الجمعة، 15 أغسطس 2008

أصحاب الصفة
يقول الإمام أبو حامد الغزالي:... من لم يشك لم ينظر، و من لم ينظر لم يبصر،ومن لم يبصر بقي في متاهات العمى و الضلال
و يقول رونييه ديكارت : الشك مفتاح اليقين
و قال تعالى: قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم...صدق الله العظيم.
نعم... الحقود بن الحقود هو من يقول أن النظام المغربي متخلف لأنه يشجع حركة التصوف، و أن المغاربة متخلفون لأنهم يتشبثون بتراثهم الصوفي. نعم... التشبث بالتصوف هو الذي عطل الغزو الإسلاموي البربري، المطلق التخلف ،و الهمجي للمغرب.. هذا ما أفحمك أول مرة، و قضّ مضجعك، و هبّ بك ترمينا بالحمير الناهقة و الكلاب الضالة ؛ دأب النواصب في كل زمان و مكان. و تستجهل الصوفية دونما علم، مستعليا بمذهب تجار الدين.ثم تنعت التصوف بالشعوذة. فكان ردّنا عليك أنِ التصوف مشروع الطموحين و أصحاب الهمم، مشروع الذين يؤمنون بالإنسان و قدراته و عظمته ، مشروع الذين يعملون على مكانتهم الذين خصتهم الآية بالقول: و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون. و ليس مشروع الكسلاء المعتكفين بالمساجد الذين يفتون بالأجر وبالصدقات فرحين، أمثال أتباع أبي هريرة.كما أردفت أن الشعوذة إنما تسللت إلى التصوف من المذهبين الأسطوريين السني و الشيعي، المتناحرين و المنتحرين بعداء بعضهما البعض، و عدائهما للغير. فما رأيت منك ردا و لا تكذيبا لأي حقيقة من الحقائق التي أوردتها و لا تفنيدا لأي فكرة من الأفكار التي سقتها .فحري بمن يريد التدخل إفحام الحجة بالحجة، و الدليل بالدليل، و الفرضية بالنقيض. و بما أن في مزبلتك متسع للأقنعة ،فهاك قناع التصوف زده فيها.فما أنا بالمجذوب و لا البوهالي و لا بذي المتربة. و تدعي لنفسك الإتباع لأهل السنة متباهيا بعدم بصيرتك و بتبعيتك لأشياخك المقدسين الذين تبصر بأعينهم و تسمع بآذانهم و تفكر بما يلقون إليك في العشي و الأبكار .فماذا يفضلك عن بهاليل المتصوفة إذا، و رهبان الشيعة؟ فكلكم في الهم سواء. كلكم نعت ومنعوت ، تابع و متبوع ، عابد و معبود. أ لم ينته إلى علمك العظيم أن السنة قد ضاقت بالتابعين العقيمين أمثالك ، و ضاقت بالكائنات المصفقة و الببغاوات و الغفلة الذين شوهوا صورتها و مسخوها عبر التاريخ ..؟ أ لم ينته إلى جليل معرفتك أن الدراويش ، الذين سماهم إمامهم و كبيرهم و عظيمهم شيخ المضيرة بأهل الصّفّة قد وصموا السنة بالعار و حمّلوها من العيوب ما لم تستطع عليه صبرا.فالصّفّة كانت سقيفة في مسجد النبي يأوي إليها كل وافد جديد على الإسلام ، و لم يجد له مأوى و لا عملا.يمكث فيها على نفقة النبي و صدقات الوافدين و الزائرين وأهل المدينة الذين يؤثرون على أنفسهم و لو كانت بهم خصاصة. و هذه الصّفّة لم يرد ذكرها عند أي صحابي من صحابة رسول الله(ص) و لا عند ملازميه كما لم يذكرها مؤرخ و لا محدث إلا أبو هريرة و بعض تلامذته و أتباعه والمتمثلين بمذهبه كالعرباض بن سارية . و إن كل محدث مجهول الهوية و الاسم والنسب ينسب إلى أصحاب الصّفة ،و أن كل المدلسين في الحديث و المفترين على الرسول بالدجل و الشعوذة تجدهم ينتسبون إلى أهل الصّفة.لدى سأعيد السؤال من هو بن العرباض في الإسلام ؟من يكون ؟ ما أصله و ما فصله؟ ماهو مذهبه من هم أشياخه ومن أتباعه..؟ و تظن أنك باستعلائك عن الجواب وتجهيلك لنا قد رددت علينا سهامنا و في المقاتل أصبتنا. و حسبت أننا سنضع السلاح أمام عنعنتك الفارغة الجوفاء. لكن هيهات، هيهات.فابن العرباض نكرة مجهولة في عالم الحديث‘واحد من المتسكعين الدراويش الذين يطعمهم رسول الله و ,يلازمون باب بيته في الحضر و السفر .و هذا ما أردناك أن تعلنه للناس.لا أن تأتي بحديث نكرة لمحدث نكرة ترمي به الغير و ترفعه جهلا إلى رسول الله و تمر هكذا مرور الكرام.لماذا لا تقول للناس أن شيخك كان بوقا رخيصا من أبواق بني أمية و بني مروان ينادي باسمهم و يدعو لهم في أسواق الشام. و لسانا سلقا سلطه معاوية على أسياد العرباض الذين كانوا يطعمونه من جوع و يؤمنونه من خوف آل البيت الكرام. و الذي يثير شديد العجب أن جنابك المهياب من أكبر مناهضي الشيعة و التشيع فلماذا بترت الحديث و أخرجته عن سياقه فحري بك أن تهلل بأن الحديث أختلق في إطار حملة الرد العشواء على حديث الثقلين (في حديث سعيد الخذري أن النبي قال: تركت فيكم الثقلين الواحد أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عثرتي أهل بيتي. أ لا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض..أخرجه الترمذي و أبو يعلى و ابن أبي عاصم.) و حري بك أن تذكره كاملا حتى يتبين للناس أن الحديث وقع في المسجد و بعد صلاة ، و أنه كان بعد موعظة حضرها عدد كبير من المصلين أصحاب رسول الله‘ لنسألك عن راو آخر لذاك الحديث و عن سند آخر له من شأنه أن يؤكد صحته. فأنت لا تجد لهذا الحديث سندا غير شيخك و لا راويا غير شيخك، مما يؤكد عري حديثك و عدم صحته. شأن شيخك في هذا شأن إمام أهل الصّفة أبي هريرة ؛فأحاديثه هو الآخر لا سند لها غيره و لا راوي حدث بمثلها.روى ابن سعد في طبقاته عن سعيد الأموي قال قالت عائشة لأبي هريرة: إنك لتحدث عن النبي(ص)حديثا ما سمعته منه ،فقال أبو هريرة:يا أمه طلبتها و شغلك عنها المرآة و المكحلة و ما كان يشغلني عنها شيء(طبقات ابن سعد ج2 ص364 ) و روى الذهبي في سيره قال:دخل أبو هريرة على عائشة فقالت له أكثرت يا أبا هريرة عن رسول الله (ص)، قال يا أماه ما كانت تشغلني عنه المرآة و المكحلة و لا الدهن،قالت:لعله.(سير أحلام النبلاء للذهبي ، ج2 ص604). حديثك السيف الذي وضعته على رقبة التصوف لا تنتهي جميع أسانيده إلا إلى العرباض راويه الوحيد ، كما أنه إنما حُدّث به في الشام و تناقله و روّج له أهل الشام،و أكثر رواته من أهل حمص بالخصوص وهم أنصار معاوية و اأشد أعداء علي. فأنت المناهض للتشيع حري بك إطلاع القراء على كل هذا... و تدعي لنفسك الصلاح و الإصلاح فتدعوني إلى استغفار ربي أن افتريت على إمامك في الدروشة و ازدريته بلقب شيخ المضيرة .فحاشا أن أكون صلفا لدرجة تلقيب أعلام الحديث أو غيرهم؛ إنما لقب إمامك هذا لازمه منذ 13 قرنا ؛ إذ دوّنه المؤرخون و كبار العلماء و الكتاب في مؤلفاتهم؛ مثل الزمخشري في ربيع الأبرار و في أساس البلاغة، و بديع الزمان الهمداني في مقاماته والذي عقد له مقامة خاصة هي المقامة المضيرية. كما شرح الأستاذ محمد عبده أمر المضيرة و أمر شيخها، و مناصرته هو الآخر لمعاوية؛شرحا لاذعا.و تكلم عنه الثعالبي في كتابه(المضاف المنسوب). ثم تدّعي صحبته و صحبة العرباض للنبي؛فانظر في الحديثين التاليين و أجبني غفر الله لك
ففي صحيح البخاري، باب كتاب البيوع الحديث 1906 يروي الإمام البخاري عن أبي هريرة: ... و كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه و سلم على ملء بطني.فأشهد إذا غابوا و أحفظ إذا نسوا(...) و كنت امرأ مسكينا من مساكين الصّفّة،أعي حين ينسون. انتهى . و الحديث الذي يرويه موسى بن سعد عن العرباض بن سارية قال: كنت ألزم باب بيت رسول الله في الحضر و السفر،فرأينا ليلة و نحن بتبوك و ذهبنا في حاجة فرجعنا إلى منزل رسول الله و قد تعشى و من عنده من أضيافه.. إلى آخر الحديث و يا ما أطوله و ما أفرغه و قد نعود لتتمته. فهل هذان الرجلان أصحاب رسول الله؟ إذا كان المتسكعون بباب البيت ،المتدورون جوعا؛ كما يصف الاثنان و يحدثان به جهرا؛ أصحابا؛ فما منزلة أضياف الرسول الذين يتعشون معه حول الطاولة و قد يبيتون عنده في غرفه داخل منزله ؟ و ما منزلة أبي بكر و عمر و علي و ابن عوف و عثمان و غيرهم و غيرهم من الصحابة الأخيار. ثم لم يذكر أي من المشهود لهم بصحبة النبي الحقيقية أن النبي كان يعشّيهم بالمعجزات، كثمر العرباض ابن سارية الذي يتزايد بإذن الرسول و بركته من سبع تمرات إلى خمسين يتعشى بها عشر رجال فيأكل كل واحد منهم عشر تمرات وتبقى في الأخير ثلاث يستحيي النبي أن يبقى على أكلها إلى أن يصل المدينة، فيأبى إلا أن يعطيها لغليم هو الآخر طلع على الجميع. لو صح هذا الحديث الحادث لسمي العرباض بأبي التمرات و لحكاه من ذكر أسماءهم على الأقل (جعال بن سراقة و عبد الله بن مغفل) و لرواه جميع الصحابة .فهذه معجزة ،كيف يضنون بها على النبي و على العرباض. و حتى إمام المتسكعين لم يذكر هذا الحادث بل عوّضه بحديث جراب التمر الذي بقي يأكل منه بعد وفاة النبي و زاد عليه معجزة إكثار اللبن حتى يشرب منه أهل الصفة جميعا ثم أبو هريرة ثم رسول الله(ص) الذي يشرب من فضلهم.و قبل أن أنهي مع عرباضك ،الذي لا زلت أجهله، أسوق إليك هذا الحديث الذي رفعه؛ دون شهادة و لا سند من أحد غيره؛ مباشرة إلى الرسول .عن العرباض قال أن رسول الله (ص) قال : يختصم الشهداء و المتوفون على فرشهم إلى ربنا في الذين يتوفون من الطاعون. فيقول الشهداء ، إخواننا قتلوا كما قتلنا . و يقول المتوفون على فرشهم: إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا. فيقول ربنا أنظروا إلى جراحهم فإن أشبهت جراحهم جراح المقتولين فإنهم منهم و معهم.فإذا جراحهم قد أشبهت جراحَهم.انتهى. ما رأيك في هذا الحديث الذي يدعو السذج المؤمنين إلى أن يطأطئوا رؤوسهم للطاعون ويحسبوه الشهادة في سبيل الله و الرحمة من عنده.أو ترفعه أنت الآخر إلى رسول الله.أ و تدعو أنت الآخر من يقاوم الطاعون بمقاومة رحمة الله و التهرب من الاستشهاد في سبيله...؟فكيف بك ترضى بالغرباص ينسب هذه الجهالة إلى رسول الله...؟ فإليك الآن قناع السنة أضفه إلى مزبلتك العظيمة.
السنة لا تتبرأ من الصّفّة و أصحابها اليوم فقط. و الدليل على هذا عدم ذكرها لهم. فهي تتجاهلهم و لا تعترف بهم و لا بصحبتهم لرسول الله. وحتى الرسول عينه، كان يتبرأ منهم ومن فعالهم و كان يتوجه إليهم بالخطاب فيقول لهم: إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق،و منها العمل و الإنفاق و المسارعة في الخيرات و نفع العباد، و لم آتكم لأجعلكم أوعية لنقل أخبار الحاضرين و السالفين دون أن يكون لذلك أي تأثير في حياتكم و سلوككم...! و قال لهم أيضا :أخرجوا من هذه المسكنة و الذلة التي أنتم فيها، و اكسبوا قوتكم من عرق جبينكم،فإن الإسلام الذي جئتكم به لا يصنع المتسكعين المتسولين و إنما يصنع العباد العاملين ذوي الأيد...
هذا ما ساقني إليه حكم زبال الأقنعة عن التصوف و أهله، و هذا ما عملت دوما على تحاشيه فلا تحرمه بربك مقص الرقابة جوابنا عنه و ردنا عليه و لكم واسع النظر
أبــــــو قـــــثم
.

ليست هناك تعليقات: