الأحد، 7 مارس 2010

نظام الصعاليك و مبادئه العليا




الصعلكة هي الخروج على الأعراف و التمرد على الأهل و الحيّ و المجتمع ، و تلك لعمري مرحلة يجتازها كل يافع شاب مراهق .و الصعلوك من تمرد على الأخلاق و الأعراف و حقد على المجتمع لسبب من الأسباب و عادى الأهل و الأقارب و اتخذ لنفسه الانحراف سلوكا و الشذوذ عن القواعد طريقا ، فأضحى عاقا يتبرأ منه الأهل و العشيرة و ينبذه المجتمع.
على أن الصعلوك هذا يمكن ثنيه و إعادة تأهيله و تقويم سلوكه ليصير فردا مندمجا في مجتمعه و أهله
لكن في مجتمع متفكك  منعزل فقير مثل مجتمع الجزيرة العربية قلما كان يعالج الصعلوك من صعلكته ، بل كان المجتمع يفرخ من الصعاليك ما لا قدرة له على استيعابه.مما جعل أعداد الصعاليك تتزايد و أوضاعهم تتفاقم و أنواعهم تتناسل.فأصبحوا يتجمعون بمعازل لهم مبتعدين عن التجمعات البشرية. يمارسون كل أنواع الإجرام و اللصوصية و البغي بغية الحصول على لقمة العيش. فكثرت تجمعاتهم و كبرت أحياؤهم ،و أصبحت لهم  صولة و سمعة و مصالح و حرمات، و أضحى منهم المسيرون و المنظمون و الرؤساء و الأمناء و الفوارس و الشجعان و الشعراء و الأدباء و الرؤساء.و هؤلاء كلهم من المستفيدين من الصعلكة و القائمين عليها ، ليسوا بالضرورة كلهم من فئة اجتماعية واحدة ، بل منهم أبناء الملوك كامرئ القيس ومنهم العبيد كالسليك و تأبط شرا و عنثرة فارس العرب و منهم الفقراء الذين تشبثوا بحياة الصعلكة و أبوا المحيد عنها مثل عروة بن الورد العبسي معاصر عنثرة.فهؤلا ء لا أسميهم بالصعاليك إنما هم متصعلكون احترفوا الصعلكة فصاروا لها أبطالا.
و في كتابه »العصر الجاهلي« يحدد الدكتور شوقي ضيف معنى الصعلوك لغة بأنه الفقير الذي لا يملك المال الذي يساعده على العيش وتحمل أعباء الحياة,و كذلك لسان العرب و القاموس المحيط .ثم يؤكد أن هذه اللفظة تجاوزت دلالاتها اللغوية و أخذت معاني أخرى كقطاع الطرق الذين يقومون بعمليات السلب و النهب.... و يمكن تقسيم الصعاليك إلى فئات ثلاث:‏
فئة الخلعاء الشداد و هم الذين خلعتهم قبائلهم بسبب أعمالهم التي لا تتوافق مع أعراف القبائل التي ينتمون إليها مثل حاجز الأزدي, و قيس الحدادية .‏
و فئة أبناء الحبشيات السود ممن نبذهم آباءهم و لم يلحقوهم بأنسابهم مثل السليك بن السلكة ,وتأبط شراً ,والشنفرى‏
و فئة احترفت الصعلكة احترافاً وحولتها إلى ما يفوق الفروسية من خلال الأعمال الإيجابية التي كانوا يقومون بها مثل عروة بن الورد سيد الصعاليك و قبيلتي هذيل وفهم .‏ انتهى
و هؤلاء هم المتصعلكون الذين صنفهم بدورهم  عروة ابن الورد في الأبيات التالية إلى صنفين:
لحا الله صعلوكا إذا جن ليله ...... مصافي المشاش آلـفاً كلً مجرر
بعد الغنى من دهره كل ليلةٍ ..... أصاب قرَاها من صديق ميسرِ
ينام عشاءً ثم يصبح طاوياً........ يحث الحصى عن جنبه المتعفرِ
قليل التماسِِِ ِ الزادِ إلا لنفسه.......إذا هو امَسى كالعريش المجَوّرِ
يعين نساءَ الحي ما يَسْتعينهُ...... فيصحِى طليحا كالبعير المحّـسر
ولله صعلوكٌ صحيفة وجهه..........كضوء شِهابِ القابس المتنّور
مطلاً على أعدائه يزجرونه.........بساحاتهم زجر المنيح المشهرِ
فإن بعدوا لا يأمنون اقترابَه........تَشَّوفَ أهل الغائب المنتظرِ
فصنف جعله في منتهى الضعة والذله ,, وصنف الآخر وصفه بمنتهى العزة والسمو,,
و جعل الفقر أساسا و سببا لكليهما ، فوصف المتصعلك الأول بالفقير الكسول الخامل الدنيء النفس ، ساقط الهمة الذي  يتلمس رزقه من السؤال ويدور على الموسرين.، فهذا صعلوك حقير.
و وصف الثاني بالشهم والشجاع المتلألئ الوجه عند الشدائد.، الذي يطلب رزقه من سن رمحه ، فإن نال ما طلب طَعمِ منه وأطعم ، واكل وآكل ، وتزودّ وزوّد ، حتى يأتي على آخره فإذا هو فقير...
كما نجد حاتما الطائي يقول بنفس التصنيف لهذه الفئة من المتصعلكين ، لما ينشد قائلا:
لحا الله صعلوكا مُناه وهّمه......من العيش أن يلقىَ لَبوساً ومطعما
ينام الضحى حتى إذا الليل جنه.....تنبه مثلوج الفؤاد مَُوَرّما
مقيما مع المثرين ليس ببارح.....إذا نال جدْوَى من طعام ومجْثما
ولكن صُعلوكا يُساورُ الهمهُ.......ويمضى على الهيجاء ليثاً مُصَمّما
إذا ما رأى يوماً مكارم أعرضت......تيمم كُبْرَاهنّ ثمت صمّما
لقد استطاع المتصعلكون من أمثال عروة و ابن بصير الذي سوف نأتي على ذكره من أن يخلقوا بالصعاليك المنتمين إليهم داخل الجزيرة مجتمعا هامشيا ذا أخلاق و مبادئ منافية للأعراف القبلية السائدة ، تقوم على العنف و السلب و المكر و الخداع و الخيانة و الغدر و القتل لأتفه الأسباب و توزيع الغنائم و تخصيص الزعيم بالخمس أو الربع . و يدعي دارسو الأدب و الشعر الجاهلي أن هؤلاء المتصعلكين كانوا إلى جانب لصوصيتهم و خشونة أخلاقهم كرماء جوادين نبلاء ، يحسنون إلى الفقير و يجودون على المعسر و يعينون المغلوب على أمره؟؟ و هذا ما نجده فعلا  متراكما في أشعارهم.إلا أن هناك تناقضا بسيطا يقفز عليه هؤلاء الدارسون و المحللون. فالكريم هو من يجود من ماله الحلال على الآخرين و ليس من مال غيره.أما إذا كان هذا المال عن طريق السطو و القتل فأي أخلاق تذكر بعد هذا؟؟
.يقول الشاعر الصعلوك
يجود علينا الخيرون بمالهم
و نحن بمال الخيرين نجود
فالفرق بين الصعلوك و الخيِّر ظاهر
إذا جاد الصعلوك جاد بما ليس له أي بما لغيره، إذا فهو ليس خيّرا و لا كريما
و من أين لمن تشبع باللصوصية و الإجرام و قطع الطرق و سبي النساء أن يكون خيّرا كريما جوادا.؟؟
تلك من التناقضات التي لا يقبلها إلا العقل العربي بفعل الذين يريدونه أن يبقى عقلا عربيا متفردا متميزا عن العقل الإنساني الذي لا يقبل بالتناقض بتاتا
و نجح هؤلاء الساهرون على تنظيم مجتمع الصعاليك في وضع قواعد و سلوكيات و فلسفة لمجتمعهم الهامشي تناقض أعراف و قواعد المجتمعات الإنسانية المتحضرة.تهدف أولا هدمَ العلائق و الروابط القبلية و الإنسانية التقليدية و تجاوزها إلى خلق روابط الأخوة في الصنعة و المذهب و التفكير، ثانيا هجرة الأوطان و العيش عالة على المجتمع بممارسة النهب و القتل و احتراف الغزو لصالح الغير ثالثا هدم المجتمع الذي ينبذهم  و ينبذونه و تخريبه و السيطرة على خيراته و نسائه و تقاسمها .
و من بين مبادئ الصعاليك
* ـ الحق في انتزاع أي شيء من مالكه
يقول جواد علي في المفصل في تاريخ العرب قيل الإسلام، الجزء  التاسع، صفحة602 :
والصعاليك حاقدون على مجتمعهم، متمردون عليه... لا يبالون من شيء ولو كان ذلك سلباً ونهباً وقتل أبناء قبيلتهم وعشيرتهم، لأنهم خلعوا منها... وكل ما تقع أعينهم عليه، هو مفيد لهم نافع، ومن حقهم بحكم فقرهم انتزاعه من مالكه، وإن كان مالكه فقيراً معدماً مثلهم، ...ويرون الخلاص من هذا الذل بالحصول على المال بالقنا وبالسيف، فمن استعمل سيفه نال ما يريد، لا يبالي فيمن سيقع السيف عليه، وإلا عدّ من "العيال
قال "السُّليك":
فلا تصلي بصعلـوك نَـؤوم ***** إذا أمسى يُعد من الـعـيال
الشعراء الصعاليك، صفحة ٢٣٥مستشهد من جواد علي، الجزء التاسع
* ـ الحق في سلب الآخرين البخلاء يأمر من الله
ولذلك كان صعاليك العرب ولصوصهم وأرباب الغارة منهم يرون أن ما يحوونه من النعم بالغارة، إنما ذلك مال منعت منه الحقوق، فأرسله الله  لهم، كما قال عروة الصعاليك:
لعلّ انطلاقي في البلاد وبغيتي ****وشديّ حيازيم المطيّة بالرَّحْـل

سيدفعني يوماً إلى رب هجـمة ***** يدافع عنها بالعقوق وبالبخـل"
الجمان في تشبيهات القرآن، عبد الله بن الحسين بن ناقيا البغدادي  ، صفحة ٢٦٢وما بعدها ؛  جواد علي ، المفصل، الجزء  التاسع، صفحة  603
* ـ حق القتل والفتك بالآخرين
القتل عند الصعلوك كشربة ماء: فالحاجة عندهم تبرر الواسطة، وإذا امتنع إنسان على صعلوك وأبى تسليم ما عنده إليه، فهو لا يبالي بقتله، فالقتل ليس بشيء في نظره، منظره مألوف ... والصعلوك نفسه لا يدري متى يقتل، فلا عجب إذا ما رأى القتل وكأنه شربة ماء
.جواد علي ، المفصل، الجزء التاسع، ص 604
فمن وجد شخصاً ومعه مال، لا يجد الصعلوك سبباً أخلاقياً يمنعه من قتله للحصول على ماله ”جواد علي، المفصل، الجزء التاسع، صفحة 611/612
أغار قيس بن الحدادية- صعلوك مشهور- على جموع هوازن، فأصاب سبيا ومالا، وقتل يومئذ من بني قشير: أبا زيد وعروة وعامرا ومروحا، وأصاب أبياتا من كلاب خلوفا، واستاق أموالهم وسبيا“
الأغاني للأصفهاني الجزء السادس، صفحة 64
* ـ القسوة في القتل
نجد الشَّنْفَرَى، يصف غارة ملأت الرعب في قلب من وقعت عليهم، قام بها في ليلة باردة، عاد منها سالماً معافى بغنائم، وهو فرح بما تركه من قتل وسلب وألم في نفوس النساء والأطفال، فيقول:
فأَيَّمْتُ نِسْواناً وأَيْتمْتُ إِلْدَةً ***** وعُدْتُ كما أَبْدَأْتُ واللَّيْلُ أَلْيَلُ
الشعراء الصعاليك ، صفحة ٤٩؛ مُستشهَد من جواد علي، المفصل، الجزء التاسع  ص 612
وهذا "السُّلَيك" يخرج مع صعلوكين يريدون الغارة، فساروا حتى أتوا بيتاً متطرفاً، ووجد شيخاً غطى وجهه من البرد، وقد أخذته إغفاءة، ومعه إبله ترعى، فأسرع إليه وضربه بسيفه فقتله، ونهبوا إبله، وعادوا بها مسرعين فرحين، قتله دون أن يشعر بوخزة ضمير، لقتله انساناً نائماً طاعناً في السن يرعى إبله،  ...إلى أن قال : والضرورات تبيح المحظورات.“
الشعراء الصعاليك ، صفحة 172؛ مُستشهَد من جواد علي ، المفصل، الجزء التاسع صفحة 613
* ـ التمثيل بالقتلى و تقطيع أطرافهم من خلاف
كان الشَّنْفَرَى عندما يرمي رجلا يقطع رجله ويرمي عينه
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الثامن ص 287
السليك يدخل بخبث ليسرق بيت عازل ويقطع رأس شيخ“
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الثامن صفحة 219
* ـ تقسيم الغنائم و نظام العصابات
عروة بن ورد كان يجمع الصعاليك ويكرمهم ويغير بهم ويجعل لاصحابه الباقين نصيبه من الغنيمة
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الأول، صفحة 270
أما زعيم الصعاليك في الغزو فله الربع أو الخمس
حاجز بن عوف أحد زعماء الصعاليك كان عمه  يأخذ الربع من الغنيمة،
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء  الخامس  صفحة  687وما بعدها
و من عادات الصعالكة تأليف العصابات من الصعالكة الآخرين من العرب والإغارة بهم على قبائلهم الأصلية
قيس بن الحُدادِية خُلع من قومه وهم خُزاعة وجمع صعاليك من العرب يغير عليهم
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء  السادس ، صفحة 64
* ـ اعتماد أخوة الصنف والحرفة بدل أخوة العشيرة والقبيلة
يقول جواد علي في المفصل، الجزء التاسع، صفحة 620
وهم من عشائر مختلفة، فلا ينتسبون إلى نسب واحد، ونسبهم الوحيد الذي يربط بينهم، هو الصعلكة، والتمرد على المجتمع والتشرد في البوادي والهضاب والجبال.
* ـ تفضيل الموت على البقاء في حالة الفقر و المبايعة عليه
فلَلمَوتُ خيرٌ للفَتى منْ حَياتِهِ   *****  فقيراً، ومن موْلًى تدِبُّ عقارِبُهْ
وسائلةٍ: أينَ الرّحيلُ؟ وسائِلٍ   ***** ومَن يسألُ الصّعلوك: أينَ مذاهبُهْ
مَذاهِبُهُ أنّ الفِجاجَ عريضةٌ    ****  إذا ضَنّ عنه، بالفَعالِ، أقاربُه
ديوان عروة بن الورد ، صفحة 29
وأنّ المنايا ثَغْرُ كلّ ثنيّةٍ ****** فهل ذاكَ عما يبتغي القومُ مُحصِر؟
وغَبراءَ مَخشيٍّ رَداها، مَخوفةٍ ******* أخوها، بأسبابِ المنايا، مُغَرَّر
ديوان عروة بن الورد، صفحة 77 ؛  جواد علي، المفصل، الجزء التاسع صفحة  632
* ـ العمل بمبدأ الترويع  وإلقاء الرعب في قلوب الناس
في الحديث عن تأبط شرا – أحد قادة الصعاليك معنى يفيد أنه يغيرعلى القادم والآيب، يسلبه ويأخذ ما عنده، لا يبالي بشيء إلا بحصوله على غنيمة السلب، وهو إن قابل قافلة، فلم يتمكن منها، يكون قد رضي من فعله بما ألقاه من رعب وذعر في قلوب أصحابها، ويكون قد اشتفى بذلك منها. فهو رجلٍ منتقم، يريد أن يفرج عما ولد في قلبه من غلَ، بأية طريقة كانت
جواد علي، المفصل، الجزء التاسع صفحة 644
* ـ  نجاح الغزوات لا يتم إلا بسبي النساء
ومرّ "سُلَيْك" في بعض غزواته ببيت من "خَثْعَم"، أهله خلوف، فرأى فيهم امرأة بضة شابة، فتسّنمها ومضى
جواد علي، المفصل، الجزء التاسع صفحة 648
نجد عروة يأخذ بعض الصعاليك  فنزل بهم ما بينهما بموضع يقال له: ماوان. ثم  قتل رجلا وسبى جماله وزوجته
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الأول، صفحة 270
قيس بن الحُدَادِية أغارعلى جموع هَوَازِن، فأصاب سبيا ومالا، وقتل يومئذ من بني قشير: أبا زيد وعروة وعامرا ومروحا، وأصاب أبياتا من كلاب خلوفا، واستاق أموالهم وسبيا
الاغاني لابي فرج الاصفهاني الجزء  السادس ، صفحة64
كما أن من خصائص الصعاليك ما يتصفون به من صفات وحشية همجية تميزهم عن سائر البشرمنها
* ـ سلب الناس من أجل ان يفتدي أهلهم السبي بمال كثير
عروة يسلب امرأة وأهلها يفدوها بفداء كبير
 الأغاني،الجزء الاول، صفحة 269
* ـ  الغدر والخداع بالدخول بمكر إلى البيوت حيث يقتلوا وينهبوا
  تأبط شرا " يذهب مع صعاليك الى بلاد هذيل ويسأل راعيا لهم ويقول له عن بيت من قبيلة عتير كثير المال. ويبيتهم صاحب البيت ، ولكن الصعاليك يقتلوا كل سكان البيت ويستقوا الأموال
 الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الثامن،  صفحة681
* ـ بدأ مواجهة العدد الأكبر بالفئة الصغرى وعدم الهرب 
تأبط شرا " يغير مع ستة صعاليك على قبيلة من خَثْعَم ، فخرج 40 رجلا من خثعم ومعهم  كبير القوم . ومبدأ الصعاليك عدم الهرب وهم لا يبالون إن ماتوا. فقتل الصعاليك منهم عددا وهرب الباقون .
الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الجزء الثامن صفحة 276/277

في الحلقة المقبلة سنطلع على الصعاليك و القبائل المتصعلكة قبل الإسلام ثم سنتحدث عن الصعاليم و النبي محمد ثم نختم بمشيئة هبل بالصعاليك بعد الإسلام

أخوكم
أبو نبي الصعاليك

ليست هناك تعليقات: