الأربعاء، 13 أغسطس 2008

نازعناه الحكم

abou9othoum

إن المرحلة التي اختصت بها الحلقة الثانية هي في الحقيقة مرحلة جدّ حرجة في تاريخ المغرب الحديث.فبالإضافة إلى قرب العهد بالاستقلال كان المغرب يعيش غزوا إيديولوجيا متوحشا يتمثل في الثورة الثقافية و الإيديولوجيا الشيوعية و الاشتراكية الديمقراطية و غيرها من العناوين التي كانت تصول و تجول في الساحة الثقافية و السياسية آنذاك، و التي كانت تهدّد النظام الملكي في الصميم،متهمة إياه بالاستبداد و الرجعية و الديكتاتورية.فالحركات التحررية المقاومة للاستعمار و التي تغذت من هذه الإيديولوجيات أفرزت زعامات متعددة و متنوعة،مختلفة الرؤى و الأهداف قد يصل اختلافها إلى حدّ المواجهة. فابتداء بعبدالكريم الخطابي و مرورا ببنبركة إلى الفقيه البصري،كشكول طويل عريض من الأسماء الوازنة في الساحة و التي ذهبت بها الزعامة ،في مجتمع تقليدي أصولي،إلى حد التأليه و الربوبية.

إن القول بأن محمدا الخامس قد نفاه المستعمر و أرجعته المقاومة في شخص حزبي الاستقلال و الشورى و الاستقلال ، قراءة تعسفية للتاريخ تهدف تجريد الملك من سلطاته المادية و المعنوية و اختزال دوره في استقلال البلد والتقليل من أهميته . فهو بمقتضى هذه القراءة دمية غير مرغوب فيها،لم تـًعده المقاومة إلى عرشه إلا ضدّا على الاستعمار الذي نفاه.هو ملك رمزي مسلوب السلطات، ينتظر نهاية حكمه الذي في مرحلة الاحتضار.هكذا كان هؤلاء الزعماء و أتباعهم و مناضلوهم لا يتفقون إلا في المناداة أن لا ملكا إلا محمدا الخامس و أن لا ملك بعد محمد الخامس. هكذا وجد الحسن الثاني نفسه عشية تسلمه مقاليد الحكم أمام تحدي منازعة شرعيته وعدم الاعتراف به ملكا والتشكك في مؤهلاته الدينية و الأخلاقية.

الحلقة تنتقد طريقة مواجهة الحسن لهذه التحديات و التي مع كل الأسف لم يتطرق لها المستشار خلال إجاباته. فلقد اتسمت سياسة الحسن الثاني في هذه الحقبة بالصرامة و سبق الأحداث. فصرامته تجلت في القسوة مع الخصم و عدم مهادنته له إلى أن ينهزم أو يثوب. و أما سبقه للأحداث فتجلى في المشاريع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و التي تجلت بدورها في الأوراش المتنوعة و المختلفة .القانونية منها ــ كحركة الدساتير التي أشرف عليها ــ و الاقتصاديةــ و تهم الصناعات و السدود و شق الطرق ــ و الاجتماعية ــ من فتح المستشفيات و المدارس و المعاهد و الخيريات و دور العجزة.الشيء الذي جعل الخصوم آخر المطاف في عجز عن مواصلة منازعته شرعيته.

نعم لم يكن الحسن في هذه المرحلة مسيحا يمد خذه الأيمن لمن ضربه على خذه الأيسر بل كان رجلا يبني ملكا عضدا في بيئة لا يقوم فيها مثل هذا الحكم إلا بالغلبة كما قال ابن خلدون

إلى اللقاء ما دامت للشهادة بقية اللهم إلا إذا ظنت علينا رقابة الهيسبريس التي بتنا نجهل المعايير التي تعمل عليها

أبــــــو قـــــــــــثم

ليست هناك تعليقات: