الأربعاء، 3 أبريل 2013

الحكم بما يرضي الله




من بين ما يلبّد سماء الأمة العربية الكئيبة، في هذه الأيام العصيبة، و يلوث صفاء فضائها المتهالك، مصطلح ( ما يرضي الله) الذي يعمل مرضى الله و صعاليك رسوله على بعثه من قبره.
و مما يستفاد من هذا المصطلح هو أنه يعني فيما يعنيه، كل شيء أمر الله بفعله و حث عليه و رغّب فيه..فالركوع و السجود و التذلل و الامتهان و التمسح بالأحجار هو مما يرضي الله.كذلك القتل و النكح و البضع و الجهل و الفقر، كل ذلك مما يرضي الله. و بما أن أفعال المرء تكون على درجات فإن ما يرضي الله يتفاوت هو الآخر قيمة و أهمية و قبولا عند الله..فالصدقة، ورغم أنه لا يناله منها شيء، فإنها قد ترضي الله و قد لا تفعل ، و لكن الأكيد و المؤكد هو أن صداق النكاح و أجور المنكوحات يرضيه أكثر..كما أن الأضحية و التقرب بغشاء الحشفة هو مما يرضي الله، إلا أن الجهاد في سبيل الله و لو بالذكر هو مما يرضيه أكثر فأكثر..كذلك الزواج،فهو مما يرضي الله بحق، إلا أن الزواج بأربع قواصر لهو الأكبر درجة عند الله و الأعظم إرضاء له.
هكذا نرى بأن هذا المصطلح الكريه ينتشر شيئا فشيئا ليشمل جميع أنشطة المسلم و معاملاته.فمنذ أن يفتح عينيه على شمس الصباح، و إلى أن يضمه دفء فراش الليل، يعيش المسلم الحنيف على ما يرضي الله. يبيع و يشتري بما يرضي الله.يستفتح الأعمال بالبسملة و الحوقلة، و يختتمها بالحمدلة و الاستغفار، و بين الاثنتين..غش كثير بما يرضي الله، و حلف على الكذب و هو يعلم، بما يرضي الله، و نصب و كيد و احتيال و احتكار و زبونية و فساد عظيم ..بما يرضي الله.
و إذ يزني المسلم فإنه لا يزني إلا بما يرضي الله. ينكح الميتة و القاصر دون الحلم و البهيمة، و يزني بالمثنى و الثلاث و الرباع..كل ذلك بما لا يحالف ضره الله و سنة رسوله و لا يخرج عن مذهب أبي حنيفة النعمان و الأئمة الأربعة. حتى إذا ما قضى من عواهر الشرع أوطاره، رمى بهن إلى سراديب الدعارة بحجة أن الزواج حلال و أن الطلاق أبغض الحلال إلى الله. و تعتبر مؤسسة الزواج الإسلامية أكبر ماكينة لتفريخ المومسات و أبناء الشوارع و المتخلى عنهم بما يرضي الله.
أما عن الإجرام فحدث و لا حرج.. إذ الكافر و المرتد و الملحد و الخارج عن الملة و الدين تجوز سرقتهم في شرع الله ، و يجوز ابتزازهم و نهبهم و سلبهم و سبيهم بما يرضي الله.و لا يلوم المسلمَ لائم ، و لا يخزه ضمير أو يثنيه خلق عن قتل المخالف و المعارض له، لأن قتله و سحله و الفتك و التمثيل به، فرض عين في شرع الله و جهاد في سبيله.. و أن عصب الإسلام و رأس الإيمان لهو الجهاد..و أن منه جاهد في سبيل الله بماله و ذكره و نفسه فقد فاز فوزا عظيما. و لئن سألت المسلم عن القتل بما يرضي الله قال هو القتل بالمعروف و الرأفة بالمقتول، و يتم ذلك بالتكبير و الذبح من الوريد إلى الوريد و سبي الأهل و نهب المال و قطع النسل و محو الاسم و طمس الأثر... فلنعم القتل قتل المسلم و لنعم المرضاة  مرضاة رب المسلم.
و إن من بركات ما يسمى بالربيع العربي أن اتسع نطاق استعمال هذا المصطلح الخبيث ليغزو أدبيات الحكم و قوانينه في الدول و الأقطار التي مسها مدّ الخراب الإسلامي، و التي تمثل مصرُ أكبر و أجود شاهد عليه..فبعد سطوهم على دواليب الحكم و سيطرتهم على خزائن الدولة و تمكّنهم من أعناق العباد، هاهم الخرفان المجرمون يخربون مؤسسات الدولة و يدمرون اقتصادها بما يرضي الله، و هاهم ينتهكون الحرمات و يضيقون على الخريات و يسعبدون المواطن و يهينون الكرامات، و يصادرون الحقوق و يغتصبون المكتسبات..و كل ذلك يتم بما يرضي الله
فماذا بقي بعد مما لا يرضي الله، إذا؟؟؟
إن كل ما من شأنه انتزاع القيمة من الإنسان و امتهانه و احتقاره و اغتصاب إنسانيته و انتهاك أعراضه لهو مما يرضي الله . و إن كل ما يعظم الإنسان و يكرمه و يرفع من قيمته لهو مما يغضب الله
فليغضب الإله ما شاء له أن يغضب
و لينفجر الرب ما شاء حزنا و كمدا
فإنا قد ولدنا هاهنا أحرارا سعداء
وإنا  سنبقى هاهنا شدادا كراما أبدا
و بئسا لقوم يعيثون في الأرض فسادا يبتغون مرضات رب مريض متخلف جاهل حقود

أبو نبي العرب

هناك 3 تعليقات:

888 يقول...

عليك اللعنة ياكبيرنا مااروع مقالاتك انحني اجلال واكراما لفكرك وعقلك
تحية وسلام

Boutheina يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Boutheina يقول...

رائع هو هذا القلم! سلمت يداك و تبت اياديهم