضا: و يقول الكافرون لولا أنزل عليه آية من ربه، قل إن الله يضل من يشاء و يهدي إليه من أناب(الرعد 27) أما في الإسراء الآية 59 فيصرح بما لا يدع الشك قائلا: و ما منعنا أن ننزل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون
فمحمد، إذا ،و حسب القرآن ليست له معجزات.
كما أن القرآن نفسه لم يدّع انشقاق القمر بل جعله حدوثه علامة من علامات يوم القيامة.ففي سورة القمر الآية الأولى حيث ورد:اقتربت الساعة و انشق القمر ،نجد تلازما وترابطا بين حادثين؛ حادث اقتراب الساعة، و حادث انشقاق القمر .ويؤكد هذا الترابطَ واوُ العطف .فلماذا ، بين مزدوجتين، ينزع الدكتور الموقر و أذياله المدعوذون ،عبارة انشق القمر عن سياقها؟؟؟فالآية تقول لن ينشق القمر إلا إذا اقتربت الساعة ، وإذا اقتربت الساعة سينشق القمر...وعليه فالقول بأن الانشقاق القمري قد حدث على عهد رسول الله بعني أن يوم القيامة قد حدث في ذلك العهد وأننا نعيش اليوم في الآخرة.فهل هذا صحيح ؟؟
كما أن المفسرين كلهم لم يقولوا بأن القمر انشق على عهد رسول الله، بل نجدهم في تفاسيرهم لسورة القمر يجمعون على أن هذا الحادث سيحدث في المستقبل
قال القرطبي في تفسيره : قال قوم لم يقع انشقاق القمر بعد، و هو منتظر،أي اقترب قيام الساعة و انشقاق القمر، و أن الساعة إذا قامت انشقت السماء بما فيها من القمر و غيره.و كذا قال القشيري… و ذكر الماوردي أن هذا قول الجمهور، و قال :لأنه إذا انشق القمر ما بقي أحد إلا رآه .لأنه آية و الناس في الآيات سواء.. وقال الحسن،اقتربت الساعة أي إذا جاءت انشق القمر بعد النفخة الثانية.و قيل انشق القمر أي وضح الأمر و ظهر.و العرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح (و هنا أفتح قوسا لأشير إلى قول امرئ القيس :اقتربت الساعة و انشق القمر/ على حبيب صاد قلبي و فتر) و يتابع القرطبي: و قيل انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه بطلوعه في أثنائها ، كما يسمى الصبح فلقا لانفلاق الظلمة.(تفسير القرطبي)
فالقرآن ،إذا ، لم يدّع أنه جعل انشقاق القمر آية لمحمد. و للتأكيد أكثر على زعمنا هذا، نحيل القارئ إلى الآية السادسة من نفس السورة حيث يقول : فتولّ عنهم يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر..يقول ابن كثير و الجلالين و القرطبي و الطبري : تولّ يا محمد عن هؤلاء الذين إذا رأوا آية يعرضون عنها و يقولون هذا سحر مستمر، أعرض عنهم و انتظرهم يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر أي إلى أمر منكر فظيع و هو موقف الحساب ،و ما فيه من الأهوال و الزلازل.
فالساعة التي يشكل اقترابها شرط انشقاق القمر هي يوم الحساب ،إذا، الذي لم يصل بعد. و ما أظن دكتورنا سامحه العقل يخالفني في هذه النتائج.فهو يذكر في شريطه على أن المفسرين يذهبون إلى أن حادث انشقاق القمر لم يقع بعد.إلا أنه يسارع إلى تكذيبهم بقوله :نقرأ في السنة الشريفة أن أعدادا كبيرة من صحابة رسول الله(ص) أكدوا أن حادثة انشقاق القمر قد حدثت بالفعل في حياة الرسول مرتين ، مرة بمكة و مرة بمنى. و أنها قد حدثت بالفعل معجزةً لرسول الله (ص) في مواجهة تحدي كفار قريش لهذا النبي الخاتم و الرسول الخاتم (ص)
يا ألله
فلماذا لم يسلم كفار قريش إذا ، سيدي الدكتور؟
أ لم يكن حريا بهم أن يؤمنوا و يسلموا أمام هول ما رأت أعينهم؟؟
و أنتم أيها الملاحدة ماذا عساكم كنتم ستفعلون لو حدث و انشق القمر أمام أعينكم و عاد إلى حالته الأصلية؟؟؟؟أ لن تتوبوا لربكم و لمحمد توبة نصوحا؟؟؟؟ أ هذا يعني أن أهل قريش أكثر منكم تعنتا و كفرا؟؟؟
ثم يضيف دكتوري الموقر
ذكر هذه المعجزة عدد كبير من الصحابة الكبار أمثال عبد الله بن عمر و عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عباس و جبير بن مطعم و أنس بن مالك و غيرهم كثير..
فنسأل: منْ غيرُ هؤلاء الخمسة ذكر هذا الحادث؟؟عمر أم عائشة أم جابر بن عبد الله ؟ أم من ؟ فلا نجد غير هؤلاء الخمسة نفر مع كل الأسف .
فهل يعقل و يستقر في الأذهان أن معجزة من هذا العيار الثقيل لا يتحدث عنها و لا يذكرها إلا خمسة أشخاص في العالم بأسره ؟
عبد الله بن عمر؟؟؟ يا لهوي!!!
كيف لعمر بن عبد الله أن يروي عن هذا الحدث المهول العظيم ، بينما لم يذكره أو يرو عنه أبوه ابن الخطاب و لو مرة واحدة؟؟؟
ثمّ
الذي أعرفه هو أن عبد الله بن عمر هذا لم يقيل كمحارب في معركة بدر التي حدثت سنة 2 للهجرة لأنه لم يكن قد بلغ الحلم بعد. و كان ابن 14 سنة عندما حدثت معركة أحد ( الاستيعاب في معرفة الأصحاب). أما معجزة الانشقاق فقيل أنها حدثت في مكة في أول عهد الدعوة المحمدية ، فهي على الأرجح حدثت قبل الهجرة بخمس سنوات.و بالتالي فقد كان عبد الله بن عمر صبيا ابن الخامسة أو السادسة من العمر أو ربما أقل من ذلك أو أكثر بقليل.فهل تقبل روايته؟ لا ..هل تقبل له شهادة في محاكمنا الوضعية؟؟ ..فكيف تقبل شهادته في أمر حرج مثل معجزة انشقاق القمر ؟؟
عبد الله بن عباس ؟؟؟ يا لهوتين !!!
عبد الله بن عباس هو الآخر ولد قبل الهجرة بثلاث سنين (الاستيعاب في معرفة الأصحاب). و المعجزة كما ذكرنا من المفروض أنها حدثت قبل الهجرة بخمس سنين.فهو لم يولد بعد إذا، و لم ير بالتالي شيئا.فكيف أولا يسمح لنفسه بأن يروي حدثا من هذه الأهمية و هو لم يره و لم يحضره؟؟ و كيف ثانيا تقبل روايته في هذا الأمر الجلل؟؟؟
و ابن مالك ؟؟؟ أ ليس ابن مالك من المدينة و هبته أمه للنبي بعدما هاجر إليها و كان يبلغ آنئذ العاشرة من العمر؟؟ فأين رأى هذا الحدثَ و هو ليس من مكة و لا منى؟؟ حبذا لو قال أنه شاهده في المدينة. فسوف نضطر آنذاك للبحث عن مدني آخره غيره ،و قال نقس قوله، لنصدقه.. ثمّ كان هو الآخر صبيا لم يتجاوز الخامسة من عمره في الوقت المفروض أنه حدثت فيه المعجزة.. فكيف ، و هو المدني الصبي الحدث ، يحكي عن انشقاق القمر، بينما جميع الأنصار لم يذكروا أي شيء عنه؟؟؟..إذا لا شهادة تقبل من ابن مالك في هذا الباب مع كل الأسف.
أما جببر بن مطعم … يا سلام عليك يا مطعم يا ابن عدي! يا شهيد العقل الأول في الإسلام!أما لو رأيت ما فعله الإسلام بابنك و أهلك!!!و ماذا فعل ابنك بسمعتك و شرفك و أنفتك!! لبئس الخلف يا نعم السلف….جبير يا ناس لم يسلم إلا عام الفتح إثر احتلال مكة سنة 8 للهجرة و قيل قبل الاحتلال بقليل . كما أنه لا يذكر لنا في روايته أنه رأى المعجزة ، بل المصيبة أنه يرويها لنا عن أبيه مطعم بن عدي أكبر معارضي الرسول و أول أسير قتله نبي الرحمة بعد معركة بدر سنة 2 للهجرة. فهل يعقل هذا ؟؟؟؟ مطعم بن عدي يروي لابنه عن معجزة تذهل لرؤيتها كل مرضعة عما أرضعت!!!و لا يسلم ؟!!! و لا يؤمن لمحمد؟!!! بل و يتمادى في كفره و معارضته لدرجة خروجه لمحاربة محمد حتى قتل صبرا؟!!!!
ثمّ!!!
لماذا لم يسلم جبير نفسه حين روى له أبوه المعجزة؛ بل عوض ذلك ،انتظر حتى جاء ابن أبي كبشة(ص) بجيوشه الجرارة، فأسلم؟؟؟؟!
الخلاصة أن ابن مطعم لم ير شيئا و إنما كان يفتري الكذب على أبيه ركوبا لموجة الحديث و استفادة من عهد بني أمية الخبيث.
بقي عبد الله بن مسعود ، الشاهد الخامس ، الذي يُتوفَّر فيه من الشروط ما ينعدم في الأربعة سابقيه، من حيث السنّ و الأصل و تاريخ إسلامه و إمكانية تواجده مع محمد وقت حدوث المعجزة.إلا أن ما يرويه عبد الله بن مسعود لا يوحي بالجدية ، و لا يتسم بالوضوح، ناهيك عن منطق تسلسل الأحداث المنعدم.فنجده يقول : انشق القمر و نحن مع النبي (ص) بمنى فقال اشهدوا!! فذهبت فلقة نحو الجبل( صحيح البخاري ـ كتاب مناقب الأنصار ـ باب انشقاق القمر) ، ثم نجد في نفس الباب من نفس الكتاب أبا الضحى يقول عن مسروق عن عبد الله بن مسعود أيضا: انشق القمر و نحن عند النبي(ص) بمكة…..فهل كان الشاهد مع النبي بمكة أم بمنى ، أم لم يكن معه في أي مكان؟؟ثم نجده في صحيح مسلم، كتاب صفة الجنة و النار ، باب انشقاق القمر يقول :انشق القمر على عهد رسول الله(ص) فلقتين ستر الجبلُ فلقةً و كانت فلقة فوق الجبل.و نجده في مسند الإمام أحمد يقول:انشق القمر و نحن مع النبي بمنى. فقال اشهدوا !! فذهبت فلقة نحو الجبل..ثم يقول في نفس المسند انشق القمر على عهد رسول الله حتى رأيت الجبل بين فرجتي القمر.
هذه الروايات المتذبذبة المتناقضة تؤكد جليا على أن عبد الله بن مسعود شأنه شأن أصحابه الأربعة لم يشاهد شيئا.فما دامت رواياته تعوزها الدقة و يطبعها التناقض و الارتجال فهي غير مقبولة في محكمة العقل
أما لو اطلعنا على روايات الأربعة الآخرين فإن الأمر يستشكل أكثر
فجبير بن مطعم مثلا يروي عن أبيه أنه قال : انشق القمر على عهد رسول الله (ص) فصار فلقتين ، فلقة على هذا الجبل و فلقة على هذا الجبل ، مسند أحمد.
و يقول أنس أن أهل مكة سألوا رسول الله أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما ( باب انشقاق القمر كتاب مناقب الأنصار البخاري)
و ورد قول لابن عباس رواه الطبراني قال فيه: انشق القمر على عهد رسول الله (ص) فقالوا سحر القمر.فنزلت اقتربت الساعة و انشق القمر
و خير ما نختم به شهادات الشهود الذين لم يشهدوا أي شيء ، قول أنس بن مالك في باب انشقاق القمر من كتاب صفة القيامة و الجنة صحيح مسلم قال:
سألوا الرسول(ص) أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين
با سلام
فهل انشق القمر يا ترى مروة أم مرتين ؟ هل انشق فلقة أم فلقتين ؟ هل غطى الجبل فلقة أم ظهر الجبل بين فرجتيه؟ ثمّ ، هل كان الشاهد مع النبي بمنى أم بمكة؟؟ و لماذا لم يشهد هذا الأمر الخطير غير محمد و الخمسة نفر؟؟؟
الخلاصة أن محمدا لم تكن له معجزة و أن عبارة انشق القمر كناية على قيام الساعة. و أنه كان لدينا خمسة كذبة في هذه المعجزة فأصبحوا اليوم ستة بإضافة دكتوري الموقر الجليل

أبو قثم



،

الأحد، 24 يناير 2010

ما أسقطته أم كلثوم و ذكره الخيام


سمعت صوتا هاتفا في السحر
نادى من الحان : غفاة البشر
هبوا املئوا كأس الطلى قبل أن
تفعم كأس العمر كف القدر
***
أحس في نفسي دبيب الفناء
ولم أصب في العيش إلا الشقاء
يا حسرتا إن حان حيني ولم
يتح لفكري حل لغز القضاء
***
أفق وهات الكأس أنعم بها
واكشف خفايا النفس من حجبها
وروّ أوصالي بها قبلما
يصاغ دنّ الخمر من تربها
***
هات اسقنيها أي هذا النديم
أخضب من الوجه اصفرار الهموم
و إن مت فاجعل غسولي الطلى
وقد نعشي من فروع الكروم
***
يا تارك الخمر لماذا تلوم
دعني الى ربي الغفور الرحيم
ولا تفاخرني بهجر الطلى
فأنت جان في سواها أثيم
***
بستان أيامك نامي الشجر
فكيف لا تقطف غض الثمر
اشرب فهذا اليوم إن أدبرت
به الليالي لم يعده القدر
***
جادت بساط الروض كف السحاب
فنزه الطرف وهات الشراب
فهذه الخضرة من بعدنا
تنمو على أجسادنا في التراب
***
مصباح قلبي يستمدّ الضياء
من طلعة الغيد ذوات البهاء
لكنني مثل الفراش الذي
يسعى الى النور وفيه الفناء
***
طبعي ائتناسي بالوجوه الحسان
وديدني شرب عتاق الدنان
فاجمع شتات الحظ وانعم بها
من قبل أن تطويك كف الزمان
***
قيل لدى الحشر يكون الحساب
فيغضب الله الشديد العقاب
وما انطوى الرحمن إلا على
إنالة الخير ومنح الثواب
***
كان الذي صورني يعلم
في الغيب ما أجني وما آثم
فكيف يجزيني على أنني
أجرمت والجرم قضا مبرم
***
هات اسقني كأس الطلى السلسل
وغنني لحنا مع البلبل
فإنما الإبريق في صبه
يحكي خرير الماء في الجدول
***
حار الورى ما بين كفر ودين
وأمعنوا في الشك أو في اليقين
وسوف يدعوهم منادي الردى
يقول ليس الحق ما تسلكون
***
أنا الذي أبدعت من قدرتك
فعشت أرعى في حمى نعمتك
دعني الى الآثام حتى أرى
كيف يذوب الإثم في رحمتك
***
لا تشغل البال بأمر القدر
واسمع حديثي يا قصير النظر
تنح واجلس وادعا قانعا
وانظر الى لعب القضا بالبشر
***
ليتك يا ربي تبيد الوجود
وتخلق الأكوان خلقا جديد
فتغفل اسمي أو تزيد الذي
قدرت لي في الرزق بين العبيد
***
وصلتني بالنفس منذ القدم
فكيف تفري شملنا الملتئم
وكنت ترعاني فماذا دعا
إلى اطراحي للأسى والألم
***
هات الطلى فالنفس عما قليل
توشك من فرط الأسى أن تسيل
عساي أنسى الهم في نشوتي
من بعد رشفي كأسها السلسبيل
***
أين طهور النفس عفّ اليمين
وكيف كانت عيشة الصالحين
إن كنت لا تغفر ذنبي فما
فضلك يا ربِّ على العالمين
***
أبدعت فينا بينات العِبر
وصُغتنا يا ربي شتى الصور
فهل أطيق اليوم محو الذي
تركته في خلقتي من أثر
***
طبائع الأنفس ركّبتها
فكيف تجزي أنفسا صغتها
وكيف تفنى كاملا أو ترى
نقصا بنفس أنت صورتها
***
قالوا امتنع عن شرب بنت الكروم
فإنها تورث نار الجحيم
ولذّتي في شربها ساعة
تعدل في عيني جنان النعيم
***
لو كان لي قدرة رب مجيد
خلقت هذا الكون خلقا جديد
يكون فيه غير دنيا الأسى
دنيا يعيش الحر فيها سعيد
***
خير لي العشق وكأس المدام
من ادعاء الزهد والإحتشام
لو كانت النار لمثلي خلت
جنات عدن من جميع الأنام
***
عبدك عاص أين منك الرضاء
وقلبه داج فأين الضياء
إن كانت الجنّة مقصورة
على المطيعين فأين العطاء
أبو نبي الحمير

الخميس، 21 يناير 2010

فيزيولوجية وجه الله


رأينا يد الله البدوي المغلولة إلى عنقه، و التي هي فوق أيدي البلهاء . و رأينا ساقه السيكسي و قدمه المقدسة التي يضعها في نار جهنم . فما رأيكم لو نعرج على وجهه الجليل....فلله البدوي وجه كريم ..يتلألأ جمالا و يشع نورا ... كلكم يعلم أن الشمس تروح عنده كل ليلة ، ولا تفعل ذلك إلا لتسمد منه نورها و طاقتها، و حسنها و بهاءها؛ سبحانه و تعالى عما يصفون . ف : الله لَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {24/35}النور
ذلك هو وجهه جل و علا علوا كبيرا ، قنديل زيتي من العصور الوسطى . كأني به سبحانه يحذو حذو الحطيئة إذ يهجو نفسه قائلا:
أراني وجها شوه الله خلقه .... فقُبِّح من وجه و قُبّح حامله
فأما الحطيئة فهو جرول بن أوس المخضرم، و قد كان رجلا قصير القامة ذميم الخلقة يحمل وجها آية في القبح و الدمامة
و نحن نعلم أن أبا هريرة يرفع إلى النبي قوله أن الله خلق ابن آدم على صورته
حدثنا ‏ ‏نصر بن علي الجهضمي ‏ ‏حدثني ‏ ‏أبي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏المثنى ‏ ‏ح ‏ ‏و حدثني ‏ ‏محمد بن حاتم ‏ ‏حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ‏ ‏عن ‏ ‏المثنى بن سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏قتادة ‏ ‏عن ‏ ‏أبي أيوب ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال قال ‏ ‏رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وفي حديث ‏ ‏ابن حاتم ‏‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏‏إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق ‏ ‏آدم ‏ ‏على صورته ‏
صحيح مسلم .. كتاب البر و الصلة و الآداب .. باب النهي عن ضرب الوجه
فهل يجوز لنا إذا أن نقول أن الله خلق الحطيئة على صورته ؟؟
على كلّ فلله وجه ،و قد أكد هذا الزعم القرآن في أكثر من محطة ، فنجده في الأنعام يقول مثلا:
وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَـا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَـا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ {6/52} الانعام .
فالشحّاذون و المتسولون كما ترون أكثر الناس معرفة بوجه الله. فهم يرونه في الدنيا قبل الآخرة و يتسولون لأجله و يبتغون له الفضل . و العجيب؛ أن نبي الرحمة يطردهم مما يجعل رب البدو يستحي و ينكسف فيضع رداء الكبر على وجهه الكريم.
‏حدثنا ‏ ‏علي بن عبد الله ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد العزيز بن عبد الصمد ‏ ‏عن ‏ ‏أبي عمران ‏ ‏عن ‏ ‏أبي بكر بن عبد الله بن قيس ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن
صحيح البخاري .. كتاب التوحيد .. باب ‏قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة
إلا أنه سبحانه , لرأفته بالعباد و لأن رحمته وسعت كل شيء فإنه ما يفتأ سبحانه أن يسفر على وجهه الجليل و يكشف عن جماله الإلهي و يريهم شكله البهي
فقد حدثنا ‏ ‏عبيد الله بن ميسرة ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏عبد الرحمن بن مهدي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏حماد بن سلمة ‏ ‏عن ‏ ‏ثابت البناني ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الرحمن بن أبي ليلى ‏ ‏عن ‏ ‏صهيب ‏‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏إذا دخل أهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل.
صحيح مسلم .. كتاب الإيمان .. باب ‏إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى
و من أمثلة القرآن على صحة مزعم وجه الله البدوي ما جاء في البقرة حيث يزعم كاتب القرآن
وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {2/115} البقرة
إذا ،فضدا على كل القوانين الطبيعية و العقلية فوجه الله يوجد في كل مكان و في نفس الوقت. و إذا كان هذا حق فلنا أن نسأل هل يمكن أن نقول أن وجه الله موجود و في نفس الوقت غير موجود؟؟؟؟
على كل فالقرآن كما السنة يشهدان أن لرب البدو وجه يشبه وجه الحطيئة ،أو لنقل وجه آدم و لو أن الأمرين ليسا سيان.هذا الوجه الإلهي المقدس يحمل بشهادة القرآن عينان سحريتان يحملق بهما سبحانه و تعالى . يركز بهما على الحديد فيلين بقدرته ، و على العدم فيصبح وجودا بسحره ، و على الخشب فيتحول سفنا و مراكب..قال سبحانه و تعالى في سورة المؤمنون:
قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ {23/26} فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ {23/27}المؤمنون
كما أن عينه سبحانه و تعالى تسع من عظمتها البحار و المحيطات قال أجل من قائل في سورة القمر
فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ {54/11} وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ {54/12} وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ {54/13} تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ {54/14} القمر
تلك عين الله طاقة ومجرى سفينة نوح.
وكما له سبحانه عين فإن له أنف يشم بها فم الصائم كما سبق أن رأينا في كاريكاتير شيخ المضيرة

‏حدثني ‏ ‏عبد الله بن محمد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏هشام ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏معمر ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏عن ‏ ‏ابن المسيب ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏كل عمل ابن ‏ ‏آدم ‏ ‏له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ‏ ‏ولخلوف ‏ ‏فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
صحيح البخاري .. كتاب اللباس .. باب ما يذكر في المسك

و كذلك؛ و لتتم فيزيولوجية الوجه الإلهي الجليل فإننا نجد أن لله فما يضحك به و يكركر و ييش به و يبتسم:

ففي مسند أحمد (الحديث 26299) يحدثنا ‏ ‏يزيد بن هارون ‏فيقول: أخبرنا ‏ ‏إسماعيل يعني ابن أبي خالد ‏ ‏عن ‏ ‏إسحاق بن راشد ‏ ‏عن ‏ ‏امرأة من ‏ ‏الأنصار ‏ ‏يقال لها ‏ ‏أسماء بنت يزيد بن سكن ‏ ‏قالت ‏لما توفي ‏ ‏سعد بن معاذ ‏ ‏صاحت أمه فقال النبي ‏ ‏.. ‏ألا ‏ ‏يرفأ ‏ ‏دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش ‏ .
أما مسلم في صحيحه فيحدثنا ‏عن ‏محمد بن أبي عمر المكي أنه ‏‏حدثنا ‏‏سفيان ‏ ‏عن ‏ ‏أبي الزناد ‏ ‏عن ‏ ‏الأعرج ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ أن رسول الله ‏ ‏.. ‏ ‏قال ‏ ‏يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة فقالوا كيف يا رسول الله قال يقاتل هذا في سـبيل الله عز وجل فيستشهد ثم يتوب الله على القاتل فيسلم فيقاتل في سبيل الله عز وجل فيستشهد ‏و حدثنا ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏ ‏وزهير بن حرب ‏ ‏وأبو كريب ‏ ‏قالوا حدثنا ‏ ‏وكيع ‏ ‏عن ‏ ‏سفيان ‏ ‏عن ‏ ‏أبي الزناد ‏ ‏بهذا الإسناد ‏ ‏مثله

‏و يحدثنا ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏أنه ‏حدثنا ‏ ‏شبابة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏ابن أبي ذئب ‏ ‏عن ‏ ‏المقبري ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد بن يسار ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا ‏ ‏تبشبش الله له كما ‏ ‏يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم
سنن ابن ماجا .. كتاب المساجد و الجماعات .. باب لزوم المساجد و انتظار الصلاة
و للفم الإلهية وظائف أخرى جليلة لا حصر لها يا أولي الألباب إن كنتم تتقون
فبها يلعن سبحانه وتعالى العباد
أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ {3/87}ال عمران .
فكما يلعن ابن آدم أخاه تؤكد سورة آل عمران أن الله و الملائكة يلعنون و يسبون بنفس الطريقة. و هذا ما توضحه سورة البقرة أيضا
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِـنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِـن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {2/159} البقرة
‏فكما يلعن اللاعنون يفعل الله و يلعن الله كما يفعل اللاعنون
لكن المهول هو ما تأتي به سورة الأحزاب في الآية 57
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا
فهل رب البدو ضعيف إلى درجة أنه يؤدى هو و نبيه معا؟؟
على أن أعظم وظيفة للفم الإلهية على الإطلاق تبقى هي نفخ الفروج و لعقها
وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ {21/91} الأنبياء
يا سلام على الفم الإلهية
و يا سلام على الوجه الذي تستمد منه الشمس نورها


أبو قثم

الاثنين، 18 يناير 2010

الإرهابي عبد الله بن يا سين 3



كان عبد الله لا يقبل في رباطه إلا من توسّّم فيه ضعف النفس و دناءة السمعة و قلة الأدب و كره المجتمع . التحق به بادئ الأمر خمسة من صعاليك كدالة ، ثم ما لبثوا أن أصبحوا زهاء الألف منقطعين عن ذويهم و أهلهم ومجتمعهم ، و منعزلين بين الأدغال ، يتشربون من مواعظ و دروس إمام الحق الذي يدعو إلى التمسك بالإسلام الصحيح، إسلام الجهاد و القتل و السبي و التخريب.و كم يحلو للذين يفصّلون التاريخ على مقاس تاريخ العرب و الإسلام أن يقاربوا بين هذه المرحلة من مغامرة إرهابينا وخطة محمد و منهجه في بناء دولة الإسلام ، فيقرنون اختلاء عبد الله بن ياسين في الأدغال واختفاء محمد بدار الأرقم بن الأرقم، فيجعلون عبد الله بن ياسين كالنبي محمد يجلس مع صحابته في السرّ ليعلمهم الإسلام، ثم يجعلونه يقسّم أتباعه في الرّباط إلى مجموعات مكوّنة من خمسة من المرابطين، يشرف على كل مجموعة وال . ويقسم الولاة إلى مجموعات من خمسة ولاة يشرف على كل واحدة أمير ، ثم يقسم مجموعة الأمراء إلى مجموعات من خمسة أمراء ، يجعل على رأس كل مجموعة نقيبا يتصل بإمام الحق مباشرة.هذه التراتيبية الإدارية الصارمة كانت تضمن سلاسة و سهولة انتقال تعاليم الإمام و أوامره بين جميع أتباعه.و في رباطه كان إمام الحق يُلزم المُنضَمَّ إلى رباطه بأن يطهّر نفسه من الرجس والدنس و من كل ما اقترفه من ذنوب وآثام، ثم يطلب منه أن يتوب من ذنوبه قائلا: قد أذنبت ذنوباً كثيرة في شبابك؛ فيجب أن يقام عليك حددوها؛ فإذا أقرّ بذنب أقيم عليه حدّه. فإن كان غير محصن وزنى، مثلا ، جلد مائة جلدة؛ أو أقر بشرب الخمر وقع عليه حدها. وكان أحيانا يطلب من الواحد منهم أن يسلم إسلاما جديدا.هكذا كان إمام الحق يغسل أدمغة مريديه و يفرغها من ذاكرتها و يقطعها عن هويتها. ثم يباشر بعدها غرس بذور العداء لكل ما هو إنساني في نفوسهم بما يبثه فيهم من الآيات و الأحاديث و ما يحكيه من المآثر و الملاحم .و كان يحثهم على إقران الإيمان بالعمل ، فالإسلام الصحيح هو التطبيق الفعلي لتعاليمه و التمسك بما سار عليه السلف الصالح . فكان يحثهم على التقيد بالصلاة و الصوم و قيام الليل و الدعوة في القبائل بالمعروف و النهي عن المنكر و جمع الزكوات و أداء فريضة الجهاد ؛التي في إطارها استباح لإرهابييه أراضي مضيفيه من السنغاليين و الغانيين ، تماما مثلما فعل نبيه مع أهل بني قريضة و بني قينقاع.فبدأت فلول أتباعه تسطو على القبائل الزنجية و تخربها و تسبي أهاليها.وما لبثت أخبار الرباط و أهله أن ملأت الآفاق و وصلت إلى أبي بكر بن عمر اللمتوني أخي يحيى بن عمر اللمتوني شيخ ثاني أكبر قبيلة صنهاجية .كان أبو بكر بن عمر فتى مغمورا مزهوا بنسبه و تاريخ أجداده. فكان يتطلع إلى إحياء عهد مملكة أجداده التي دمر الغانيون أحلامها،و يتطلع إلى كنوز أوداغست الذهبية التي هو أدرى بها. قال ابن أبي زرع : أول من ملك الصحراء من لمتونة تيولوتان، وملك بعده يلتان . انتهى. و كان أخوه يحيى شيخ لمتونة شيخا هرما طاعنا في السن ما جعله يعتمد على أخيه في شؤون تسيير القبيلة.ولما كانت الأخبار التي تأتي من الرباط توافق هوى أبي بكر و تطلعاته فقد حفز أخاه على الالتحاق بالرباط .فما كان من يحيى إلا أن جمع كل أفراد قبيلته و التحق برباط إمام الحق ، الذي استقبله بالبهجة و الفرح و النصر المبين.و كالعادة يحلو لكهنة التاريخ المسلمين أن يؤاخوا بين يحيى بن عمر اللمتوني هذا و بين سعد بن معاذ الأنصاري الذي فتح بيته للإسلام و رهنه ماله و عشيرته.فكان فضل انضمام يحيى إلى رباط عبد الله بن ياسين عندهم بمرتبة فضل إسلام سعد على الإسلام.و الأكيد أنه بمقدم يحيى بن عمر هذا و أخيه تغيرت السياسة داخل الرباط الذي أصبح ثكنة عسكرية ، و أصبح المرابطون جنودا منظمين يقاتلون و يوّحدون الأرض.و في هذا الإطار توجهوا نحو جدالة حيث ثأر إمام الحق من معارضيه،و قتلهم شر مقتل بيد أبنائهم و أهليهم، و ضم شبابهم إلى جنوده.ثم اتجهوا لغانة فاستعمروا اوداغست الصحراوية حيث مناجم الذهب و استباحوا أهلها عام 447هـ، 1055م، وكومبي صالح عاصمة غانا عام 469هـ، 1076م وأقاموا عليها حاكمًا مسلمًا، .ثم عرج المرابطون نحو الشمال ، صوب حوض درعة ليستخلصوا سجلماسة من ملكها مسعود بن وانودين و يذبحوا أهلها و يخربوا عمرانها، فدانت لهم جميع صنهاجة التي جندوها لتشفي صدر الإمام من حقده على المصامدة المتشيعين الذين يحرفون الدين حسب دعواه. و ما لبث أن مات الشيخ يحيى بن عمر فخلفه أخوه فازداد حماس إمام الحق لما توسّم في أبي بكر من العدوانية و الشراهة في القتل و التصميم على تحقيق الأهداف.فالشيخ يريد القضاء على الشيعة و مذهبهم، و أبو بكر همّه السيطرة على المسالك التجارية الساحلية الرابطة بالأندلس و التي تحتكرها القبائل المصمودية التي يتهمها إمام الحق بالتشيع.هكذا توحدت الأهداف فالداعية المسلم يحتاج دوما إلى سيف ينشر به دعوته و الإرهابي المسلم يحتاج دائما إلى سند شرعي يبيح له الإرهاب و التخريب.فانطلق الرجلان يخترقان السوس بجيوشهما الجرارة التي تبيد الحرث و تحرق الأرض قاصدين قبائل برغواطة المصمودية التي تنتشر على ربوع تامسنا. و تامسنا هي مجموعة الهضاب و السهول الساحلية التي تحدها سلسلة الأطلس شرقا و سلسلة الريف شمالا و بلاد سوس جنوبا، و هذه المنطقة تعتبر اليوم قلب المغرب النابض.
كانت برغواطة إمارة أمازيغية مصمودية اعتنفت الإسلام إبان الفتح مع جيل عقبة بن نافع و موسى بن نصير. فكان أن احتفظت باستقلاليتها و هويتها و أرضها إبان عصر الولاة . و في إطار تنافسها مع إمارة هرغة الإدريسية اعتنقت برغواطة المذهب الشيعي إبان التدخل الفاطمي.ثم تحالفت معهم على إسقاط إمارة فاس و محاربة أمويي الأندلس.فكانت لهم السيطرة على شمال المغرب طيلة التواجد الفاطمي بأفريقية. بعد رحيل الفاطميين سيقتص السنيون على طول الشمال الإفريقي من كل الإمارات المحالفة للفاطميين و ذلك في شكل ثورات عارمة كتلك التي قضت على الزيريين خلفاء الفاطميين في المهدية، و حركة عبد الله بن ياسين ضد إمارة برغواطة التي انخرط مع جيوشها في معارك طاحنة سقط قتيلا في إحداها سنة 451هـ، 1059م،
يقول الذهبي قي تاريخه
وصل الخبر إلى عبد الله بن ياسين ما عليه أهل برغواطة من معتقدات فاسدة؛ فقد كانوا يبيحون التزوج بأكثر من أربع نسوة، ويتعاملون بالسحر، وحرموا أكل كل رأس، وأكل الدجاج وغير ذلك مما كانوا عليه، فرأى أن الواجب تقديم جهادهم على جهاد غيرهم، فسار إليهم في جيوش المرابطين، فكانت بين ابن ياسين وأمير برغواطة ملاحم عظام، مات فيها من الفريقين خلق كثير، وأصيب عبد الله بن ياسين، فقضى بذلك نحبه، فاستشهد رحمه الله تعالى.
وبعد وفاته قام أبو بكر بن عمر لقتال برغواطة حتى أخذ الثأر منهم، "فأثخن فيهم قتلاً وسبيًا حتى تفرقوا في المكامن والغياض، واستأصل شأفتهم، وأسلم الباقون إسلامًا جديدًا، ومحا أبو بكر بن عمر أثر دعوتهم من المغرب، وجمع غنائمهم وقسمها بين المرابطين، وعاد إلى مدينة أغمات
تجهزت القبائل لمواجهة عبد الله بن ياسين ومن معه من مجاهدين، وثبت المسلمون في هذه الحرب وقد فرت برغواطة أمامه في جبالهم وغياطهم. وتقدمت العساكر في طلبهم، وانفرد عبد الله في قلة من أصحابه، فلقيه منهم جمع كثير، فقاتلهم قتالاً شديدًا. فاستشهد رحمه الله، وذلك سنة خمسين وأربعمائة و ليلحق بركب المجاهدين المناضلين ويكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
انتهى
هكذا ينتهي مسار إرهابي تتبع منهج محمد في الترهيب و التخريب ، إلا أن إرهابينا الأمازيغي هذا لم يمت كمحمد شهيد السم صريع النساء بل سقط في ما يمكن الاصطلاح عليه بساحة الشرف و الاستشهاد في سبيل الهدف ، و هذا ما فات كهنة التاريخ المسلمين ذكره في إطار المقاربة بين محمدهم و إرهابينا

أبو قثم

الأحد، 17 يناير 2010

ساق الله


لا يعقل أن يكون لله سبحانه و تعالى عما يصفون أيد و لا تكون له أرجل كريمة. فبعدما اطلعنا على فزيولوجية اليد الإلهية سوف نتطرق اليوم بحوله و قوته إلى مرفولوجية قدمه المقدسة
فلتعلموا أيدكم الله أن لرب المسلمين رجلين يجري بهما و يهرول متتبعا خطوات المتصدقين عليه و المقرضين له سبحانه ، يتلقف آثارهم أينما مروا و يتسمّع أخبارهم و يتودد إليهم تارة و يشحذ منهم أخرى. فلقد حدثنا عمر بن حفص في باب قول الله تعالى و يحذركم الله نفسه ، من كتاب التوحيد في صحيح البخاري قال: حدثنا‏ ‏أبي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏الأعمش ‏ ‏سمعت ‏ ‏أبا صالح ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏يقول : ‏‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏: ‏يقول الله تعالى :‏
‏أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه ‏ ‏باعا ‏ ‏وإن أتاني يمشي أتيته هرولة
فهو يهرول سبحانه نحو من يشفق عليه و يرأف به.فيا سعد البلهاء المتسكعين برب خدوم مثله.و لأن كل من يهرول لا بد له من رجلين مكونتين من ساق و قدم ، فكذلكم رجل رب محمد الأبله فهي الأخرى مكونة من ساق و لا سيقان الكواعب الأتراب ، ساق تسر الناظرين و تأخذ لب العاشقين و توقظ آهات الحالمين . فساق الله نور كما وجهه العلية نور و مقعدته التي يستوي بها سبحانه و تعالى على العرش نور.نور على نور، فتبارك الله خير المنورين. و لأن ساقه جميلة أجمل من سوق الضباء فقد جعلها سبحانه و تعالى للمصرفقين من عشاقه و أتباعه علامة تدلهم عليه سبحانه و تعالى يوم الجمع. هكذا لم يجد رب السفهاء أي علامة يستدل بها على نفسه يوم القيامة و يميز بها نفسه عن الخلائق إلا ساقه الكريمة ، فلنعم الرب الذي يحشر وسط العباد، و لنعم العلامة علامة السوء ، و لنعم الإله إله الفجور.يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون ، الآية الثانية و الأربعون من سورة القلم ، يقول ابن كثير في معرض تفسيره ليوم يكشف عن ساق وقد قال البخاري هاهنا: حدثنا آدم حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم, عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
«يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً» وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وفي غيرهما من طرق, وله ألفاظ وهو حديث طويل مشهور ، انتهى كلام ابن كثير .أما في صحيح البخاري .. كتاب التوحيد .. باب ‏قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فإننا نجد ‏ ‏يحيى بن بكير ‏ ‏يحدثنا ‏عن ‏الليث بن سعد ‏ ‏عن ‏ ‏خالد بن يزيد ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد بن أبي هلال ‏ ‏عن ‏ ‏زيد ‏ ‏عن ‏ ‏عطاء بن يسار ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري كذلك‏ ‏إذ يقول:
‏‏قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال ‏ ‏هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا قلنا لا قال فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما.. إلى أن قال
حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس فيقولون فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا قال :
فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء
هكذا و بكل البساطة يتجلى الذي لا تدركه الأبصار و لا يحتويه المكان للأبصار البشرية الضيقة المحدودة.صدّق أو لا تصدق. كما أنه سبحانه و تعالى عما يصفون يتنكر في صفات غير صفاته كأنه الحرباء أو بطل لعبة الاستغماية فلا بعرفه بلهاؤه إلا بالساق الجميل
تلك ساق الله و من أجمل من الله ساقا
و لله قدم لو تعلمون يا أولي الألباب ، الذين يكذبون بها ستزوي عليهم نار جهنم إذ يضع الرحمان فيها قدمه فتقول قط قط.تلك قدم الرحمن التي يتم بها بناء الرجل الإلهية الكريمة التي لا تصلح حقا إلا لنار جهنم
‏حدثنا ‏ ‏عبد الله بن محمد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الرزاق ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏معمر ‏ ‏عن ‏ ‏همام ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال:
‏‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏تحاجت ‏ ‏الجنة والنار فقالت النار ‏ ‏أوثرت ‏ ‏بالمتكبرين ‏ ‏والمتجبرين ‏ ‏وقالت الجنة ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس ‏ ‏وسقطهم ‏ ‏قال الله تبارك وتعالى للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي وقال للنار إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منهما ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ‏ ‏ويزوى ‏ ‏بعضها إلى بعض ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا وأما الجنة فإن الله عز وجل ‏ ‏ينشئ ‏ ‏لها خلقا
صحيح البخاري .. كتاب تفسير القرآن .. باب قوله و تقول هل من مزيد





أبو قثم

الثلاثاء، 12 يناير 2010

الإرهابي عبد الله بن ياسين 2


لم يكن يحيى بن إبراهيم شيخا من مشايخ الدين بل كان من مشايخ السياسة و من الأمراء الأقحاح ،فقد سبق لقبائل جدالة و لمتونة و مسوفة إحدى ثلاث أكبر قبائل صنهاجة أن تكتلوا فيما بينهم و كونوا كيانا سياسيا في القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي. وكان من بين أهداف هذا الاتحاد العمل على تنظيم تجارة القوافل عبر الصحراء، فيما بين أقصى الشمال حيث منطقة والاتا، وأقصى الجنوب حيث كانت تقع مملكة غانا. ولم يُكْتَب لهذا الاتحاد عُمْرٌ طويل، فوهن ثم تلاشى. فانتهزت غانا تلك الفرصة فازدهرت، وتسلطت على بعض أجزاء الصحراء التي يؤمها تجار القوافل من البربر والعرب. فأعادوا ثانية توحيد صفوفهم سنة 411هـ، 1020م، يقودهم زعيمهم تارسينا الصنهاجي المسلم، الذي خاض معارك دامية ضد غانا، راح ضحيتها سنة 413هـ، 1023م، وخلفه زوج ابنته يحيى بن إبراهيم شيخ جدالة على إمارة هذا الاتحاد.
لقد كان الأمير الجديد أكثر نباهة من صهره و جميع أسلافه ، إذ راح يتأمل في تجربة الوحدة القبلية التي يترأسها و يقارن بينها و بين تجربة ممالك السودان من جهة التي تؤلفها عصبية الغلبة ، ومن جهة أخرى بينها و بين تجربة إمارات مصمودة الإسلامية ،كإمارة هرغة السنية التي تسمى في التاريخ العربي بإمارة الأدارسة و إمارة بورغواطة الشيعية،التي تخطت العصبية القبلية و عصبية الغلبة إلى عصبية أكثر تطورا و اتساعا و التي هي العصبية الدينية .فطن يحيى الجدالي إلى أن الدولة التجارية تكون عكس الدولة التي تعتمد على الإنتاج ،لا تأتلف بالغلبة و الغزو بقدر ما تعتمد على الوحدة و التفاهم. و أنّ الدين يُعدّ أحسن و أنجع وسيلة في توحيد القبائل و الأمم .
في هذه الأثناء، و على الجانب الآخر من الصحراء المترامية الأطراف كانت هناك حاضرة بين سجلماسة و موقع مدينة مراكش اليوم تسمى تلك الحاضرة مدينة نفيس ، فإلى جانب سجلماسة كانت نفيس منارة الحضارة و العلم في طول صحراء أفريفيا الشمالية و عرضها.و كان في نفيس رباط كان يشيع خبره في تلك الآونة، و تتناول الألسنة مشاهده على طول الصحراء.أما الرباط فهو شبه مدرسة عسكرية تكون منقطعة عن التجمعات السكانية.و لا زالت الربط أو الرباطات منتشرة في بلاد المغرب في الجبال و السهول و الأودية و الصحاري ، و تسمى بالمدارس العتيقة. ظاهرها تعليم القرآن و هدفها تكوين جيوش خلفية من المهمشين و الحاقدين و مغسولي الأدمغة و المتطوعين للجهاد في سبيل الله.اكتسب رباط نفيس آنذاك شهرته من تواجد خطيب متكلم فيه يدعو إلى التمسك بالسنة النبوية و السير على هدي السلف الصالح. و كان يدعو إلى منابذة الشيعة من المصامدة و خصوصا أهل برغواطة و يدعو إلى التمرد عليهم.
يقول المؤرخون العرب و المسلون الذين يريدون أن يعربوا كل أحداث التاريخ و يأسلموها و يمهروها بطابعهم البدوي و يجعلوها نسخة تتكرر رغما عن كل القوانين الطبيعية ، أنّ يحيى ابن إبراهيم حج إلى مكة بحثا عن فقيه أو عالم ليعلم أهل قبيلته أصول دينهم الحقيقي الذي ابتعدوا عنه أو لم تكن لهم كبير المعرفة به أصلا .فلما لم يحصل على مبتغاه بمكة دون ذكر السبب ، عرج على القيروان ليتصل هناك بالعالم أبي عمران موسى بن عيسى الفاسي (368 - 430 هـ= 979 - 1039 م )، شيخ المالكية في مدينة القيروان ، و يطلب منه المساعدة .فما كان من أبي عمران إلا أن دله على تلميذه وجاج بن زلواللمطي الذي كان يشرف على رباط مدينة نفيس ، حيث يتواجد عبد الله بن ياسين بعد عودته من الأندلس.
فهل هذا طرح يقبله العقل و المنطق
إذا كانت أخبار عبد الله بن ياسين و رباط نفيس و الشيخ الصنهاجي وجاج بن زولو تطبق الآفاق ، و يعرفها القاصي و الداني ؛ فلماذا سيذهب الأمير يحيى إلى الشرق و القيروان ليدلوه على جاره الذي يسمع بأخباره ليل نهار!!!!؟ تذكرني هذه الأسطورة بالذي سألوه أين توجد أذنه فرفع يده اليسرى و أدارها حول رأسه ليشير إلى أذنه اليمنى و كأنه لا يملك ‘ذنا يسرى قريبة من سبابته
لقد استقر رأي مؤتمر شيوخ القبائل الصنهاجية و تجارها على استقطاب الشيخ عبد الله بن ياسين الذي يسمعون به، و تكلف الأمير شخصيا بهذه المهمة لما لها من أهمية استراتيجية فائقة الأهمية.فكلفته سنة من الهجرة و الانقطاع في رباط نفيس لربط الصلة بالشيخ و إقناعه بالقيام بمأمورية الدعوة في جنوب الصحراء بغية توحيد قبائل صنهاجة على المذهب السني و إعدادهم للقضاء على المصامدة الشيعة و المسيطرين على المسالك التجارية المؤدية إلى بلاد الأندلس
هكذا توحد الهدفان و اتفق الرجلان و نهضا جنوبا متوغلين في الصحراء داعيين إلى السير على نهج السلف و التمسك بالكتاب و السنة.و في طريقهما أضفى الأمير على الداعية الفقيه معلم القرآن ،لقب إمام الحق و محي السنة
أما إمام الحق هذا فهو عبد الله بن ياسين بن مكوك بن سير بن علي الجزولي, أصله من قبيلة تمانارت التي تتبع اليوم إقليم طاطا جنوب المغرب .و قبيلة جزولة التي ينتمي إليها استوطنت منذ القدم سفوح جبال الأطلس الصغير بجهة سوس جنوب المغرب التي سبق ذكرها.و الجدير بالانتباه ملاحظة التكوين العجيب لاسم هذه الشخصية .فعبد الله اسم عربي و كذلك ياسين اسم أبيه لكن اسمي جديه الأول و الثاني اسمان أمازيغيان مكوك و سير ، بينما اسم جدّه الثالث عربي هو الآخر،علي!!! فكيف حدث هذا؟أن يكون اسمه و اسم أبيه عربيين هذا مقبول عقليا ، و أن تكون أسماء أجداده من الأول و الثاني صعودا أسماء أمازيغية هذا مقبول عقليا أيضا ، أما و أن تقطع الأسماء الأمازيغية و تصبح عربية مرة أخرى فهذا مما يثير الشك و يفتح علامات الاستفهام.
على كل فقد أمضى إمام الحق طفولته في مسقط رأسه، وبعد ذلك تردّد على مدن العلم في المغرب فكان طالبا عند أوكاد بن زلوه اللمطي، في داره، التي بناها بالسوس ، وسماها دار المرابطين،ثم هاجر سبع سنين إلى الأندلس و كان ذلك في عهد الطوائف الزاهر، و إثر عودته مر بقبائل مصمودة المزدهرة اقتصاديا و المتفرقة سياسيا و مذهبيا.و لما لم يستطع الإندماج مع أهله وأقرانه من قبيلته جزولة اختار الالتحاق برباط نفيس عند أخ أستاذه الأول وجاج بن زولو.حبث سيصبح خطيبا مفوها و داعية مشهورا
لم تتفق أراء إمام الحق السلفية و أهواء أهل جدالة المتفتحة فما كان منهم إلا أن رفضوه و نحّوا الأمير يحيى عن مشيخة القبيلة فانهار الاتحاد الصنهاجي مرة أخرى.فاتفق الرجلان على إنشاء رباط مماثل لرباط نفيس على نفقة يحيى و تحت إشراف عبد الله بن ياسين على جزيرة بنهر السينغال الفاصل بين صحاري صنهاجة و ممالك السودان الغربي.

هكذا اعتزل الداعية غبد الله و السياسي يحيى بن إبراهيم المجتمع و انتبذه ظهريا و أسسا في منطقة هامشية مخيما يستقبلان فيه من تأكدا من كراهيته لأهله ة عشيرته و توسما فيه الغيظ و الحقد و الشر و العداء
في الحلقة المقبلة سنتتبع خطوات إمام الحق في بناء النواة الأولى لدولته ،و كيفية استقطاب أتباعه، و سنجول معه في غزواته؛ متوخين الوقوف عند محطات الالتقاء بينه و بين محمد رسوله و قدوته من جهة؛ و ابن لادن و حركته من جهة أخرى.

أبو قثم

السبت، 9 يناير 2010

الإرهابي عبد الله بن يا سين 1




هذا رد على مقال لكاتبه المدعو محب الصحابة المغربي في الموقع الإرهابي عشاق الحوار الإسلامية ، نرد فيه بالحجة و الدليل على ما يدعيه المقال من حسن سيرة المدعو عبد الله بن ياسين داعية دولة المرابطين.موضحين الظروف المحيطة بظهور هذا الداعية و مبينين منهجه في بناء دولة الإرهاب الصنهاجية و، و موثقين لكل مراحل سيرته الإرهابية.آملين وضع ما أمكن من النقاط على حروفها و موصدين الباب أمام المزايدات الكلامية المحيطة بهذه الشخصية الهلامية
يخترق وسط بلاد المغرب ،جنوب سلسلة جبال الأطلس واد كبير هو أكبر نهر في المغرب. لهذا الوادي خاصيتين تميزانه عن كل أودية المغرب ، فهو من جهة يفصل بين منطقتين متباينتين جغرافيا ، منطقة جبلية تمتد من سفوح سلسلة جبال الأطلس الجنوبية ،جنوبا ؛إلى سواحل البحر المتوسط شمالا، و سواحل الأطلAligné à droiteسي غربا.و منطقة صحراوية قاحلة تمتد من وادي درعة شمالا إلى نهر السنغال جنوبا.أما ميزته الثانية فهي كونه يشكل الحدّ الطبيعي الفاصل بين أكبر تجمعين أمازيغيين في المغرب الأقصى.فعلى ضفته الشمالية كانت تقطن قبائل المصامدة من سكان جبال الأطلس و الريف ، و على ضفته الجنوبية كانت تمتد قبائل صنهاجة الأمازيغية في الصحراء الغربية المترامية الأطراف و التي كانت محاطة بعدة ممالك إفريقية كمملكة السنغيي الخصبة(السنغال) و مملكة غانا الغنية بثرواتها المعدنية و خصوصا الذهب و العاج و مملكة تامبوكتو (مالي) المعروفة لحد الآن بمناجم الملح و التي لا زال معظمها يُستغل من طرف قوافل صنهاجة.يقول ابن خلدون أن صنهاجة من بطون البرانس، و هذا القبيل من أوفر قبائل البربر فهو أكثر أهل الغرب لهذا العهد وما قبله لا يكاد قطر من أقطاره يخلو من بطن من بطونهم في جبل أو بسيط حتى لقد زعم كثير من الناس أنهم الثلث من أمم البربر.ثم يضيف قائلا أنهم من ولد صنهاج وهو صناك بالصاد المشممة بالزاي والكاف القريبة من الجيم‏.‏ إلا أن العرب عربته وزادت فيه الهاء بين النون والألف فصار صنهاج.
فالصنهاجيون إذا حسب ابن خلدون وجدهم يشكلون في عهده غالبية سكان شمال أفريقيا الذي سماه بالغرب. و وجدهم موزعين على كل أنحائه ،جباله و صحاريه وسهوله.فقسمهم إلى طبقتين و كل طبقة إلى بطون .فكان من بطون الطبقة الأولى تلكانة بنو ملكان وكانت مواطنهم بالمسيلة إلى حمرة إلى الجزائر ولمدية ومليناتة ‏ومتنان وأنوغة وبنو عثمان وبنو مزغنة وبنو جعد وملكانة وبطوية وبنو يفرن وبنو خليل وبعض أعقاب ملكانة بجهات بجاية ونواحيها، من ملوك تلكانة وكان كبيرهم لعهد الأغالبة مناد بن منقوش بن صنهاج ، من بعده ابنه زيري بن مناد وكان من أعظم ملوك البربر، وبعده ملك ابنه بلكين بن زيري، وبعده ملك ابنه منصور بن بلكين، وبعده ملك ابنه باديس بن المنصور، وبعده ملك ابنه المعز بن باديس، واستمر ملك المعز بإفريقية والقيروان وكان أضخم ملك عرف للبربر بإفريقية(تونس حاليا)
أما الطبقة الثانية و التي تعنينا فهم كما يقول ابن خلدون: ما بين بلاد المغرب وبلاد السودان فيها مجالات الملثمين من صنهاجة وهم شعوب كثيرة ما بين كزولة ولمتونة ومسراتة ولمطة ووريكة، وهم الملثمون ملوك المغرب المسمون بالمرابطين .
تعددت قبائلهم: من كدالة فلمتونة فمسوفة فوتريكة فناوكا فزغاوة ثم لمطة هم إخوة صنهاجة، ومن رؤساء المرابطين يحي بن عمر بن تلاكاكين وأبوعبيد الله بن تيفاوت المعروف بناشرت اللمتوني و يوسف بن تاشفين بن تالاكاكين
و هكذا نرى أن قبائل صنهاجة كانت تنقسم إلى قسمين ، قسم كانت له الرياسة و القيادة شرق المغرب العربي ، و كان لهم الفضل في مقاومة القرطاجيين و البيزنطيين و العرب من بعدهم ، مما جعلهم يحتكون بهؤلاء الوافدين و يتفاعلون معهم و يتأثرون بحضاراتهم فكانت لهم الدولمثل دولة بني زيري.و قسم ثان جنوب نهر درعة غارق في البداوة تائه بين البراري يعيش كل أنواع الفقر و الحرمان، متوزع على أرض ممراح تحدها جنوبا و شرقا امبراطوريات زنجية غنية وشمالا وادي درعة و ممالك مصمودة المزدهرة.
أما قبائل مصمودة أو المصامدة وهم من ولد مصمود بن يونس بن بربر فهم أكثر قبائل البربر وأوفرهم، من بطونهم برغواطة وغمارة وأهل جبل درن. ولم تزل مواطنهم بالمغرب الأقصى منذ الأحقاب المتطاولة. وكان المتقدم فيهم قبيل الإسلام وصدره مملكة برغواطة،كما يقول ابن خلدون ،و يتواجدون بشكل أساسي في جبال الأطلس الكبير و الصغير و صاغرو . و سهول سوس و الحوز و تادلا . و هضاب حاحا. حوض درعة. كما يتواجدون ببعض مناطق غرب الجزائر حاليا. و هم يشكلون نسبة مهمة من سكان المغرب و غرب الجزائر.
و لكونهم يطلون على السواحل المتوسطية بالخصوص ، و يسكنون المناطق الجبلية حيث الماء و الخضرة و الخصب فقد تأثروا بالحضارات و أصبحوا مزارعين و كسابين و صناعا و أصحاب تجارات و مصالح فكانت لهم الدول مثل برغواطة التي عرفت فبل الفتح و بعده بالازدهار و التقدم.لما جاء الفتح الإسلامي قاومه أهل صنهاجة الشرقية في شرق الجزائر وبلاد أفريقية ، بينما فتح له أهل مصمودة الأبواب و احتضنوه سلميا و دخلوا فيه أفواجا و قبائل.و ما لبثوا أن رفعوا رايته و خرجوا فاتحين متوسعين على حساب إمارات قشتالة بالأندلس في شخص حركة المسمى طارق بن زياد ؛ و على حساب بلاد صنهاجة في الجنوب حيث أمعنوا في السبي و النهب باسم نشر الإسلام ، فكبرت أرضهم و توسع نفوذهم فأسسوا إمارات إسلامية مثل إمارة الأدارسة السنية بفاس .و هكذا بقيت أرض صنهاجة أرضا يرتع فيها الخوف و التخلف ، يؤمها كل محروم و منبوذ و كل من هاجر تحت وطأة الحروب و الزحف العربي ـ المصمودي.
و ما لبث الصنهاجيون أن دخلو في الإسلام و اندمجوا فيه،و بدأوا يهاجرون أفرادا و زرافات إلى مصمودة و القيروان و الأندلس للتفقه في الدين .فصار منهم الفقهاء و الوعاظ الذين سيطروا على المرابط التعليمية و الكتاتيب المنتشرة في جبال مصمودة.كما أن ازدهار الإمارات الإسلامية المصمودية الشمالية و الأندلسية جعل الطلب على البضائع الإفريقية مثل التبر و العاج و الملح و العبيد يتزايد و يتكثف ما حفز القبائل الصنهاجية و خصوصا الجنوبية منها مثل جدالة و لمتونة على امتهان تجارة القوافل الصحراوية و الإشراف عليها.فأصبحت لهم رحلاتهم التجارية إلى فاس و الأندلس شمالا وإلى أوداغست و تامبوكتو جنوبا.
ابتداء من أواخر القرن الثالث الهجري بدأت منطقة الشمال الإفريقي تشهد غزوا شيعيا متواصلا من طرف الفاطميين. ففي سنة 296ه/908م استطاع داعيتهم أبو عبد الله اليمني أن يكون جيشا من الصنهاجيين الشرقيين من أهل كتامة شمال شرق الجزائر و يستولي على مدينة القيروان عاصمة الإمارة الأغالبية العربية التابعة للعباسيين، ثم بايع عبيد الله المهدي كأول خليفة فاطمي سنة 297ه/909م الذي أسس مدينة المهدية سنة300ه/912م و تسمى بأمير المؤمنين و بالمهدي المنتظر.فبدأت حركتهم تتوسع غربا على حساب الإمارات الزناتية مثل الرستميين بوسط الجزائر وإمارة الأدارسة المصمودية بشمال المغرب فاحتلوا مراكزها التجارية كمدن تاهرت و تلمسان و نكور و فاس و سجلماسة فارضين رقابتهم على المسالك التجارية.و كان من الطبيعي أن يصطدم التوسع الفاطمي بأمويي الأندلس، إلا أن الصراع بينهما اتخذ طابعا اقتصاديا و سياسيا و مذهبيا، كان له الأثر البالغ على قبائل مصمودة المغربية التي انقسمت على نفسها لأول مرة في تاريخها إلى قبائل سنية تابعة للنفوذ الأموي و قبائل شيعية تدين بالولاء لآل البيت و الفاطميين و من أشهرها إمارة قبائل بورغواطة.و لما رحل الفاطميون إلى مصر أسندوا حكم افريقية لأسرة بني زيري الصنهاجية الشرقية
وما أن حل القرن الخامس الهجري حتى كان المغرب الأقصى يعيش أقصى حالات الفوضى و التسيب الأمني نتيجة التمزق القبلي و التجزئة إلى إمارات متناحرة و متنافسة ،تفرقها المصالح الاقتصادية و المذاهب الدينية.فأصبحت تجارة القوافل التجارية الصنهاجية تتضرر من قلة أمن المسالك و من ارتفاع المكوس و المغارم الثقيلة . فما كان من أهل قبائل صنهاجة إلا أن تكتلوا لمواجهة الظروف المستجدة مفوضين أمرهم إلى يحيى بن إبراهيم الجدالي شيخ جدالة إحدى أكبر قبائل مصمودة .
في الحلقة المقبلة سنصطحب يحيى في رحلة بحثه عن منقذ صنهاجة و ناصر المذهب السني و باعث تجارة القوافل.وسنتتبعه في خطوات تأسيس كيان سياسي صنهاجي إسلامي لأول مرة في تاريخ صنهاجة، و سنكتشف بالتالي الشخصية الأسطورية التي حققت لبني صنهاج أملهم في الحكم و السيطرة على أعناق العباد.

أبو قثم

الاثنين، 4 يناير 2010

الله البدوي ج3 فيزيولوجيا يد الله



يد الله البدوي مبسوطتان و كلتاهما على اليمين و هما فوق أيدي المتسولين يد الله فوق أيديهم بمعنى أن كل ما تتسوله أيديهم تتلقفه يدا الله و كل ما تجرحه أيديهم تجرحه يدا الله و كل ما يسرقونه تسرقه يدا الله ، يد الله فوق أيديهم

‏حدثنا ‏ ‏محمد بن المثنى ‏ ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن جعفر ‏ ‏حدثنا ‏ ‏شعبة ‏ ‏عن ‏ ‏عمرو بن مرة ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏أبا عبيدة ‏ ‏يحدث ‏ ‏عن ‏ ‏أبي موسى ‏‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها

صحيح مسلم .. كتاب التوبة .. باب ‏قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

و العجيب الأعجب أنهم بعدما جمعوا يدي الله على يمينه جعلوا منهما اليمنى و اليسرى ، فهو سبحانه و تعالى سوف يصافح بيمنى يمينه الناس على أن تلك اليمنى هي الحجر الأسود

فقد أخرج الجندي عن ابن عباس قال‏:‏

الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستلم الحجر فقد بايع الله ورسوله‏.‏

وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس قال‏:‏

إن هذا الركن الأسود يمين الله في الأرض يصافح به عباده‏.‏

راجع الدر المنثور بالتفسير بالمأثور للسيوطي لسورة البقرة 127

34729- الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده‏.‏ ‏(‏ ابن عساكر - عن جابر‏)‏‏.‏

كنز العمال في سنن الأقوال و الأفعال .. كتاب الفضائل .. فضائل الأمكنة و الأزمنة

34744- الحجر الأسود يمين الله، فمن مسح يده على الحجر فقد بايع الله أن لا يعصيه‏.‏

‏(‏الديلمي - عن أنس‏)‏‏.

كنز العمال في سنن الأقوال و الأفعال .. كتاب الفضائل .. فضائل الأمكنة و الأزمنة

أما دليل أن يديه كلتيهما على اليمين حديث مسلم في صحيحه من كتاب الإمارة باب فضيلة الإمام العادل و عقوبة الجائر و الحث على الرفق

حدثنا ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏ ‏وزهير بن حرب ‏ ‏وابن نمير ‏ ‏قالوا حدثنا ‏ ‏سفيان بن عيينة ‏ ‏عن ‏ ‏عمرو يعني ابن دينار ‏ ‏عن ‏ ‏عمرو بن أوس ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عمرو ‏ ‏قال ‏ ‏ابن نمير ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏يبلغ به النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وفي حديث ‏ ‏زهير ‏ ‏قال ‏‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن ‏ ‏المقسطين ‏ ‏عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا

و لأيدي الله استعمالات أخرى ، فهو سبحانه يستعمل يمناه في طي السماوات و يستعمل يسراه في طي الأرضين، ففي كتاب صفة القيامة و الجنة و النار من صحيح مسلم يحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة مرة أخرى ‏عن أبي أسامة ‏ ‏عن ‏ ‏عمر بن حمزة ‏ ‏عن ‏ ‏سالم بن عبد الله ‏ ‏أخبرني ‏ ‏عبد الله بن عمر ‏ ‏قال ‏‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول ‏ ‏أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم ‏ ‏يطوي الأرضين بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون

كما أنه سبحانه و تعالى يستعمل يديه في أمر عظيم إن استعملت فيه يد غيرِه قطعت ، إذ هو يمسح بهما على الظهور لتلد بحوله و قوته.

ففي معرض حديثه عن تفسير آية :وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ،يقول

عمر بن الخطاب ‏ ‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يسأل عنها فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن الله خلق ‏ ‏آدم ‏ ‏ثم مسح ظهره بيمينه فأخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل قال فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله الله الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله النار

سنن الترمذي .. كتاب تفسير القرآن عن رسول الله .. باب و من سورة الأعراف


وبما أن كل يد تقتضي أن يكون لها كف و راحة فإن ليديه سبحانه و تعالى كفين أبرد من قطعة الثلج ، فقد حدثنا أبو عامر في مسند أحمد .. أول مسند المدنيين رضي الله عنهم أجمعين .. حديث بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب رسول الله حديثا طويلا ورد فيه أن الرسول خرج على أصحابه ذات صباح طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فلما سألأوه عن ذلك ، و كأني به عوّدهم أن يستيقظ مكفهر الوجه عابس الطلعة ، فعجبوا لحاله الجديد و لما استفسرةه أجابهم صلى الله عليه و سلم:

وما يمنعني وأتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة قال ‏ ‏يا ‏ ‏محمد ‏ ‏قلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم ‏ ‏الملأ ‏ ‏الأعلى قلت لا أدري أي رب قال ذلك مرتين ‏ ‏أو ثلاثا ‏ ‏قال فوضع كفيه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السموات وما في الأرض ثم تلا هذه الآية وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ‏

مسند أحمد

و حتى تكتمل الخصائص الفيزيولوجية ليد الله أو يمناه فلا بد لها من أنامل و أصابع ، و هذا بالفعل هو عين الصحة لأنه سبحانه يفت الجبال بين أصابعه

‏فلقد حدثنا ‏ ‏عبد الله بن عبد الرحمن ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏سليمان بن حرب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏حماد بن سلمة ‏ ‏عن ‏ ‏ثابت ‏ ‏عن ‏ ‏أنس ‏‏أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قرأ هذه ‏ ‏الآية فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ‏قال ‏ ‏حماد ‏ ‏هكذا وأمسك ‏ ‏سليمان ‏ ‏بطرف إبهامه على ‏ ‏أنملة ‏ ‏إصبعه اليمنى قال ‏ ‏فساخ ‏ ‏الجبل ‏و خر موسى صعقا

سنن الترمذي .. كتاب تفسير القرآن عن رسول الله .. باب و من سورة الأعراف

كما أنه يحمل بأصابع القلوب يتلهى بها كقلم الرصاص و يصرفها كيفما يشاء محمد

يقول مسلم:

‏حدثني ‏ ‏زهير بن حرب ‏ ‏وابن نمير ‏ ‏كلاهما ‏ ‏عن ‏ ‏المقرئ ‏ ‏قال ‏ ‏زهير ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الله بن يزيد المقرئ ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏حيوة ‏ ‏أخبرني ‏ ‏أبو هانئ ‏ ‏أنه سمع ‏ ‏أبا عبد الرحمن الحبلي ‏ ‏أنه سمع ‏ ‏عبد الله بن عمرو بن العاص ‏ ‏يقولا ‏‏أنه سمع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏إن قلوب بني ‏ ‏آدم ‏ ‏كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد ‏ ‏يصرفه ‏ ‏حيث يشاء ثم قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏اللهم ‏ ‏مصرف ‏ ‏القلوب ‏ ‏صرف ‏ ‏قلوبنا على طاعتك

صحيح مسلم .. كتاب القدر .. باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء

و الأصابع الإلهية المقدسة في اليد الإلهية العليا المبسوطة التي وسعت كل شيء قدرا لا تتعدى أصابع اليد البشرية السفلى في العدد ، فهي خمس.

‏حدثنا ‏ ‏مسدد ‏ ‏سمع ‏ ‏يحيى بن سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏سفيان ‏ ‏حدثني ‏ ‏منصور ‏ ‏وسليمان ‏ ‏عن ‏ ‏إبراهيم ‏ ‏عن ‏ ‏عبيدة ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله ‏‏أن يهوديا جاء إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال يا ‏ ‏محمد ‏ ‏إن الله يمسك السموات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك فضحك رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حتى بدت ‏ ‏نواجذه ‏ ‏ثم قرأ و ما قدروا الله حق قدره.

صحيح البخاري .. كتاب التوحيد .. باب قول الله تعالى لما خلقت بيدي

ما أراني اليهودي إلا يستهزئ برسول الله و الرسول يستهزئ بلهاء الإيمان

تلك من خصائص الله البدوي نتلوها عليك و إلى حلقة أخرى

أبو قثم