الجمعة، 6 مارس 2009

الهـــريريــــات الجـــزء الرابــــع


الهــــريريــــات

الجزء الرابع


إبعاد أبي هريرة



ممّا سبق اتضح لنا أن فنّّاننا ليس كغيره ممن التحقوا بالإسلام من أجل الإيمان و التقوى و

الورع

لقد رأينا أنّ قدومه على النبي تأخر لمدّة عشرين سنة ، منذ مبدإ الدّعوة إلى وقعة خيبر ،التي

،حدثت في السنة السابعة من الهجرة!!على حين أن ّ بلاده على مرمى حجر من الحجاز . و قبل أن نسترسل في الحديث إسمحوا لي أن أفتح قوسا للتساؤل المشروع عن السبب الذي جعل فنان المضيرة يتأخر كل هذا الوقت.,

فإذا كان ابن حجر العسقلاني قد بين في إيجاز سبب تأخر الأشعريين و ذلك في (ص 39 من ج 7 من فتح الباري)حيث جعل من هذه الأسباب أنهم علموا ما كان المسلون فيه من المحاربة مع الكفار ، فلما بلغتهم الهدنة أمنوا و طلبوا الوصول إليه) فإن لأبي هريرة شأنا غير شأن الأشعريين الذين نذكر أنهم أسلموا معه في نفس الوقت ، ذلك أنه ثبت من تاريخه أنه كان لفقره يخدم الناس بطعام بطنه!

فإذا ما انتهى إلى مسمع من هو في حاله أن هناك بمكة نبي ظهر يدعو إلى مساعدة البائسين و سدّ اعوز المحتاجين ، خفّ إليه فرحا كما فعل أبو ذر. و إذا ما بلغه أن ذاك النبي بعد أن هاجر إلى يثرب قد أصبح مأوى للمجاويع ،و أنه قد جعل للفقراء الذين يقصدونه مكانا يؤويهم إليه ، يطعمهم و يسقيهم فيه ، فإن نفسه لسوف تشرئب و لا جرم إلى ذلك. أمّا إذا ما علم أن النبي قد جعل للفقراء و المساكين نصيبا في مغانم الحرب و أنه قد اتخذ موالي و خدما !! فإنه و لا شك سيطير فرحا ، و يهيم سرورا ، و تشتدّ به الرغبة ، و يستبدّ به الطمع ، و تلحّ عليه الحاجة في أن يهرع إلى هذا النبي ليعيش في كنفه!!!و لكن أنّى له بلوغ ذلك، و كيف السبيل إليه و هو يسمع فيما يسمع أن الناس يحاربون ذاك النبي و أصحابه ، و أن النضال المسلح متصل بينهم و بينه ؛ و هو بطبعه يريدها سهلة غير ذات شوكة ، لأنه ليس من أبطال الحروب و لا عهد له بميادين القتال ، و لأنه لم يخلق إلا ليخدم و يطعم من أجر خدمته. لهذا لم يجد فناننا بدّا من الصبر على مضض و الترقب حتى تسكن غمغمة الحرب ، و يرى لمن تكون الغلبة شأنه في ذلك شأن الذين كانوا يقولون في أنفسهم:

دعوه و قومه فإن غلبهم دخلنا في دينه و إن غلبوه كفونا شره,

و ظل فنان المضيرة ينتظر حتى ظهر النبي على قومه ، و رسخت قواعد دينه ،و بسط على الأرض سلطانه . آنذاك طابت نفس فناننا و اطمأن قلبه ، و لم يلبث أن ركب رجليه، و اتخذ طريقه إلى النبي ليخدمه على ملء بطنه ، و يملأ يده من مغانمه ، و يسكن الصّفّة المأوى الذي أعدّه النبي للفقراء، و كان

ذلك في صفر من سنة سبع للهجرة .

هذا هو قدوم فنانا على النبي و الذي إنما كا يبتغي من وراءه تحقيق مطامعه الشخصية و مآربه الذاتية ، و ليس التفقه في الدّّين كغيره من الذين أسلموا مخلصين. فهذا إياس بن عمير الحميري الذي قدم على النبي في نفر من حمير ؛إذ بينما نجد أبا هريرة يصرح تصريحا لا لبس فيه و لا إبهام بأنه جاء إلى النبي ليخدمه على ملء بطنه ؛ إذ بهذا الحميري و من معه يقولون للنبي : أتيناك يا رسول الله لنتفقّه في الدّين

و على أننا قد رأينا ما كان من أبي هريرة لمّا سكن الصفة من الشوهة و الاستكفاف في الطرقات و الطواف على البيوتات . يقول العسجدي في إطار تعليقه على حديث أبي هريرة : لقد دارت كلمة العرب زر غبا تزدد تزدد حبّا إلى أن سمعت من رسول الله ، و لقد قالها لي، إنتهى قال العسجدي : ليست هذه الكلمة محمولة على العام ، و لكن لها مواضع يجب أن تقال فيها ، لأن الزائر يستحقّها ، ألا ترى أنه صلوات الله عليه لا يقول ذلك لأبي بكر و لا لعلي بن أبي طالب و أشباههما ، فأمّا أبو هريرة فأهل ذاك لبعض الهنات التي يلزمه أن يكون مجانبا لها و حائدا عنها,

و هذه الهنات التي يغتمزه بها العسجدي هي أنه كان لنهمه يغشى بيوت الصّحابة في كل وقت ، و كان بعضهم يزورّ عنه ، و ينزوي منه ، فإذا أراد الرسول أن يلقي عليه درسا في أدب الزيارة فذكر له المثل العربي زر غبا تزدد حبا و لم يكتف النبي بهذا القول بل كرره مرة ثانية لمّا وجده لم يرجع عن طبيعته ، و أشار عليه أن يسلك في الحياة طريقا كريما لابتغاء العيش بأن يعمل و لو بأن يحتطب

و ها هو ذا يعترف بأنه سمع هذه النصيحة من النبي . فقد روى أحمد و الشيخان عنه أنه قال : سمعت رسول الله يقول :و الله لئن يأخذ أحدكم حبلا فيحتطب على ظهره فيأكل و يتصدّق، خير له من أن يأتي رجلا أغناه الله عزّ و جلّ من فضله فيسأله ، أعطاه أو منعه

و يبدو أن الرسول قد نفذ صبره و هو الحليم ، و ضاق صدره ، لمّا وجد أن طبيعة الرجل قد استعصت عليه ، فقرر أن يخلّص المدينة من رذالته و الصحابة من تزلّفه ، فأفصاه إلى البحرين.

لفد لبث أبو هريرة في الصّفة يعاني فيها ما يعاني ، كما وصف ذلك بلسانه ، زمنا يبتدئ من شهر صفر سنة سبع للهجرة، و هو الشهر الذي وقعت فيه غزوة خيبر، و ينتهي في شهر ذي القعدة من سنة ثمان للهجرة . ثم انتقل بعد ذلك إلى البحرين. و بذلك يكون فد قضى في المدينة عاما و تسعة أشهر، على اعتبار أن وقعة خيبر كانت في شهر صفر كما هو المشهور. و لو أخذنا بما روى ابن سعد في طبقاته من أن هذه الوقعة كانت في جمادى الأولى لكانت مدّة صحبته للنبي أقل من عام و نصف عام. وأما في رواية أخرى، ذكرها أبو سعيد الخذري و رواها عنه ابن سعد ، أنه خرج مع النبي إلى خيبر لثمان و عشرين في رمضان ، فلو اعتمدنا عليها لرجعت صحبة فنّان المضيرة للنبي إلى سنة واحدة و شهرين ـ لا كما اشتهر بين الجمهور من أنه قضى بالمدينة حياة النبي يعني ثلاث سنين و بعضهم أوصلها إلى أربع ,على أنّ ما اشتهر بين الجمهور إنما كان أخدا بما ادّعاه هو على نفسه.

و إليك قصة ذهابه إلى البحرين و إقامته بها نوردها من أوثق المصادر و أصح الأسانيد

بعث رسول الله (ص) منصرفه من الجعرانة (ماء بين الطائف و مكة و هو إلى مكة أقرب و على هذا الماء وزّع النبي مغانم حنين و كان ذلك في شهر ذي القعدة من سنة ثمان للهجرة)بعد أن قسّم غنائم حنين ، العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي عامل الفرس على البحرين . ( و البحرين بلد مشهور بالعراق و هي بين البصرة و عمان و كان يسكن هذه المنطقة قبل الإسلام خلق كثير من عبد القيس و بكر بن وائل و تميم .وكانت إذ ذاك تحت حكم الفرس. قال البلاذري عن عبد المنذر هذا أنه من قوم كانوا يعبدون الخيل بالبحرين ص96 ج1 من فتح البلدان)و كتب له كتابا فيه فرائض الصّدقة في الإبل و البقر و الغنم و الثمار يصدقهم على ذلك، و أمره أن يأخذ الصدقة من أغنيائهم ، و بعث معه نفرأ منهم أبو هريرة و قال له : استوص به خيرا

فقال له العلاء: إن رسول الله قد أوصاني بك خيرا فانظر ماذا تحب؟

فقال : تجعلني أؤذّن لك ، و لا تسيقني بآمين ، فأعطاه ذلك

و يتبين من هذا الخبر الصحيح أن أبا هريرة كان لا يحسن شيئا من أمور الدين أيام ذهابه إلى البحرين، إلا التأذين . فقد روى البخاري في (باب جهر الإمام بالتأميم ) قال : و كان أبو هريرة ينادي الإمام ( لا تفتني بآمين) هذا لفظ البخاري. و من شرح الحافظ بن حجر لهذا الحديث :و مراد أبي هريرة أن يؤمن مع الإمام داخل الصلاة ، و معناه لا تنازعني بالتأمين الذي هو من وظيفة المأموم ,, و قد جاء عن أبي هريرة من وجه آخر أخرجه البيهقي قال: كان أبو هريرة يؤذن لمروان فاشترط أن لايسبقه بالصلاة حتى يعلم أنّه دخل في الصّف ، و كأنه كان يشتغل بالإقامة و تعديل الصّفوف. و كان مروان يبادر إلى الدّخول في الصّلاة قبل فراغ أبي هريرة ، و كان أبو هريرة ينهاه عن ذلك . و معلوم أن مروان تولّى المدينة في عهد معاوية أي بعد سنة 41ه و قد وقع له مع غير مروان ، إذ روى سعيد بن منصور من طريق محمد بن سيرين : أن أبا هريرة كان مؤذّنا في البحرين ، و أنه اشترط على الإمام أن لا يسبقه بآمين . و الإمام بالبحرين كان العلاء بن الحضرمي ، بيّنه عبد الرزاق من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة (ص 208 و 209 <>فتح الباري). فأسلم المنذر و حسن إسلامه و أسلم معه أهلها و من لم يسلموا صالحهم على الجزية

و مات المنتذر بن ساوى بعد النبي قبل ردّة البحرين و العلاء عنده أميرا للرسول

و لمّا ارتدّ أهل البحرين بعد موت الرسول ، بعث أبو بكر العلاء بن الحضرمي في جيش من المسلمين لمحاربة المرتدّين، و بينه و بينهم البحر يعني الرّقراق ، فمشوا فيه بأرجلهم و قطعوا كذلك مكانا تجري فيه السفن ،و حاربهم و انتصر عليهم,,,و بذلوا الزكاة . ثم سار إلى مدينة دارين فافتتحها و ظلّ يقاتل هناك حتى مات أبو بكر و العلاء على البحرين ، و تولى عمر والعلاء على البحرين و كان حينئذ محاصِِرأ لأهل الردّة (ص518 ج 2 من الاستيعاب لابن عبد البرّ) ، ثم بعث إليه : أن صر إلى عتبة بن غزوان فقد وليتك عمله ؛ فخرج العلاء في رهط منهم أبو هريرة . و ولّى عمر على البحرين قدامة بن مظعون ثم عزله في سنة 20 كما روى الطبري لأنه شرب الخمر و استعمل أبا هريرة بعده و كان يومئذ لا يزال هناك . فأمّا عتبة بن غزوان فهو سابع سبعة ، كان من الأمراء الغزاة و هو الذي اختطّ البصرة و أنشأها و هو الذي مصّرها لمّا استعمله عمر عليها و بنى بها مسجدا و لم يبن دارا . توفي سنة18 و قيل سنة 15 ه . و أمّا قدامة بن مظعون فهو من السابقين البدريين و لسوف نلقاه مرة أخرى في حديثنا,

و لأن ألعلاء ين الحضرمي قد تولّي البحرين عهد النبي و عهد أبي بكر و عمر ، فقد قال الذهبي : ولاه رسول الله (ص) البحرين ثم وليها لأبي بكر و عمر(ص191 ج1 سير أغلام النيلاء للذهبي )

يتبع جزء إقصاء عنان المضيرة

أبو قثم

هناك 11 تعليقًا:

abou9othoum يقول...

مرحبا بكم على هامش الهريريات
أبو قثم

غير معرف يقول...

http://www.almuhathwin.com/

rawndy يقول...

هلا بو قثم

أبو هريرة وأشكاله لن أتعب نفسي ببحث عنهم وهم رعاع أطاعوا مجنوناً لشهواتهم


أبو قثم أنت تشتت نفسك بين مدونتين وتشتتنا معك

أليست عين حمئة هي الرسمية التي فتحتها لنا؟؟

abou9othoum يقول...

و أخيرا راوند هنا

كيف استطعت فتح هذه المدونة

هل نزّلت الأوبرا

أبو قثم

rania يقول...

ابوقثم
الرائع
لقد فتحت معي المدونه بكل يسر
ياسبحان العقل انهُ قادر على كل شي

تحياتي

abou9othoum يقول...

هلّت الأنوار

يا مرحبا

هل انفتحت بالإكسبلورر

يا مرحبا

أبو قثم

rania يقول...

هلا ابو قثم

لا لم تفتحها بأي برنامج

عين حمئ يقول...

يا هلا رانيا

إيميل مدوّنة باب جهنّم أصبح يرفض الارتباط بالمدوّنات

أتمنى أن ينصلح هذا الخلل

لدا سأحاول هكذا ربط ها بإميل عين حمئة

أما الإكسبلورر فسألتك أنت هل فتحت به باب جهنم
أبو قثم

rania يقول...

ابو قثم

لم استخدم الإكسبلورر
وحالياً
المدونتين عين حمئه وباب جهنم
لا توجد فيهم مشكله واقرائهم بكل يسر


احترامي

abou9othoum يقول...

إليك رانيا أهدي

ظحا بك قلب في الحسان طروب
بعيد الشباب عصر حان مشيب

يكلّفني ليلى ، و قد شطّ وليها
و عادت عواد بيننا وخطوب

منعّمة، ما يستطاع كلامها
على بابها من أن تزار رقيب

إذا غاب عنها البعل لم تفش سرّه
و تُرضي إيابَ البعل حين يؤوب

فلا تعدلي بيني و بين مغمّر
سقتك روايا المزن حين تصوب

سقاك يمانٍ ذو حبيٍّ عارض
تروح به جنح العشِيِّ جَنوب

و ما أنت؟ أم ما ذكرها رَبَعية
يُخَطّ لها من ثرمداء قليب

فإن تسألوني بالنساء فإنني
بصير بأدواء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله
فليس له من وُدّهنّ نصيب

يردْن ثراء المال حيث علمنه
و شرخ الشباب عندهنّ عجيب

علقمة بن عَبَدَةَ التميمي

أبو قثم

abou9othoum يقول...

بنت المطر ، يا غالية

قال ابن الرشيق القيرواني يا جميلتي

و لو غيرُكَ المرسوم عندي بريبَة
لأعطيت فيه مدّعى القوم ما ادّعى

فلا تتخالجك الظنون فإنها
مآثم و اترك للصانع موضعا

فوالله ما طوّلت باللوم فيكم
لسانا و لا عرّضت للذّمّ سمعا

و لا ملت عنكم بالوداد و لا انطوت
حبالي و لا ولّى ثنائي مودّعا

بلى ربّما أكرمت نفسي فلم تهن
و أجللتُها عن أن تذِلَّ و تخضعا

فباينْتِ لا أنّ العداوة باينَتْ
و قاطعْتُ لا أنّ الوفاءَ تقطّعا

أبو قثم