الأربعاء، 24 سبتمبر 2008



أي عائشتاه!


عائشة التي تمردت على عثمان بن عفان ،بل وذهبت حد الإفتاء بقتله. عائشة التي أوقدت فتيل قتل عثمان و غادرت المدينة حاجة بيت الله حيث سيصلها مقتل الخليفة على يد جماعة من بينهم محمد بن أبي بكر. عائشة هذه هل سيغفر لها بنو أمية مقتل خليفتهم ،غفران علي لها إثر فتنة الجمل..؟ ماذا فعل معاوية بن أبي سفيان بمحمد بن أبي بكر لما أرسله إليه عمرو بن العاص..؟ هل غفر له..؟ لقد وضعه في جوف حمار و شواهما على النار... هل معاوية هذا و سلالته سيغفرون لمن أفتى بقتل عثمان..؟ و ما معنى الهالة القدسية التي كانوا يضفونها على عائشة.؟ ألم يكن الأجدر و الحالة هذه توقير المرأة و إبعادها عن الأنظار على الأقل..؟ هذا لو افترضنا جدلا أنهم يحبون النبي و يوقرونه في أمهات المؤمنين.لكن هيهات، هيهات، فأبو سفيان وسلالته هم أكبر من سعى السعي كله في القضاء على الدعوة المحمدية. و رغم أنه كان من كتّاب رسول الله، فإن ذلك لم يشفع لمعاوية عن العداء الذي يسري في عروقه البدوية، للهاشميين و لكل ما له صلة بهم.

لقد دشن الأمويون التدوين لما يسمى بالتراث الإسلامي و تجارة الحديث. و بدؤوا بالاختلاق التشويهي لكل رموز الإسلام العظيمة . فصارت الأحاديث تصور مؤسس أول دولة عربية في التاريخ رجلا لا هم له إلا النساء و السواك.و تصور الذي جاء لإتمام مكارم الأخلاق زوجا يحرض زوجاته على بعضهن بالسباب و الشتائم. و تصور النبي الذي لا ينطق عن الهوى رجلا يمكن للشيطان أن يلقي على لسانه بآياته. و تجعل من الذي خصه الله بعصمته كائنا يستطيع حتى اليهود أن يسحروه. فكيف بهؤلاء سيرحمون عائشة .؟ بل كيف بهم يذهبون حد تقديسها.؟ أ تعظيما لها .؟ أم اتخذوها المعول الذي ينتقمون به من محمد و هاشم بكل حقدهم القبلي و عنفه.لقد جعلوها الشماعة التي يعلقون عليها كل ما يفترونه على محمد و رسالته .و إن في تاريخ بني أمية و بني مروان ما يغني عن التوضيح. إن لإضفاء هالة القداسة على أم المؤمنين أكثر من غاية.فهو أولا يلعب دور إعماء البصيرة عن إعمال العقل فيما ينسبه الأمويون لعائشة من أحاديث مختلقة؛ صححها البخاري و مسلم لغاية في نفس يعقوب، فأصبحت من اللوح المحفوظ..ثانيا استغلال عائشة في معاداة أهل البيت حيث كان لها السبق في محاربة علي وعداء أهله و بنيه.ثالثا النيل من شرف الرسول و بني هاشم على حساب أحقية بني أمية بأمر المسلمين.هذا مع العلم أن القرآن نفسه لم يسلم من تدخلهم على يد مجرمهم الحجاج بن يوسف الثقفي.

هذه بعض الآراء التي إلى جانب ما أوردت سابقا في موضوع عمر عائشة حين زواجها من الرسول؛ من شأنها أن تلقي بعض الضوء على ما ألصق بفقيهة الإسلام التي كان ذنبها أنها تدخلت في السياسة فلقيت ما لا يرضيها . عائشة تنتظر منا تبرئتها من كل ما وصمه بها بنو أمية. و تنتظر منا إنصافها و خاصة أنها من قال فيها النبي خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء.

أما عن المحاكمة فأعيد ما قلت أنها غير جديرة بالمحكمة المغربية الديمقراطية...التي لا يجب أن يحارب لديها الرأي..

أما عن الفتوى فإنها أول تحد لإمارة المؤمنين التي تشرف على أمور الدين في المغرب . و أول تمرد داخلي على دار الإفتاء التي هي المجلس العلمي و دار الحديث الحسنية. و أول إعلان لظهور ما نسميه حرية الإفتاء أو الإفتاء الحر في المغرب.إن فتوى الشيخ المغراوي هذه هينة؛ أي نعم؛ و لكن هذا إذا ما قيست بما سيتبعها من فتاوى لا داعي لذكرها. فما هي في الحقيقة إلا مقدمة ساقها الشيخ ليجس بها رد فعل النظام. لكن السيل جاءه من حيث لم يحتسب.

فلتحاكم الوهابية في المغرب.. و لتكن مثلا لكل المجتمعات الحرة التي تشكو من داء الإرهاب الوهابي الأسود... و لنفتح أعيننا على التراث..و لندع العقل يعمل نواميسه فيه ..فلا نأسلم العقل و نعربّه ، بل نعقلن الإسلام و نطور العروبة.

أبــو قـــثم

ليست هناك تعليقات: