الجمعة، 29 فبراير 2008




أبا ضر

أنت لم تضع سؤالا يستحق عناء الإجابة و لم تطرح آراء تستحق المناقشة إنما جدلا تريد أن تسفّـّه مساعي الدولة على الأقل في أعين قارئيك ،و تكذّب كل ما يتهم زعماء الفتنة .و أنا أقول لك بدون لفّ و لا دوران أولئك مجرمون مجرمون، للوطن و مقدساته يكيدون يكيدون، وبأمن الناس و مصائرهم يتلاعبون. فلا تستسهلن الأمر يا صاح أكثر من اللازم، إنما هو أعظم مما يمكن أن تتصور.لا يغرنك من لا أصل و لا فصل له ولو كان عندهم من خير ما دعوك إليه وإن يدعوك لا يدعونك إلا لتخريب بيتك بيدك و أيديهم، أفلا تعقلون. أ لم تر أنهم سودوا قلبك و جعلوا يراعك يسيل عداء لأهلك و قومك و عشيرتك، ألم تر أنهم جعلوك شبه أعمى تبصر بعين واحدة قليلة النظر، و تكيل بميزان أعرج أعوج، فأصبحت بفضلهم عليك تخلط يا مسكين بين التفتح و الحقد بين العلم و الغباء. فما علمت الأحداث المغربية إلا جريدة الحب و الصفاء و الجرأة على الحق .و ما علمتها إلا أول المقتفين لأثر مجرمي الإيمان مؤمني الإجرام، و ما علمتها إلا أول المنذرين من أخطارهم و أول المناضلين ضدهم و المتصدين لهم. فإن هم عادوها فوربك إنهم لمعذورون ، أ و لم تسغـّه أحلامهم و تكشف نواياهم؟ أ و لم تفضح مستورهم و تشف صدور المؤمنين الحقيقيين منهم. أ مـّا الوزير الذي لا يروقك أو بالأحرى لا يروق زعماءك في الإرهاب و الخراب فإني اعرف الرجل فقيها تقيا ورعا و أعرف الرجل باحثا و كاتبا بارعا و أعرف الرجل أستاذا جامعيا محترما تتخرج على يديه

الأفواج و الأفواج من رجال هذا الوطن الذي عليه تحقدون. أ ما و أنه اختار لمقاله جريدة الأحداث فلأنها و كما تفضلت دون علم منك و لا قصد أكـثر مقروئـية على الصعيد الوطني و أكثر شعبية و ما اكتسبت ما اكتسبت من الانتشار و الذيوع إلا بفضل مصداقيتها في القول و استماتة رجالها في سبيل الحق و حب الوطن. أوَ أنت تعترف بهذا و تعزّ على الوزير أن يتخذها منبرا لخطابه. ماذا عساك ستقول لو نشر مقاله في جريدة التنكيد أ و تراك ستكون فرحا مستبشرا، لكن الوزير يعلم أن مقاله في هذه الحال لن يقرأ. و أنا كذلك أعلم أنه لن يقرأ. و حتى إذا حدث و قرئ فلن يقرأه إلا المتخلفون و الحاقدون و ذووا النفوس الضعيفة من سفـلة القوم أولئك هم زبناء جريدة التنكيد

أما الديكتاتوريات فما أظنك إلا تعرف و أنت خير العارفين أنها دكتاتوريتان أحلاهما مر :دكتاتوريات بناءة و دكتاتوريات هدامة. فالديكتاتورية النازية التي كان إنفصاليو أمـّتكم الغابرة إرهابيو مستهل القرن الماضي يوالونها و يستنصرونها على خلفائهم في اسطنبول، و التي على الرغم من قتامتها و سوداويتها و دمويتها ،خلفت شعبا عالما متقدما غنيا حرا أبيا لا يدين و لا يدان الألمان و ما أدراك ما الألمان. و خلفت للإنسانية أفضالا لا تنكر فلولا الثورة النازية و البلشفية ما قفز العلم القفزة التي قفز، و لا تقدمت البشرية التقدم الذي حدث. و إني لمن سياق قولك أرى أنك بهذا أعلم. و أ ما الديكتاتوريات العلمية الشيوعية فانظر إلى أثرها في روسيا و الصين و انظر لصمودها في كوريا الشمالية و كوبا و ما أدراك ما الصمود. كل هذه الديكتاتوريات العلمية غير المعصومة كانت دكتاتوريات بناءة هدفت بناء مجتمعات متقدمة و دولا قوية . أما و أنها أخطأت فاعلم أن العلم خطاء و بأخطائه يقر و يعترف و أن العقل الذي وضع هذا العلم ناقص و بنقصانه يقر ويعترف و أن العلم وضع موازين لقياس نسب أخطائه و قواعد لتتبع هفوات العقل . و موقفهما من أخطائهما هذا يجعلهما يعالجان نفسيهما بنفسيهما مما يسمح لهما بالتقدم الحثيث و المستمر و الذي يغيض الحاسدين. أما الديكتاتوريات الدينية التوسعية الإقطاعية يا من يدعي في التاريخ معرفة فإن التاريخ يشهد أن الحضارة قد تعطلت و أن الإنسانية قد تخلفت و أن التاريخ قد توقف منذ أن ظهرت الثورات الدينية على يد الأنبياء و انتصرت. و أن البلاء اشتد منذ أن حوّل قسطنطين الإمبراطورية الرومانية من إمبراطورية سحرية لاتكية إلى إمبراطورية مسيحية دينية. أما لما أصبح الدين في أيدي الأعراب الأشد كفرا و نفاقا و الذين قال عنهم عبد الرحمن بن خلدون : إذا عربت خربت... فأنت يا من يقرا التاريخ أعلم بما حل بالإنسانية من تخلف على تخلف، ومن سطو و نهب حتى أصبح سافلها عاليها و سفيهها سيدها... و استمرت الإنسانية على هذا الحال حتى حاقت بالكنائس و الحلقات مدارس التنوير و الأنسنة و الاكتشافات الجغرافية الكبرى التي قامت على أنقاض و رفات الأندلس الإسلامية

أتمنى أن يكفيك هذا اليوم و أ لا تدعي بعده أنك قرّاءة للتاريخ و لا لغيره فلقد قالوا قديما عاش من عرف قدره و جلس دونه و بلغ جازاك الذي نفسك بيده عنا كل الخير السلام و التسليم لصديقك المعتصم

Abou9othoum

ليست هناك تعليقات: