الأحد، 22 مارس 2009

العصمة لا تكون إلا لنبي


و الله يعصمك من النّاس


لُقِّنْتُ في عصــــر الشباب حقائقــا  
 فـي الديـن تقصــر دونها الأفهام

ثم انقضى عصر الشباب و طيشه  
  فــإذا الحقائق كلــها أوهـــــام

معــروف الرّصافي

ومن ضمن ما لقنت حقيقة أن أنبياء الرحمن لا خوف عليهم و لا هم يحزنون ، فضّلهم و خصهم بعنايته الربانية و عصمته الإلهية
يقول رب قثم في الآيه 68 من سورة المائدة
و الله يعصمك من الناس
قال ابن كثير في تفسير قوله ؛ و الله يعصمك من الناس ؛ أي بلّغْ أنت رسالتي و أنا حافظك و ناصرك و مؤيدك على أعدائك و مظْفرك بهم ،فلا تخف و لا تحزن فلن يصل أحد منهم إليك يسوء يؤذيك . و قد كان النبي قبل نزول هذه الآية يحرس كما قال الإمام أحمد.
و يعني بقوله :( و الله يعصمك من النّاس) يمنعك من أن ينالوك بسوء
عن عبد الله بي موهب عن عِصمة بن مالك الخطمي قال : كنّا نحرس رسول الله بالليل حتى نزلت ( و الله يعصمك من الناس) فترك الحرس.
قال ابن عباس قال النبي : ( لمّا بعثني الله برسالته ضقت بها ذرعا وعرفت أن من الناس من يكذبني فأنزل الله هذه الآية) و كان أبو طالب يرسل كل يوم مع الرسول الله رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزل ( و الله يعصمك من النّاس) فقال : يا عمّاه، إنّ الله قد عصمني من الجنّ و الإنس فلا أحتاج إلى من يحرسني .قلت : و هذا يقتضي أنّ ذلك كان بمكة ، و أنّ الآية مكّية و ليس كذلك،. وقد تقدّم أنّ هذه السّورة مدنيّة بإجماع ، وممّا يدلّ على أنّ هذه الآية مدنية ما رواه مسلم في الصّحيح عن عائشة قالت : سهر رسول الله مقْدَمه المدينة ليلة فقال ( ليت رجلا من أصحابي يحرسني الليلة )، قالت :فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح ، فقال ( من هذا؟) قال : سعد بن أبي وقّاص ، فقال له رسول الله : (ما جاء بك ؟) فقال : وقع في نفسي خوف على رسول الله، فجئت أحرسه؛ فدعا له رسول الله ثمّ نام ،و في غير الصحيح قالت : فبينا نحن كذلك سمعت صوت السلاح فقال (من هذا؟) فقالوا : سعد و حذيفة جئنا نحرسك ، فنام حتى سمعت غطيطه و نزلت هذه الآية، فأخرج رسول الله رأسه من قبّة آدم و قال ( انصرفوا أيها الناس فقد عصمني الله )
تفسير ابن كثير و الطبري و القرطبي و الجلالين في شرح الآية68 من المائدة
إذا فالآية صريحة المعنى و واضحة المعالم :والله يعصمك من الناس ،أي أنه يمنع عنك السوء و الأذى



لكن الغريب أن هذا النبي سحر
و رواية سحره من الروايات المشهورة و الصحيحة و المروية عن أم المسلمين عائشة ، و المذكورة في أصح كتب الحديث
ففي الصحيحين تثبت عائشة أن النبي سحره يهودي من يهود بني زريق ، يقال له لبيد بن الأعصم ، حتّى يخيّل إليه أنه كان يفعل الشيء و لا يفعله ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث.
عن النبي قال: (يا عائشة أُشعِرْت أنّ الله أفتاني فيما استفتيه فيه . أتاني ملكان ، فجلس أحدهما عند رأسي ، و الآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي : ما شأن الرّجل ؟ قال : مطبوب. قال و من طبّه ؟ قال لبيد بن الأعصم . قال في ماذا ؟ قال في مشط و مشاطة و جف طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذي أوران) فجاء البئر و استخرجه.

قثم إذا كان يتخيل أنه يفعل الشيء و هو لم يفعله ، أي أن الشيطان من خلال السّحر قد أخذ بعقله و إرادته ، فكان يفعل الشيء و كأنه لم يفعله ، و هو نفسه لم يكن يعلم ما به و ماذا يفعل.
عن عائشة قالت (سحر النبي) حتى إنه ليخيّل إليه أنّه يفعل الشيء وما فعله حتى إذا كان ذات يوم و هو عندي دعا الله و دعاه ، ثمّ قال : أُشعرت يا عائشة أنّ الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ، قلت و ما ذاك يا رسول الله . قال : جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي و الآخر عند رجلي ، ثمّ قال أحدهما لصاحبه ممّا وجع الرجل ؟ قال : مطبوب ،قال : و من طبّه ؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي من بني زريق ، قال : في ماذا ؟ قال في مشط و مشاطة و جف طلعة ذكر. قال: فأين هو ؟قال في بئر ذي أوران..قال فذهب النبي في أناس من أصحابه إلى البئر فنظر إليها و عليها نخل ثمّ رجع إلى عائشة فقال : و الله لكأنّ ماءها نقاعة الحناء و لكأنّ نخلها رؤوس الشياطين . قلت يا رسول الله أفأخرجته ؟ قال لا أمّا أنا فقد عافاني الله وشفاني و خشيت أن أثور على الناس منه شرّا. و أمر بها فدفنت
البخاري 5324 ـ2912 ـ ـ 3004

عن عائشة أن النبي سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئا و لم يصنعه
البخاري 293 ـ أحمد 18467 ـ أحمد 23165 ـ أحمد 23211

و قد أيدت كتب الشيعة بدورها هذا الحديث و هي المعروف عليها حرصها الشديد على عصمة خير البشر
فعن علي أنّ لبيد بن أعصم اليهودي قد سحر النبي . فأقام ثلاثا لا يأكل و لا يشرب و لا يسمع و لا يبصر و لا يأتي النّساء. فنزل عليه جبرئيل عليه السلام و نزل معه بالمعوّذتين فقال له : يا محمّد ما شأنك ؟ قال : ما أدري أنا بالحال الذي ترى ،ثمّ أخبره بقصّة سحر ابن أعصم له .
تفسير فرات 2/619 . طبّ الأئمّة 118 ، البرهان 5/ 718 ،719 المناقب1/395

و في رواية عن الصادق:
 و كان يرى أنه يجامع و ليس يجامع و كان يريد الباب و لا يبصره حتى يلمسه بيده
طبّ الأئمّة114 البرهان 4/529


و الأغرب من هذا وذاك هو أن القرآن في الآية 42 من سورة الحجر يقول
إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاّ من اتبعك من الغاوين
فحسب هذه الآية فإن سلطان الشيطان ليس إلا على الغاوين و غير المتوكلين على الله و الذين هم بالله مشركون
فإذا كان الأمر كذلك و أنه ليس له سلطان على المؤمنين فكيف جاز السحر الشيطاني على صفيّ الله و خير البرية؟
و إذا كان نبي الله و زعيم المسلمين و قائدهم و قدوتهم قد وقع فريسة سهلة لسحر الشيطان!! فما حول و قوة بسطاء المسلمين أمام قوّة الشيطان الذي أسقط نبيهم لمدة سنة في تخيلات عجيبة!!؟
فأيّ أذى هذا الذي عصم الله نبيه منه
  ثمّ كيف كان النبي يصلي بالناس و يستقبل الوفود و يقود المعارك في تلك المدة التي قيل أنه كان مسحورا، حتى أنه يخيّل إليه أنه يفعل الشيء و لا يفعله؟

هل بقي في بيت عائشة أم المؤمنين كل تلك المدة لأن الحديث تحدث عنها فقط؟

هل نزل عليه وحي في تلك المدة ؛ فما هو ؟ أم هي من المدة التي انقطع عنه الوحي فيها؛ و كان يريد أن ينتحر من فوق أعالي الجبال؟ 

هل العليم القدير لم يقدر أن يعصمه من الناس فتمكن منه لبيد اليهودي فسحره طيلة هذه المدة؟
المسلمون الجدد و دعاة الإصلاح الدّيني أصبحوا اليوم يعزفون على نغمة تلك أحاديث ضعيفة مشكوك في صحّتها.
و نحن لا نريد منهم غير ذاك
كما أننا لا نقول شيئا آخر سوى أن هذه الأحاديث المختلقة ، حسب بلهاء الإيمان ، كافية وحدها لتكذيب كلّ ما جاء به قثم عليه السلام

في الحلقة المقبلة سنقف على فلتة أخرى من فلتات عصمة قثم

أبو قث
م


هناك تعليقان (2):

DIDON يقول...

ان مثل هذه التخاريف المذلة للانسان والعنصرية في جوهرها هي التي جعلتني اتساءل منذ اواخر الطفولة عن مدى صدقية كل هذه المعتقدات
لديا ابيات رائعة للرصافي حول الحرية وسخافة الاديان سابحث عنها وارسلها لك
لما تعرفت اول مرة للسيرة المحمدية لمعروف الرصافي ابهرنتني شجاعته

abou9othoum يقول...

يا مرحبا جارتي المحترمة

اليوم عيد يا سيدتي

أما الرصافي فالقليل من يعرف جرأته و آراءه النقدية للدين و العروبة

أمّا أشعاره في الدين فمفقودة و قلأذ أن تجدينها رغم قربه منّا زمانيا.

أمّا التي عندك فإني سأنتظرها بفارغ الصبر سيدتي

شكرا جزيلا على الزيارة

يقولون إن القلوب غند بعضيها

فأنا لتوّي عائد من مدوّنتك الموقّرة