الأربعاء، 17 يوليو 2013

نبوة محمد في ميزان عبد المسيح الكندي


كان هذا الرجل يتيماً في حِجْر عمه عبد مناف المعروف بأبي طالب الذي كفله عند موت أبيه وكان يعوله ويدافع عنه، وكان يعبد أصنام اللات والعُزّى مع عمومته وأهل بيته بمكة على ما حكى هو في كتابه وأقرَّه على نفسه حيث قال: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى (سورة الضحى 93:6-8). ثم نشأ في ذلك الأمر حتى صار في خدمة عِيرٍ لخديجة بنت خويلد، يعمل فيها بأجرة ويتردد بها إلى الشام وغيرها، إلى أن كان ما كان من أمره وأمر خديجة وتزوُّجه إياها للسبب الذي تعرفه. فلما قوَّته بمالها نازعته نفسه إلى أن يدَّعي المُلك والترؤس على عشيرته وأهل بلده، فلم يتبعه عليه إلا قليل من الناس. فعندما يئس مما سوَّلت له نفسه ادَّعى النبوَّة وأنه رسولٌ مبعوثٌ من رب العالمين، فدخل عليهم من بابٍ لطيف لا يعرفون عاقبته ما هي، ولا يفهمون كيف امتحان مثله ولا ما يعود عليهم من ضرر منه، وإنما هم قوم عرب أصحاب بدوٍ لم يفهموا شروط الرسالة ولم يعرفوا علامات النبوة، لأنه لم يُبعَث فيهم نبي قط. وكان ذلك من تعليم الرجل الملقِّن له الذي سنذكر اسمه وقصته في غير هذا الموضع من كتابنا، وكيف كان سببه. ثم إنه استصحب قوماً أصحاب غاراتٍ ممن يصيب الطريق على سُنَّة البلد وعادة أهله الجارية عندهم إلى هذه الغاية، فانضمَّ إليه هذا النوع، وأقبل يبثث الطلائع ويدسس العيون ويبعث إلى المواضع التي ترِد القوافل إليها من الشام بالتجارات فيصيبونها قبل وصولها، فيُغِيرون عليها ويأخذون العِير والتجارات ويقتلون الرجال. والدليل على ذلك أنه خرج في بعض أيامه فرأى جِمالاً مقبلةً من المدينة إلى مكة، لأبي جهل بن هشام، ويُسمِّي أعراب البادية ذلك غزواً إذا خرجت للغارة على السابلة وإصابة الطريق. وكان أول خروجه من مكة إلى المدينة بهذا السبب، وهو حينئذ ابن 53 سنة بعد أن ادّعى ما ادّعاه من النبوة بمكة 13 سنة، ومعه من أصحابه 40 رجلاً، وقد لقي كل أذى من أهل مكة لأنهم كانوا به عارفين، فأظهروا أن طرده لادّعائه النبوة وعقد باطنهم لما صح عندهم من إصابته الطريق. فسار مع أصحابه إلى المدينة وهي يومئذ خراب يباب ليس فيها إلا قوم ضعفاء أكثرهم يهودٌ لا حِراك بهم، فكان أول ما افتتح به أمره فيها من العدل وإظهار نصفة النبوة وعلامتها أنه أخذ المربد الذي للغلامين اليتيمين من بني النجار وجعله مسجداً. ثم أنه بعث أول بعثة حمزة بن عبد المطلب في 30 راكباً إلى العيص من بلد جهينة يعترض عِير قريش وقد جاءت من الشام، فلقي أبا جهل بن هشام في 300 رجل من أهل مكة، فافترقوا لأن حمزة كان في 30 ، فخاف لقاء أبي جهل وفزع منه، فلم يكن بينهم قتال.

فأين شروط النبوة في هذا الموضع من قول الله في التوراة المنزلة من عنده لموسى حيث وعده أن يُدخل بني إسرائيل الذين أخرجهم من مصر إلى أرض الجبابرة المسمّاة أرض الميعاد وهي أرض فلسطين: أن الواحد يهزم ألفاً، والاثنين يهزمان ربوة؟ وكذلك كان فعله على يدي يشوع بن نون المتولّي إدخال بني إسرائيل أرض الميعاد ومحاربة أهل فلسطين. فهذا حدُّ ما يُطالَب به صاحبُك في هذا الموضع من علامات النبوّة والرسالة.

فلنرجع الآن إذ ليس عندك في هذا جواب. فنقول إما أن يكون حمزة هذا رسول نبيٍ مبعوث، وهو عمه وعن أمره خرج ومعه ثلاثون راكباً، وهو على حقٍ عند نفسه عندما خاف من أبي جهل الكافر المشرك ومعه ثلثمائة رجل كفار مشركين عباد أوثان، ولم يحاربه بل سالمه. أو يكون هذا خلاف ما تدّعيه أنت أنه نبيّ مرسَل وأن الملائكة تؤيده وتقاتل دونه كما كانت تقاتل مع يشوع بن نون، فإنه رأى ملاكاً في زيّ فارس، فلم يعرفه يشوع فسأله: أمِن أصحابنا أنت أم من أعدائنا؟ فقال له الملاك: أنا رئيس جيوش الرب، والآن أقبلتُ. فخرَّ يشوع بوجهه على الأرض ساجداً وقال: بماذا يأمر السيدُ عبدَه؟ فقال رئيس جيوش الرب: اخْلَعْ نَعْلَكَ مِنْ رِجْلِكَ، لِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ هُوَ مُقَدَّسٌ . فَفَعَلَ يَشُوعُ كَذ لِكَ (يشوع 5:13-15). وفي هذا القول من الملاك ليشوع سرٌّ ليس هذا موضعه، وكان يشوع وقتها يحاصر أريحا. فلما أتى على ذلك سبعة أيام فتحها على غير عقد ولا عهد، فقتل كل من كان فيها من ذكر وأنثى.

ولنذكر أيضاً غزوة صاحبك الثانية لعله يكون لك فيها أدنى جواب. وفيها بعث عُبيدة بن الحارث بن المطلب في ستين راكباً ليكون ضعف العدة الأولى، فيقوّي قلوبهم إلى بطن رابغ بين الأبواء والجحفة، فلقي أبا سفيان بن حرب، وأبو سفيان في 200 راكب، فكان بينهم من الدماء ما قد علمت، ثم رُدعوا فما رأيت أحداً من الملائكة أعانهم على أمرهم بشيء، وقد شهدت أنت أن جبرائيل كان في صورة رجل راكب رمكة شهباء عليه ثياب خضر، وقد ركب فرعون بجنوده على 400 ألف حصان في طلب بني إسرائيل. فلما توسط بنو إسرائيل البحر قحم جبرائيل في أثرهم قائلاً: قدم خير . فتبعته الخيل التي كان عليها فرعون وأصحابه، فنجا بنو إسرائيل وغرق فرعون وأصحابه! هذه شهادتك وإقرارك ببعض علامات موسى النبي التي أتى بني إسرائيل، وصاحبك خلو من هذا كله!

ولا بدّ لنا أن نأتيك بالثالثة لما بعث سعد بن أبي وقاص إلى الخرار خارج الجحفة في عشرين رجلاً، فورد الموضع وقد سبقته العِير قبل ذلك بيوم، ففاته أمله ورجع خائباً من رجائه! فهذه خلاف آيات النبوة وعكس ما فعله نبي الله صموئيل بشاول. ولا أشك في أنك تعرف القصة، فقد قلت إنك عارف بالكتب المنزلة دارس لها حق دراستها. وذلك أن قيساً أبا شاول ضاعت له أتن، فوجَّه ابنه شاول في طلبها، فذهب شاول إلى صموئيل النبي يسأله، فقال له صموئيل قبل أن يخبره شاول خبر ما جاء لأجله: أما الأتُن فرجعت إلى بيت أبيك، وأما أبوك فقد شغله الاهتمام بغيبتك عن الأتن . فهكذا تكون شروط النبوة التي هي علم الغيب الماضي وعلم الغيب المستقبل، فتخبر الأنبياء عنه وتذكره قبل وقوعه وتعلم حدوثه قبل مجيئه، بما يُظهر لهم الروح القدس معطي علم الغيب الذي هو نهاية الدلالات على النبوات. وقد قال المسيح الرب في إنجيله المقدس ما معناه إن الشهادة العادلة الصادقة هي الكائنة من قِبَل رجلَيْن عَدْلين صادقيْن أو ثلاثة عدُول، فتلك واجب قبولها. وقد أنبأناك في فصل كتابنا هذا بثلاث شهادات عدل، لك فيهم مُقنع.

فلننظر الآن بعد الغزوات الثلاث التي خرج فيها هؤلاء النفر ومن خرج معهم بأمر صاحبك فانصرفوا. وخرج هو بنفسه مع أصحابه يريد عِيراً لقريش، فانتهى إلى ودان، فوافاه مَجْشيّ بن عمر الضمري فلم يَنَلْ منه شيئاً ورجع صفراً. ثم خرج ثانية إلى بواط، وهيفي طريق الشام في طلب عيرٍ لقريش فيها أمية بن خلف الجمحي، ورجع ولم يصنع شيئاً. ثم خرج ثالثة إلى أن وصل إلى يَنْبُع في طلب عيرٍ لقريش أيضاً يريد الشام، وهي العير التي كان القتال ببدْرٍ بسببها في رجعتها، فرجع صفراً ولم يصنع شيئاً. فأنْصِف (وأنت أهلٌ لذلك) إن كان صاحبك نبياً كما تدّعي! فما للأنبياء وشنّ الغارات والخروج لإصابة الطرق والتعرُّض لأخذ أمتعة الناس! وما الذي ترك صاحبك هذا للصوص وقطاع الطريق؟ وما الفرق بينه وبين أتابك الخزمي الذي تناهى إلى سيدنا أمير المؤمنين وإلينا خبره بما عمل وارتكب من ظلم الناس؟ فأجِبْنا إنْ يكن عندك في هذا جواب واضح. وإني أعلم أنه لا جواب عندك ولا عند غيرك ممن اعتقد مثل اعتقادك.

ثم لم يزل كذلك إلى أن وجد القوم الذين خرج في طلبهم في ضعف، فاسْتاق عِيرهم، وأخذ تجارتهم، وقتل من أمكنه قتله من رجالهم، وإن وافاهم وهم في منعة وقوة انحاز عنهم وولى هارباً إلى أن مات. فكانت مغازيه بنفسه 26 غزوة، غير السرايا التي كانت تخرج في الليل، والسواري الخارجة نهاراً، والبعوث قاتل منها في تسع غزوات، والباقية كان يبعث فيها أصحابه.

ثم أعجب من هذا في قُبْح الأحدوثة، والشناعة في الفعل والفظاظة، توجيهه إلى واحدٍ واحداً يقتله بالغِيلة، كتوجيهه عبد الله بن رُواحة لقتل أسير بن دارم اليهودي بخيبر فقتله غيلةً، وكبعثه سالم بن عمير العمري وحده إلى أبي عفك اليهودي وهو شيخ كبير ما به حراك، فقتله بالغيلة ليلاً وهو نائم على فراشه آمناً مطمئناً، واحتجَّ بأنه كان يهجوه. ففي أيّ كتابٍ قرأت هذا، وأي وحيٍ نزل عليه به، ومِن أي حُكم حَكم على مَن هجاه أن يُقتل؟ فقد كان في تأديب هذا الشيخ على ذنبه شيء دون القتل وخاصة ليلاً وهو نائم مطمئن آمن على فراشه. فإن كان هجاه بما كان فيه، فقد صَدَق ولا يجب على من صدق قَتْل. وإن كان كذب عليه في قوله، فلا يجب على من كذب القتل، بل يُؤدَّب لئلا يعود. فأين قولك إنه بُعث بالرحمة والرأفة للناس كافةً؟

وأما بَعْثه لعبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة (وهو بستان ابن عامر) في 12 رجلاً من أصحابه ليأتيه بأخبار قريش، فلقوا بها عمرو بن الحضرمي في عير قريش وتجارة قد أقبل بها من اليمن، فقتلوا عمراً واستاقوا العير إلى المدينة. ولما وردوا أخرج عبد الله بن جحش مما أغار عليه هو وأصحابه الخُمس فدفعه لمحمد. فهذا لا أقول إنه حلال أو حرام، حتى يحكم فيه العادل!

وكذلك ما فعل في يهود قينقاع حيث صار إليهم بغير ذنب ولا علة إلا الرغبة في أموالهم، فحاصرهم حتى نزلوا على حكمه واستوهبهم منه عبد الله بن أبيّ بن سلول فوهبهم له، وأخرجهم إلى أذرعات بعد أن أخذ أموالهم فقسمها بين أصحابه، وأخذ هو الخُمس قائلاً: هذا ما أفاء الله على نبيّه . فكيف طاب له هذا، وبماذا استحل أن يأخذ أموال قومٍ لم يؤذوه ولم يكن بينه وبينهم غل، وإنما استضعفهم وكانوا كثيري الأموال! فما هكذا تفعل الأنبياء ولا من يؤمن بالله واليوم الآخر.

فأما غزوة أحُد وما أُصيب فيها من كسر رباعيته السفلى اليمنى وشقّ شفته وثلم وجنته وجبهته، الذي ناله من عتبة بن أبي وقاص، وما علاه به ابن قميئة الليثي بالسيف على شقه الأيمن حتى وقاه طلحة بن عبيد الله التيمي بيده فقطعت أصبعه، فهذا خلاف الفعل الذي فعله الرب مخلص العالم، وقد سلَّ بطرس بحضرته على رجل سيفاً فضربه على أذنه فاقتلعها. فَرَدَّ المسيح مخلصنا الأذن إلى موضعها فعادت صحيحة كالأخرى. وإلا حيث أصاب يد طلحة ما أصابها (وقد وقاه بنفسه) فلماذا لم يَدْعُ محمد ربَّه ليرد يد طلحة إلى ما كانت عليه؟ وأين كانت الملائكة عن معونته ووقايته من كسر ثنيته وشق شفته ودمي وجهه (وهو نبي من الأنبياء وصفيٌّ من الأصفياء ورسول الله) كما كانت الأنبياء تقي من قبله، كتوقية إيليا النبي من أصحاب أخآب الملك، ودانيال من أُسد داريوس، وحنانيا وإخوته من نار بختنصر، وغيرهم من الأنبياء وأولياء الله؟ سيما ولم يخلق الله آدم إلا لأجل محمد وقد كتب اسمه على سرادق العرش كما تقولون! وأفعال صاحبك هذا خلاف قولك إنه بُعث بالرحمة والرأفة إلى الناس كافةً، لأنه كان الرجل الذي لم يكن له فكر واهتمام إلا في امرأة حسنة يتزوجها، أو قوم يُغير عليهم يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم وينكح نساءهم، ويشهد على نفسه أنه حُبِّب إليه الطيب والنساء، وأنه من علامات نبوته أنه جعل في ظهره من القوة على النكاح مقدار قوة أربعين رجلاً. فهل هذا بعض آيات الأنبياء التي لا تكون إلا في مثله؟

فأما ما كان بينه وبين زينب بنت جحش امرأة زيد فإني أكره ذكر شيء منها إجلالاً لقدر كتابي هذا عن ذكرها، غير أني آتي بشيء مما حكاه في كتابه الذي يقول إنه نزل عليه من السماء إذ يقول: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ واللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَّوَجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهُ مَفْعُولاً مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (سورة الأحزاب 33:37 ، 38),

وكذلك هنّاته مع عائشة وما كان من أمرها مع صفوان بن المعطل السلمي، في رجوعهم من غزوة المصطلق، بتخلُّفها عن العسكر معه وقدومه بها من الغد نحو الظهيرة راكبة على راحلته يقودها، وما قذفها به عبد الله بين أبيّ بن سلول وحسان بن ثابت ومسْطَح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر وزيد بن رفاعة وحمنة بنت جحش أخت زينب، وتبليغ علي بن أبي طالب إليه كلام المتكلمين وعيب العائبين، قائلاً: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثيرة . فلم يلتفت صاحبك إلى ذلك كله لشدة إعجابه بها، لأنه لم يكن في مَن نكح مِن نسائه بِكْرٌ غيرها ولا أحدث سناً منها، فكان لها من قلبه مكان. فرضي بما كان من ذلك الأمر كله، وهذا كان سبب انعقاد تلك العداوة بين عائشة وبين علي إلى آخر حياتهما. ثم قال صاحبك بنزول براءتها في سورة النور من قوله: إن الذين جاءوا بالإفك عُصْبة منكم الخ .

وكانت نساؤه فيما يظهر خمس عشرة حرة، وأَمَتيْن. أولهن خديجة بنت خويلد، ثم عائشة بنت أبي بكر وهو عبد الله المعروف بعتيق بن أبي قحافة. وسودة بنت زمعة. وحفصة بنت عمر، وهي التي كان بينها وبين عائشة تلك الهنّات العجيبة. وأم سلَمة واسمها هند بنت أبي أمية، وهي المخدوعة أم الأطفال، التي زعم أنه يُذهب عنها الغيرة عندما امتنعت عليه واحتجَّت بأنها امرأة غَيْرَى، وأنه يعول صبيَّتها لما اعتذرت أنها ذات صبية، وأنها تخاف ألا يرضاه أهلها فضمن لها أن يكفيها ذلك، حتى قبلت. ثم لم يفِ لها من ذلك الضمان بحرف واحد، وهي التي نحلها جرَّتين ورحى ووسادة من أدم حَشْوها ليف، فحصلت منه على الدنيا والآخرة. وزينب بنت جحش امرأة زيد التي بعث إليها نصيبها من اللحم ثلاث مرات، فردَّته في وجهه فهجرها وهجر نساءه بسببها وحلف أنه لا يدخل عليهن شهراً، فلم يصبر فدخل لتسعة وعشرين يوماً! وزينب بنت خُزيمة الهلالية. وأم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان أخت معاوية. وميمونة بنت الحارث الهلالية. وجويرية بنت الحارث المصطلقية. وصفية اليهودية بنت حيي بن أخطب التي علّمها أن تفخر على نسائه عند تعييرهن إياها وتقول: أنا التي هارون أبي، وموسى عمي، ومحمد زوجي . والكلابية وهي فاطمة بنت الضحّاك وقيل إنها بنت يزيد عمرة الكلابية. وحنة بنت ذي اللحية. وبنت النعمان الكِنْدية التي أنفت منه حين قال لها: هبي لي نفسك فقالت: وهل تهب المليكة نفسها للسوقة؟ ومليكة بنت كعب الليثية ذات الأقاصيص. ومارية أم إبراهيم ابنه. وريحانة بنت شمعون القريظية اليهودية. فهؤلاء نساؤه اللواتي كنَّ له، وأمَتَان

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

اولا الاسلوب ذو مستوى ادبى رفيع و ممتع بحق و اكاد اجزم اننى لم اقرأ الحوادث و التاريخ المحمدى و انا استشعر جمالا’ و تميزا’ فى عرض الافكار كما لمسته فى تلك السطور التىجاد بها ابو قثم .
فشكرا’ لك ابو قثم ، والينا بالمزيد .