الأربعاء، 11 أغسطس 2010

سبأ الشمال



.
سبأ الشمال

مملكة ادوماتو أو مملكة دومة الجندل ظهرت في منطقة الجوف على مسرح التاريخ المدون في العهد الآشوري أي أنها تعود إلى القرنين السابع والثامن قبل الميلاد. وتشير المصادر الآشورية إلى دومة الجندل بـ (ادوماتو) أو (ادومو) وتشير إلى وقوعها ضمن ممتلكات قبيلة قيدار العربية.
وكانت دومة الجندل عاصمة لعدد من الملكات العربيات مثل (تلخونو) و(تبؤه) أو (تاربو)، وأشير إلى الملكات الاخريات بالاسم مثل (طايو) و(زبيبة) و(شمسي) و(اياتي) وقد أشير إلى هؤلاء الممالك بعبارات عامة كممالك العرب.
وكان معظم سكان دومة الجندل ينتمون إلى قبائل قيدار الإسماعيلة وقبيلة سبأ وقبيلة كلب من قضاعة.

مملكة الاكيدر

تبدأ الإشارة إلى دومة الجندل في القرن الثالث الميلادي في عهد الملكة العربية الشهيرة(زنوبيا)التي حكمت تدمر ما بين 267-272م وقد غزت هذه الملكة دومة الجندل ولكن قلعة المدينة كانت حصينة بحيث لم تتمكن الملكة من اقتحامها فارتدت خائبة وقالت قولتها الشهيرة ((تمرد مارد وعز الأبلق))ومارد هو قصر مارد في دومة الجندل بينما قصر الأبلق هو قصر مشهور في تيماء و ينسب إلى السموأل.
وفي القرن الخامس الميلادي سيطر عليها الملك العربي امرؤ القيس وكان يستوطن العراق مع قبيلته في الحيرة ولكنها ارتحلت في النهاية إلى دومة الجندل

الأكـيـدر

جاء الإسلام والدولة في دومة الجندل للأكيدر بن عبد الملك من قبيلة كندة ويقال أن أول من ملك دومة الجندل هو:دجاجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب الكلبي.ويقال أن الأكيدر كندي من ذرية الملوك الذين ولّاهم التبابعة (الحميريون)على كلب. وقد عد الاكيدر من ذوي الشأن في عصره وهناك دلائل مختلفة على ان الاكيدر ودومة الجندل كانا على صلة مع البيزنطيين والفرس كما تظهر النصوص المكتوبة أن الاكيدر كان عاملا للامبراطور البيزنطي (هرقل). وتوجد رواية تصف كيف ان الاكيدر أهدى للرسول صلى الله عليه وسلم جبة من صنع الساسانيين.

دومة الجندل قبل الإسلام حسب المصادر الإسلامية

كان للعرب في الجاهلية أسواق في أنحاء مختلفة من شبه الجزيرة العربية يتجمعون فيها في مواسم معينة ويتبادلون البيع والشراء، وقد عدت دومة الجندل من أقدم أسواق العرب وأهمها نتيجة لموقعها الجغرافي وتواجد عدد من القبائل العربية في المناطق المجاورة لها ففي الجاهلية (من القرن الخامس الميلادي وما قبله)كان من عادة القبائل أن تتجمع في دومة الجندل في أول يوم من ربيع الأول وحتى آخره لأغراض البيع والشراء وكان البيع في هذا السوق بيع الحصاة وهو نوع من أنواع المقامرة ابطله الإسلام كما ورد أن الاكيدرصاحب دومة الجندل كان يرعى الناس ويقوم بأمرهم أول يوم فتقوم سوقهم إلى نصف الشهر وربما يغلب على السوق بني كلب ويتولى امرهم بعض رؤساء بني كلب فتقوم سوقهم إلى آخر الشهر وقد ذكر ان سوق دومة الجندل كانت بين الاكيدر العبادي من السكون وبين قنافة الكلبي.وكانت غلبة الملكين ان يتحاجيا فأيهما غلب صاحبه بما يلقى عليه تركه والسوق يفعل بها ما يشاء ولا يبيع فيها أحد من الشام ولا من العراق الا باذنه.ولم يشتر ولم يبع حتى يبيع الملك كل شيء يريد بيعه.
وكانت سوق دومة الجندل من الاسواق الكبرى للعرب إذ كان يشترك فيها الكثير من قبائلهم وخاصة كلب وغسان وطي، وقد كان المتولون لأمر السوق يأخذون عشور التجار ولهم جباه يجوبون السوق ليأخذو عشر ما يباع. ويجب أن ننظر إلى سوق دومة الجندل من حيث أهميته التجارية فدومة الجندل تقع على الطرق الممتدة من وسط وشرق الجزيرة إلى سوريه وجنوب فلسطين حيث كانت غزة ميناء رئيسيا حيث يشتري منه التجار منتجات المناطق الواقعة على البحر المتوسط.
ويرى بعض المؤرخين ان اسواق العرب تلك سواء سوق دومة الجندل أو غيرها انما كانت بالاصل مواقع مقدسة بها أصنام تعبدها القبائل وتأتي للتقرب إليها في مواسم معينة هي مواسم حجها فتتحول تلك المواسم إلى أسواق للبيع والشراء فقد ذكر ان بني وبره كانوا يفدون إلى دومة الجندل للتقرب إلى(ود) وكان سدنته من بني الفرافصة من كلب

و تدل النصوص الأدبية على الدور الذي لعبته دومة الجندل في التعريف بالكتابة ونشر الشعر قبل ظهور الإسلام ،ويقول جواد علي ان أهل دومة كانوا يقرأون ويكتبون وان احدهم علم اهل مكة ذلك.ثم اتى مكة في بعض شأنه وتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية بن عبد شمس القرشي أحد رؤساء اهل مكة قبل الإسلام إذ رآه سفيان بن أميه بن عبدشمس وابو قيس بن عبد مناف بن زهره بن كلاب يلتب فسألاه ان يعلمهما الخط فعلمهما الهجاء ثم أراهما الخط فكتبا.
وقد اعتبرت دومة الجندل من مجامع أسواق العرب ومن أمهات القرى من بلاد العرب التي احتضنت ثقافات شتى ومن ذلك ما يتعلق بغناء الجاهليين الذي اعتبر أصله ومنشؤه في أمهات القرى ومنها دومة الجندل وعلى هذا فقد قال المؤرخين ان غناء الجاهليين يرجع إلىثلاثة أوجه النصب والسناد والهزج فأما النصب فغناء الركبان وغناء الفتيان والقينات.واما السناد فالثقيل ذو الترجيع الكثير النغمات والنبرات وأما الهزج فالخفيف الذي يرقص عليه وينشد بالدف والمزمار
.
الديانات في دومة الجندل

كان الناس في دومة الجندل يعبدون أصناما مختلفة ولكن في الفترة التي سبقت ظهور الإسلام بوقت قصير ظهرت كل من الديانتين النصرانية واليهودية فيها وبالإضافة إليهما ظل الناس يعبدون أصناما مختلفة حتى ظهور الإسلام وقد ركزت الروايات على وجود صنم (ود)وأنه كان يعبد في دومة الجندل وقد تحدث عنه الكلبي في كتابه (الأصنام) وذكر أن قبيلة كلب كانت تتعبد له بدومة الجندل وقد قام خالد بن الوليد بتحطيم صنم(ود) بعد ظهور الإسلام.

الغزو الإسلامي لدومة الجندل

بعد ظهور الإسلام و إرساء قواعد الدولة الإسلامية في المدينة المنورة في السنة الأولى للهجرة (622م) سعى المسلمون لنشر الدعوة في كل الاتجاهات ، وفي حياة الرسول وبعد مماته اتجه الموفدون إلى مختلف أرجاء الجزيرة العربية لنشر الدعوة وتم تنظيم الغزوات. ومن الغزوات التي خرجت من المدينة المنورة كانت الغزوة الأولى لدومة الجندل والتي يقال أن الرسول قادها بنفسه وكان ذلك في السنة الخامسة للهجرة(626م).
ابتدأت الغزوة الأولى لدومة الجندل في اليوم الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول للسنة الخامسة للهجرة وعادت إلى المدينة في التاسع عشر من شهر ربيع الثاني كما ذكر الواقدي وقد كان مع الرسول ألف رجل ودليل من بني عذرة اسمه مدكور. فلما وصل المسلمون إلى دومة الجندل وجدوها خالية لأن سكانها فروا بعد سماعهم بتقدم المسلمين وخلفوا وراءهم ماشيتهم وأمتعتهم التي غنمها اللصوص وعندما أرسل الرسول رجالا للبحث عن الفارين من الأهالي لم يجدوا إلا واحدا أقنعوه بالرجوع معهم واعتنق الرجل الإسلام على يد الرسول.
ويظهر من الأسباب التي أدت بالرسول إلى القيام بغزوته هذه إلى دومة الجندل قيام جنود الأكيدر بالاعتداءات المتكررة على قوافل التجار المتجهة من المدينة إلى سوريا ونهبهم لبضائعهم ومؤنهم.

غزوة اللصوص الثانية

وكانت في شهر شعبان في السنة السادسة للهجرة (يناير_فبراير 628م) وعن سبب هذه الغزوة أن شر أهل دومة الجندل لم ينقطع عن تجار المدينة فأرسل الرسول إليهم سرية عليها عبد الرحمن بن عوف وأوصاه حين دفع إليه اللواء بقوله(خذه يابن عوف فاغزوا جميعا في سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا ثم قال (إن استجابوا لك فتزوج بنت ملكهم.).
ولما بلغ عبد الرحمن بن عوف دومة الجندل دعا أهلها إلى الإسلام فأسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي من كبار كلب وأسلم معه ناس كثيرون من دومة وتزوج عبد الرحمن ابنته (تماضر.

غزوة اللصوص الثالثة

رغم حصول الغزوتين الأولى والثانية لدومة الجندل إلا أن الإسلام يبدوأنه لم يستتب فيها وهذا ما كان سببا للقيام بالغزوة الثالثة في السنة التاسعة للهجرة(630م) ويبدو أن الاكيدر حاكم دومة الجندل وعامل الامبراطور البيزنطي (هرقل) واصل تعرضه للقوافل التجارية القادمة من المدينة المنورة بسبب إعراض التجار عن التوقف في مدينته !!!؟.
وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بإرسال المجرم خالد بن الوليد على رأس غزوة إلى دومة الجندل في السنة التاسعة للهجرة يرافقه أربعمائه وعشرون فارسا.
ويختلف المؤرخون فيما حققته هذه الغزوة ولهم في نتائجها أقوال كثيرة فمنهم من يقول أن خالدا أخضع دومة الجندل بالقوة وأخذ ملكها اسيرا إلى المدينة المنورة حيث أعلن الاكيدر إسلامه أمام الرسول. بينما هناك الكثير من الروايات التي تذكر أن الاكيدر قد دفع الجزية مما يعني أنه لم يسلم.
وإذا ما افترضنا أن الاكيدر قد أعلن إسلامه فان من الثابت أنه قد ارتد عن الإسلام بعد وفاة الرسول، وهنا يختلف المؤرخون في مصيره بعد ذلك فمنهم من يقول أن الخليفة عمر بن الخطاب أجلاه من دومة الجندل إلى الحيرة فنزل في موضع فيها قرب عين تمر وبنى فيها منازل وسماها دومة, وقيل دوماء

دومة الجندل في عهد أبي بكر الصديق

ذكر أنه في السنة الثانية عشر للهجرة (633م)أرسل أبو بكر قائدين مسلمين لفتح السواق وهي المنطقة الواقعة إلى الشمال والشمال الشرقي من الجزيرة العربية وسلك كل من القائدين خالد بن الوليد وعياض بن غنم طريقا مختلفا إلى السواق.حيث سلك عياض الطريق الرئيسي عبر الصحراء حيث أوصلته إلى دومة الجندل مباشرة وفي نفس الوقت اتجه خالد بن الوليد إلى العراق واخضع الحيرة و الأنبار قبل أن يعود لمساندة حملة عياض بن غنم على دومة الجندل.
وبالإضافة إلى الحملات العسكرية المبكرة التي قام بها اللصوص في منطقة دومة الجندل فإنهم بدؤوا بإرسال حملاتهم باتجاه العراق في زمن أبي بكر مع تركيز المزيد من الاهتمام بدومة الجندل. والمؤكد لدى المؤرخين أن إرسال الرسول لخالد بن الوليد كان بعد غزوته لتبوك.  وقد أخبر الرسول خالد بأن الاكيدر سيجده يصيد البقر الوحشي (المهاالعربي) وفعلا تم أسر خالد للأكيد وصالحه الرسول الكريم على الجزية.

دومة الجندل منذ القرن الأول الميلادي إلى القرن السابع الميلادي

في بداية هذه الفترة كانت دومة الجندل تقع ضمن أراضي الأنباط، بينما كانت في نهايتها تقع ضمن حدود الدولة الإسلامية التي أسسها الرسول، وكانت المدينة المنورة مركزها . ومنذ أن ضم الرومان مملكة الانباط إلى مناطق نفوذهم في عام 106م وإلى أن جاء الإسلام في القرن الأول الهجري (السابع الميلادي) كانت دومة الجندل تقع خارج حدود الدولة الرومانية ثم البيزنطية في بلاد الشام وكذلك ظلت في منأى عن سيطرة دول الـفرس والساسانيين المتعاقبة في الشرق. وكانت دومة الجندل أيام الأنباط تعتبر واحدة من أهم المدن الواقعة على الطرق التجارية التي تخضع لسيطرتهم وتمر عبر مناطق نفوذهم ممتدة ما بين دمشق في الشام ومدائن صالح في الجنوب. وعندما قام الإمبراطور الروماني (تراجان) بضم مملكة الأنباط إلى الإمبراطورية الرومانية في عام 106بعد الميلاد أصبح الجزء الشمالي من الجزيرة العربية منفصلا عن البحر الأبيض المتوسط بواسطة الخطوط الدفاعية الأمامية إلى أن جاء اللصوص وتغلبوا على البيزنطيين الذين خلفوا الرومان وذلك في موقعة اليرموك عام 15 للهجرة –636 للميلاد فأزالوا التحصينات التي أقامها الرومان.
وعندما قامت قوات الإمبراطور الروماني (اورليان) بسحق قوات تدمر في عام 272م أعاد الرومان تنظيم خطوط دفاعهم فاتسعت دفاعاتهم و تحصيناتهم مع التركيز على التحصينات في الطرف الشمالي لوادي السرحان وبطريق دومة الجندل في الجنوب.
وإذا ما اخذنا في الاعتبار كل هذه الشواهد التي تشير إلى مدى اهتمام الرومان بالسيطرة على مداخل الصحراء فانه يصعب علينا أن نتخيل أنهم لم يبدوا اهتماما بدومة الجندل نفسها وبالأجزاء الجنوبية من وادي السرحان ولهذا فان للحجر الذي عثر عليه في دومة الجندل وعليه نقوش لاتينية أهمية خاصة من حيث أنه دليل على وجود اتصال روماني بالطرف الجنوبي لوادي السرحان وبدومة الجندل نفسها.
ونظرا لأن دومة الجندل كانت إحدى الأسواق الكبرى وتقع على الطرق الرئيسية من الجزيرة العربية إلى الشمال والشرق فقد كان من الأهمية بمكان بالنسبة للدول الرئيسية في المنطقة أن يكون لها بعض النفوذ على هذه المدينة وهذا هو السبب الذي جعلها هدفا لقوات المسلمين في عهد اللص الأكبر وفي عهد من جاءوا بعده.
ومع أن دومة الجندل لم تحظ بعد هذا التاريخ الا باهتمام ضئيل من قبل المؤرخين والجغرافيين العرب إلا أن الشواهد الأثرية الموجودة في الأردن تجعلنا نتساءل عن مدى تأثير العصر الأموي على وادي السرحان وعلى دومة الجندل نفسها.
==المعالم المعمارية في منطقة الجوف==
1- قلعة مارد في دومة الجندل.
2- مسجد عمر بن الخطاب وحي الدرع في دومة الجندل..
3-أعمدة الرجاجيل في سكاكا.
4- قلعة زعبل وبئر سيسرافي سكاكا.
5- قصر كاف الأثري.
6- قلعة المذهن في إثره.
7- قلعة الصعيدي في كاف.
8- قلعة الطوير.
9- سور دومة الجندل.
10- قصر قدير

ليست هناك تعليقات: